للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَحَلَفَ الْمُدَّعِي أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً) حِينَ أَنْكَرَ (كُلِّفَ الْإِحْضَارَ وَحُبِسَ عَلَيْهِ وَلَا يُطْلَقُ إلَّا بِإِحْضَارٍ أَوْ دَعْوَى تَلَفٍ) فَتُؤْخَذُ مِنْهُ الْقِيمَةُ. .

(وَلَوْ شَكَّ الْمُدَّعِي هَلْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ فَيَدَّعِي قِيمَةً أَمْ لَا فَيَدَّعِيَهَا) أَيْ الْعَيْنَ (فَقَالَ غُصِبَ مِنِّي كَذَا فَإِنْ بَقِيَ لَزِمَهُ رَدُّهُ) إلَيَّ (وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ) ، وَيَحْلِفُ غَرِيمُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ رَدُّ الْعَيْنِ وَلَا قِيمَتُهَا (وَقِيلَ لَا) تُسْمَعُ (بَلْ يَدَّعِيهَا) أَيْ الْعَيْنَ (وَيُحَلِّفُهُ ثُمَّ يَدَّعِي الْقِيمَةَ) وَيُحَلِّفُهُ (وَيَجْرِيَانِ فِيمَنْ دَفَعَ ثَوْبَهُ لِدَلَّالٍ لِيَبِيعَهُ فَجَحَدَهُ وَشَكَّ هَلْ بَاعَهُ فَيَطْلُبُ الثَّمَنَ أَمْ أَتْلَفَهُ فَقِيمَتُهُ أَمْ هُوَ بَاقٍ فَيَطْلُبُهُ) ، أَيْ أَيَدَّعِي ذَلِكَ فِي دَعْوَى أَوْ فِي ثَلَاثِ دَعَاوَى وَيَحْلِفُ الْخَصْمُ عَلَى الْأَوَّلِ يَمِينًا وَاحِدَةً أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ رَدُّ الثَّوْبِ وَلَا ثَمَنُهُ وَلَا قِيمَتُهُ وَعَلَى الثَّانِي ثَلَاثُ أَيْمَانٍ. (وَحَيْثُ أَوْجَبْنَا الْإِحْضَارَ) لِلْمُدَّعِي (فَثَبَتَ لِلْمُدَّعِي اسْتَقَرَّتْ مُؤْنَتُهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ لِلْمُدَّعِي (فَهِيَ) أَيْ مُؤْنَةُ الْإِحْضَارِ (وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْمُدَّعِي) .

فَصْلٌ (الْغَائِبُ الَّذِي تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ وَيُحْكَمُ) بِهَا (عَلَيْهِ مَنْ بِمَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ وَهِيَ الَّتِي لَا يَرْجِعُ مِنْهَا مُبَكِّرًا إلَى مَوْضِعِهِ لَيْلًا وَقِيلَ) هِيَ (مَسَافَةُ قَصْرٍ وَمَنْ بِقَرِيبَةٍ) وَهِيَ دُونَ الْبَعِيدَةِ بِوَجْهَيْهَا (كَحَاضِرٍ فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَةٌ وَلَا يَحْكُمُ) عَلَيْهِ (بِغَيْرِ حُضُورِهِ إلَّا لِتَوَارِيهِ أَوْ تَعَزُّزِهِ) ، فَتُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حُضُورِهِ (وَالْأَظْهَرُ جَوَازُ الْقَضَاءِ عَلَى غَائِبٍ فِي قِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ وَمَنْعُهُ فِي حَدِّ اللَّهِ تَعَالَى) كَحَدِّ الزِّنَا وَالشُّرْبِ، وَالْمُفَرِّقُ أَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ بِخِلَافِ حَقِّ الْآدَمِيِّ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْعُقُوبَةَ لَا يُوَسَّعُ بَابُهَا وَالثَّالِثُ الْجَوَازُ مُطْلَقًا كَالْمَالِ فَيَكْتُبُ الْقَاضِي إلَى قَاضِي بَلَدِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ لِيَأْخُذَهُ بِالْعُقُوبَةِ. .

(وَلَوْ سَمِعَ بَيِّنَةً عَلَى غَائِبٍ فَقَدَّمَ قَبْلَ الْحُكْمِ لَمْ يَسْتَعِدْهَا) أَيْ لَمْ يَجِبْ اسْتِعَادَتُهَا (بَلْ يُخَيِّرُهُ) بِالْحَالِ (وَيُمَكِّنُهُ مِنْ جَرْحٍ) لِلْبَيِّنَةِ وَالْقَادِمُ بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَى حُجَّتِهِ بِالْأَدَاءِ وَالْإِبْرَاءِ وَالْجَرْحِ يَوْمَ الشَّهَادَةِ. (وَلَوْ عَزَلَ بَعْدَ سَمَاعِ بَيِّنَةٍ ثُمَّ وَلِيَ وَجَبَتْ الِاسْتِعَادَةُ) ،

ــ

[حاشية قليوبي]

دَعْوَى تَلَفٍ) أَيْ مَعَ الْحَلِفِ أَوْ الْبَيِّنَةِ. .

قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ) الْأَوْلَى بَدَلُهُ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي، قَوْلُهُ: (لِيَبِيعَهُ) قَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ.

قَالَ شَيْخُنَا وَلَا وَجْهَ لَهُ. قَوْلُهُ: (فِي دَعْوَى) أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ أَوْ فِي ثَلَاثٍ عَلَى مُقَابِلِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَحْلِفُ الْخَصْمُ إلَخْ) فَإِنْ رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي حَلَفَ مُتَرَدِّدًا كَمَا ادَّعَى قَالَ شَيْخُنَا وَيُطَالِبُ مُتَرَدِّدًا أَيْضًا. قَوْلُهُ: (أَوْ مُؤْنَةُ الْإِحْضَارِ) وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْمُدَّعِي قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَكَذَا أُجْرَةُ مُدَّةِ الْإِحْضَارِ وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا فِي هَذِهِ تَبَعًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ الْغَائِبَةِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ تَلْفِت الْعَيْنُ مُدَّةَ الْإِحْضَارِ فَلَا ضَمَانَ فِيهَا.

فَرْعٌ: قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ لِلْحَاكِمِ الْأَمِينِ اسْتِخْلَاصُ مَالِ الْغَائِبِ مِنْ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ حَيْثُ خِيفَ فَوْتُهُ بِهَرَبٍ أَوْ إعْسَارٍ أَوْ جَحْدٍ وَإِلَّا فَالْعَيْنُ لَا الدَّيْنُ.

فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَنْ يَحْكُمُ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ وَمَا يَذْكُرُ مَعَهُ،

فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَنْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ قَوْلُهُ: (مِنْهَا) مُتَعَلِّقٌ بِمُبَكِّرًا وَإِلَى مَوْضِعِهِ مُتَعَلِّقٌ بِلَا يَرْجِعُ فَلَا اعْتِرَاضَ، وَالْمُرَادُ بِالْمُبَكِّرِ عُرْفًا وَقِيلَ مِنْ الْفَجْرِ وَبِاللَّيْلِ قُبَيْلُهُ وَهَذِهِ الْمَسَافَةُ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ وَلَا غَيْرُهُ لَهَا غَايَةً وَحِينَئِذٍ فَتَكُونُ أَعَمَّ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَذُكِرَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ غَايَتَهَا إلَى أَوَّلِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَرَاجِعْهُ. وَأَمَّا دُونَ هَذِهِ فَهِيَ الْمُسَمَّاةُ بِمَسَافَةِ الْعَدْوَى كَمَا تَقَدَّمَ وَسَيَأْتِي ضَبْطُهَا بِضِدِّ هَذِهِ وَاعْتِبَارُ الْمَسَافَةِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مَحَلُّ وِلَايَةِ الْقَاضِي وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا أَنَّ مَنْ لَيْسَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ كَالَّتِي فِي الْبَعِيدَةِ

ــ

[حاشية عميرة]

الْمَأْخُوذَةُ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، قَوْلُ الْمَتْنِ (أَوْ دَعْوَى تَلَفٍ) أَيْ فَيُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ، وَإِنْ نَاقَضَهَا بِالْإِنْكَارِ أَوْ لَا لِلضَّرُورَةِ لِئَلَّا يَتَخَلَّدَ عَلَيْهِ الْحَبْسُ مَعَ احْتِمَالِ صِدْقِهِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ شَكَّ الْمُدَّعِي إلَخْ) يَشْمَلُ الْمُشْتَرِيَ وَغَيْرَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْجَبْنَا الْإِحْضَارَ) أَيْ فِي الْبَلَدِ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ الَّذِي سَلَفَ رَأْسُ الصَّفْحَةِ يَعْنِي قَوْلَهُ أَوْ غَائِبَةً عَنْ الْمَجْلِسِ إلَخْ. قَوْلُهُ: (فَهِيَ وَمُؤْنَةُ) أَيْ وَلَا تَجِبُ الْأُجْرَةُ بِخِلَافِ الْعَيْنِ الْغَائِبَةِ عَنْ الْبَلَدِ لِسُهُولَةِ الْأَمْرِ هُنَا، وَلَوْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ فِي الطَّرِيقِ بِانْهِدَامِ دَارٍ وَنَحْوِهَا لَمْ يَضْمَنْهَا.

قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِأَنَّهَا تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِ مُسْتَحَقِّهَا وَجَعَلَ هَذَا حِيلَةً لِعَدَمِ ضَمَانِ أُجْرَتِهَا أَيْضًا. قَوْلُ الْمَتْنِ (وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ) .

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَذَلِكَ تَجِبُ مُؤْنَةُ الرَّدِّ فِي الْأُولَى إلَى دَارِ الْمُدَّعِي إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ مَغْصُوبَةً. .

[فَصْل الْغَائِبُ الَّذِي تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ وَيُحْكَمُ بِهَا عَلَيْهِ]

فَصْلُ الْغَائِبِ إلَخْ

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ إلَخْ) هُوَ كَالْخِلَافِ فِيمَنْ دُعِيَ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ.

فَائِدَةٌ: لَوْ كَانَ دُونَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى وَلَكِنَّهُ خَارِجٌ عَنْ مَحَلِّ وِلَايَةِ الْقَاضِي فَهُوَ كَالْبَعِيدِ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ حُضُورُهُ لَوْ طَلَبَ. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ حُضُورِهِ) قَالَ ابْنُ الْقَصَّاصِ وَلَا بُدَّ مِنْ نَصْبِ وَكِيلٍ عَنْهُ بِخِلَافِ الْغَائِبِ.

قَوْلُهُ: (يَوْمَ الشَّهَادَةِ) كَذَلِكَ قَبْلَهُ إذَا لَمْ تَمْضِ مُدَّةُ الِاسْتِبْرَاءِ قَوْلٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>