للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي كَفِسْقٍ فَيَمْنَعُ شَهَادَةَ الْفَرْعِ (وَلَوْ تَحَمَّلَ فَرْعٌ فَاسِقٌ أَوْ عَبْدٌ) أَوْ صَبِيٌّ (فَأَدَّى وَهُوَ كَامِلٌ قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُ. (وَتَكْفِي شَهَادَةُ اثْنَيْنِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ) كَمَا لَوْ شَهِدَ عَلَى مُقِرِّينَ، (وَفِي قَوْلٍ يُشْتَرَطُ لِكُلِّ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ اثْنَانِ) ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُمَا عَلَى وَاحِدٍ قَائِمَةٌ مَقَامَ شَهَادَتِهِ فَلَا تَقُومُ مَقَامَ شَهَادَةِ غَيْرِهِ، (وَشَرْطُ قَبُولِهَا) أَيْ شَهَادَةِ الْفَرْعِ (تَعَذُّرُ أَوْ قِصَرُ الْأَصْلِ بِمَوْتٍ أَوْ عَمًى أَوْ مَرَضٍ يَشُقُّ) بِهِ (حُضُورُهُ أَوْ غَيْبَةٍ لِمَسَافَةِ عَدْوَى وَقِيلَ قِصَرٌ) فِي الْأَوَّلِ تَوَسَّعَ بِحَذْفِ لَفْظَةِ فَوْقَ وَلَوْ ذَكَرَهَا قَبْلَ مَسَافَةِ، وَقَالَ وَقِيلَ لِمَسَافَةِ قَصْرٍ كَانَ مُوَافِقًا لِمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ، (وَأَنْ يُسَمِّيَ الْأُصُولَ) لِتُعْرَفَ عَدَالَتُهُمْ (وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُزَكِّيَهُمْ الْفُرُوعُ فَإِنْ زَكَّوْهُمْ قُبِلَ) ذَلِكَ مِنْهُمْ وَاشْتَرَطَهُ بَعْضُهُمْ تَتِمَّةً لِشَهَادَتِهِمْ، (وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ أَوْ عُدُولٍ) بِذِكْرِهِمْ (وَلَمْ يُسَمُّوهُمْ لَمْ يَجُزْ) أَيْ لَمْ يَكْفِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ قَدْ يَعْرِفُ جَرْحَهُمْ لَوْ سَمَّوْهُمْ، وَلِأَنَّهُ يَنْسَدُّ بَابُ الْجَرْحِ عَلَى الْخَصْمِ. .

فَصْلٌ إذَا (رَجَعُوا) أَيْ الشُّهُودُ (عَنْ الشَّهَادَةِ قَبْلَ الْحُكْمِ امْتَنَعَ) الْحُكْمُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَصَدَقُوا فِي الْأَوَّلِ أَوْ فِي الثَّانِي فَلَا يَبْقَى ظَنُّ الصِّدْقِ فِيهَا، (أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ الْحُكْمِ (وَقَبْلَ اسْتِيفَاءِ مَالٍ اُسْتُوْفِيَ أَوْ عُقُوبَةٍ) كَالْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَالزِّنَا وَالشُّرْبِ (فَلَا) يُسْتَوْفَى؛ لِأَنَّهَا تَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ، وَالرُّجُوعُ شُبْهَةٌ وَالْمَالُ لَا يَسْقُطُ بِهَا (أَوْ بَعْدَهُ) ، أَيْ الِاسْتِيفَاءِ (لَمْ يُنْقَضْ) أَيْ الْحُكْمُ (فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَوْفَى قِصَاصًا أَوْ قَتْلَ رِدَّةٍ أَوْ رَجْمَ زِنًا أَوْ جَلَدَهُ وَمَاتَ) الْمَجْلُودُ (وَقَالُوا تَعَمَّدْنَا) شَهَادَةَ الزُّورِ (فَعَلَيْهِمْ قِصَاصٌ أَوْ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ) مُوَزَّعَةٌ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ، وَيُحَدُّونَ فِي شَهَادَةِ الزِّنَا حَدَّ الْقَذْفِ ثُمَّ يُرْجَمُونَ وَقِيلَ يُقْتَلُونَ بِالسَّيْفِ (وَعَلَى الْقَاضِي) الرَّاجِعِ دُونَ الشُّهُودِ (قِصَاصٌ) أَوْ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ (إنْ قَالَ تَعَمَّدْت)

ــ

[حاشية قليوبي]

الشَّهَادَةِ وَالْحُكْمِ وَإِنْ أَفَاقَ بَعْدَهُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْجُنُونِ الْمُطْبِقِ وَالْمُتَقَطِّعِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا تَقْيِيدُهُ بِالْمُطْبِقِ وَحَمَلَهُ شَيْخُنَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِإِطْبَاقِهِ وُجُودُهُ حَالَةَ الشَّهَادَةِ وَدَوَامُهُ إلَى تَمَامِ الْحُكْمِ فَرَاجِعْهُ قَوْلُهُ: (وَتَكْفِي شَهَادَةُ اثْنَيْنِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ) بِأَنْ يَشْهَدَ كُلٌّ عَلَى كُلٍّ فَلَا يَكْفِي وَاحِدٌ عَلَى وَاحِدٍ، وَلَوْ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، قَوْلُهُ: (تَعَذَّرَ أَوْ تَعَسَّرَ الْأَصْلُ) أَيْ حَالَ شَهَادَةِ الْفَرْعِ وَبَعْدَهَا إلَى تَمَامِ الْحُكْمِ فَلَوْ تَيَسَّرَتْ شَهَادَةُ الْأَصْلِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِزَوَالِ عُذْرِهِ، كَحُضُورِ غَائِبٍ فَلَا بُدَّ مِنْ شَهَادَتِهِ وَتَبْطُلُ شَهَادَةُ الْفَرْعِ، قَوْلُهُ: (أَوْ مَرَضٌ) أَوْ غَيْرُ الْإِغْمَاءِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إلَّا إنْ أَيِسَ مِنْ زَوَالِهِ وَالتَّعْلِيلُ بِقُرْبِ زَوَالِهِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ أَوْ هُوَ حِكْمَةٌ لَا تَعْلِيلٌ وَيَلْحَقُ بِمَا ذُكِرَ سَائِرُ أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ.

قَالَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَلَوْ نَحْوُ رِيحٍ كَرِيهٍ، قَوْلُهُ: (كَانَ مُوَافِقًا إلَخْ) أَيْ إنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، قَوْلُهُ: (وَأَنْ يُسَمِّيَ الْأُصُولَ) أَيْ يَذْكُرَهُمْ بِمَا يَتَمَيَّزُونَ بِهِ مِنْ اسْمٍ أَوْ نَسَبٍ مَثَلًا وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ وُجُوبَ تَسْمِيَةِ الْقَاضِي الْمَشْهُودِ عِنْدَهُ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ لِغَلَبَةِ الْجَهْلِ وَالْفِسْقِ فِيهِمْ، قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُزَكِّيَهُمْ الْفُرُوعُ) وَلَا أَنْ يَتَعَرَّضُوا لِصِدْقِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ لَا يَعْرِفُونَهُمْ وَبِذَلِكَ فَارَقَ تَعَرُّضَ الْحَالِفِ فِي يَمِينِهِ لِصِدْقِ شَاهِدِهِ.

فَرْعٌ: لَوْ اجْتَمَعَ أَصْلٌ وَفَرْعَا أَصْلٍ وَجَبَ تَقْدِيمُ شَهَادَةِ الْأَصْلِ، قَوْلُهُ: (وَاشْتَرَطَهُ بَعْضُهُمْ) وَهُوَ مَرْجُوحٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَجُوزُ لَهُمْ تَزْكِيَتُهُمْ، قَوْلُهُ: (تَتِمَّةٌ لِشَهَادَتِهِمْ) وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ فِي وَاقِعَةٍ حَيْثُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يُزَكِّيَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ.

فَصْلٌ فِي رُجُوعِ الشُّهُودِ وَمَا مَعَهُ قَوْلُهُ: (إذَا رَجَعُوا) خَرَجَ مَا لَوْ قَالَ لَهُ تَوَقَّفْ فَيَجِبُ عَلَيْهِ التَّوَقُّفُ فَإِنْ قَالُوا لَهُ: اُحْكُمْ فَلَهُ الْحُكْمُ بِلَا إعَادَةِ شَهَادَةٍ وَمِنْ الرُّجُوعِ قَوْلُ الشَّاهِدِ أَبْطَلْت شَهَادَتِي، أَوْ فَسَخْتهَا أَوْ رَدَدْتهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، قَوْلُهُ: (امْتَنَعَ الْحُكْمُ بِهَا) وَلَا تُقْبَلُ لَوْ أَعَادُوهَا بَلْ يَفْسُقُونَ إنْ قَالُوا تَعَمَّدْنَا، قَوْلَهُ: (أَوْ بَعْدَهُ إلَخْ) وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ الرُّجُوعُ وَلَوْ رَجَعَ الشُّهُودُ بَعْدَهُ إنْ كَانَ حَكَمَ بِالصِّحَّةِ فَإِنْ كَانَ حَكَمَ بِالثُّبُوتِ أَوْ بِالْمُوجِبِ، فَلَهُ الرُّجُوعُ بَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ إنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ خِلَافُهُ بَلْ لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ وَصَرَّحَتْ بِأَنَّهُمْ رَجَعُوا قَبْلَ الْحُكْمِ تَبَيَّنَ بُطْلَانُهُ، قَوْلُهُ: (وَقَالُوا تَعَمَّدْنَا) فَإِنْ

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ) أَيْ كَأَصْلِهِ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الشَّاهِدَيْنِ) أَيْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَعَذَّرَ أَوْ تَعَسَّرَ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ بَابَ الشَّهَادَةِ يُرَاعَى فِيهِ الْأَقْوَى بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَمِنْ الْأَعْذَارِ كَوْنُ الْمَرْأَةِ مُخَدَّرَةً وَخَوْفُ خُرُوجٍ مِنْ ظَالِمٍ وَنَحْوِهِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ مَرَضٍ أَوْ غَيْبَةٍ) يَرْجِعُ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَى قَوْلِهِ أَوْ تَعَسَّرَ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لِمَسَافَةِ قَصْرٍ) لَا يُقَالُ أَيْ حَاجَةٌ لِلَفْظِ مَسَافَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا سَقَطَتْ عَنْ هَذَا التَّقْدِيرِ فَسَدَ الْمَعْنَى لِوُجُوبِ تَقْدِيرِ الْقَرِينَةِ حِينَئِذٍ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ شَهِدَ إلَخْ) .

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّمَا أَخَّرَ هَذِهِ عَنْ مَسْأَلَةِ التَّزْكِيَةِ لِيُفِيدَ أَنَّ تَزْكِيَةَ الْفُرُوعِ لِلْأُصُولِ وَإِنْ جَازَتْ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعَيُّنِهِمْ لِلِاسْمِ وَلَوْ قَدَّمَهَا لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا فِي ذَلِكَ.

تَتِمَّةٌ: شَهِدَ فَرْعٌ أَنَّ الْأَرْضَ الَّتِي حُدُودُهَا كَذَا لِفُلَانٍ وَلَا يَعْرِفُ عَيْنَ الْأَرْضِ، وَالْأَصْلُ يَعْرِفُهَا.

قَالَ الرُّويَانِيُّ، يُحْتَمَلُ أَنْ يَصِحَّ كَمَا يَرْوِي الرَّاوِي وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ الثَّانِي النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

[فَصْلٌ إذَا رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ الشَّهَادَةِ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ]

فَصْلٌ رَجَعُوا إلَخْ قَوْلُهُ: (أَوْ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقِيَاسُ مُشَارَكَةِ الشُّهُودِ لَهُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ أَنْ لَا يَجِبَ عَلَيْهِ هُنَا إلَّا نِصْفُهَا وَأَبْطَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّ الشُّهُودَ لَوْ رَجَعُوا وَحْدَهُمْ يَلْزَمُهُمْ النِّصْفُ، وَأَنَّ الْقَاضِيَ إذَا رَجَعَ وَحْدَهُ لَا يُطَالَبُ لِبَقَاءِ النِّصَابِ فَالْوَجْهُ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>