للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِعْلُ غَيْرِهِ (قُلْت) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (وَلَوْ قَالَ جَنَتْ بَهِيمَتُك حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ قَطْعًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ جِنَايَتِهَا بِتَقْصِيرِهِ فِي حِفْظِهَا لَا بِفِعْلِهَا (وَيَجُوزُ الْبَتُّ) فِي الْحَلِفِ (بِظَنٍّ مُؤَكَّدٍ يَعْتَمِدُ خَطَّهُ أَوْ خَطَّ أَبِيهِ) وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ جَوَازُ الْحَلِفِ اعْتِمَادًا عَلَى خَطِّ مُوَرِّثِهِ إذَا وَثِقَ بِخَطِّهِ وَأَمَانَتِهِ وَنَقْلُ الشَّيْخَيْنِ عَنْ الشَّامِلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْحَلِفُ اعْتِمَادًا عَلَى خَطِّهِ حَتَّى يَتَذَكَّرَ. .

(وَتُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْقَاضِي الْمُسْتَحْلِفِ) لِلْخَصْمِ (فَلَوْ وَرَّى أَوْ تَأَوَّلَ خِلَافَهَا أَوْ اسْتَثْنَى بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ الْقَاضِي لَمْ يَدْفَعْ) ذَلِكَ (إثْمَ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ) وَفِي ذَلِكَ حَدِيثُ مُسْلِمٍ «الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ» حُمِلَ عَلَى الْقَاضِي.

قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إذَا حَلَفَ الْإِنْسَانُ ابْتِدَاءً أَوْ حَلَّفَهُ غَيْرُ الْقَاضِي مِنْ قَاهِرٍ أَوْ خَصْمٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَالِاعْتِبَارُ بِنِيَّةِ الْحَالِفِ وَتَنْفَعُهُ التَّوْرِيَةُ (وَمَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ) فِي دَعْوَى فِي الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بَدَلُ يَمِينِ دَعْوَى، (لَوْ أَقَرَّ بِمَطْلُوبِهَا لَزِمَهُ فَإِنْ أَنْكَرَ حَلَفَ) لِحَدِيثِ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيثُ «الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» ، (وَلَا يَحْلِفُ قَاضٍ عَلَى تَرْكِهِ الظُّلْمَ فِي حُكْمِهِ وَلَا شَاهِدٌ أَنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ) فِي شَهَادَتِهِ؛ لِأَنَّ مَنْصِبَهُمَا يَأْبَى ذَلِكَ.

(وَلَوْ قَالَ مُدَّعًى عَلَيْهِ أَنَا صَبِيٌّ) وَهُوَ مُحْتَلِمٌ (لَمْ يَحْلِفْ وَوَقَفَ) الْأَمْرُ (حَتَّى يَبْلُغَ) فَيُدَّعَى عَلَيْهِ (وَالْيَمِينُ تُفِيدُ قَطْعَ الْخُصُومَةِ فِي الْحَالِ لَا بَرَاءَةً فَلَوْ حَلَّفَهُ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً) بِمُدَّعَاهُ (حُكِمَ بِهَا) .

ــ

[حاشية قليوبي]

حَالَةَ جُنُونِهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ يَعْلَمُ حَالَ نَفْسِهِ) أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ نَفْيًا) أَيْ مُطْلَقًا فَإِنْ كَانَ نَفْيًا مُقَيَّدًا حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (فَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) أَيْ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ الْعِلْمَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُدَّعِي عِلْمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَإِلَّا فَقَالَ شَيْخُنَا يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ وَنُوزِعَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (جَنَى عَبْدُك) أَيْ الْمُمَيِّزُ وَإِلَّا فَهُوَ كَالْبَهِيمَةِ فَفِيهِ الْقَطْعُ كَمَا يَأْتِي وَالْإِضَافَةُ فِيهِ لِلْمُلَابَسَةِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ وَلَوْ مُعَارًا أَوْ مَغْصُوبًا وَكَذَا الْبَهِيمَةُ الْآتِيَةُ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى عَلَى مَنْ صَحِبَهُمَا. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ الْبَتُّ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (جَوَازُ) فَاعِلُ تَقَدَّمَ، وَنَقْلُ مَصْدَرٌ عُطِفَ عَلَيْهِ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ إطْلَاقَ مَا هُنَا وَضَعَّفَ مَا فِي الشَّامِلِ.

وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَمَا لَا يَجُوزُ الْحَلِفُ عَلَيْهِ لَا تَجُوزُ الدَّعْوَى بِهِ وَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِهِ. .

قَوْلُهُ: (نِيَّةُ الْقَاضِي) وَمِثْلُهُ كُلُّ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّحْلِيفِ، قَوْلُهُ: (الْمُسْتَحْلِفِ) أَيْ الطَّالِبِ لِلْحَلِفِ فَلَا بُدَّ مِنْ طَلَبِهِ وَطَلَبِ الْخَصْمِ وَمُوَالَاةِ الْيَمِينِ، وَكَوْنِهَا مِمَّا يَجُوزُ الْحَلِفُ بِهِ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ التَّحْلِيفُ. قَوْلُهُ: (بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ الْقَاضِي) فَإِنْ سَمِعَهُ عَزَّرَهُ وَأَعَادَ الْيَمِينَ عَلَيْهِ وُجُوبًا فَإِنْ وَصَلَهَا بِكَلَامٍ لَمْ يَفْهَمْهُ الْقَاضِي نَهَاهُ عَنْهُ وَأَعَادَهَا أَيْضًا، فَإِنْ قَالَ كُنْت أَذْكُرُ اللَّهَ قَالَ لَهُ: لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ الذِّكْرِ.

قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَالْمُرَادُ بِسَمَاعِهِ عِلْمُهُ بِذَلِكَ وَلَوْ بِإِخْبَارِ عَدْلٍ أَوْ الْخَصْمِ إنْ اعْتَقَدَ صِدْقَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي ذَلِكَ) عَائِدٌ لِلْمَذْكُورِ مِنْ التَّوْرِيَةِ وَمَا مَعَهَا. قَوْلُهُ: (الْفَاجِرَةُ) فِيهِ إيمَاءٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْحَالِفُ مُحِقًّا فِي الْوَاقِعِ نَفَعَتْهُ التَّوْرِيَةُ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ غَيْرُ فَاجِرَةٍ، كَمَا لَوْ أَخَذَ مِنْ مَالِهِ بِنَحْوِ ظَفَرٍ فَادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَطَلَبَ تَحْلِيفَهُ عَلَى ذَلِكَ فَحَلَفَ وَنَوَى بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ لَمْ يَكُنْ آثِمًا وَلَمْ تَكُنْ يَمِينُهُ فَاجِرَةً كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (أَوْ حَلَّفَهُ غَيْرُ الْقَاضِي) أَوْ الْقَاضِي بِنَحْوِ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ نَحْوِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَوْ خَصْمٍ) خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ. قَوْلُهُ: (وَتَنْفَعُهُ التَّوْرِيَةُ) وَإِنْ حَرُمَتْ حَيْثُ يَبْطُلُ بِهَا حَقُّ مُسْتَحِقٍّ فَنَفْعُهَا مِنْ حَيْثُ عَدَمُ انْعِقَادِ الْيَمِينِ. قَوْلُهُ: (فِي دَعْوَى) قَيَّدَ بِهِ لِيُوَافِقَ أَصْلَهُ كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْوَجْهُ عَدَمُ التَّقْيِيدِ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ طَلَبُ الْقَاذِفِ يَمِينَ الْمَقْذُوفِ أَوْ وَارِثِهِ عَلَى أَنَّهُ مَا زَنَى.

وَقَالَ الرَّافِعِيُّ لَوْ ادَّعَتْ زَوْجَةٌ وُقُوعَ الْفُرْقَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا حَلَفَ عَلَى نَفْيِهَا، وَلَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِفِعْلٍ مِنْ أَفْعَالِهَا فَزَعَمَتْهُ وَأَنْكَرَ فَطَلَبَتْ يَمِينَهُ لَمْ يَحْلِفْ قَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا مُشْكِلٌ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (لَوْ أَقَرَّ إلَخْ) خَرَجَ بِهِ نَائِبُ الْمَالِكِ كَوَكِيلٍ وَوَصِيٍّ وَقَيِّمٍ فَلَا يَحْلِفُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ. قَوْلُهُ: «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» ) قَالُوا وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ جَانِبَ الْمُدَّعِي ضَعِيفٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْأَصْلِ فَكُلِّفَ الْحُجَّةَ الْقَوِيَّةَ وَجَانِبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَوِيٌّ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ فَاكْتَفَى مِنْهُ بِالْحُجَّةِ الضَّعِيفَةِ. قَوْلُهُ: «الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» ) هُوَ بَيَانٌ لِمَنْ أَنْكَرَ فِي الرِّوَايَةِ قَبْلَهُ.

تَنْبِيهٌ: يُسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ مَسَائِلُ تُطْلَبُ مِنْ الْمُطَوَّلَاتِ.

فَائِدَةٌ: لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا أَخْذُ مَالٍ عَلَى تَرْكِ الْيَمِينِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَحْلِفُ قَاضٍ) أَيْ قَبْلَ عَزْلِهِ كَمَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: (أَنَا صَبِيٌّ) أَوْ سَفِيهٌ مَحْجُورٌ قَوْلُهُ: (لَمْ يَحْلِفْ) نَعَمْ لَوْ كَانَ كَافِرًا مُسَبِّبًا أَثْبَتَ وَادَّعَى تَعْجِيلَهُ حَلَفَ لِسُقُوطِ الْقَتْلِ عَنْهُ، وَالْحُكْمُ بِرِقِّهِ لِوُجُودِ عَلَامَةِ الْبُلُوغِ مَعَ

ــ

[حاشية عميرة]

ذَلِكَ إذْ لَا بُدَّ مِنْ هَذَا فِي مِثْلِ هَذِهِ الدَّعْوَى، قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَصَحُّ) .

قَالَ الرَّافِعِيُّ إنْ قُلْنَا يَتَعَلَّقُ الْأَرْشُ بِالرَّقَبَةِ فَعَلَى الْبَتِّ أَوْ بِهَا بِالذِّمَّةِ مَعًا فَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّ لِلْعَبْدِ ذِمَّةً وَتَكُونُ الرَّقَبَةُ كَالْمُرْتَهِنَةِ بِمَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَطْعًا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا ذِمَّةَ لَهَا قَوْلُهُ: (أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا يُجْعَلُ الظَّنُّ الْمُؤَكَّدُ الْمَذْكُورُ هُنَا فِي الْمِنْهَاجِ إلَّا بِالتَّذْكِيرِ،.

[نِيَّةُ الْقَاضِي الْمُسْتَحْلِفِ لِلْخَصْمِ]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَوْ رَوَى أَوْ تَأَوَّلَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ التَّوْرِيَةُ قَصْدُ مَا يُخَالِفُ ظَاهِرَ لَفْظِهِ وَالتَّأْوِيلُ اعْتِقَادُ خِلَافِهِ لِشُبْهَةٍ عِنْدَهُ كَالْحَنَفِيِّ فِي شُفْعَةِ الْجِوَارِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ) أَيْ أَمَّا لَوْ سَمِعَهُ فَلَا يُعْتَدُّ بِالْيَمِينِ وَتُعَادُ، قَوْلُهُ: (فِي دَعْوَى) هَذَا تَصْحِيحٌ لِلْعِبَارَةِ لَكِنْ مَعَ ذَلِكَ لَا يُلَائِمُ قَوْلَهُ الْآتِيَ، فَأَنْكَرَ إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِمَعْنَى صَمَّمَ عَلَى الْإِنْكَارِ. نَعَمْ قِيلَ: عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ تَشْمَلُ مَا لَوْ طَلَبَ الْقَاذِفُ يَمِينَ الْمَقْذُوفِ أَنَّهُ مَا زَنَى أَقُولُ: هَذِهِ دَعْوًى فَهِيَ يَمِينٌ فِي دَعْوًى ثُمَّ هَذَا الضَّابِطُ يَرُدُّ عَلَيْهِ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَحْلِفُ قَاضٍ) هَذَا خَارِجٌ عَنْ الضَّابِطِ إنْ أُرِيدَ تَوَجُّهُ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهَا هُنَا غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ وَإِنْ مَشَيْنَا عَلَى ظَاهِرِ الْمِنْهَاجِ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْيَمِينِ فَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ الضَّابِطِ،.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَنَا صَبِيٌّ) لَوْ قَسَمَ الْمَالَ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ فَظَهَرَ شَخْصٌ وَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>