للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي (نِكَاحٍ فَاسِدٍ) كَأَنْ نَكَحَهَا فِي الْعِدَّةِ جَاهِلًا بِهَا (أَوْ) وَطِئَ (أَمَةً فَبَاعَهَا فَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَسْتَبْرِئْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَكَذَا لَوْ وَطِئَ) بِشُبْهَةٍ (مَنْكُوحَةً) وَوَلَدَتْ تَمَكُّنًا مِنْهُ وَمِنْ زَوْجِهَا يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَلْحَقُ الزَّوْجَ؛ لِأَنَّهَا فِرَاشُهُ، (فَإِذَا وَلَدَتْ) الْمَوْطُوءَةُ فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ، (لِمَا بَيْنَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَأَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَطْئَيْهِمَا) وَلَدًا (وَادَّعَيَاهُ عُرِضَ عَلَيْهِ) أَيْ الْقَائِفِ فَيَلْحَقُ مَنْ أَلْحَقَهُ بِهِ مِنْهُمَا (فَإِنْ تَخَلَّلَ بَيْنَ وَطْئَيْهِمَا حَيْضَةٌ فَلِلثَّانِي) الْوَلَدُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ زَوْجًا فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ) وَالثَّانِي وَاطِئًا بِشُبْهَةٍ أَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ فَلَا يَنْقَطِعُ تَعَلُّقُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ إمْكَانَ الْوَطْءِ مَعَ فِرَاشِ النِّكَاحِ قَائِمٌ مَقَامَ نَفْسِ الْوَطْءِ وَالْإِمْكَانُ حَاصِلٌ بَعْدَ الْحَيْضَةِ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ زَوْجًا فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ انْقَطَعَ تَعَلُّقُهُ فِي الْأَظْهَرِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَصِيرُ فِرَاشًا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ إلَّا بِحَقِيقَةِ الْوَطْءِ، (وَسَوَاءٌ فِيهِمَا) أَيْ الْمُتَنَازِعَيْنِ فِيمَا ذُكِرَ (اتَّفَقَا إسْلَامًا وَحُرِّيَّةً أَمْ لَا) كَمُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ وَحُرٍّ وَعَبْدٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ اللَّقِيطِ. .

كِتَابُ الْعِتْقِ

بِمَعْنَى الْإِعْتَاقِ (إنَّمَا يَصِحُّ مِنْ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَسَفِيهٍ وَيَصِحُّ مِنْ ذِمِّيٍّ وَحَرْبِيٍّ (وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ) بِصِفَةٍ (وَإِضَافَتُهُ إلَى جُزْءٍ) شَائِعٍ كَالرُّبُعِ أَوْ مُعَيَّنٍ كَالْيَدِ مِنْ الرَّقِيقِ (فَيَعْتِقُ كُلُّهُ) دَفْعَةً أَوْ سِرَايَةً وَجْهَانِ وَسَوَاءٌ الْمُوسِرُ وَغَيْرُهُ.

(وَصَرِيحُهُ تَحْرِيرٌ

ــ

[حاشية قليوبي]

بَيِّنَةٍ أَوْ تَصْدِيقِ الْوَلَدِ الْمُكَلَّفِ وَإِلَّا لَحِقَ بِالزَّوْجِ، وَلَا يُعْرَضُ وَلَا يَكْفِي اتِّفَاقُ الزَّوْجَيْنِ وَالْوَاطِئُ عَلَيْهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ) هُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ وَخَرَجَ بِهِ النِّكَاحُ الصَّحِيحُ فَالْوَلَدُ لَا حَقَّ لَهُ حَيْثُ أَمْكَنَ وَإِنْ أَمْكَنَ مِنْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (مَنْكُوحَةٌ) أَيْ نِكَاحًا صَحِيحًا وَالتَّعْمِيمُ هُنَا لِصِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ الْآتِي، قَوْلُهُ: (لِأَنَّ إمْكَانَ الْوَطْءِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الْوَطْءُ بِالْفِعْلِ. قَوْلُهُ: (وَالْإِمْكَانُ قَائِمٌ مَعَ الْحَيْضَةِ) فَمَعَ عَدَمِ الْحَيْضَةِ بِالْأَوْلَى فَالْوَلَدُ لَاحِقٌ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ بِالزَّوْجِ مُطْلَقًا مَتَى أَمْكَنَ مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَحِينَئِذٍ فَلَا فَائِدَةَ فِي الْعَرْضِ عَلَى الْقَائِفِ فِيهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَذِمِّيٌّ) وَيَتْبَعُهُ فِي النَّسَبِ لَا فِي الدِّينِ وَبِالْبَيِّنَةِ يَتْبَعُهُ فِيهِمَا مَعًا. قَوْلُهُ: (وَعَبْدٍ) وَلَا يُحْكَمُ بِرِقِّ الْوَلَدِ لِاحْتِمَالِ حُرِّيَّةِ أُمِّهِ.

كِتَابُ الْعِتْقِ

هُوَ لُغَةً: الِاسْتِقْلَالُ وَالْإِطْلَاقُ مِنْ قَوْلِهِمْ عَتَقَ الْفَرَسُ وَعَتَقَ الْفَرْخُ إذَا طَارَ وَشَرْعًا: إزَالَةُ الرِّقِّ عَنْ الْآدَمِيِّ وَهُوَ مِنْ الْمُسْلِمِ قُرْبَةٌ مُطْلَقًا وَأَمَّا تَعْلِيقُهُ فَقُرْبَةٌ إنْ كَانَ بِقُرْبَةٍ كَإِنْ صَلَّيْت، وَكَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ قَالَ: إنْ حَافَظْت عَلَى الصَّلَاةِ فَأَنْت حُرٌّ، اُعْتُبِرَ مُحَافَظَةُ سَنَةٍ.

قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَخَرَجَ بِالْآدَمِيِّ الْبَهِيمَةُ وَالطَّيْرُ فَلَا يَصِحُّ عِتْقُهُمَا وَهُوَ حَرَامٌ نَعَمْ إنْ أَرْسَلَ مَأْكُولًا بِقَصْدِ إبَاحَتِهِ لِمَنْ يَأْخُذُهُ جَازَ وَلِآخِذِهِ أَكْلُهُ فَقَطْ.

قَوْلُهُ: (بِمَعْنَى الْإِعْتَاقِ) أَيْ فَهُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ لَأَعْتَقَ لَا مَصْدَرٌ لَعَتَقَ مُطَاوِعُهُ بِقَرِينَةِ عَوْدِ ضَمِيرٍ يَصِحُّ إلَيْهِ.

قَالَ ابْنُ دُرُسْتَوَيْهِ الْعَامَّةُ تَقُولُ عَتَقَهُ وَهُوَ خَطَأٌ، وَإِنَّمَا يُقَالُ أَعْتَقَهُ وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ الشَّيْخَيْنِ «أَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ امْرَأً مُسْلِمًا اسْتَنْقَذَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ حَتَّى الْفَرْجَ بِالْفَرْجِ» وَإِنَّمَا خَصَّ الْفَرْجَ بِالذِّكْرِ لِاخْتِلَافِهِ ذُكُورَةً وَأُنُوثَةً أَوْ لِعِظَمِ جَرِيمَتِهِ بِالزِّنَا، وَلَا تَرِدُ الرِّدَّةُ؛ لِأَنَّهُ لَا عِتْقَ فِيهَا وَذَكَرَ الرَّجُلَ وَالْمُسْلِمَ لِلْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُمَا.

فَائِدَةٌ: «أَعْتَقَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثًا وَسِتِّينَ رَقَبَةً بِقَدْرِ عُمْرِهِ» وَأَعْتَقَتْ عَائِشَةُ تِسْعًا وَسِتِّينَ رَقَبَةً بِقَدْرِ عُمْرِهَا وَأَعْتَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ثَلَاثِينَ أَلْفًا وَأَعْتَقَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ مِائَةَ رَقَبَةٍ مُطَوَّقَةً بِالذَّهَبِ وَأَعْتَقَ ذُو الْكُرَاعِ الْحِمْيَرِيُّ فِي يَوْمٍ ثَمَانِيَةَ آلَافِ رَقَبَةٍ، قَوْلُهُ: (إنَّمَا يَصِحُّ إلَخْ) أَيْ شَرْطُ صِحَّتِهِ أَنْ يَكُونَ الْمُعْتِقُ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ فَالْمُعْتِقُ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهِ الثَّلَاثِ، وَثَانِيهَا الصِّيغَةُ وَسَيَذْكُرُهَا وَثَالِثُهَا الْعَتِيقُ وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ شَرْطَهُ أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهِ مَا يَمْنَعُ بَيْعَهُ غَيْرَ الْعِتْقِ كَرَهْنٍ عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ بِخِلَافِ مَا لَا يَمْنَعُ بَيْعَهُ.

كَإِجَارَةٍ أَوْ مَا يَمْنَعُهُ وَهُوَ عِتْقٌ كَاسْتِيلَادٍ وَكِتَابَةٍ، قَوْلُهُ: (مِنْ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ) وَلَوْ كَافِرًا حَرْبِيًّا وَيَثْبُتُ لَهُ الْوَلَاءُ عَلَى عَتِيقِهِ وَلَوْ مُسْلِمًا، وَهَذَا إذَا أَرَادَ الْعِتْقَ الْمُنْجَزَ عَنْ نَفْسِهِ فَخَرَجَ الْمُعَلَّقُ وَالْعِتْقُ عَنْ الْغَيْرِ وَسَيَأْتِيَانِ، وَالْمُرَادُ بِإِطْلَاقِ التَّصَرُّفِ نُفُوذُ تَصَرُّفِهِ فِيهِ فِي ذَاتِهِ، وَإِنْ تَوَقَّفَ عَلَى شَيْءٍ فَدَخَلَ عِتْقُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ

ــ

[حاشية عميرة]

لَمْ يُؤَثِّرْ، وَإِلَّا فَيُقَدَّمُ إنْ سَبَقَ دَعْوَاهُ إلَّا فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا يَسْتَوِيَانِ فَيُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَنَازَعَاهُ) كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا فَقَطْ، وَالْآخَرُ سَاكِتٌ أَوْ مُنْكِرٌ؛ لِأَنَّ لِلْوَلَدِ حَقًّا فِي الِانْتِسَابِ، بَلْ وَلَوْ أَنْكَرَاهُ مَعًا.

قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَنَبَّهَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ وَطْءَ الشُّبْهَةِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، فَلَا يَكْفِي فِيهِ تَوَافُقُ الْوَاطِئِ وَالْمَوْطُوءَةِ إلَّا إنْ صَدَّقَهُمَا الْوَلَدُ الْمُكَلَّفُ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَلْحَقُ بِالْمُتَنَازِعِينَ مَعًا، وَخَالَفَهُ أَصْحَابُهُ لَنَا أَنَّهُ لَا يُخْلَقُ مِنْ الْمَاءَيْنِ وَأَنَّهُ لَوْ تَدَاعَيَاهُ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ لَا يَلْحَقُ بِهِمَا اتِّفَاقًا، قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ يَكْفِي فِي هَذَا الْحُكْمِ إمْكَانُ الْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَلَا يُشْتَرَطُ الْوَطْءُ بِالْفِعْلِ.

[كِتَابُ الْعِتْقِ]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْعِتْقُ) مَادَّتُهُ لُغَةً تَدُورُ عَلَى مَعْنَى السَّرَاحِ وَالِاسْتِقْلَالِ وَمِنْهُ عَتَقَ الْفَرْخُ إذَا طَارَ وَاسْتَقَلَّ وَشَرْعًا رَفْعُ مِلْكِ الْآدَمِيِّينَ عَنْ آدَمِيٍّ مُطْلَقًا تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَخَرَجَ بِمُطْلَقِ الْوَقْفِ فَإِنَّهُ رَفْعٌ عَنْ الرَّقَبَةِ دُونَ الْمَنَافِعِ.

قَالَ ابْنُ دُرُسْتَوَيْهِ وَالْعَامَّةُ تَقُولُ عَتَقَهُ وَهُوَ خَطَأٌ وَإِنَّمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>