للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَيِّدِهِ) وَجُعِلَ عِنْدَ عَدْلٍ دَفْعًا لِلذُّلِّ عَنْهُ (وَصُرِفَ كَسْبُهُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى سَيِّدِهِ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى تَدْبِيرٍ لَا يُبَاعُ (وَفِي قَوْلٍ يُبَاعُ) عَلَيْهِ وَيَبْطُلُ التَّدْبِيرُ دَفْعًا لِإِذْلَالِهِ وَرُجِّحَ الْأَوَّلُ بِتَوَقُّعِ الْحُرِّيَّةِ وَإِنْ رَجَعَ السَّيِّدُ فِي التَّدْبِيرِ بِالْقَوْلِ وَجَوَّزْنَا الرُّجُوعَ بِهِ بِيعَ عَلَيْهِ جَزْمًا وَظَاهِرٌ أَنَّ الْبَيْعَ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ.

(وَلَهُ) أَيْ لِلسَّيِّدِ (بَيْعُ الْمُدَبَّرِ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَاعَ مُدَبَّرَ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، (وَالتَّدْبِيرُ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ وَفِي قَوْلٍ وَصِيَّةٌ) لِلْعَبْدِ بِعِتْقِهِ (فَلَوْ بَاعَهُ) السَّيِّدُ، (ثُمَّ مَلَكَهُ لَمْ يُعَدْ التَّدْبِيرُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَفِي قَوْلٍ عَلَى قَوْلِ التَّعْلِيقِ يَعُودُ عَلَى قَوْلِ عَوْدِ الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ، (وَلَوْ رَجَعَ عَنْهُ بِقَوْلٍ كَأَبْطَلْتُهُ فَسَخْتُهُ بِقَبْضَتِهِ رَجَعْتُ فِيهِ صَحَّ إنْ قُلْنَا وَصِيَّةٌ وَإِلَّا فَلَا) يَصِحُّ (وَلَوْ عَلَّقَ عِتْقَ مُدَبَّرٍ بِصِفَةٍ صَحَّ) تَعْلِيقُهُ، (وَعَتَقَ بِالْأَسْبَقِ مِنْ الْمَوْتِ وَالصِّفَةِ) فَفِي سَبْقِ الْمَوْتِ الْعِتْقُ بِالتَّدْبِيرِ (وَلَهُ وَطْءُ مُدَبَّرَتِهِ وَلَا يَكُونُ رُجُوعًا) عَنْ التَّدْبِيرِ (فَإِنْ أَوْلَدَهَا بَطَلَ تَدْبِيرُهُ) ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ أَقْوَى مِنْهُ، (وَلَا يَصِحُّ تَدْبِيرُ أُمِّ وَلَدٍ) إذَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ.

(وَيَصِحُّ تَدْبِيرُ مُكَاتَبٍ وَكِتَابَةُ مُدَبَّرٍ) فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا مُدَبَّرًا مُكَاتَبًا فَيَعْتِقُ بِالْأَسْبَقِ مِنْ مَوْتِ السَّيِّدِ وَأَدَاءِ النُّجُومِ، وَذَلِكَ فِي الثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَظْهَرِ أَنَّ التَّدْبِيرَ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ فَإِنْ قُلْنَا وَصِيَّةٌ بَطَلَ بِالْكِتَابَةِ وَيَبْطُلُ أَيْضًا إذَا أُدِّيَتْ النُّجُومُ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَدَائِهَا فَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَمِثْلُهَا الثَّانِيَةُ.

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ وَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ فِي التَّنْبِيهِ وَفِي التَّهْذِيبِ ارْتَفَعَتْ.

وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ لَا تَبْطُلُ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ مُكَاتَبَهُ قَبْلَ الْأَدَاءِ فَيَتْبَعُهُ وَلَدُهُ وَكَسْبُهُ انْتَهَى، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونَانِ لِلسَّيِّدِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْعِتْقَ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ عَنْ الْكِتَابَةِ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الْعِتْقِ بِالتَّدْبِيرِ. .

فَصْلٌ.

إذَا (وَلَدَتْ مُدَبَّرَةٌ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا) وَلَدًا حَدَثَ بَعْدَ التَّدْبِيرِ وَانْفَصَلَ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ (لَا يَثْبُتُ لِلْوَلَدِ حُكْمُ التَّدْبِيرِ فِي الْأَظْهَرِ) كَمَا لَا

ــ

[حاشية قليوبي]

الْمَنْهَجِ،.

قَوْلُهُ: (أَيْ لِلسَّيِّدِ) بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَلِيِّهِ فِي السَّفِيهِ، قَوْلُهُ: (بَيْعُ الْمُدَبَّرِ) أَوْ هِبَتُهُ أَوْ نَحْوُهَا مِمَّا يُزِيلُ الْمِلْكَ، قَوْلُهُ: (رَوَاهُ الشَّيْخَانِ) وَفِي الرِّوَايَةِ أَنَّ بَيْعَهُ كَانَ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ لَيْسَ قَيْدًا الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ عَائِشَةَ بَاعَتْ مُدَبَّرَةً لَهَا وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، قَوْلُهُ: (تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ) لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ إلَى فِعْلٍ أَوْ قَبُولٍ بَعْدَ الْمَوْتِ، قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ طُرُقٌ وَأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي عَدَمِ الْعَوْدِ عَلَى قَوْلِ الْوَصِيَّةِ، كَذَا قِيلَ وَهُوَ فِي الثَّانِي مُسْلِمٌ وَفِي الْأَوَّلِ مَمْنُوعٌ إذْ الْخِلَافُ الْمَبْنِيُّ عَلَى خِلَافٍ آخَرَ، وَاشْتَمَلَ عَلَى قَطْعٍ يُسَمَّى طُرُقًا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ سَيْرِ كَلَامِ الشَّارِحِ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ وَهُوَ هُنَا كَذَلِكَ إذْ الْمَعْنَى أَنَّا إذَا قُلْنَا بِعَدَمِ عَوْدِ الْحِنْثِ لَمْ يُعَدَّ هُنَا قَطْعًا وَإِنْ قُلْنَا بِعَوْدِ الْحِنْثِ فَفِيهِ هُنَا قَوْلَانِ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (الْعِتْقُ بِالتَّدْبِيرِ) أَيْ إنْ احْتَمَلَهُ الثُّلُثُ وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِهِ وَالْبَاقِي بِوُجُودِ الصِّفَةِ. نَعَمْ إنْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِلَا مَرَضٍ بِيَوْمٍ أَوْ قَبْلَ مَرَضِي الَّذِي أَمُوتُ فِيهِ بِيَوْمٍ عَتَقَ كُلُّهُ بِمَوْتِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ وَهَذِهِ حِيلَةٌ فِي عِتْقِ الْمُدَبَّرِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، قَوْلُهُ: (بَطَلَ تَدْبِيرُهُ) لَوْ قَالَ بَطَلَ تَدْبِيرُهَا لَكَانَ أَنْسَبَ،.

قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ تَدْبِيرُ مُكَاتَبٍ وَكِتَابَةُ مُدَبَّرٍ) وَصَحَّ تَعْلِيقُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِصِفَةٍ فَيَكُونُ مُدَبَّرًا مُكَاتَبًا مُعَلَّقًا وَيَعْتِقُ بِالْأَسْبَقِ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَفِيهِ مَا يَأْتِي، قَوْلُهُ: (قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ وَيُجْمَعُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ بِحَمْلِ الْبُطْلَانِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِالنُّجُومِ وَحُمِلَ عَدَمُ الْبُطْلَانِ عَلَى أَنَّهُ يَتْبَعُهُ كَسْبُهُ وَوَلَدُهُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسَعْهُ الثُّلُثُ عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِهِ وَيَتَوَقَّفُ بَاقِيهِ عَلَى الْأَدَاءِ وَعَلَى هَذَا هَلْ يَتَوَقَّفُ عِتْقُ بَاقِيهِ عَلَى أَدَاءِ جَمِيعِ النُّجُومِ، أَوْ عَلَى قَدْرِ مَا يُقَابِلُ الْبَاقِيَ مِنْهَا يَظْهَرُ الْآنَ لِاحْتِمَالِ الثَّانِي فَلْيُرَاجَعْ.

فَصْلٌ فِي حُكْمِ حَمْلِ الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعَلَّقَةِ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يُثْبِتُ) وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ. قَوْلُهُ: (بِجَامِعِ الْعِتْقِ إلَخْ) وَرُدَّ بِجَوَازِ بَيْعِ الْمُدَبَّرَةِ.

قَوْلُهُ: (ثَبَتَ لَهُ حُكْمُ التَّدْبِيرِ) أَيْ إنْ كَانَ مِلْكُهُ وَلَمْ يَسْتَثْنِهِ وَإِلَّا فَلَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُهُ فَإِنْ مَاتَ فِي الثَّانِيَةِ وَهِيَ حَامِلٌ تَبِعَهَا. قَوْلُهُ: (بِالْقَوْلِ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَاعَهَا حَامِلًا تَبِعَهَا فِي الْبَيْعِ حَيْثُ كَانَ مُتَّصِلًا وَبَطَلَ تَدْبِيرُهُ. قَوْلُهُ: (بَلْ يَتْبَعُهَا فِي الرُّجُوعِ) أَيْ كَمَا يَتْبَعُهَا فِي التَّدْبِيرِ وَفُرِّقَ بِأَنَّ لِلْعِتْقِ قُوَّةً قَوْلُهُ:

ــ

[حاشية عميرة]

تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ.

قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَعِنْدِي أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَتْبَعَهُ وَلَدُهُ وَكَسْبُهُ، كَمَا لَوْ أَعْتَقَ مُكَاتَبَهُ قَبْلَ الْأَدَاءِ فَكَمَا لَا يَمْلِكُ إبْطَالَ الْكِتَابَةِ بِالْإِعْتَاقِ، وَجَبَ أَنْ لَا يَمْلِكَهُ بِالتَّدْبِيرِ، قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِالْبُطْلَانِ زَوَالَ الْعَقْدِ دُونَ سُقُوطِ أَحْكَامِهِ انْتَهَى.

قَالَ فِي الْخَادِمِ وَهَذَا الِاحْتِمَالُ الثَّانِي جَزَمَ بِهِ الرُّويَانِيُّ فَلَوْ خَرَجَ مِنْ الثَّالِثِ بَعْضُ الْعَبْدِ عَتَقَ ذَلِكَ الْبَعْضُ وَيَبْقَى بَاقِيهِ مُكَاتَبًا يَعْتِقُ بِأَدَاءِ قِسْطِهِ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ النَّصِّ وَأَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ، قَوْلُهُ: (لَا تَبْطُلُ) أَيْ بَلْ يَعْتِقُ بِالْمَوْتِ عَنْهَا فَيَتْبَعُهُ وَلَدُهُ وَكَسْبُهُ، قَوْلُهُ: (عَنْ الْكِتَابَةِ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَضَمِّنٌ لِلْإِبْرَاءِ عَنْ النُّجُومِ.

[فَصْلٌ إذَا وَلَدَتْ مُدَبَّرَةٌ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا وَلَدًا حَدَثَ بَعْدَ التَّدْبِيرِ وَانْفَصَلَ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ]

فَصْلٌ وَلَدَتْ مُدَبَّرَةٌ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا يَثْبُتُ) لَمْ يَقُلْ لَا يَسْرِي؛ لِأَنَّ السِّرَايَةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الْأَشْقَاصِ وَلَا تَكُونُ فِي الْأَشْخَاصِ، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) بِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ،

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ دَبَّرَ حَامِلًا) لَوْ اسْتَثْنَاهُ صَحَّ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَعْتَقْتُك دُونَ حَمْلِك نَعَمْ يُشْتَرَطُ فِي اسْتِثْنَاءِ حَمْلِ الْمُدَبَّرَةِ أَنْ تَلِدَهُ قَبْلَ الْمَوْتِ.

فَرْعٌ: وَلَدَتْهُ لِفَوْقِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الزَّوْجِ بَعْدَ التَّدْبِيرِ، فَلَهُ حُكْمُ الْحَادِثِ بَعْدَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لَا يَطَؤُهَا أَوْ يَطَؤُهَا، وَوَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْءِ. قَوْلُهُ: (بَلْ يَتْبَعُهَا إلَخْ) كَمَا يَتْبَعُهَا فِي التَّدْبِيرِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِتَغْلِيبِ الْحُرِّيَّةِ فِي التَّدْبِيرِ.

فَرْعٌ: وَهَبَ وَلَدَهُ جَارِيَةً حَامِلًا ثُمَّ رَجَعَ فِيهَا هَلْ يَثْبُتُ فِي الْحَمْلِ أَيْضًا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ نَعَمْ وَالرِّقُّ ظَاهِرٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَانَ رُجُوعًا

<<  <  ج: ص:  >  >>