للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ أَعْتِقْ مُكَاتَبَكَ عَلَى كَذَا فَفَعَلَ عَتَقَ وَلَزِمَهُ مَا الْتَزَمَهُ) وَهُوَ افْتِدَاءٌ مِنْهُ. .

فَصْلٌ (الْكِتَابَةُ لَازِمَةٌ مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ لَيْسَ لَهُ فَسْخُهَا إلَّا أَنْ يَعْجِزَ) الْمُكَاتَبُ (عَنْ الْأَدَاءِ) عِنْدَ الْمَحِلِّ لِنَجْمٍ أَوْ بَعْضِهِ فَلِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ فِي ذَلِكَ وَفِيمَا إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْأَدَاءِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَوْ غَابَ وَقْتُهُ كَمَا سَيَأْتِي، (وَجَائِزَةٌ لِلْمُكَاتَبِ فَلَهُ تَرْكُ الْأَدَاءِ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ وَفَاءٌ فَإِذَا عَجَّزَ نَفْسَهُ) أَيْ قَالَ أَنَا عَاجِزٌ عَنْ كِتَابَتِي مَعَ تَرْكِهِ الْأَدَاءَ (فَلِلسَّيِّدِ الصَّبْرُ) عَلَيْهِ (وَالْفَسْخُ) لِلْكِتَابَةِ (بِنَفْسِهِ وَإِنْ شَاءَ بِالْحَاكِمِ) وَلَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ (وَلِلْمُكَاتَبِ الْفَسْخُ) لَهَا أَيْضًا (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي قَالَ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي بَقَائِهَا (وَلَوْ اسْتَمْهَلَ الْمُكَاتَبُ) السَّيِّدَ (عِنْدَ حُلُولِ النَّجْمِ اُسْتُحِبَّ) لَهُ (إمْهَالُهُ فَإِنْ أَمْهَلَ) السَّيِّدُ (ثُمَّ أَرَادَ الْفَسْخَ) لِسَبَبٍ مِمَّا تَقَدَّمَ (فَلَهُ) ذَلِكَ (وَإِنْ كَانَ مَعَهُ عُرُوضٌ أَمْهَلَهُ) لُزُومًا، (لِيَبِيعَهَا فَإِنْ عَرَضَ كَسَادٌ فَلَهُ أَنْ لَا يَزِيدَ فِي الْمُهْلَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْبَغَوِيّ لَا يَلْزَمُ أَكْثَرُ مِنْهَا وَسَكَتَا عَلَى ذَلِكَ (وَإِنْ كَانَ مَالُهُ غَائِبًا أَمْهَلَهُ إلَى الْإِحْضَارِ إنْ كَانَ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ مَرْحَلَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ (فَلَا) يُمْهَلُ وَلِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا ذَكَرَ هَذَا التَّفْصِيلَ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَالْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَحَمَلَ إطْلَاقَ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ أَنَّ لِلسَّيِّدِ الْفَسْخَ عَلَيْهِ (وَلَوْ حَلَّ النَّجْمُ وَهُوَ) ، أَيْ الْمُكَاتَبُ (غَائِبٌ) أَوْ غَابَ بَعْدَ حُلُولِهِ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا (فَلِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ) إنْ شَاءَ بِنَفْسِهِ وَإِنْ شَاءَ بِالْحَاكِمِ، (وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي الْأَدَاءُ مِنْهُ) وَيُمَكِّنُ السَّيِّدَ مِنْ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا عَجَّزَ نَفْسَهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا أَوْ لَمْ يُؤَدِّ الْمَالَ،.

(وَلَا تَنْفَسِخُ) الْكِتَابَةُ

ــ

[حاشية قليوبي]

وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ عَدَمُ الصِّحَّةِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ مِنْ الْمُرَجِّحَاتِ ذِكْرُ الشَّيْءِ فِي بَابِهِ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ بَاعَ السَّيِّدُ) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ قَوْلُهُ: (يُعْطِيهِ لِلسَّيِّدِ) أَيْ يَلْزَمُهُ إعْطَاؤُهُ لَهُ لِفَسَادِ قَبْضِهِ لِنَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ رَقَبَتِهِ) وَلَوْ بِشَرْطِ الْعِتْقِ أَيْ لِأَجْنَبِيٍّ بِغَيْرِ رِضَاهُ، فَإِنْ رَضِيَ فَهُوَ تَعْجِيزٌ لِنَفْسِهِ أَوْ بَاعَهُ لِنَفْسِهِ صَحَّ وَكَانَ فَسْخًا لِلْكِتَابَةِ فِيهِمَا فَعِتْقُهُ فِي الثَّانِيَةِ لَيْسَ عَنْ الْكِتَابَةِ فَلَا يَتْبَعُهُ كَسْبُهُ وَلَا وَلَدُهُ قَالَهُ شَيْخُنَا كَابْنِ حَجَرٍ، وَاعْتَمَدَهُ وَعَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ خِلَافُهُ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ بَاعَ) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ قَوْلُهُ: (أَظْهَرُهُمَا الْمَنْعُ) نَعَمْ لَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي كَالسَّيِّدِ بِعَدَمِ صِحَّةِ الْبَيْعِ وَأَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي قَبْضِهَا صَحَّ وَعَتَقَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ وَكِيلٌ مَحْضٌ عَنْ السَّيِّدِ. قَوْلُهُ: (وَهِبَتُهُ كَبَيْعِهِ) فَتَبْطُلُ إنْ كَانَتْ لِأَجْنَبِيٍّ بِغَيْرِ رِضَاهُ عَلَى نَظِيرِ مَا مَرَّ وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ بِهِ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مَعَهُ كَالْأَجْنَبِيِّ) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ غَيْرَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مِثْلُهَا فِي الْمَنْعِ مِنْ التَّصَرُّفِ كَالْهِبَةِ وَالتَّصَدُّقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (عَتَقَ) أَيْ عَنْ السَّيِّدِ وَوَلَاؤُهُ لَهُ مُطْلَقًا قَوْلُهُ: (وَلَزِمَهُ) أَيْ الْمُلْتَمِسَ قَوْلُهُ: (مَا الْتَزَمَهُ) مَا لَمْ يَقُلْ أَعْتِقْهُ عَنِّي أَوْ عَنَّا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى، وَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ السَّيِّدِ وَلِأَنَّ اللُّزُومَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَلْيُرَاجَعْ.

[فَصْلٌ الْكِتَابَةُ لَازِمَةٌ مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ]

فَصْلٌ فِي لُزُومِ الْكِتَابَةِ وَجَوَازِهَا وَحُكْمِ تَصَرُّفَاتِ الْمُكَاتَبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (الْكِتَابَةُ) أَيْ الصَّحِيحَةُ؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَةَ جَائِزَةٌ لَهُمَا. قَوْلُهُ: (أَوْ بَعْضِهِ) أَيْ غَيْرِ الْوَاجِبِ فِي الْإِيتَاءِ وَلِلْمُكَاتَبِ الرَّفْعُ لِلْحَاكِمِ لِيُلْزِمَ السَّيِّدَ بِحَطِّهِ.

قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَلَا يَحْصُلُ التَّقَاصُّ؛ لِأَنَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُؤَدِّيَهُ مِنْ غَيْرِهِ إلَيْهِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْإِعْطَاءُ مِنْ غَيْرِ مَالِ الْكِتَابَةِ، وَلِأَنَّ جَوَازَ الْإِعْطَاءِ مِنْ غَيْرِهِ لَا يَمْنَعُ مِنْ جَوَازِ التَّقَاصِّ فَرَاجِعْ. قَوْلُهُ: (أَوْ غَابَ) أَيْ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ. قَوْلُهُ: (وَجَائِزَةٌ لِلْمُكَاتَبِ) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَوْلُهُ: (أَيْ قَالَ أَنَا عَاجِزٌ) أَيْ مَثَلًا إذَا الْمَدَارُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْأَدَاءِ. قَوْلُهُ: (وَلِلْمُكَاتَبِ الْفَسْخُ لَهَا) أَيْ تَعَاطِيهِ بِنَفْسِهِ وَفِي فَسْخِ السَّيِّدِ بِنَفْسِهِ أَوْ الْمُكَاتَبِ لَا يَحْتَاجُ إلَى ثُبُوتِ عَجْزٍ بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ وَفِي فَسْخِ الْحَاكِمِ يَحْتَاجُ لِذَلِكَ مَعَ ثُبُوتِ الْكِتَابَةِ وَحُلُولِ النَّجْمِ الْأَخِيرِ. قَوْلُهُ: (اُسْتُحِبَّ لَهُ إمْهَالُهُ) نَعَمْ يَلْزَمُهُ الْإِمْهَالُ

ــ

[حاشية عميرة]

فَصْلٌ الْكِتَابَةُ لَازِمَةٌ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَيْسَ لَهُ إلَخْ) تَصْرِيحٌ بِاللَّازِمِ وَتَوْطِئَةٌ لِمَا بَعْدَهُ، قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ) كَمَا فِي الْبَيْعِ عِنْدَ إفْلَاسِ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ وَمِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْفَسْخِ، وَلَا يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ التَّعْجِيزِ لِنَفْسِهِ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ صَرِيحًا قَوْلُهُ: (وَفِيمَا امْتَنَعَ إلَخْ) أَيْ فَلَيْسَ مَا أَفَادَهُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْحَصْرِ مُرَادًا قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلِلسَّيِّدِ الصَّبْرُ) بِسُكُونِ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا، قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِنَفْسِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ فَسْخٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى الْحَاكِمِ. نَعَمْ إنْ كَانَ فِي يَدِهِ الْوَفَاءُ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يُعَجِّزُ نَفْسَهُ فَقَدْ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِمَنْعِ اسْتِقْلَالِ السَّيِّدِ بِالْفَسْخِ لِكَوْنِهِ مُخْتَلَفًا فِيهِ فَقَالَ لَا بُدَّ مِنْ الْحَاكِمِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلِلْمُكَاتَبِ الْفَسْخُ) أَيْ كَالْمُرْتَهِنِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَصَحِّ) اُسْتُشْكِلَ حِكَايَةُ الْخِلَافِ مَعَ الْجَزْمِ بِجَوَازِهَا مِنْ جِهَتِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَعْنَى جَوَازِهَا تَمَكُّنُهُ مِنْ تَعْجِيزِ نَفْسِهِ لَا إنْشَاءُ الْفَسْخِ.

قَوْلُهُ: (وَهَذَا أَحْسَنُ) قَالَ الرَّافِعِيُّ لَكِنَّهُ قَلِيلُ الْجَدْوَى مَعَ قَوْلِنَا إنَّ السَّيِّدَ إذَا وَجَدَ لَهُ مَالًا يَسْتَقِلُّ بِأَخْذِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ يَمْنَعُهُ الْحَاكِمُ، وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ قَلِيلُ الْجَدْوَى أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ إذَا مَنَعَهُ الْحَاكِمُ فُسِخَ وَيَعُودُ لَهُ الْمَالُ، قَوْلُهُ: (مُكِّنَ السَّيِّدُ مِنْ الْفَسْخِ) .

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَا يُمْكِنُ هُنَا إلَّا بَعْدَ، الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>