للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي آخِرِهِ) رَوَاهَا النَّسَائِيّ فِي قُنُوتِ الْوَتْرِ الَّذِي عَلَّمَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ مَعَ زِيَادَةِ فَاءٍ فِي أَنَّك وَوَاوٍ فِي إنَّهُ بِلَفْظِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ فَأُلْحِقَ بِهِ قُنُوتُ الصُّبْحِ وَالثَّانِي يَقُولُ لَمْ تَرِدْ فِي قُنُوتِهِ.

(وَ) الصَّحِيحُ سَنُّ (رَفْعِ يَدَيْهِ) فِيهِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ الْحَاكِمِ، وَالثَّانِي قَاسَهُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ أَدْعِيَةِ الصَّلَاةِ. كَمَا قِيسَ الرَّفْعُ فِيهِ عَلَى رَفْعِ النَّبِيِّ يَدَيْهِ كُلَّمَا صَلَّى الْغَدَاةَ يَدْعُو عَلَى الَّذِينَ قَتَلُوا أَصْحَابَهُ الْقُرَّاءَ بِبِئْرِ مَعُونَةَ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ.

(وَ) الصَّحِيحُ أَنَّهُ (لَا يَمْسَحُ وَجْهَهُ) أَيْ لَا يُسَنُّ ذَلِكَ لِعَدَمِ وُرُودِهِ، وَالثَّانِي يُدْخِلُهُ فِي حَدِيثِ «سَلُوا اللَّهَ بِبُطُونِ أَكُفِّكُمْ وَلَا تَسْأَلُوهُ بِظُهُورِهَا، فَإِذَا فَرَغْتُمْ فَامْسَحُوا بِهَا وُجُوهَكُمْ» لَكِنْ.

قَالَ أَبُو دَاوُد: رُوِيَ مِنْ طُرُقٍ كُلُّهَا وَاهِيَةٌ، وَالْخِلَافُ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ إذَا قُلْنَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فَإِنْ قُلْنَا لَا فَلَا يَمْسَحُ جَزْمًا، وَسَكَتَ عَنْ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ لِلْعِلْمِ بِهِ.

(وَ) الصَّحِيحُ (أَنَّ الْإِمَامَ يَجْهَرُ بِهِ) لِلِاتِّبَاعِ فِي ظَاهِرِ حَدِيثِ الْحَاكِمِ الْمُتَقَدِّمِ، وَالثَّانِي لَا كَسَائِرِ الْأَدْعِيَةِ أَمَّا الْمُنْفَرِدُ فَيُسِرُّ بِهِ جَزْمًا.

(وَ) الصَّحِيحُ بِنَاءً عَلَى جَهْرِ الْإِمَامِ بِهِ (أَنَّهُ يُؤَمِّنُ الْمَأْمُومُ لِلدُّعَاءِ وَيَقُولُ الثَّنَاءَ) وَأَوَّلُهُ أَنَّك تَقْضِي، وَالثَّانِي يُؤَمِّنُ فِيهِ أَيْضًا وَأَلْحَقَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالدُّعَاءِ، فَيُؤَمِّنُ

ــ

[حاشية قليوبي]

آلِهِ وَعَلَى أَصْحَابِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي سُجُودِ السَّهْوِ. قَوْلُهُ: (فَحُمِلَ عَلَى الْإِمَامِ) وَحَدِيثُ «مَا مِنْ إمَامٍ يَؤُمُّ قَوْمًا فَيَخُصُّ نَفْسَهُ بِدَعْوَةٍ إلَّا خَانَهُمْ» مَحْمُولٌ عَلَى الْقُنُوتِ فَقَطْ وَلَوْ بِغَيْرِ مَا وَرَدَ لِمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (رَفْعُ يَدَيْهِ فِيهِ) أَيْ فِي الْقُنُوتِ، وَكَذَا فِي سَائِرِ الْأَدْعِيَةِ وَلَوْ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ رَفْعًا مُقْتَصَدًا بِتَفْرِيقٍ أَوْ جَمْعٍ، وَهُوَ أَوْلَى، وَكَشْفُهُمَا وَرَفْعُ أَصَابِعِهِمَا وَجَعْلُ بُطُونِهِمَا إلَى السَّمَاءِ فِي الثَّنَاءِ مُطْلَقًا وَكَذَا فِي الدُّعَاءِ إنْ لَمْ يَكُنْ بِدَفْعِ شَيْءٍ وَإِلَّا فَعَكْسُهُ، وَيُكْرَهُ بِيَدٍ نَجِسَةٍ وَرَفْعُ بَصَرِهِ إلَى السَّمَاءِ.

قَالَ بَعْضُهُمْ: فِي الصَّلَاةِ خَاصَّةً، وَيُكْرَهُ لِلْخَطِيبِ رَفْعُ الْيَدَيْنِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (كَمَا قِيسَ) هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الثَّانِي أَيْ فَهُوَ مُعَارَضَةُ قِيَاسٍ بِقِيَاسٍ أَيْ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ قَاسَ الرَّفْعَ فِي الْقُنُوتِ عَلَى الرَّفْعِ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ، وَالثَّانِي قَاسَ عَدَمَ الرَّفْعِ فِيهِ عَلَى عَدَمِ الرَّفْعِ فِي غَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ أَدْعِيَةِ الصَّلَاةِ، وَاعْتَضَدَ الْأَوَّلُ بِحَدِيثِ الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ وَبِمُنَاسَبَةِ الْقُنُوتِ وَالدُّعَاءِ فِي مَحَلِّهِ. قَوْلُهُ: (الْغَدَاةَ) هِيَ صَلَاةُ الصُّبْحِ وَذَلِكَ مُدَّةَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا كَمَا سَيَأْتِي.

وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَعَلَّ الْحَامِلَ عَلَى ذَلِكَ دَفْعُ تَمَرُّدِ الْقَاتِلِينَ، وَمِنْ دُعَائِهِ فِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَثَ قَدْرَ تِلْكَ الْمُدَّةِ يَدْعُو عَلَى عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ الْعَامِرِيِّ حَتَّى مَاتَ كَافِرًا يَقُولُ: «اللَّهُمَّ اكْفِنِي عَامِرَ بْنَ الطُّفَيْلِ بِمَا شِئْت، وَابْعَثْ عَلَيْهِ دَاءً يَقْتُلُهُ» فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ طَاعُونًا، فَمَاتَ بِهِ.

قَوْلُهُ: (لَا يُسَنُّ) أَيْ بَلْ يُسَنُّ تَرْكُهُ فَفِعْلُهُ خِلَافُ الْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يُدْخِلُهُ فِي حَدِيثِ إلَخْ) وَأَخْرَجَهُ الْأَوَّلُ مِنْهُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ يُطْلَبُ الْكَفُّ فِيهَا فَيُسَنُّ خَارِجَهَا، وَقَدْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَمْ يَرِدْ الْمَسْحَ فِي الصَّلَاةِ فِي حَدِيثٍ وَلَا أَثَرٍ وَلَا قِيَاسٍ، وَوَرَدَ خَارِجَهَا مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ فَيُسَنُّ، وَيُكْرَهُ مَسْحُ الصَّدْرِ وَغَيْرِهِ مُطْلَقًا.

قَوْلُهُ: (وَأَنَّ الْإِمَامَ يَجْهَرُ بِهِ) أَيْ فِي الْجَهْرِيَّةِ وَالسِّرِّيَّةِ وَلَوْ قَضَاءً كَصُبْحٍ أَوْ وَتْرٍ نَهَارًا بِأَنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ وَهُوَ فِيهِ أَوْ قَبْلَهُ، وَشَمَلَ الْقُنُوتُ الدُّعَاءَ وَالثَّنَاءَ وَلِلنَّازِلَةِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَكَذَا يُسَنُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْهَرَ بِكُلِّ دُعَاءٍ دَعَا بِهِ فِي الصَّلَاةِ كَسُؤَالِ رَحْمَةٍ وَاسْتِعَاذَةٍ مِنْ عَذَابٍ، وَأَنْ يُوَافِقَهُ الْمَأْمُومُ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (أَمَّا الْمُنْفَرِدُ فَيُسِرُّ بِهِ) وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ تَبَعًا لِإِفْتَاءِ وَالِدِهِ وَأَنَّهُ يَجْهَرُ بِهِ فِي النَّازِلَةِ، وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ.

قَوْلُهُ: (يُؤَمِّنُ) أَيْ جَهْرًا. قَوْلُهُ: (وَيَقُولُ الثَّنَاءَ) أَيْ سِرًّا أَوْ يَقُولُ فِيهِ جَهْرًا أَشْهَدُ أَوْ بَلَى أَوْ وَأَنَا مِنْ الشَّاهِدِينَ، أَوْ يَقُولُ فِيهِ صَدَقْت،

ــ

[حاشية عميرة]

فِي الْأَذْكَارِ بِأَنَّ الْإِمَامَ يُكْرَهُ لَهُ تَخْصِيصُ نَفْسِهِ بِالدُّعَاءِ لِحَدِيثٍ وَرَدَ فِيهِ وَمُقْتَضَاهُ اطِّرَادُهُ فِي سَائِرِ أَدْعِيَةِ الْإِمَامِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَكَذَا الْجِيلِيُّ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ الشَّافِعِيِّ، ثُمَّ قَالَ: وَثَبَتَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ إلَخْ اللَّهُمَّ نَقِّنِي اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي» وَبِهَذَا يَقُولُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَعَلَى هَذَا فَالْفَرْقُ أَنَّ الْكُلَّ مَأْمُورُونَ بِهِ هُنَاكَ بِخِلَافِ الْقُنُوتِ اهـ. قُلْت: وَكَلَامُ الشَّارِحِ هُنَا إذَا تَأَمَّلْته تَجِدُهُ ظَاهِرًا فِي اخْتِصَاصِ ذَلِكَ بِالْقُنُوتِ.

قَوْلُهُ: (بِلَفْظِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ) أَيْ هَكَذَا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ، قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ.

قَوْلُهُ: (كَمَا قِيسَ الرَّفْعُ فِيهِ إلَخْ) فِيهِ بَحْثٌ إذْ كَيْفَ يُسَوَّغُ الْقِيَامُ مَعَ كَوْنِ الْحُكْمِ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ فِي حَدِيثِ الْحَاكِمِ.

فَقَوْلُهُ: (أَيْ لَا يُسَنُّ ذَلِكَ) مِنْ هُنَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَوْ قَالَ لَا مَسَحَ وَجْهَهُ كَانَ أَوْلَى اهـ.

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَمْ يَرِدْ فِي الْمَسْحِ فِي الصَّلَاةِ حَدِيثٌ، وَلَا أَثَرٌ وَلَا قِيَاسٌ، وَإِنَّمَا وَرَدَ خَارِجَ الصَّلَاةِ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ مُسْتَعْمَلٌ عِنْدَ بَعْضِهِمْ خَارِجَهَا فَقَطْ.

قَوْلُهُ: «فَإِذَا فَرَغْتُمْ فَامْسَحُوا بِهَا وُجُوهَكُمْ» قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَرَدَ فِي حَدِيثٍ حِكْمَةُ ذَلِكَ وَهِيَ الْإِفَاضَةُ عَلَيْهِ مِمَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى اهـ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنَّ الْإِمَامَ يَجْهَرُ بِهِ) أَيْ حَتَّى بِالثَّنَاءِ، وَلَوْ قُلْنَا إنَّ الْمَأْمُومَ يُوَافِقُهُ فِيهِ هَذَا قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ.

وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: يَحْتَمِلُ أَنْ يُسِرَّ بِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجْهَرَ بِهِ كَمَا لَوْ سَأَلَ الْإِمَامَ الرَّحْمَةَ أَوْ اسْتَعَاذَ مِنْ النَّارِ، فَإِنَّهُ يَجْهَرُ وَيُوَافِقُهُ فِيهِ الْمَأْمُومُ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ اهـ.

وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ يَجْهَرُ بِالدُّعَاءِ مَسْأَلَةٌ مُهِمَّةٌ لَا يَفْعَلُهَا أَئِمَّةُ هَذَا الزَّمَانِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَنَّهُ يُؤَمِّنُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>