للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابٌ بِالتَّنْوِينِ (شُرُوطُ الصَّلَاةِ) وَهِيَ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا صِحَّةُ الصَّلَاةِ وَلَيْسَتْ مِنْهَا (خَمْسَةٌ) أَوَّلُهَا (مَعْرِفَةُ الْوَقْتِ) يَقِينًا أَوْ ظَنًّا كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، أَيْ الْعِلْمُ بِدُخُولِهِ أَوْ ظَنُّهُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، فَمَنْ صَلَّى بِدُونِ ذَلِكَ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، وَإِنْ وَقَعَتْ فِي الْوَقْتِ (وَ) ثَانِيهَا (الِاسْتِقْبَالُ) عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي فَصْلِهِ

(وَ) ثَالِثُهَا (سَتْرُ الْعَوْرَةِ) صَلَّى فِي الْخَلْوَةِ أَوْ غَيْرِهَا، فَإِنْ تَرَكَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ (وَعَوْرَةُ الرَّجُلِ) حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا (مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ) لِحَدِيثِ الْبَيْهَقِيّ، وَإِذَا

ــ

[حاشية قليوبي]

بَابٌ بِالتَّنْوِينِ لِقَطْعِهِ عَمَّا بَعْدَهُ وَيَجُوزُ تَرْكُهُ عَلَى نِيَّةِ الْإِضَافَةِ لِلْجُمْلَةِ بَعْدَهُ، وَعَلَى كُلٍّ هُوَ خَبَرٌ لِمَحْذُوفٍ أَوْ عَكْسُهُ، وَالْمَذْكُورُ فِيهِ شُرُوطُ الصَّلَاةِ وَمَوَانِعُهَا وَآخِرُهُ عَمَّا قَبْلَهُ، مَعَ أَنَّ الشُّرُوطَ تَتَقَدَّمُ عَلَى الْمَشْرُوطِ أَمَّا لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهَا مُقَارَنَتُهَا لَهُ، أَوْ لِضَمِّهِ الْمَوَانِعَ إلَيْهَا، وَهِيَ لَا يُتَصَوَّرُ تَقْدِيمُهَا. قَوْلُهُ: (شُرُوطُ الصَّلَاةِ) هِيَ جَمْعُ شَرْطٍ بِسُكُونِ الرَّاءِ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا، وَيُجْمَعُ الْمَفْتُوحُ أَيْضًا عَلَى شَرَائِطَ وَأَشْرَاطٍ، وَيُقَالُ لَهُ شَرِيطَةٌ وَالشَّرْطُ لُغَةً: الْعَلَامَةُ، وَشَرْعًا: مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمَ لِذَاتِهِ، وَالْوَجْهُ أَنْ يُرَادَ بِالْعَدَمِ فِي أَوَّلِهِ مَا يَعُمُّ عَدَمَ الصِّحَّةِ، كَالْقَادِرِ عَلَى الطَّهَارَةِ وَعَمْدُ الْإِجْزَاءِ، كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَخَرَجَ بِهِ السَّبَبُ، فَإِنَّهُ مَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ وَمِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ لِذَاتِهِ، وَخَرَجَ بِآخِرِهِ الْمَانِعُ فَإِنَّهُ مَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْعَدَمُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ لِذَاتِهِ، وَإِخْرَاجُهُ بِهَذَا أَنْسَبُ مِنْ إخْرَاجِهِ بِأَوَّلِهِ، وَقَيْدٌ لِذَاتِهِ. زَادَهُ ابْنُ السُّبْكِيّ، لَيَدْخُلَ الشَّرْطُ الْمُقَارِنُ لِلسَّبَبِ أَوْ الْمَانِعُ، فَإِنَّ لُزُومَ الْوُجُودِ لِلْأَوَّلِ وَالْعَدَمَ لِلثَّانِي لِمُقَارَنَةِ مَا ذُكِرَ، لَا لِذَاتِ الشَّرْطِ.

قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ، وَذِكْرُهُ إيضَاحٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ مَا يَلْزَمُ مِنْ كَذَا كَذَا، يُفِيدُ أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ تَرَتُّبُهُ عَلَيْهِ، وَصُدُورُهُ عَنْهُ وَخَصَّ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ ذَلِكَ الْقَيْدَ، بِشَطْرِ التَّعْرِيفِ الثَّانِي، وَالْوَجْهُ رُجُوعُهُ لِأَوَّلِهِ أَيْضًا لِيَدْخُلَ، فَقْدُ الشَّرْطِ الْمُقَارِنِ لِمُوجِبٍ، كَصَلَاةِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ، فَإِنَّ صِحَّتَهُمَا لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ لَا لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ، وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ قَضَاؤُهَا فَتَأَمَّلْ. وَعَدُّ الْمَوَانِعِ مِنْ الشُّرُوطِ مَجَازٌ أَوْ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ، وَهُوَ مَا مَالَ إلَيْهِ الْإِمَامُ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ أَوْلَى لِصِدْقِ تَعْرِيفِ الشَّرْطِ السَّابِقِ، عَلَيْهِ، لِأَنَّ عَدَمَ الْعَدَمِ وُجُودٌ وَقَوْلُهُمْ مَفْهُومُ الشَّرْطِ وُجُودِيٌّ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَمَا وُجِّهَ بِهِ الْأَوَّلُ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ جَعْلِ الْمَوَانِعِ شُرُوطًا، بُطْلَانُ الصَّلَاةِ بِالْكَلَامِ الْقَلِيلِ نَاسِيًا لِأَنَّ الشُّرُوطَ لَا يُؤَثِّرُ فِيهَا النِّسْيَانُ، مَرْدُودٌ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِمَّا دَخَلَ فِي الشَّرْطِ، كَمَا لَمْ يَدْخُلْ النَّجِسُ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ فِي طَهَارَةِ الْخَبَثِ فَتَأَمَّلَ. قَوْلُهُ: (خَمْسَةٌ) أَيْ بِعَدَمِ عَدِّ الْمَوَانِعِ شُرُوطًا وَإِلَّا فَهِيَ تِسْعَةٌ، كَمَا عَدَّهَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ كَذَلِكَ وَلَمْ يَعُدُّوا الْإِسْلَامَ، وَالتَّمْيِيزَ اكْتِفَاءً عَنْهُمَا بِطُهْرِ الْحَدَثِ، وَلَا يَرِدُ بَقَاءُ طَهَارَةِ الْمُرْتَدِّ، لِأَنَّهُ قَطْعٌ فِي الدَّوَامِ وَلَا طَهَارَةُ نَحْوِ الْوَلِيِّ لِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ كَالصَّبِيِّ لِطَوَافِهِ لِوُجُودِ الشَّرْطَيْنِ فِي النِّيَّةِ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ مِنْ غَيْرِ الْفَاعِلِ لِلضَّرُورَةِ وَلَا نِيَّةُ الْكَافِرِ فِي نَحْوِ الْكَفَّارَةِ، وَنِيَّةُ الْكَافِرَةِ فِي الطُّهْرِ مِنْ نَحْوِ الْحَيْضِ، لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي نِيَّةِ التَّقَرُّبِ، لَا نِيَّةِ التَّمْيِيزِ، وَلَمْ يَعُدُّوا الْعِلْمَ بِالْكَيْفِيَّةِ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ مُطْلَقًا، فَإِنَّ مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ جَمِيعَ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ، وَأَقْوَالِهَا فَرْضٌ صَحَّتْ صَلَاتُهُ مُطْلَقًا، أَوْ أَنَّ جَمِيعَهَا نَفْلٌ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ مُطْلَقًا، أَوْ أَنَّ بَعْضَهَا فَرْضٌ وَبَعْضَهَا نَفْلٌ صَحَّتْ صَلَاتُهُ، إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِفَرْضٍ نَفْلًا، وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ.

قَالَ ابْنُ حَجَرٍ، وَسَوَاءٌ فِي هَذَا الْعَامِّيُّ وَالْمُتَفَقِّهُ، وَخَصَّهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِالْعَامِّيِّ لِيَخْرُجَ الْمُتَفَقِّهُ، وَهُوَ مَنْ عَرَفَ مِنْ الْعِلْمِ طَرَفًا يَهْتَدِي بِهِ إلَى بَاقِيه، فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ مَعْرِفَةِ الْفَرْضِ مِنْ السُّنَّةِ حَقِيقَةً، وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ.

قَوْلُهُ: (أَيْ الْعِلْمُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَعْرِفَةِ مَا يَعُمُّ الْعِلْمَ وَالظَّنَّ، وَأَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُضَافًا مَحْذُوفًا هُوَ الْمَقْصُودُ.

قَوْلُهُ: (لَمْ تَصِحَّ) وَإِنْ وَقَعَتْ فِي الْوَقْتِ، وَهَذَا شَأْنُ كُلِّ مَا لَهُ نِيَّةٌ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى الْجَزْمِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، كَالْأَذَانِ وَفِطْرِ رَمَضَانَ.

قَوْلُهُ: (وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ) وَهِيَ لُغَةً النَّقْصُ وَالْمُسْتَقْبَحُ عَنْ الْأَعْيُنِ، وَلَوْ مِنْ الْجِنِّ وَالْمَلَائِكَةِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَرَكَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ)

ــ

[حاشية عميرة]

[بَاب شُرُوطُ الصَّلَاةِ]

ِ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (شُرُوطُ الصَّلَاةِ) الشَّرْطُ فِي اللُّغَةِ الْإِلْزَامُ كَمَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ لَا الْعَلَامَةُ كَمَا فِي الْإِسْنَوِيِّ وَالشَّرَطُ بِفَتْحِ الرَّاءِ الْعَلَامَةُ وَجَمْعُهُ أَشْرَاطٌ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْعِلْمُ بِدُخُولِهِ إلَخْ) أَيْ لَيْسَ الْمُرَادُ مَا تَصْدُقُ بِهِ الْعِبَارَةُ الْأُولَى مِنْ تَصَوُّرِ حَقِيقَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ) هِيَ فِي اللُّغَةِ النُّقْصَانُ وَالْمُسْتَقْبَحُ وَسُمِّيَ بِهَا الْمِقْدَارُ الْآتِي لِقُبْحِ ظُهُورِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَعَوْرَةُ الرَّجُلِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>