للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَثَلًا، وَفِي عَطَنِ الْإِبِلِ نِفَارُهَا الْمُشَوِّشُ لِلْخُشُوعِ، وَفِي الْمَقْبَرَةِ غَيْرِ الْمَنْبُوشَةِ، وَلَمْ يُقَيِّدْ فِي الْحَدِيثِ نَجَاسَةَ مَا تَحْتَهَا بِالصَّدِيدِ، أَمَّا الْمَنْبُوشَةُ فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهَا مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ، وَمَعَهُ تُكْرَهُ وَأُلْحِقَ بِعَطَنِ الْإِبِلِ مَأْوَاهَا لَيْلًا لِلْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فِيهِ، وَلَا تُكْرَهُ فِي مُرَاحِ الْغُثْمِ بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ مَأْوَاهَا لَيْلًا لِانْتِفَاءِ ذَلِكَ الْمَعْنَى فِيهَا، وَإِنْ تُصُوِّرَ فِيهَا مِثْلُ عَطَنِ الْإِبِلِ فَلَا تَكْرَهُ فِيهِ أَيْضًا.

(بَابٌ) بِالتَّنْوِينِ (سُجُودِ السَّهْوِ) وَهُوَ كَمَا سَيَأْتِي سَجْدَتَانِ بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَالسَّلَامِ. (سُنَّةٌ عِنْدَ تَرْكِ مَأْمُورٍ بِهِ) مِنْ الصَّلَاةِ (أَوْ فِعْلِ مَنْهِيٍّ عَنْهُ) فِيهَا وَلَوْ بِالشَّكِّ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِيهِمَا فَرْضًا كَانَتْ الصَّلَاةُ أَوْ نَفْلًا. (فَالْأَوَّلُ) الْمَتْرُوكُ مِنْهَا (إنْ كَانَ رُكْنًا وَجَبَ تَدَارُكُهُ) بِفِعْلِهِ (وَقَدْ يُشْرَعُ) مَعَ تَدَارُكِهِ (السُّجُودَ كَزِيَادَةٍ) بِالْكَافِ (حَصَلَتْ بِتَدَارُكِ رُكْنٍ كَمَا سَبَقَ فِي) رُكْنِ (التَّرْتِيبِ) مِنْ حُصُولِهَا،

ــ

[حاشية قليوبي]

الصَّدِيدِ، وَلِذَلِكَ لَا تَكْرَهُ فِي مَقَابِرِ الْأَنْبِيَاءِ الشُّهَدَاءِ.

(تَنْبِيهُ) مَحَالُّ النَّجَاسَةِ كَمَحَالِّ الْقَصَّابِينَ كَالْمَقْبَرَةِ فِيمَا ذُكِرَ.

(فَرْعُ) تَحْرُمُ الصَّلَاةُ مُتَوَجِّهًا قَبْرَ نَبِيٍّ، وَتُكْرَهُ فِي غَيْرِهِ، وَلَا تَبْطُلُ فِيهِمَا قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَفِي عَطَنِ الْإِبِلِ نِفَارُهَا) لِأَنَّهُ شَأْنُهَا، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ وَلَا تُكْرَهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ مِنْ غَنَمٍ وَبَقَرٍ وَحَمِيرٍ، إلَّا مَعَ وُجُودِ النِّفَارِ بِالْفِعْلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

بَابٌ فِي بَيَانِ سُجُودِ السَّهْوِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَقَدَّمَهُ عَلَى صَلَاةِ النَّفْلِ وَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ، مَعَ طَلَبِهِ فِيهَا اهْتِمَامًا بِشَأْنِ الْفَرْضِ، وَلِأَنَّهُ مَحَلُّ طَلَبِهِ أَصَالَةً عَلَى أَنَّهُ لَوْ أُخِّرَ عَنْ النَّفْلِ وَغَيْرِهِ لَتَوَهَّمَ تَوَقُّفُ طَلَبِهِ عَلَى وُجُودِ أَسْبَابِهِ كُلِّهَا فِيهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ تَرْكُ الْمَأْمُورِ بِهِ مِنْ الْأَبْعَاضِ، لَا يَأْتِي فِي النَّفْلِ مِنْهُ إلَّا الصَّلَاةُ عَلَى الْآلِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ، وَارْتِكَابُ مَا لَا يُوهِمُ بَاطِلًا أَوْلَى مِنْ عَكْسِهِ فَتَأَمَّلْ. وَقَدَّمَ سُجُودَ السَّهْوِ عَلَى سُجُودِ التِّلَاوَةِ، لِاخْتِصَاصِهِ بِالصَّلَاةِ. وَأَخَّرَ سُجُودَ الشُّكْرِ، لِاخْتِصَاصِهِ بِخَارِجِهَا وَوَسَّطَ سُجُودَ التِّلَاوَةِ لِوُجُودِهِ فِيهِمَا، وَأَصْلُ مَشْرُوعِيَّتِهِ لِجَبْرِ الْخَلَلِ فِي الصَّلَاةِ غَيْرِ الْمُبْطِلِ، وَقَدْ يُطْلَبُ لِرَغْمِ أَنْفِ الشَّيْطَانِ، وَالسَّهْوُ لُغَةً اللِّينُ وَيُرَادِفُهُ الذُّهُولُ، وَالْغَفْلَةُ وَالنِّسْيَانُ وَقِيلَ السَّهْوُ زَوَالُ الصُّورَةِ عَنْ الْمُدْرَكَةِ، دُونَ الْحَافِظَةِ وَالنِّسْيَانُ زَوَالُهَا عَنْهُمَا مَعًا، وَالْغَفْلَةُ تَعُمُّهُمَا وَالذُّهُولُ مِثْلُهَا، أَوْ مَعَ زَوَالِ الْحُكْمِ وَشَرْعًا سَجْدَتَانِ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (بِالتَّنْوِينِ) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ الْإِضَافَةِ الْمُقْتَضَى لِفَقْدِ أَحَدِ رُكْنَيْ الْإِسْنَادِ، وَهُوَ الْمُبْتَدَأُ.

قَوْلُهُ: (هُوَ) أَيْ سُجُودُ السَّهْوِ أَوْ السَّهْوُ عَلَى مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ) لِنِيَابَتِهِ عَنْ سُنَّةٍ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ جُبْرَانَاتِ الْحَجِّ. قَوْلُهُ: (مِنْ الصَّلَاةِ) خَرَجَ بِهِ الْمَنْدُوبُ فِيهَا كَقُنُوتِ النَّازِلَةِ، وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ فَلَا سُجُودَ لِتَرْكِهِمَا وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَلَوْ بِالشَّكِّ فِيهِمَا) أَيْ الْمَأْمُورِ وَالْمَنْهِيِّ، فَالْأَوَّلُ كَالشَّكِّ فِي تَرْكِ بَعْضٍ، وَالثَّانِي كَالشَّكِّ هَلْ صَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا كَمَا يَأْتِي، فَالْمُرَادُ بِالْمَنْهِيِّ مَا يَعُمُّ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ أَوْ لَا. قَوْلُهُ: (فَرْضًا كَانَتْ الصَّلَاةُ أَوْ نَفْلًا) نَعَمْ لَا سُجُودَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَأُلْحِقَ بِالصَّلَاةِ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَلَا مَانِعَ مِنْ زِيَادَةِ الْجَابِرِ لِأَنَّهُ لِلْخَلَلِ وَهُوَ فِيهِمَا وَاحِدٌ.

قَوْلُهُ: (بِالْكَافِ) قِيلَ لِأَنَّهُ الَّذِي فِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ، وَقِيلَ لِأَنَّ اللَّامَ تَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ السُّجُودُ لِلزِّيَادَةِ، أَوْ تَقْتَضِي طَلَبَ السُّجُودِ لَهَا دَائِمًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِيهِمَا، وَقِيلَ لِإِدْخَالِ مَسْأَلَةِ الشَّكِّ الْمَذْكُورَةِ، لِأَنَّ السُّجُودَ فِيهَا لِلتَّرَدُّدِ فِي الزِّيَادَةِ، وَلَيْسَ فِيهَا زِيَادَةٌ، وَقِيلَ لِأَنَّ اللَّامَ تُوجِبُ أَنْ يَكُونَ السُّجُودُ فِيهِ، لِكَوْنِهِ مِنْ

ــ

[حاشية عميرة]

[بَاب سُجُودِ السَّهْوِ]

ِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (سُنَّةٌ) الصَّارِفُ لِأَحَادِيثِهِ عَنْ الْوُجُوبِ مَا فِي بَعْضِهَا كَانَتْ الرَّكْعَةُ لَهُ نَافِلَةً وَالسَّجْدَتَانِ، وَلِأَنَّ الْبَدَلَ كَمُبْدَلِهِ أَوْ أَخَفُّ، وَلِذَا وَجَبَتْ جُبْرَانَاتُ الْحَجِّ دُونَ هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (مِنْ الصَّلَاةِ) خَرَجَ بِهِ قُنُوتُ النَّازِلَةِ وَنَحْوُهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ فِي الصَّلَاةِ لَا مِنْهَا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ بِالشَّكِّ) دَفْعٌ لِمَا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ قُصُورِ الْعِبَارَةِ عَنْ إفَادَةِ إيقَاعِ الرُّكْنِ مَعَ التَّرَدُّدِ فِي فِعْلِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ حُصُولِهَا) أَيْ لَا مِنْ السُّجُودِ أَيْضًا كَمَا تُوهِمُهُ الْعِبَارَةُ. قَوْلُهُ: (يَسْجُدُ) أَيْ عَمْدًا كَانَ ذَلِكَ أَوْ سَهْوًا أَخْذًا مِنْ الْمَأْخُوذِ الْآتِي.

قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>