للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السُّجُودِ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي لَا يَسْجُدُ لِأَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ يَجْبُرُ نَفْسَهُ كَمَا يَجْبُرُ غَيْرَهُ.

بَابٌ فِي سُجُودَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ (تُسَنُّ سَجَدَاتُ التِّلَاوَةِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ (وَهُنَّ فِي الْجَدِيدِ أَرْبَعً عَشْرَةَ مِنْهَا سَجْدَتَا الْحَجِّ) وَتِسْعٌ فِي الْأَعْرَافِ وَالرَّعْدِ وَالنَّحْلِ وَالْإِسْرَاءِ وَمَرْيَمَ وَالْفُرْقَانِ وَالنَّمْلِ وَالم تَنْزِيلُ وَحُمَّ السَّجْدَةُ وَثَلَاثٌ فِي الْمُفَصَّلِ فِي النَّجْمِ وَالِانْشِقَاقِ وَاقْرَأْ، وَفِي الْقَدِيمِ إحْدَى عَشْرَةَ بِإِسْقَاطِ ثَلَاثِ الْمُفَصَّلِ، وَاسْتَدَلَّ لِلْجَدِيدِ بِحَدِيثِ «عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: أَقْرَأَ بِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَمْسَ عَشْرَةَ سَجْدَةً فِي الْقُرْآنِ مِنْهَا ثَلَاثٌ فِي الْمُفَصَّلِ، وَفِي الْحَجِّ سَجْدَتَانِ» ؛ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَالسَّجْدَةُ الْبَاقِيَةُ مِنْهُ سَجْدَةُ ص وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهَا.

وَاسْتَدَلَّ لِلْقَدِيمِ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَسْجُدْ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمُفَصَّلِ مُنْذُ تَحَوُّلِ الْمَدِينَةِ»

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (كَمَا يَجْبُرُ غَيْرَهُ) أَيْ مِمَّا وَقَعَ فِيهِ وَبَعْدَهُ أَيْ إذَا وَقَعَ كَانَ مَجْبُورًا. نَعَمْ لَوْ قَصَدَ بِالسُّجُودِ جَبْرَ مُعَيَّنٍ جَبَرَهُ فَقَطْ وَفَاتَ جَبْرُ غَيْرِهِ، وَلَيْسَ لَهُ السُّجُودُ ثَانِيًا لِجَبْرِهِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ السُّجُودَ لَا يَجْبُرُ نَفْسَهُ.

بَابٌ فِي حُكْمِ سُجُودَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ

وَذِكْرُهُمَا هُنَا اسْتِطْرَادِيٌّ، وَمَحَلُّهُمَا بَعْدَ صَلَاةِ النَّفْلِ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ. قَوْلُهُ: (بِالتَّنْوِينِ) تَقَدَّمَ مَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (تُسَنُّ سَجَدَاتُ التِّلَاوَةِ) لِلْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِيهَا، مِنْهَا: حَدِيثُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «إذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ آيَةَ سَجْدَةٍ وَسَجَدَ اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي يَقُولُ: يَا وَيْلَتَاهُ أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَأُمِرْت بِالسُّجُودِ فَعَصَيْت فَلِيَ النَّارُ» ، وَمَحَلُّ السُّنِّيَّةِ إنْ قَرَأَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَلَوْ بِقَصْدِ السُّجُودِ، أَوْ قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ لَا بِقَصْدِ السُّجُودِ، أَوْ فِي صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَوْ بِقَصْدِ السُّجُودِ، لَكِنْ خَصَّهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِسَجْدَةِ (الم تَنْزِيلُ) فَقَطْ، وَعَمَّمَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فِي كُلِّ آيَةِ سَجْدَةٍ، وَمَا عَدَا هَذَا لَا يُسَنُّ لَكِنْ إنْ قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ بِقَصْدِ السُّجُودِ وَسَجَدَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ قَرَأَ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ لَا بِقَصْدِ السُّجُودِ لَمْ تُكْرَهْ الْقِرَاءَةُ، وَلَا يُسَنُّ السُّجُودُ وَلَا يَبْطُلُ وَإِنْ قَرَأَ فِيهِ لِيَسْجُدَ بَعْدَهُ فَكَذَلِكَ مَعَ الْكَرَاهَةِ لِلْقِرَاءَةِ، وَإِنْ قَرَأَ فِيهِ أَوْ قَبْلَهُ بِقَصْدِ السُّجُودِ فِيهِ فِيهِمَا حَرَّمَتْ الْقِرَاءَةُ السُّجُودَ وَكَانَ بَاطِلًا.

(تَنْبِيهٌ) لَا يَصِحُّ نَذَرَ السُّجُودِ إذَا لَمْ يُسَنَّ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ، وَلَوْ تَعَارَضَ مَعَ التَّحِيَّةِ قَدَّمَهُ عَلَيْهَا لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ بِوُجُوبِهِ، وَلَا يَفُوتُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ.

(فَرْعٌ) يَقُومُ مَقَامَ السُّجُودِ لِلتِّلَاوَةِ أَوْ الشُّكْرِ مَا يَقُومُ مَقَامَ التَّحِيَّةِ لِمَنْ لَمْ يُرِدْ فِعْلَهَا، وَلَوْ مُتَطَهِّرًا وَهُوَ سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ، كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (أَرْبَعَ عَشَرَةَ) سَجْدَةً.

قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَحِكْمَةُ اخْتِصَاصِ السُّجُودِ بِهَذِهِ الْمَوَاضِعِ، أَنَّ فِيهَا مَدْحَ مَنْ يَسْجُدُ وَذَمَّ غَيْرِهِ تَصْرِيحًا، أَوْ تَلْوِيحًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مِنْهَا سَجْدَتَا الْحَجِّ) نَصَّ عَلَيْهِمَا لِخِلَافِ الْإِمَامِ مَالِك وَأَبِي حَنِيفَةَ. فِي الثَّانِيَةِ مِنْهُمَا، وَمَحَلُّهَا بَعْدَ {تُفْلِحُونَ} وَمَحَلُّ الْأُولَى بَعْدَ {مَا يَشَاءُ} . قَوْلُهُ: (فِي الْأَعْرَافِ) أَيْ بَعْدَ آخِرِهَا، وَفِي الرَّعْدِ بَعْدَ {وَالْآصَالِ} وَفِي النَّحْلِ بَعْدَ {يُؤْمَرُونَ} وَفِي الْإِسْرَاءِ بَعْدَ {خُشُوعًا} وَفِي مَرْيَمَ بَعْدَ {بُكِيًّا} وَفِي الْفُرْقَانِ، بَعْدَ {نُفُورًا} وَفِي النَّمْلِ بَعْدَ {الْعَظِيمِ} وَفِي الم السَّجْدَةِ بَعْدَ {لَا يَسْتَكْبِرُونَ} وَفِي حم السَّجْدَةِ بَعْدَ {لَا يَسْأَمُونَ} وَفِي النَّجْمِ

ــ

[حاشية عميرة]

تَنْبِيهٌ) سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ التَّفْرِيعِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ السُّجُودَ بَعْدَ السَّلَامِ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَحُكْمُهُ وُجُوبُ الْمُبَادَرَةِ، وَإِذَا سَجَدَ لَا يَصِيرُ عَائِدًا لِلصَّلَاةِ جَزْمًا.

[بَاب فِي سُجُودَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ]

بَابٌ تُسَنُّ سَجَدَاتُ التِّلَاوَةِ قَوْلُهُ: (حَدِيثُ النَّسَائِيّ) .

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الْمَشْهُورُ أَنَّهُ مُرْسَلٌ، إلَّا أَنَّهُ حُجَّةٌ لِاعْتِضَادِهِ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، لَيْسَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>