للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ أَقَلُّ الْجَمَاعَةِ فِيهَا إمَامٌ وَمَأْمُومٌ، وَسَيَأْتِي مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْإِعَادَةِ.

(هِيَ) أَيْ الْجَمَاعَةُ (فِي الْفَرَائِضِ غَيْرَ الْجُمُعَةِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ) قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَوَاظَبَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهَا كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ بَعْدِ الْهِجْرَةِ، وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي بَابِ هَيْئَةِ الْجُمُعَةِ أَنَّ مَنْ صَلَّى فِي عَشْرَةِ آلَافٍ لَهُ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً، وَمَنْ صَلَّى فِي اثْنَيْنِ لَهُ كَذَلِكَ، لَكِنَّ دَرَجَاتِ الْأَوَّلِ أَكْمَلُ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْجُمُعَةِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا، فَتَكُونُ فِيهَا فَرْضَ عَيْنٍ كَمَا عَبَّرُوا بِهِ هُنَا، وَقَوْلُهُ غَيْرَ بِالنَّصْبِ بِمَعْنَى إلَّا أُعْرِبَتْ إعْرَابَ الْمُسْتَثْنَى وَأُضِيفَتْ إلَيْهِ كَمَا نُقَرِّرُ فِي عِلْمِ النَّحْوِ (وَقِيلَ: فَرْضُ كِفَايَةٍ لِلرِّجَالِ فَتَجِبُ بِحَيْثُ يَظْهَرُ الشِّعَارُ فِي الْقَرْيَةِ) مَثَلًا فَفِي الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ يَكْفِي إقَامَتُهَا فِي مَوْضِعٍ، وَفِي الْكَبِيرَةِ وَالْبَلَدِ تُقَامُ فِي الْمَحَالِّ، فَلَوْ أَطْبَقُوا عَلَى إقَامَتِهَا فِي الْبُيُوتِ لَمْ يَسْقُطْ الْفَرْضُ. (فَإِنْ امْتَنَعُوا

ــ

[حاشية قليوبي]

كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ أَيْ بَيَانُ أَحْكَامِ الْجَمَاعَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَأَفْضَلُ الْجَمَاعَةِ مَا فِي الْجُمُعَةِ ثُمَّ فِي صُبْحِهَا، ثُمَّ فِي صُبْحِ غَيْرِهَا، ثُمَّ الْعِشَاءِ، ثُمَّ الْعَصْرِ وَلَوْ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ فِي الظُّهْرِ، ثُمَّ فِي الْمَغْرِبِ كَذَا عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. وَجَعَلَ ابْنُ قَاسِمٍ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ تَابِعًا لِفَضْلِ الصَّلَوَاتِ وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْأَوْلَى تَفْضِيلُ جَمَاعَةِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ عَلَى غَيْرِهَا.

قَوْلُهُ: (فِيهَا) وَكَذَا فِي غَيْرِهَا لِأَنَّ أَقَلَّ الْجَمَاعَةِ لُغَةً: اثْنَانِ وَأَقَلُّ الْجَمْعِ: ثَلَاثَةٌ. قَوْلُهُ: (إمَامٌ) وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ إذْ لَا تَتَوَقَّفُ الْجَمَاعَةُ وَلَا فَضْلُهَا لِلْمَأْمُومِ عَلَى نِيَّتِهَا مِنْهُ كَمَا يَأْتِي.

قَوْلُهُ: (مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ) يَدُلُّ عَلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ قَوْلُهُ: تُقَامُ فِيهِمْ دُونَ يُقِيمُونَ.

قَوْلُهُ: (سُنَّةٌ) أَيْ عَلَى الْكِفَايَةِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُعَاتِبْ مَنْ تَرَكَهَا، وَاسْتِحْوَاذُ الشَّيْطَانِ يَكُونُ فِي تَرْكِ الْمَنْدُوبِ كَالْوَاجِبِ. قَوْلُهُ: (الْفَذِّ) بِالْفَاءِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْمُنْفَرِدِ.

قَوْلُهُ: (دَرَجَةً) أَيْ صَلَاةً وَقُدِّمَتْ رِوَايَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ نَظَرًا لِلِاهْتِمَامِ بِالْفَصَائِلِ.

قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَحِكْمَتُهَا أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرَةِ أَمْثَالِهَا، فَهِيَ ثَلَاثُونَ يَرْجِعُ لِكُلٍّ رَأْسُ مَالِهِ وَاحِدٌ فَيَبْقَى مَا ذَكَرَ، انْتَهَى. أَيْ وَالْحِكْمَةُ فِي شَيْءٍ لَا يَلْزَمُ اطِّرَادُهَا فِي غَيْرِهِ.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْهِجْرَةِ) مُتَعَلِّقٌ، بِوَاظَبَ لِأَنَّهُ لَمْ تَقَعْ جَمَاعَةٌ بِمَكَّةَ، وَلَمْ تُشْرَعْ إلَّا بَعْدَ الْهِجْرَةِ قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَغَيْرُهُ، وَلَعَلَّهُ بَعْدَ الْيَوْمَيْنِ اللَّذَيْنِ صَلَّى فِيهِمَا جِبْرِيلُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَكْمَلُ) أَيْ أَكْثَرُ ثَوَابًا مِنْ حَيْثُ الْكَيْفِيَّةِ.

قَوْلُهُ: (بِالنَّصْبِ) أَيْ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى إلَّا، وَيَجُوزُ عَلَى الْحَالِيَّةِ لِأَنَّ غَيْرَ لَا يَتَعَرَّفُ بِالْإِضَافَةِ إلَّا إذَا وَقَعَتْ بَيْنَ ضِدَّيْنِ، وَيَجُوزُ فِيهَا الْجَرُّ بِجَعْلِ اللَّامِ لِلْجِنْسِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ نَكِرَةً فِي الْمَعْنَى. قَوْلُهُ: (الشِّعَارُ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ الْمُعْجَمِ وَفَتْحِهِ جَمْعُ شَعِيرَةٍ بِمَعْنَى عَلَامَةٍ، أَيْ بِحَيْثُ يَظْهَرُ عِنْدَ أَهْلِ الْبَلَدِ إقَامَتُهَا فِيهَا.

قَوْلُهُ: (فَفِي الْقَرْيَةِ إلَخْ) بَيَانٌ لِبَعْضِ أَفْرَادِ مَا يَظْهَرُ بِهِ الشِّعَارُ، وَالْمُرَادُ الْمَحَالُّ الَّتِي يَطْلُبُ الِاثْنَانِ حُضُورَ الْجَمَاعَةِ إلَيْهَا.

ــ

[حاشية عميرة]

[كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]

ِ قَوْلُهُ: (أَقَلُّ الْجَمَاعَةِ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ الرَّجُلُ مَعَ وَلَدِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ أَوْ رَفِيقِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ» . وَهَذَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ مَأْخَذُهُ التَّوْقِيفُ، فَلَا يُنَافِي مَا اُشْتُهِرَ فِي الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ، لِأَنَّ الْبَحْثَ عَنْ أَقَلِّ الْجَمْعِ بَحْثٌ لُغَوِيٌّ مَأْخَذُهُ اللِّسَانُ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ.

قَوْلُهُ: «دَرَجَةً» ) قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: الْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالدَّرَجَةِ الصَّلَاةُ لِأَنَّهُ وَرَدَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، وَفِي بَعْضِهَا التَّعْبِيرُ بِالضِّعْفِ وَهُوَ مُشْعِرٌ بِذَلِكَ، انْتَهَى. وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ عَلَى النِّسْبَةِ يُسْتَفَادُ مِنْ الْمُوَاظَبَةِ وَمِنْ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ أَيْضًا، وَأَمَّا عَدَمُ الْوُجُوبِ فَمِنْ لَفْظِ أَفْضَلُ.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْهِجْرَةِ) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ: مَعْلُومٌ. قَوْلُهُ: (بِمَعْنَى إلَّا إلَى آخِرِهِ) أَعْرَبَهُ الْإِسْنَوِيُّ حَالًا، وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَقْعَدَ، وَأَمَّا جَعْلُهَا صِفَةً فَمُمْتَنِعٌ لِعَدَمِ كَوْنِهَا مَعْرِفَةً. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ فَرْضُ كِفَايَةٍ) هَذَا وَقَوْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>