للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَلْحَقُهُ سَهْوُهُ مِنْ شَأْنِ الْإِمَامِ الِاسْتِقْلَالُ وَحَمْلُ سَهْوِ الْغَيْرِ فَلَا يَجْتَمِعَانِ.

(وَلَا بِمَنْ تَلْزَمُهُ إعَادَةٌ كَمُقِيمٍ تَيَمَّمَ) لِعَدَمِ الْمَاءِ، وَفَاقِدٍ لِلطَّهُورَيْنِ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِصَلَاتِهِ، وَقِيلَ يَجُوزُ اقْتِدَاءُ مِثْلِهِ بِهِ.

(وَلَا) قُدْوَةُ (قَارِئٍ بِأُمِّيٍّ فِي الْجَدِيدِ) لِأَنَّ الْإِمَامَ بِصَدَدِ تَحَمُّلِ الْقِرَاءَةِ عَنْ الْمَأْمُومِ الْمَسْبُوقِ، فَإِذَا لَمْ يُحْسِنْهَا لَمْ يَصِحَّ لِلتَّحَمُّلِ، وَالْقَدِيمُ يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ فِي السِّرِّيَّةِ لِقِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ فِيهَا بِخِلَافِ الْجَهْرِيَّةِ، فَيَتَحَمَّلُ الْإِمَامُ عَنْهُ فِي الْقَدِيمِ، وَفِي ثَالِثِ مَخْرَجٍ يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ فِي السِّرِّيَّةِ وَالْجَهْرِيَّةِ بِنَاءً عَلَى لُزُومِ الْقِرَاءَةِ لِلْمَأْمُومِ فِيهِمَا فِي الْجَدِيدِ.

قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: هَذِهِ الْأَقْوَالُ جَارِيَةٌ سَوَاءٌ عَلِمَ الْمَأْمُومُ كَوْنَ الْإِمَامِ أُمِّيًّا أَمْ لَا، وَقِيلَ هِيَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ كَوْنَهُ أُمِّيًّا، فَإِنْ عَلِمَ لَمْ يَصِحَّ قَطْعًا. (وَهُوَ مَنْ يُخِلُّ بِحَرْفٍ أَوْ تَشْدِيدَةٍ مِنْ الْفَاتِحَةِ) بِأَنْ لَا يُحْسِنَهُ (وَمِنْهُ أَرَتُّ) بِالْمُثَنَّاةِ (يُدْغِمُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ) أَيْ الْإِدْغَامِ (وَأَلْثَغُ) بِالْمُثَلَّثَةِ (يُبْدِلُ حَرْفًا بِحَرْفٍ) أَيْ يَأْتِي بِغَيْرِهِ بَدَلَهُ كَأَنْ يَأْتِيَ بِالْمُثَلَّثَةِ بَدَلَ السِّينِ، أَوْ بَالِغَيْنِ بَدَلَ الرَّاءِ، فَيَقُولُ: الْمُثْتَقِيمَ غَيْغِ الْمَغْضُوبِ.

(وَتَصِحُّ) قُدْوَةُ أُمِّيٍّ (بِمِثْلِهِ) فِيمَا يُخِلُّ بِهِ كَأَرَتَّ بِأَرَثِّ وَأَلْثَغَ بِأَلْثَغ فِي الْكَلِمَةِ بِخِلَافِهِمَا فِي كَلِمَتَيْنِ، وَبِخِلَافِ الْأَرَتِّ بِالْأَلْثَغِ وَعَكْسِهِ، فَلَا تَصِحُّ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فِيمَا ذَكَرَ يُحْسِنُ مَا لَا

ــ

[حاشية قليوبي]

شَكَّ فِي أَنَّهُ إمَامٌ أَوْ مَأْمُومٌ لَمْ تَصِحَّ، وَيَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ إنْ شَكَّ فِي الِابْتِدَاءِ لِعَدَمِ صِحَّةِ النِّيَّةِ مِنْهُ مُطْلَقًا. وَكَذَا إنْ شَكَّ قَبْلَ الْفَرَاغِ وَطَالَ الْفَصْلُ أَوْ فَعَلَ رُكْنًا مَعَ الشَّكِّ كَمَا فِي أَصْلِ النِّيَّةِ، وَأَمَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ فَإِنْ تَذَكَّرَ وَلَوْ بَعْدَ سِنِينَ أَنَّهُ إمَامٌ فَلَا إعَادَةَ أَوْ أَنَّهُ مَأْمُومٌ أَعَادَ فَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ شَيْئًا فَعَلَى قَوْلِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ: إنَّ الشَّكَّ فِي نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ بَعْدَ الْفَرَاغِ لَا يُؤَثِّرُ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِئْنَافُ أَيْضًا، وَهَذَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُفَرِّقُوا فِيهَا بَيْنَ الشَّكِّ وَالظَّنِّ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَجْتَمِعَانِ) أَيْ التَّبَعِيَّةُ وَالِاسْتِقْلَالُ.

قَوْلُهُ: (كَمُقِيمٍ تَيَمَّمَ) أَيْ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ وَعَلِمَ الْمَأْمُومُ بِحَالِهِ وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ تَبَيُّنِ الْحَدَثِ الْآتِي وَلَوْ تَبَيَّنَ قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ أَوْ السُّتْرَةِ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ بِخِلَافِ مِثْلِ ذَلِكَ فِي الْخُطْبَةِ لِأَنَّهَا وَسِيلَةٌ.

قَوْلُهُ: (بِأُمِّيٍّ) نِسْبَةً إلَى الْأُمِّ كَأَنَّهُ عَلَى حَالَةِ وِلَادَتِهِ وَأَصْلُهُ لُغَةً مَنْ لَا يَكْتُبُ وَإِطْلَاقُهُ عَلَى مَا هُنَا، قِيلَ مَجَازٌ وَقِيلَ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ وَلَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ مِنْ الِابْتِدَاءِ كَالْأُنْثَى خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَجُوزُ إلَخْ) أَيْ فَلَا إعَادَةَ. قَوْلُهُ: (مَخْرَجٍ) أَيْ الْجَدِيدُ السَّابِقُ فِي صَلَاةِ الْقَائِمِ بِالْقَاعِدِ. قَوْلُهُ: (أَمْ لَا) يَشْمَلُ مَا لَوْ شَكَّ فِي أُمِّيَّتِهِ وَهُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ.

قَوْلُهُ: (أَوْ تَشْدِيدَةٍ) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ إرَادَةِ الْحَرْفِ الْحَقِيقِيِّ فِيمَا قَبْلَهُ فَهُوَ عَطْفٌ خَاصٍّ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْفَاتِحَةِ) وَبَدَلُهَا مِثْلُهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا كَالتَّشَهُّدِ وَالسَّلَامِ وَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُخِلَّ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ لَا يُسَمَّى أُمِّيًّا فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ، وَعَلَيْهِ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَلَا إمَامَتُهُ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ شَرْطَ الْخَطِيبِ صِحَّةُ إمَامَتِهِ بِالْقَوْمِ فِي الْجُمُعَةِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْإِخْلَالَ بِبَعْضِ الشَّدَّاتِ فِي التَّشَهُّدِ مُخِلٌّ أَيْضًا فَرَاجِعْهُ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ حَيْثُ التَّسْمِيَةِ فَهُوَ مُمْكِنٌ وَعَلَيْهِ فَالْوَجْهُ إسْقَاطُ بَدَلِ الْفَاتِحَةِ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ مِقْدَارُ حُرُوفِهَا صَحِيحًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (يُدْغِمُ) وَيَلْزَمُهُ الْإِبْدَالُ. قَوْلُهُ: (يُبْدِلُ إلَخْ) وَلَوْ مَعَ الْإِدْغَامِ فَكُلُّ كَالْجَمْعَةِ أَلْثَغُ وَلَا عَكْسَ نَعَمْ لَا تُفَسِّرُ لُثْغَةٌ يَسِيرَةٌ لَا تُخْرِجُ الْحُرُوفَ عَنْ أَصْلِهَا.

قَوْلُهُ: (فِي الْكَلِمَةِ) أَيْ أَنْ يَتَّحِدَ مَحَلُّ الْحَرْفِ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ فِي الْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْمَأْتِيِّ بِهِ كَ (غَيْغ) وَ (غَيْم) فَإِنْ اخْتَلَفَ مَحَلُّ الْحَرْفِ لَمْ يَصِحَّ، إنْ اتَّحَدَ الْحَرْفُ الْمَأْتِيُّ بِهِ، وَالْكَلِمَةُ كَأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يُبْدِلُ نُونَ نَسْتَعِينُ الْأَوَّلُ وَالْآخَرُ يُبْدِلُ الثَّانِيَةَ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِهِمَا فِي الْكَلِمَتَيْنِ) وَإِنْ اتَّحَدَ الْحَرْفُ الْمَعْجُوزُ عَنْهُ كَأَنْ أَبْدَلَ

ــ

[حاشية عميرة]

فِي الْجَدِيدِ) مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يُقَصِّرْ فِي التَّعَلُّمِ.

قَوْلُهُ: (وَالْقَدِيمُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ وَالْقَدِيمِ إنْ كَانَتْ سِرِّيَّةً صَحَّ وَإِلَّا فَلَا، بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الْقَدِيمِ فَإِنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَقْرَأُ فِي الْجَهْرِيَّةِ بَلْ يَتَحَمَّلُ عَنْهُ الْإِمَامُ، وَفِي السِّرِّيَّةِ يَقْرَأُ لِنَفْسِهِ فَيُجْزِئُهُ ذَلِكَ اهـ. أَقُولُ: فَلَوْ سَبَقَ عَلَى هَذَا فِي السِّرِّيَّةِ فَانْظُرْ مَا حُكْمُهُ. قَوْلُهُ: (فَيَتَحَمَّلُ الْإِمَامُ) أَيْ فِي الْجَهْرِيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَفِي ثَالِثِ) أَيْ جَدِيدٍ. قَوْلُهُ: (بِنَاءً عَلَى لُزُومِ إلَخْ) اسْتَنَدَ قَائِلُهُ أَيْضًا إلَى الْقِيَاسِ، عَلَى اقْتِدَاءِ الْقَائِمِ بِالْقَاعِدِ وَالْمُومِئِ، وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْأَرْكَانَ الْفِعْلِيَّةَ لَا يَدْخُلُهَا التَّحَمُّلُ وَعُمُومُ الْبَلْوَى فِي الْعَجْزِ عَنْ الْقِيَامِ وَبِأَنَّ الْعَجْزَ عَنْهُ لَيْسَ بِنَقْصٍ بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ فِي الْجَمِيعِ. قَوْلُهُ: (أَوْ تَشْدِيدَةٍ) .

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ يُغْنِي عَنْهُ مَا قَبْلَهُ، وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يُبَالِغْ الشَّخْصُ فِي التَّشْدِيدِ كُرِهَتْ صَلَاتُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يُدْغِمُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ) إمَّا بِالْإِبْدَالِ كَقَارِئِ مُسْتَقِيمٍ بِتَاءٍ مُشَدَّدَةٍ أَوْ سِينٍ مُشَدَّدَةٍ وَإِمَّا بِزِيَادَةٍ كَتَشْدِيدِ اللَّامِ مِنْ مَالِكٍ أَوْ الْكَافِ مِنْهُ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْبُطْلَانُ خَاصٌّ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ كَمَا يُعْرَفُ ذَلِكَ مِنْ مَسْأَلَةِ الْفَأْفَاءِ قَالَ: وَلَا يَرُدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْأَرَتَّ قِسْمًا مِنْ الْأُمِّيِّ وَقَدْ فَسَّرَ الْأُمِّيَّ بِمَنْ يُخِلُّ بِحَرْفٍ أَوْ تَشْدِيدَةٍ.

[قُدْوَةُ أُمِّيٍّ بِمِثْلِهِ فِي الصَّلَاةِ]

قَوْلُهُ: (فِيمَا يُخِلُّ بِهِ) لَوْ أَبْدَلَ السِّينَ ثَاءً وَأَبْدَلَهَا الْآخَرُ زَايًا فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ، وَمِثْلُهُ فِيمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>