للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِلَافِ الصُّبْحِ خَلْفَ الظُّهْرِ.

(فَإِنْ اخْتَلَفَ فِعْلُهُمَا) أَيْ الصَّلَاتَيْنِ (كَمَكْتُوبَةٍ وَكُسُوفٍ أَوْ جِنَازَةٍ لَمْ تَصِحَّ) الْقُدْوَةُ فِيهِمَا (عَلَى الصَّحِيحِ) لِتَعَذُّرِ الْمُتَابَعَةِ، وَالثَّانِي تَصِحُّ لِاكْتِسَابِ الْفَضِيلَةِ، وَيُرَاعِي كُلٌّ وَاجِبَاتِ صَلَاتِهِ، فَإِذَا اقْتَدَى مُصَلِّي الْمَكْتُوبَةِ بِمُصَلِّي الْجِنَازَةِ لَا يُتَابِعُهُ فِي التَّكْبِيرَاتِ وَالْأَذْكَارِ الَّتِي بَيْنَهَا، بَلْ إذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ الثَّانِيَةَ تُخُيِّرَ هُوَ بَيْنَ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ عَنْ الْمُتَابَعَةِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْتَظِرَ سَلَامَ الْإِمَامِ، أَوْ بِمُصَلِّي الْكُسُوفِ تَابَعَهُ فِي الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ إنْ شَاءَ رَفَعَ رَأْسَهُ مَعَهُ وَفَارَقَهُ وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَهُ قَبْلَ الرَّفْعِ وَلَا يَنْتَظِرُهُ بَعْدَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ.

(فَصْلٌ تَجِبُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ بِأَنْ يَتَأَخَّرَ ابْتِدَاءُ فِعْلِهِ) أَيْ الْإِمَامِ أَيْ ابْتِدَاءُ فِعْلِهِ (وَيَتَقَدَّمَ) ابْتِدَاءُ فِعْلِ الْمَأْمُومِ (عَلَى فَرَاغِهِ مِنْهُ) أَيْ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ الْفِعْلِ، فَلَا يَجُوزُ التَّقَدُّمُ عَلَيْهِ وَلَا التَّخَلُّفُ عَنْهُ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ. وَفِي

ــ

[حاشية قليوبي]

تَشَهَّدَ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ أَحْدَثَ. . . إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ أَحْدَثَ جُلُوسَ تَشَهُّدٍ لَمْ يَفْعَلْهُ الْإِمَامُ مَعَ طَلَبِهِ مِنْهُ وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ اقْتَدَى مُصَلِّي الصُّبْحِ بِمُصَلِّي الظُّهْرِ، وَقَامَ الْإِمَامُ مِنْ غَيْرِ تَشَهُّدٍ أَوَّلٍ فَتَجِبُ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ عَلَى الْمَأْمُومِ، وَالضَّابِطُ أَنْ يُقَالَ تَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ إلَّا إنْ فَرَغَتْ صَلَاتُهُ فِي مَحَلٍّ يُطْلَبُ لِلْإِمَامِ فِيهِ التَّشَهُّدُ، وَتَشَهَّدَ فِيهِ بِالْفِعْلِ نَعَمْ لَهُ الِانْتِظَارُ فِي السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ، كَمَا لَوْ اقْتَدَى بِهِ فِيهَا. وَكَذَا لَوْ اقْتَدَى بِهِ فِي التَّشَهُّدِ.

قَوْلُهُ: (وَكُسُوفٍ) أَيْ وَهَذَا مَفْهُومُ شَرْطِ اتِّفَاقِ نَظْمِ الصَّلَاةِ فَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ لِمَنْ أَحْرَمَ فِيهَا بِرُكُوعَيْنِ. وَكَذَا لَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ فِي صَلَاتَيْ كُسُوفٍ إحْدَاهُمَا بِرُكُوعٍ وَالْأُخْرَى بِرُكُوعَيْنِ نَعَمْ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِمُصَلِّي الْكُسُوفِ بِرُكُوعَيْنِ بَعْدَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ لِاتِّفَاقِ النَّظْمِ حِينَئِذٍ، وَأَلْحَقَ بِهِ ابْنُ حَجَرٍ وَابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ مَا بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَالزِّيَادِيُّ، وَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْمُصَلِّي بِمَنْ يَسْجُدُ لِلتِّلَاوَةِ أَوْ الشُّكْرِ، وَصَحَّ عَكْسُهُ وَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِمُصَلِّي صَلَاةِ التَّسْبِيحِ وَيُغْتَفَرُ لَهُ تَطْوِيلُ الِاعْتِدَالِ وَالْجُلُوسُ لِلْمُتَابَعَةِ.

قَالَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَفِي شَرْحِهِ مَا يُخَالِفُهُ تَبَعًا لِابْنِ حَجَرٍ وَعَلَيْهِ فَيَنْتَظِرُهُ إذَا اعْتَدَلَ فِي السُّجُودِ بَعْدَهُ أَوْ فِي الرُّكُوعِ قَبْلَهُ، وَهُوَ أَوْلَى وَإِذَا جَلَسَ فِي إحْدَى السَّجْدَتَيْنِ وَالْأُولَى أَوْلَى. قَوْلُهُ: (أَوْ جِنَازَةٍ) لَوْ عَبَّرَ بِالْوَاوِ لَشَمِلَ الصُّوَرَ السِّتَّ. قَوْلُهُ: (لِتَعَذُّرِ الْمُتَابَعَةِ) أَيْ بِحَسْبِ الْوَضْعِ وَلَوْ فِي الِابْتِدَاءِ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِنِيَّةِ الْإِمَامِ أَوْ جَهِلَ الْبُطْلَانَ فِي ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ) فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ. وَالْمَذْكُورُ فِيهِ شَرْطٌ وَاحِدٌ وَهُوَ التَّبَعِيَّةُ. قَوْلُهُ: (مُتَابَعَةُ) الْأَوْلَى تَبَعِيَّةُ الْإِمَامِ إذْ لَا مَعْنَى لِلْمُفَاعَلَةِ هُنَا. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَتَأَخَّرَ ابْتِدَاءُ فِعْلِهِ إلَخْ) هُوَ مِنْ الْمُفْرَدِ الْمُضَافِ أَيْ بِأَنْ يَتَأَخَّرَ ابْتِدَاءُ كُلِّ فِعْلٍ مِنْ أَفْعَالِ الْمَأْمُومِ عَنْ ابْتِدَاءِ مِثْلِهِ مِنْ أَفْعَالِ الْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (وَيَتَقَدَّمُ إلَخْ) أَيْ وَيَتَقَدَّمُ ابْتِدَاءُ كُلِّ فِعْلٍ مِنْ أَفْعَالِ الْمَأْمُومِ عَلَى فَرَاغِ مِثْلِهِ مِنْ أَفْعَالِ الْإِمَامِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ وَيَتَقَدَّمُ. . . إلَخْ مُتَعَيِّنٌ لَا بُدَّ مِنْهُ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مُسْتَدْرِكٌ لِلْإِيضَاحِ. وَبِذَلِكَ سَقَطَ اعْتِرَاضُ بَعْضِهِمْ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا ابْنِ حَجَرٍ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ ثُمَّ تَفْسِيرُ الْمُتَابَعَةِ الْوَاجِبَةِ بِمَا ذَكَرَ صَحِيحٌ سَوَاءٌ أُرِيدَ بِهَا مَا يُبْطِلُ تَرْكَهَا كَالتَّخَلُّفِ أَوْ السَّبْقِ بِرُكْنَيْنِ أَوْ مَا يُحَرِّمُ تَرْكَهَا، إنْ لَمْ يَبْطُلْ كَالسَّبْقِ بِرُكْنٍ أَوْ بَعْضِهِ أَوْ مَا يَشْمَلُ تَرْكَهَا الْمَكْرُوهَ كَالْمُقَارَنَةِ عَلَى نَظِيرِ قَوْلِهِمْ تُنْدَبُ الطَّهَارَةُ ثَلَاثًا مَعَ وُجُوبِ أُولَاهَا وَتَفْسِيرُهَا بِالْمَنْدُوبَةِ لَا يَسْتَقِيمُ.

ــ

[حاشية عميرة]

السُّبْكِيُّ وَتَرْكُ الْفِرَاقِ أَفْضَلُ كَقَطْعِ الْقُدْوَةِ بِالْعُذْرِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ جِنَازَةٍ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَوْ عَبَّرَ بِالْوَاوِ لَأَفَادَ سِتَّ مَسَائِلَ فِي الْمَذْكُورَاتِ.

[فَصْلٌ تَجِبُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ]

(فَصْلٌ تَجِبُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ) قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُتَابَعَةُ) لَوْ عَبَّرَ بِالتَّبَعِيَّةِ كَانَ أَوْلَى لِأَنَّ الْمُتَابَعَةَ مُفَاعَلَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِأَنْ يَتَأَخَّرَ إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تُفِيدُ أَنَّ الْمَأْمُومَ يُطْلَبُ مِنْهُ الشُّرُوعُ فِي الْمُتَابَعَةِ عَقِبَ شُرُوعِ الْإِمَامِ فِي الْهُوِيِّ لِلرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ، وَإِنْ لَمْ يَصِلْ الْإِمَامُ إلَيْهِمَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ لَكِنَّ قَوْلَهُ وَيَتَقَدَّمُ أَيْ ابْتِدَاءُ الْمَأْمُومِ عَلَى فَرَاغِهِ يُصَدَّقُ بِمَا لَوْ وَقَعَ ابْتِدَاءُ الْمَأْمُومِ عَقِبَ ابْتِدَاءِ الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ. وَلَكِنْ لَمْ يُكْمِلْ الْمَأْمُومُ الرُّكُوعَ حَتَّى رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْهُ وَبِمَا لَوْ سَبَقَهُ الْمَأْمُومُ بِالرُّكُوعِ بَعْدَ تَأَخُّرِ الِابْتِدَاءِ وَلَيْسَ مُرَادًا. قَوْلُهُ: (عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ) أَيْ فَمَفْهُومُ الْعِبَارَةِ فِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي فَلَا اعْتِرَاضَ. وَأَمَّا الْمُقَارَنَةُ فَقَدْ صَرَّحَ

<<  <  ج: ص:  >  >>