للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلِمَ بَقَاءَهَا) أَيْ بَقَاءَ حَاجَتِهِ (مُدَّةً طَوِيلَةً) وَهِيَ الزَّائِدَةُ عَلَى الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ. (فَلَا قَصْرَ) لَهُ أَصْلًا (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ مُطْمَئِنٌّ بَعِيدٌ عَنْ هَيْئَةِ الْمُسَافِرِ بِخِلَافِ الْمُتَوَقِّعِ لِلْحَاجَةِ كُلَّ وَقْتٍ لِيَرْحَلَ وَسَوَاءٌ الْمُحَارِبُ وَغَيْرُهُ كَالتَّاجِرِ. وَقِيلَ فِيهِمَا خِلَافُ الْمُتَوَقَّعِ مِنْ الْقَصْرِ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ أَوْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ أَبَدًا. وَاسْتَنْكَرَهُ الْإِمَامُ فِي غَيْرِ الْمُحَارِبِ، هَذَا حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ، وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَقْصُرُ.

(فَصْلٌ طَوِيلُ السَّفَرِ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا هَاشِمِيَّةً) وَهِيَ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا وَبِهَا عَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ وَهِيَ أَرْبَعَةُ بُرْدٍ مَسَافَةَ الْقَصْرِ. كَانَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ يَقْصُرَانِ وَيُفْطِرَانِ فِي أَرْبَعَةِ بُرُدٍ عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ بِصِيغَةِ جَزَمَ، وَأَسْنَدَهُ الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ وَمِثْلُهُ إنَّمَا يُفْعَلُ عَنْ تَوْقِيفٍ (قُلْتُ) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَهِيَ مَرْحَلَتَانِ) أَيْ سَيْرُ يَوْمَيْنِ مُعْتَدِلَيْنِ (بِسَيْرِ الْأَثْقَالِ) أَيْ الْحَيَوَانَاتِ الْمُثْقَلَةِ بِالْأَحْمَالِ (وَالْبَحْرُ كَالْبَرِّ) فِي الْمَسَافَةِ الْمَذْكُورَةِ (فَلَوْ قَطَعَ الْأَمْيَالَ فِيهِ فِي سَاعَةٍ) أَوْ لَحْظَةٍ لِشِدَّةِ جَرْيِ السَّفِينَةِ بِالْهَوَاءِ (قَصَرَ) فِيهَا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَمَا يَقْصُرُ لَوْ قَطَعَ الْأَمْيَالَ فِي الْبَرِّ فِي يَوْمِ السَّعْيِ وَلَا تُحْسَبُ مِنْ الْمَسَافَةِ مُدَّةُ الرُّجُوعِ حَتَّى لَوْ قَصَدَ مَوْضِعًا عَلَى مَرْحَلَةٍ بِنِيَّةِ أَنْ لَا يُقِيمَ فِيهِ بَلْ يَرْجِعُ فَلَيْسَ لَهُ الْقَصْرُ لَا ذَاهِبًا وَلَا جَائِيًا، وَإِنْ نَالَتْهُ مَشَقَّةُ مَرْحَلَتَيْنِ مُتَوَالِيَتَيْنِ، لِأَنَّهُ لَا يَسْعَى سَفَرًا طَوِيلًا وَالْغَالِبُ فِي الرُّخَصِ الِاتِّبَاعُ وَالْمَسَافَةُ تَحْدِيدٌ. وَقِيلَ: تَقْرِيبٌ فَلَا يَضُرُّ نَقْصُ مِيلٍ وَهُوَ مُنْتَهَى مَدِّ الْبَصَرِ أَرْبَعَةُ آلَافِ خَطْوَةٍ، وَالْخَطْوَةُ ثَلَاثَةُ أَقْدَامٍ وَاحْتَرَزَ بِالْهَاشِمِيَّةِ أَيْ الْمَنْسُوبَةِ لِبَنِي هَاشِمٍ عَنْ الْمَنْسُوبَةِ لِبَنِي أُمَيَّةَ

ــ

[حاشية قليوبي]

الدُّخُولِ لِعَدَمِ وُجُودِ يَوْمِ الْخُرُوجِ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ.

(فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْقَصْرِ) وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ طُولُ السَّفَرِ وَجَوَازُهُ وَدَوَامُهُ وَعِلْمُ الْمَقْصِدِ وَنِيَّةُ الْقَصْرِ، وَعَدَمُ الرَّبْطِ بِمُتِمٍّ، وَعَدَمُ الْمُنَافِي لِلْقَصْرِ وَالْعِلْمُ بِالْكَيْفِيَّةِ الَّذِي زَادَهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (طَوِيلُ السَّفَرِ إلَخْ) وَيَكْفِي ظَنُّ طُولِهِ بِالِاجْتِهَادِ. قَوْلُهُ: (عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ بِصِيغَةِ الْجَزْمِ) التَّعْلِيقُ حَذْفُ أَوَّلِ السَّنَدِ كَحَذْفِ شَيْخِ الرَّاوِي وَالْجَزْمُ عَدَمُ صِيغَةِ التَّمْرِيضِ نَحْوُ: قِيلَ وَرُوِيَ وَالْإِسْنَادُ عَدَمُ حَذْفِ وَاحِدٍ مِنْ السَّنَدِ. قَوْلُهُ: (عَنْ تَوْقِيفٍ) أَيْ سَمَاعٍ أَوْ رِوَايَةٍ مِنْ الشَّارِحِ إذْ لَا مَدْخَلَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ فَصَحَّ كَوْنُهُ دَلِيلًا. قَوْلُهُ: (يَوْمَيْنِ مُعْتَدِلَيْنِ) بِغَيْرِ لَيْلَةٍ بَيْنَهُمَا أَوْ لَيْلَتَيْنِ كَذَلِكَ بِغَيْرِ يَوْمٍ بَيْنَهُمَا أَوْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مُتَّصِلَيْنِ وَلَا يَكُونَانِ إلَّا قَدْرَ مُعْتَدِلَيْنِ وَالْمُرَادُ بِالِاعْتِدَالِ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ الْأَيَّامِ أَوْ اللَّيَالِيِ الطَّوِيلَةِ أَوْ الْقَصِيرَةِ، وَيُعْتَبَرُ مَعَ الِاعْتِدَالِ زَمَنُ صَلَاةٍ وَأَكْلٍ وَنَحْوِهِ. قَوْلُهُ: (الْحَيَوَانَاتِ) أَيْ الْإِبِلِ.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ قَطَعَ) أَيْ لَوْ فُرِضَ ذَلِكَ أَوْ الْمُرَادُ بِاللَّحْظَةِ مَا يَسَعُ قَصْرًا وَلَوْ لِصَلَاةٍ أَوْ لِبَعْضِهَا وَإِنْ أَقَامَ بَعْدَ نِيَّةٍ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَالْمَسَافَةُ تَحْدِيدٌ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِوُجُودِ التَّقْدِيرِ فِيهَا عَنْ الْأَصْحَابِ، وَكَوْنِ الْقَصْرِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ، وَبِهَذَيْنِ فَارَقَ مَسَافَةَ الِاقْتِدَاءِ وَاعْتِبَارَ الْمَرْحَلَتَيْنِ لِوُجُودِ الْمَسَافَةِ فِيهِمَا يَقِينًا أَوْ ظَنًّا. قَوْلُهُ: (وَالْخَطْوَةُ) بِفَتْحِ الْخَاءِ مَا بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ مِنْ الْآدَمِيِّ كَمَا يُؤْخَذُ

ــ

[حاشية عميرة]

الْمَذْكُورَةُ وَلَمْ تَحْصُلْ فَلَا خُرُوجَ وَقَوْلُهُ قُبَيْلَ هَذَا. لَا يَخْفَى أَنَّ الْأَرْبَعَةَ يَعْنِي بِهَا الَّتِي إقَامَتُهَا لَا تَمْنَعُ الْقَصْرَ وَهِيَ النَّاقِصَةُ وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِحُسْبَانِ يَوْمِ الْخُرُوجِ هُنَا لِأَنَّ الْوَقْتَ الَّذِي لَا يَبْلُغُ الْأَرْبَعَةَ وَلَا يَبْلُغُ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ يَقْصُرُ فِيهِ مَكَثَ أَوْ خَرَجَ فَإِنْ بَلَغَ الْأَرْبَعَةَ أَوْ أَكْمَلَ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ قَبْلَ الْخُرُوجِ، فَلَا قَصْرَ فِيمَا زَادَ فَلَا يُنَافِي حُسْبَانَ يَوْمِ الْخُرُوجِ.

قَوْلُهُ: (وَهِيَ الزَّائِدَةُ عَلَى الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ) أَيْ غَيْرِ التَّامَّةِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ فِيهِمَا إلَخْ) .

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَجْهُ الْقَصْرِ الْقِيَاسُ عَلَى عَدَمِ انْعِقَادِ الْجُمُعَةِ بِهَذَا الشَّخْصِ. قَوْلُهُ: (أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ) أَيْ نَاقِصَةٍ.

[فَصْلٌ طَوِيلُ السَّفَرِ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا هَاشِمِيَّةً]

(فَصْلٌ طَوِيلُ السَّفَرِ) قَوْلُهُ: (أَيْ سَيْرُ يَوْمَيْنِ مُعْتَدِلَيْنِ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ وَهُمَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ أَوْ يَوْمَانِ مُعْتَدِلَانِ أَوْ لَيْلَتَانِ مُعْتَدِلَتَانِ اهـ.

وَلَمْ يُقَيِّدْ الْيَوْمَ وَاللَّيْلَةَ لِأَنَّهُمَا قَدْرُ الْيَوْمَيْنِ الْمُعْتَدِلَيْنِ أَوْ اللَّيْلَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (الِاتِّبَاعُ) لَفْظُ حَدِيثٍ رَأَيْته فِي الرَّافِعِيِّ مَرْفُوعًا. «يَا أَهْلَ مَكَّةَ لَا تَقْصُرُوا فِي أَدْنَى أَرْبَعَةِ بُرُدٍ مِنْ مَكَّةَ إلَى عُسْفَانَ وَإِلَى طَائِفٍ» اهـ.

وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا تَقَرَّرَ. قَوْلُهُ (نَقْصُ مِيلٍ) بَلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>