للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالْحَاصِلِ وَالْفَوَاتُ طَارٍّ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ وَيُحَصِّلُ الْوُقُوفَ لِأَنَّ قَضَاءَ الْحَجِّ صَعْبٌ وَقَضَاءُ الصَّلَاةِ هَيِّنٌ وَالثَّانِي يُصَلِّي مُتَمَكِّنًا وَيُفَوِّتُ الْحَجَّ لِعِظَمِ حُرْمَةِ الصَّلَاةِ، وَهَذَا أَشْبَهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَأَقْرَبُ فِي الصَّغِيرِ، وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ الصَّوَابُ الْأَوَّلُ (وَلَوْ صَلَّوْا) هَذَا النَّوْعَ (لِسَوَادٍ ظَنُّوهُ عَدُوًّا فَبَانَ) بِخِلَافِ ظَنِّهِمْ كَإِبِلٍ أَوْ شَجَرٍ (قَضَوْا فِي الْأَظْهَرِ) لِتَرْكِهِمْ فُرُوضًا مِنْ الصَّلَاةِ بِظَنِّهِمْ الَّذِي تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ وَالثَّانِي لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ لِوُجُودِ الْخَوْفِ عِنْدَ الصَّلَاةِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: ٢٣٩] وَسَوَاءٌ فِي جَرَيَانِ الْقَوْلَيْنِ كَانُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ أَمْ دَارِ الْإِسْلَامِ اسْتَنَدَ ظَنُّهُمْ إلَى إخْبَارٍ أَمْ لَا، وَقِيلَ إنْ كَانُوا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ لَمْ يَسْتَنِدْ ظَنُّهُمْ إلَى إخْبَارٍ وَجَبَ الْقَضَاءُ قَطْعًا.

(فَصْلٌ: يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ اسْتِعْمَالُ الْحَرِيرِ بِفَرْشٍ وَغَيْرِهِ) كَلُبْسِهِ وَالتَّدَثُّرِ بِهِ وَاتِّخَاذِهِ سِتْرًا. رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ حُذَيْفَةَ حَدِيثَ «لَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ وَلَا الدِّيبَاجَ» وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْهُ أَيْضًا: «نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ، وَأَنْ نَجْلِسَ

ــ

[حاشية قليوبي]

كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَنَّ الْعُمْرَةَ الْمَنْذُورَةَ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ كَالْحَجِّ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (فَوْتَ مَا هُوَ حَاصِلٌ) أَيْ لَهُ فَلَا يُرَدُّ أَنَّهُمْ أَلْحَقُوا بِالْحَجِّ فِي جَوَازِ التَّرْكِ إنْقَاذَ غَرِيقٍ، أَيْ لَيْسَ عَبْدَهُ وَلَا دَابَّتَهُ وَنَحْوَهُمَا، وَخَوْفَ صَائِلٍ أَيْ عَلَى غَيْرِ نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ، وَخَوْفَ انْفِجَارِ مَيِّتٍ، وَأَمَّا نَحْوُ عَبْدِهِ وَمَالِهِ وَنَفْسِهِ فَهِيَ كَخَطْفِ نَعْلِهِ فِيمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَحَدُهُمَا يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَوْ أَعْوَامًا. قَوْلُهُ: (هَذَا النَّوْعَ) وَكَذَا مَا قَبْلَهُ مِمَّا يَمْتَنِعُ فِي الْأَمْنِ قَوْلُهُ: (ظَنُّوهُ عَدُوًّا) وَلَوْ بِخَيَرِ عَدْلٍ، وَالْمُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ، الشَّامِلِ لِلشَّكِّ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ ظَنِّهِمْ إلَخْ) وَكَذَا يَجِبُ الْقَضَاءُ لَوْ بَانَ كَمَا ظَنُّوا أَنَّهُ عَدُوٌّ لَكِنْ ظَهَرَ بَيْنَهُمْ مَانِعٌ كَخَنْدَقٍ أَوْ مَاءٍ أَوْ حِصْنٍ أَوْ بَانَ الْعَدُوُّ، قَدْرَ ضِعْفِهِمْ فَأَقَلَّ. نَعَمْ لَوْ بَانَ أَنَّ قَصْدَ الْعَدُوِّ الصُّلْحُ فَلَا قَضَاءَ لِعَدَمِ الِاطِّلَاعِ عَلَى النِّيَّةِ، فَقَوْلُهُ الَّذِي تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ يَعْنِي بِمَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ.

(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَا يَحِلُّ وَمَا لَا يَحِلُّ مِنْ الْمَلْبُوسِ، الَّذِي مِنْهُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُقَاتِلُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (عَلَى الرِّجَالِ) جَمْعُ رَجُلٍ، وَهُوَ الذَّكَرُ وَلَوْ احْتِمَالًا، فَيَشْمَلُ الْخُنْثَى الْبَالِغَ الْعَاقِلَ، وَلَوْ كَافِرًا وَإِنْ لَمْ نَمْنَعْهُ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (اسْتِعْمَالُ الْحَرِيرِ) الشَّامِلِ لِلْقَزِّ، كَمَا يَأْتِي بِمَا يُتَعَارَفُ فِيهِ فِي الْبَدَنِ بِلَا حَائِلٍ بِغِطَاءٍ، أَوْ فَرْشٍ أَوْ لُبْسٍ. فَشَمِلَ الْجُلُوسَ تَحْتَ نَامُوسِيَّةٍ وَإِنْ بَعُدَتْ أَوْ بُشْخَانَةٍ وَالْغِطَاءَ بِلِحَافٍ، وَلَوْ مَعَ حَائِلٍ تَحْتَهُ، وَخَرَجَ الْجُلُوسُ عَلَيْهِ عَلَى حَائِلٍ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ رَقِيقًا وَاتِّخَاذُهُ لَا بِقَصْدِ اسْتِعْمَالِ مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ، وَالْمَشْيُ عَلَيْهِ وَلَوْ بِغَيْرِ حَائِلٍ وَسَتْرُ حَيَوَانٍ بِهِ، وَيَحْرُمُ سَتْرُ جُدْرَانٍ وَنَحْوِهَا، بِهِ كَسَتْرِ ضَرَائِحِ الْأَوْلِيَاءِ إلَّا الْكَعْبَةَ وَقُبُورَ الْأَنْبِيَاءِ، نَعَمْ لَا يَحْرُمُ سَتْرُ الْجُدْرَانِ بِهِ فِي أَيَّامِ الزِّينَةِ، بِقَدْرِ مَا يَدْفَعُ الضَّرَرَ وَيَحْرُمُ الْمُرُورُ وَالْفُرْجَةُ عَلَيْهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ.

(تَنْبِيهٌ) يُعْلَمُ مِمَّا هُنَا وَمِمَّا يَأْتِي فِي زَكَاةِ النَّقْدِ أَنَّ الْمَحْمَلَ الْمَشْهُورَ غَيْرُ جَائِزٍ، وَلَا تَحِلُّ الْفُرْجَةُ عَلَيْهِ، وَلَا يَصِحُّ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ كِسْوَةُ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَكَذَا الذَّهَبُ الَّذِي عَلَى الْكِسْوَةِ وَالْبُرْقُعُ. فَرَاجِعْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ وَيَحِلُّ لُبْسُ خُلَعِ الْمُلُوكِ، لِمَنْ خَافَ مِنْ تَرْكِهَا ضَرَرًا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَلَا يَحِلُّ غِطَاءُ عِمَامَةٍ. قَالَ شَيْخُنَا: لِلرَّجُلِ وَيَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ. وَلَا يَحِلُّ كِتَابَةٌ عَلَيْهِ وَلَوْ لِصَدَاقِ امْرَأَةٍ أَوْ اسْمِهَا وَلَا يَحِلُّ الرَّسْمُ عَلَيْهِ وَتَحِلُّ خِيَاطَتُهُ لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ اسْتِعْمَالًا.

ــ

[حاشية عميرة]

يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ) أَيْ وُجُوبًا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ قَضَاءَ الْحَجِّ إلَخْ) أَيْ وَلِأَنَّهُ عُهِدَ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ لِمَا هُوَ الْيَسِيرُ مِنْ هَذَا كَمَا فِي الْجُمَعِ، وَلَوْ أَمْكَنَهُ مَعَ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ إدْرَاكُ رَكْعَةٍ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَالْمُتَّجِهُ الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ.

قَوْلُهُ: (هَذَا النَّوْعَ) مِثْلُهُ كَمَا نَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ صَلَاةُ عُسْفَانَ وَذَاتِ الرِّقَاعِ اهـ. لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَصَّ الْبُطْلَانُ فِي صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ بِالْفِرْقَةِ الْأَخِيرَةِ، وَفِي صَلَاة عُسْفَانَ بِغَيْرِ الْإِمَامِ.

[فَصْلٌ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ اسْتِعْمَالُ الْحَرِيرِ بِفَرْشٍ وَغَيْرِهِ]

(فَصْلٌ: يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ إلَخْ) قَوْلُهُ: (وَلَا الدِّيبَاجَ) وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْحَرِيرِ، وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَيَجُوزُ فِيهِ الْفَتْحُ وَالْكَسْرُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>