للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الْجَنَائِزِ بِالْفَتْحِ جَمْعُ جِنَازَةٍ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ اسْمٌ لِلْمَيِّتِ فِي النَّعْشِ، مِنْ جَنَزَهُ أَيْ سَتَرَهُ، وَذُكِرَ هُنَا دُونَ الْفَرَائِضِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الصَّلَاةِ. (لِيُكْثِرَ) كُلُّ مُكَلَّفٍ (ذِكْرَ الْمَوْتِ) اسْتِحْبَابًا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ» يَعْنِي الْمَوْتَ، حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، زَادَ النَّسَائِيّ: «فَإِنَّهُ مَا يُذْكَرُ فِي كَثِيرٍ إلَّا قَلَّلَهُ وَلَا قَلِيلٍ إلَّا كَثَّرَهُ» أَيْ كَثِيرٍ مِنْ الْأَمَلِ وَالدُّنْيَا، وَقَلِيلٍ مِنْ الْعَمَلِ. وَهَاذِمُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ قَاطِعُ. (وَيَسْتَعِدَّ) لَهُ (بِالتَّوْبَةِ وَرَدِّ الْمَظَالِمِ) إلَى أَهْلِهَا بِأَنْ يُبَادِرَ إلَيْهِمَا فَلَا يَخَافُ مِنْ فَجْأَةِ الْمَوْتِ الْمُفَوِّتِ لَهُمَا، وَصَرَّحَ بِرَدِّ الْمَظَالِمِ وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ التَّوْبَةِ لِئَلَّا يَغْفُلَ عَنْهُ. (وَالْمَرِيضُ آكَدُ) بِمَا ذُكِرَ أَيْ أَشَدُّ طَلَبًا بِهِ مِنْ غَيْرِهِ (وَيُضْجَعُ الْمُحْتَضَرُ) أَيْ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ (لِجَنْبِهِ الْأَيْمَنِ إلَى الْقِبْلَةِ عَلَى الصَّحِيحِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ لِضِيقِ مَكَان وَنَحْوِهِ) كَعِلَّةٍ بِجَنْبِهِ (أُلْقِيَ عَلَى قَفَاهُ وَوَجْهُهُ وَأَخْمَصَاهُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ (لِلْقِبْلَةِ) بِأَنْ يُرْفَعَ رَأْسُهُ قَلِيلًا كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ الْإِلْقَاءُ الْمَذْكُورُ. قَالَ الْإِمَامُ: وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ. وَوَسَّطَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِضْجَاعِ عَلَى الْأَيْمَنِ عِنْدَ تَعَذُّرِهِ بِالْإِضْجَاعِ عَلَى الْأَيْسَرِ إلَى الْقِبْلَةِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إذَا قِيلَ بِالْإِلْقَاءِ عَلَى الْقَفَا أَوَّلًا فَتَعَذَّرَ

ــ

[حاشية قليوبي]

[كِتَابُ الْجَنَائِزِ]

الْمُشْتَمِلُ عَلَى بَعْضِ إفْرَادِ الصَّلَوَاتِ، الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا الصَّلَاةُ عَلَى الْمَقْتُولِ بِتَرْكِهَا. قَوْلُهُ: (اسْمٌ لِلْمَيِّتِ فِي النَّعْشِ) وَقِيلَ بِالْفَتْحِ اسْمٌ لِذَلِكَ، وَبِالْكَسْرِ اسْمٌ لِلنَّعْشِ، وَعَلَيْهِ الْمَيِّتُ وَقِيلَ عَكْسُهُ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ نِيَّةُ الْمُصَلِّي إذَا قَالَ: أُصَلِّي عَلَى هَذِهِ الْجِنَازَةِ، فَعَلَى كَوْنِهَا اسْمًا لِلنَّعْشِ، لَا تَصِحُّ النِّيَّةُ مُطْلَقًا، وَعَلَى كَوْنِهَا اسْمًا لَهُ فِي النَّعْشِ، لَا تَصِحُّ عَلَى مَيِّتٍ بِلَا نَعْشٍ، قَالَ شَيْخُنَا: وَهَذَا بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهَا اللُّغَوِيِّ، وَقَدْ هَجَرَ فَالنِّيَّةُ صَحِيحَةٌ مُطْلَقًا.

قَوْلُهُ: (لِيُكْثِرَ نَدْبًا ذِكْرَ الْمَوْتِ) أَيْ بِلِسَانِهِ وَقَلْبِهِ بِاسْتِحْضَارِهِ بَيْنَ عَيْنَيْهِ. قَوْلُهُ: (أَيْ قَاطِعٌ) لِقَطْعِهِ مُدَّةَ الْحَيَاةِ، وَبِالْمُهْمَلَةِ مُزِيلُ الشَّيْءِ مِنْ أَصْلِهِ، كَهَدْمِ الْجِدَارِ وَالْمَوْتُ عَدَمُ الْحَيَاةِ، عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ الْحَيَاةُ، وَقِيلَ: عَرَضٌ يُضَادُّ الْحَيَاةَ، وَنُقِضَ بِشُمُولِهِ لِلْجَمَادِ، وَقَبْلَ مُفَارِقَةِ الرُّوحِ الْجَسَدَ، وَنُقِضَ بِإِخْرَاجِهِ لِلْجَنِينِ، قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ، وَالرُّوحُ جِسْمٌ لَطِيفٌ سَارٍ فِي الْبَدَنِ، كَسَرَيَانِ الْمَاءِ فِي الْعُودِ الْأَخْضَرِ، وَقِيلَ كَسَرَيَانِ النَّارِ فِي الْفَحْمِ، وَقِيلَ الدَّمُ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَيَسْتَعِدَّ) أَيْ وُجُوبًا بِالتَّوْبَةِ وَلَوْ مِنْ صَغِيرَةٍ، وَإِنْ أَتَى بِمُكَفِّرٍ، لِأَنَّهُ أَمْرٌ يَتَعَلَّقُ بِالْآخِرَةِ، وَتَوْبَةُ مَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ مَجَازٌ. قَوْلُهُ: (وَرَدِّ الْمَظَالِمِ) أَيْ الْخُرُوجِ مِنْهَا فِي الْمَالِ، وَالْعِرْضِ وَالنَّفْسِ، وَمَنْ عَجَزَ عَنْهَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَزْمُ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْهَا، إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (وَالْمَرِيضُ آكَدُ) وَيُكْرَهُ لَهُ الْجَزَعُ وَالتَّضَجُّرُ مُطْلَقًا، وَالشَّكْوَى إلَّا لِنَحْوِ طَبِيبٍ وَصَدِيقٍ، وَلَا يُكْرَهُ لَهُ الْأَنِينُ، -

ــ

[حاشية عميرة]

[تَتِمَّةٌ تَارِكُ الْجُمُعَةِ]

كِتَابُ الْجَنَائِزِ

قَوْلُهُ: (اسْتِحْبَابًا) وَأَمَّا الْمَعْطُوفُ الْآتِي فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ وَاجِبٌ، وَبِذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ عَلَى عِبَارَةِ الْمَتْنِ نَوْعُ مُؤَاخَذَةٍ. قَوْلُهُ: (وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ) وَقَالَ: إنَّهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ نَقْلًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ مَعْنَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، وَشَرْطِ مُسْلِمٍ أَنَّهُمَا لَا يُخَرِّجَانِ، لَا الْحَدِيثَ الْمُجْمَعَ عَلَى ثِقَةِ نَقْلَتِهِ إلَى الصَّحَابِيِّ الْمَشْهُورِ. قَوْلُهُ: (أَيْ قَاطِعٌ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَأَمَّا بِالْإِهْمَالِ فَهُوَ الْمُزِيلُ لِلشَّيْءِ مِنْ أَصْلِهِ، وَقَوْلُ الْمَتْنِ وَرَدُّ الْمَظَالِمِ، أَوْلَى مِنْهُ أَنْ يَقُولَ وَالْخُرُوجَ مِنْ الْمَظَالِمِ، لِيَشْمَلَ إبْرَاءَ صَاحِبِهَا وَغَيْرَ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ) أَيْ أَخْذًا مِنْ قَوْله تَعَالَى حَتَّى إذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ إلَخْ) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>