للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَقْرِيبًا، قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ

. (وَيَجِبُ تَقْدِيمُهَا) أَيْ الصَّلَاةِ. (عَلَى الدَّفْنِ) فَإِنْ دُفِنَ قَبْلَهَا أَتَمَّ الدَّافِنُونَ وَصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ كَمَا قَالَ. (وَتَصِحُّ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الدَّفْنِ عَلَى الْقَبْرِ سَوَاءٌ دُفِنَ قَبْلَهَا أَمْ بَعْدَهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ صَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْقَبْرِ.

(وَالْأَصَحُّ تَخْصِيصُ الصِّحَّةِ بِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ فَرْضِهَا وَقْتَ الْمَوْتِ) وَالثَّانِي بِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ وَقْتَ الْمَوْتِ، فَمَنْ كَانَ وَقْتُهُ غَيْرَ مُمَيِّزٍ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ قَطْعًا وَمَنْ كَانَ وَقْتُهُ مُمَيِّزًا لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَتَصِحُّ عَلَى الثَّانِي، وَإِلَى مَتَى يُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ قِيلَ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَقِيلَ إلَى شَهْرٍ، وَقِيلَ مَا بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْمَيِّتِ، وَقِيلَ أَبَدًا

. (وَلَا يُصَلَّى عَلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحَالٍ) وَكَذَا قَبْرُ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ -، ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَيُشْتَرَطُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ أَوْ الْمَيِّتِ الْحَاضِرِ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ فِي الْمَذْهَبِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الزِّيَادَةِ

. (فَرْعٌ:) زَادَ التَّرْجَمَةَ بِهِ لِطُولِ الْفَصْلِ قَبْلَهُ بِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ كَمَا نَقَصَ تَرْجَمَةَ التَّعْزِيَةِ بِفَصْلٍ لِقِصَرِ الْفَصْلِ قَبْلَهُ.

(الْجَدِيدُ أَنَّ الْوَلِيَّ أَوْلَى بِإِمَامَتِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ (مِنْ الْوَالِي) لِأَنَّ دُعَاءَهُ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ، وَالْقَدِيمُ أَنَّ الْوَالِيَ أَوْلَى مِنْ الْوَلِيِّ كَمَا أَنَّهُ مِنْ الْمَالِكِ فِي إمَامَةِ الصَّلَوَاتِ، وَبَعْدَ الْوَالِي عَلَى الْقَدِيمِ إمَامُ الْمَسْجِدِ ثُمَّ الْوَلِيُّ (فَيُقَدَّمُ الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ) أَبُوهُ (وَإِنْ عَلَا ثُمَّ الِابْنُ ثُمَّ ابْنُهُ) وَإِنْ سَفَلَ (ثُمَّ الْأَخُ) لِأَنَّ الْأُصُولَ أَشْفَقُ مِنْ الْفُرُوعِ، وَالْفُرُوعَ أَشْفَقُ مِنْ الْحَوَاشِي،

ــ

[حاشية قليوبي]

لِرُؤْيَتِهِ مَثَلًا. وَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي هَذَا الْمَحَلِّ غَيْرُ صَحِيحٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ إلَخْ) وَيُشْتَرَطُ عَدَمُ الْحَائِلِ بَيْنَهُمَا إلَّا سِحْلِيَّةً غَيْرَ مُسَمَّرَةٍ، وَقَبْرٍ وَبَيْتٍ مُغْلَقٍ غَيْرِ مُسَمَّرٍ.

قَوْلُهُ: (مِنْ أَهْلِ فَرْضِهَا) أَيْ مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ وَتَسْقُطُ بِهِ ذَلِكَ الْوَقْتَ، بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا مُسْلِمًا طَاهِرًا فَلَا تَصِحُّ عَلَى الْغَائِبِ وَالْقَبْرِ مِمَّنْ اتَّصَفَ بِضِدِّ ذَلِكَ الصَّبِيِّ بِلَا خِلَافٍ، وَغَيْرُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (وَقْتَ الْمَوْتِ) الْمُعْتَمَدُ وَقْتُ الدَّفْنِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ أَبَدًا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ

. قَوْلُهُ: (مِنْ الْأَنْبِيَاءِ) وَمِنْهُمْ سَيِّدُنَا عِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ دَفْنِهِ، وَتَصِحُّ قَبْلَهُ مِمَّنْ حَضَرَ مَوْتَهُ قَالَ شَيْخُنَا: وَتَحْرُمُ الصَّلَاةُ عَلَى قُبُورِهِمْ وَالتَّوَجُّهُ بِهَا إلَيْهَا، وَلَوْ فِي غَيْرِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَلَكِنْ لَا تَبْطُلُ.

(فَرْعٌ) تُنْدَبُ الصَّلَاةُ آخِرُ كُلِّ يَوْمٍ بَعْدَ الْغُرُوبِ عَلَى مَنْ مَاتَ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ، وَيَنْوِي الصَّلَاةَ عَلَى مَنْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ عَلَيْهِ، فَهَذِهِ أَسْهَلُ النِّيَّاتِ وَأَوْلَاهَا

[فَرْعٌ الْوَلِيَّ أَوْلَى بِإِمَامَةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ الْوَالِي]

. قَوْلُهُ: (فَرْعٌ زَادَ التَّرْجَمَةَ بِهِ إلَخْ) فِيهِ تَسْلِيمٌ أَنَّهُ لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى مَا قَبْلَهُ فَذِكْرُهُ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ، وَأَجَابَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِأَنَّ الصَّلَاةَ تَسْتَدْعِي مُصَلِّيًا وَهُوَ يَسْتَدْعِي مَعْرِفَةَ أَوْصَافِهِ الَّتِي يَتَقَدَّمُ بِهَا. قَوْلُهُ: (الْوَلِيَّ) أَيْ الْقَرِيبَ وَلَوْ غَيْرَ وَارِثٍ، وَيُقَدَّمُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِهَا. قَوْلُهُ: (أَوْلَى) أَيْ مِنْ الْأَجَانِبِ فَلَهُمْ وِلَايَةٌ وَالتَّرْتِيبُ مَنْدُوبٌ، فَلَوْ تَقَدَّمَ الْأَجْنَبِيُّ لَمْ يَأْثَمْ وَنَائِبُ مَنْ لَهُ الْحَقُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَبْعَدِ، فَإِنْ غَابَ وَلَا نَائِبَ لَهُ قُدِّمَ الْأَبْعَدُ. قَوْلُهُ: (وَالْقَدِيمُ) وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ.

نَعَمْ لَوْ خِيفَ

ــ

[حاشية عميرة]

يَجُوزُ قَصْرُ الصَّلَاةِ فِي مَكَانِهِ لِلْخَارِجِ مِنْ الْبَلَدِ بِخِلَافِ الَّذِي فِي الْبَلَدِ، وَإِنْ أَفْرَطَ اتِّسَاعُهَا. وَاعْلَمْ أَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا مَاتَ بِهَدْمٍ وَتَعَذَّرَ غُسْلُهُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْغَائِبَ إذَا كَانَ بِبِلَادِ الْحَرْبِ وَنَحْوِهَا وَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ عَدَمُ تَغْسِيلِهِ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، بَلْ لَوْ شَكَّ فِي غُسْلِهِ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ، ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ نَقَلَ عَنْ صَاحِبِ الْوَافِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَيِّتُ خَارِجَ السُّوَرِ قَرِيبًا مِنْهُ، فَهُوَ كَدَاخِلِهِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ تَخْصِيصُ الصِّحَّةِ) أَيْ فِي الْغَائِبِ وَالدَّفْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ فَرْضِهَا) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ: لِأَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يُتَطَوَّعُ بِهَا، انْتَهَى. وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي الْمَنْعَ فِي الْحَاضِرَةِ أَيْضًا إذَا لَمْ يَتَّصِفْ الشَّخْصُ بِالْأَهْلِيَّةِ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ: لَا يُتَطَوَّعُ بِهَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِابْتِدَاءُ بِصُورَتِهَا مِنْ غَيْرِ جِنَازَةٍ بِخِلَافِ صَلَاةِ الظُّهْرِ، فَإِنَّهُ يُؤْتَى بِصُورَتِهَا ابْتِدَاءً بِلَا سَبَبٍ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَكَانَ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهَا تَقَعُ نَافِلَةً إذَا أُعِيدَتْ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِعَادَةُ غَيْرَ مَنْدُوبَةٍ. وَتَقَعُ نَافِلَةً أَيْضًا لِلنِّسَاءِ إذَا فَعَلْنَهَا مَعَ الرِّجَالِ. قَوْلُهُ (وَقِيلَ أَبَدًا) قَالَ السُّبْكِيُّ: هُوَ أَضْعَفُهَا

. قَوْلُهُ: (بِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْفَرْعِ، وَقَوْلُهُ: بِفَصْلٍ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: تَرْجَمَةَ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ دُعَاءَهُ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ) أَيْ لِانْكِسَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>