للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَغَيْرِهِ، وَالثَّانِي يُغَسَّلُ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ إنَّمَا تُؤَثِّرُ فِي غُسْلٍ وَجَبَ بِالْمَوْتِ وَهَذَا الْغُسْلُ كَانَ وَاجِبًا قَبْلَهُ، قُلْنَا: وَسَقَطَ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَالْوَجْهَانِ مُتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ. (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ) أَيْ الشَّهِيدَ (تُزَالُ نَجَاسَتُهُ غَيْرُ الدَّمِ) أَيْ دَمِ الشَّهَادَةِ بِأَنْ تُغْسَلَ، وَالثَّانِي لَا تُزَالُ سَدًّا لَبَابِ الْغُسْلِ عَنْهُ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَلَوْ أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ لَا بِسَبَبِ الشَّهَادَةِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تُغْسَلُ، وَالثَّانِي لَا، وَالثَّالِثُ إنْ أَدَّى غُسْلُهَا إلَى إزَالَةِ أَثَرِ الشَّهَادَةِ لَمْ تُغْسَلْ وَإِلَّا غُسِلَتْ، وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ: وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْجُنُبَ إذَا اُسْتُشْهِدَ كَغَيْرِهِ، وَأَنَّ النَّجَاسَةَ الَّتِي أَصَابَتْهُ لَا بِسَبَبِ الشَّهَادَةِ تُزَالُ وَهِيَ تَصْدُقُ بِمَا إذَا أَدَّتْ إزَالَتُهَا إلَى إزَالَةِ دَمِ الشَّهَادَةِ بِخِلَافِ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ. (وَيُكَفَّنُ فِي ثِيَابِهِ الْمُلَطَّخَةِ بِالدَّمِ) نَدْبًا (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَوْبُهُ سَابِغًا تُمِّمَ) وَإِنْ أَرَادَ الْوَرَثَةُ نَزْعَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الثِّيَابِ وَتَكْفِينَهُ فِي غَيْرِهَا جَازَ، أَمَّا الدِّرْعُ وَالْجُلُودُ وَالْفِرَاءُ وَالْخِفَافُ فَتُنْزَعُ مِنْهُ.

(فَصْلٌ: أَقَلُّ الْقَبْرِ حُفْرَةٌ تَمْنَعُ) إذَا رُدِمَتْ (الرَّائِحَةَ) أَنْ تَظْهَرَ مِنْهُ فَتُؤْذِيَ الْحَيَّ (وَالسَّبُعَ) أَنْ يَنْبُشَ لِيَأْكُلَ الْمَيِّتَ فَتُنْتَهَكَ حُرْمَتُهُ، وَفِي ذِكْرِ الرَّائِحَةِ وَالسَّبْعِ وَإِنْ لَزِمَ مِنْ مَنْعِ أَحَدِهِمَا مَنْعُ الْآخَرِ بَيَانُ فَائِدَةِ الدَّفْنِ. (وَيُنْدَبُ أَنْ يُوَسَّعَ وَيُعَمَّقَ قَامَةً وَبَسْطَةً) بِأَنْ يَقُومَ رَجُلٌ مُعْتَدِلٌ وَيَبْسُطُ يَدَيْهِ مَرْفُوعَةً، «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَتْلَى أُحُدٍ احْفِرُوا وَأَوْسِعُوا وَأَعْمِقُوا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ وَأَوْصَى عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنْ يُعَمَّقَ قَبْرُهُ قَامَةً وَبَسْطَةً

. (وَاللَّحْدُ أَفْضَلُ مِنْ الشَّقِّ) بِفَتْحِ الشِّينِ

ــ

[حاشية قليوبي]

نَحْوَ حَائِضٍ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يُغَسَّلُ) أَيْ عَنْ الْجَنَابَةِ، وَعَلَيْهِ هَلْ تَجِبُ نِيَّةُ الْجَنَابَةِ عَنْهُ أَوْ لَا؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَأَمَّا سُقُوطُ غُسْلِ الْمَوْتِ فَلَا خِلَافَ فِيهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ. قَوْلُهُ: (تُزَالُ نَجَاسَتُهُ) أَيْ وُجُوبًا. قَوْلُهُ: (غَيْرُ الدَّمِ) أَيْ دَمِ الشَّهَادَةِ، أَمَّا هُوَ فَيَحْرُمُ غَسْلُهُ وَلَوْ بِمَاءٍ نَحْوَ الْوَرْدِ، وَأَمَّا حَكُّهُ بِنَحْوِ عُودٍ فَمَكْرُوهٌ مُطْلَقًا.

وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: إنْ أَزَالَ الْأَثَرَ فَكَالْمَاءِ، وَلَا يَحْرُمُ عَلَى الشَّهِيدِ إزَالَةُ دَمِ شَهَادَتِهِ لِأَنَّهُ حَقُّهُ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ تُغْسَلَ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَنْهِيًّا عَنْ إزَالَتِهَا، وَلَيْسَتْ أَثَرَ عِبَادَةٍ بِخِلَافِ دَمِ الشَّهَادَةِ. قَوْلُهُ: (فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تُغْسَلُ) أَيْ وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ إزَالَةُ دَمِ الشَّهَادَةِ أَخْذًا مِنْ التَّفْصِيلِ بَعْدَهُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: فِيهِ نَظَرٌ بَلْ هِيَ مُسَاوِيَةٌ لَهَا، بَلْ هِيَ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ، وَأَصْلُهَا لِشُمُولِهَا إزَالَةَ غَيْرِ دَمِ الشَّهَادَةِ، وَإِنْ حَصَلَ بِسَبَبِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (الْمُلَطَّخَةِ) لَيْسَ قَيْدًا بَلْ يُنْدَبُ تَكْفِينُهُ فِي ثِيَابِهِ مُطْلَقًا، لَكِنْ الْمُلَطَّخَةُ أَوْلَى.

قَوْلُهُ: (تُمِّمَ) أَيْ إلَى سَتْرِ جَمِيعِ الْبَدَنِ وُجُوبًا وَمَا زَادَ نَدْبًا، وَيَجِبُ تَكْفِينُهُ فِي ثَلَاثِ لَفَائِفَ كَمَا فِي غَيْرِهِ إنْ كَانَ لَهُ تَرِكَةٌ، وَدَخَلَ فِي ثِيَابِهِ مَا لَوْ كَانَتْ حَرِيرًا، وَقَدْ مَرَّ جَوَازُهُ عَنْ شَيْخِنَا كَشَيْخِهِ وَمَا فِي الْمَنْهَجِ مَبْنِيٌّ عَلَى رَأْيِهِ الْمَرْجُوحِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (أَمَّا الدِّرْعُ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِثِيَابِهِ فِيمَا مَرَّ مَا اُعْتِيدَ التَّكْفِينُ فِيهَا. قَوْلُهُ: (فَتُنْزَعُ) أَيْ نَدْبًا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْوَرَثَةِ مَحْجُورٌ مَثَلًا، وَإِلَّا فَوُجُوبًا.

(فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتْبَعُهُ. قَوْلُهُ: (أَقَلُّ الْقَبْرِ) وَمِثْلُ الْقَبْرِ أَنْ يُوضَعَ مَنْ مَاتَ فِي سَفِينَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْبَرِّ بَيْنَ لَوْحَيْنِ وَيُلْقَى فِيهِ، وَيُنْدَبُ أَنْ يُثَقَّلَ لِيَصِلَ إلَى الْقَرَارِ. قَوْلُهُ: (حُفْرَةٌ) خَرَجَ بِهَا وَضْعُهُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فِي بِنَاءٍ كَالْفَسَاقِيِ الْمَعْهُودَةِ، فَلَا يَجُوزُ إلَّا لِعُذْرٍ كَانْهِيَارِ الْأَرْضِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَزِمَ) الصَّوَابُ إسْقَاطُ الْوَاوِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بَيَانُ فَائِدَةِ الدَّفْنِ) أَيْ بَيَانُ مَا أَرَادَهُ الشَّارِعُ مِنْ الدَّفْنِ، وَقَدْ عُلِمَ عَدَمُ اللُّزُومِ بِنَحْوِ الْفَسَاقِيِ فَإِنَّهَا قَدْ لَا تَمْنَعُ الرَّائِحَةَ بِنَحْوِ رَدْمِ تُرَابٍ بِلَا بِنَاءٍ، فَإِنَّهُ قَدْ لَا يَمْنَعُ السَّبْعَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَيُعَمَّقُ) هُوَ بِالْمُهْمَلَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بِالْمُعْجَمَةِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (قَامَةً وَبَسْطَةً) وَهُمَا ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ، وَنِصْفٌ بِالذِّرَاعِ

ــ

[حاشية عميرة]

يَنْوِي رَفْعَ الْجَنَابَةِ وَهَلْ هِيَ وَاجِبَةٌ أَمْ لَا؟ كَغُسْلِ الْمَيِّتِ هُوَ مُحْتَمَلٌ.

[فَصْلٌ أَقَلُّ الْقَبْرِ]

ِ إلَخْ

قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَنْ يُوَسَّعَ) هُوَ الزِّيَادَةُ فِي الطُّولِ وَالْعَرْضِ، وَالتَّعْمِيقُ الزِّيَادَةُ فِي النُّزُولِ وَهُوَ مِنْ مَادَّةِ قَوْله تَعَالَى: {مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج: ٢٧] . وَحَكَى ابْنُ مَكِّيٍّ أَنَّهُ يُقَالُ بِالْغَيْنِ أَيْضًا، وَأَنَّهُ قُرِئَ بِهِ شَاذًّا.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَاللَّحْدُ) يُقَالُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>