للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَوَى الْإِمَامُ غَائِبًا وَالْمَأْمُومُ غَائِبًا آخَرَ

. (وَالدَّفْنُ بِالْمَقْبَرَةِ أَفْضَلُ) لِيَنَالَ الْمَيِّتُ دُعَاءَ الْمَارِّينَ وَالزَّائِرِينَ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ (وَيُكْرَهُ الْمَبِيتُ بِهَا) ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَنَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْوَحْشَةِ

(وَيُنْدَبُ سَتْرُ الْقَبْرِ بِثَوْبٍ) عِنْدَ الدَّفْنِ (وَإِنْ كَانَ) الْمَيِّتُ (رَجُلًا) أَيْ فَهُوَ فِي الْمَرْأَةِ آكَدُ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ رُبَّمَا يَنْكَشِفُ عِنْدَ الْإِضْجَاعِ وَحَلِّ الشِّدَادِ فَيَظْهَرُ مَا يُسْتَحَبُّ إخْفَاؤُهُ. (وَأَنْ يَقُولَ) مَنْ يُدْخِلُهُ الْقَبْرَ (بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا وَضَعَ الْمَيِّتَ فِي الْقَبْرِ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ وَبِاَللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ» وَفِي رِوَايَةٍ " وَعَلَى سُنَّةِ " وَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا وَضَعْتُمْ مَوْتَاكُمْ فِي الْقَبْرِ فَقُولُوا بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَالْمَسْأَلَتَانِ ذَكَرَهُمَا الرَّافِعِيُّ مَعَ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ بَعْدَهُمَا (وَلَا يُفْرَشُ تَحْتَهُ شَيْءٌ) مِنْ الْفِرَاشِ (وَلَا) يُوضَعُ تَحْتَ رَأْسِهِ (مِخَدَّةٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ يُكْرَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ. وَقَالَ فِي التَّهْذِيبِ: لَا بَأْسَ بِهِ

. (وَيُكْرَهُ دَفْنُهُ فِي تَابُوتٍ إلَّا فِي أَرْضٍ نَدِيَةٍ) بِتَخْفِيفِ التَّحْتَانِيَّةِ (أَوْ رِخْوَةٍ)

ــ

[حاشية قليوبي]

نِيَّتُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَتْ.

قَوْلُهُ: (وَالدَّفْنُ فِي الْمَقْبَرَةِ أَفْضَلُ) وَيُجَابُ طَالِبُهَا عَلَى مِلْكِهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ، وَيُجَابُ الْأَبُ عَلَى الْأُمِّ فِي دَفْنِ وَلَدٍ.

نَعَمْ يُقَدَّمُ غَيْرُ الْمَقْبَرَةِ عَلَيْهَا لِأَمْرٍ مَذْمُومٍ فِيهَا شَرْعًا، نَحْوَ كَوْنِهَا مَغْصُوبَةً أَوْ مَمْلُوكَةً بِمَالٍ فِيهِ شُبْهَةٌ، أَوْ فِيهَا أَهْلُ بِدْعَةٍ أَوْ فَسَقَةٌ أَوْ تُرْبَتُهَا مَالِحَةٌ، وَيُقَدَّمُ الْأَصْلَحُ لِلْمَيِّتِ لَوْ تَنَازَعَ الْوَرَثَةُ مَثَلًا فِي دَفْنِهِ فِي إحْدَى مَقْبَرَتَيْنِ مَثَلًا، فَإِنْ تَسَاوَيَا قُدِّمَ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ الصَّلَاةِ، وَلَوْ امْتَنَعَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ مِنْ دَفْنِهِ ابْتِدَاءً فِي مِلْكِ أَحَدِهِمْ أُجِيبَ لَا فِي نَبْشِهِ كَمَا لَا يُنْبَشُ لَوْ بِيعَ مَحَلُّهُ، وَلَا يَجُوزُ دَفْنُ مُسْلِمٍ فِي مَقْبَرَةِ كُفَّارٍ وَلَا عَكْسُهُ، فَيَحْرُمُ إلَّا لِضَرُورَةٍ فَيَجُوزُ وَلَوْ بِجَمْعِ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ فِي قَبْرٍ وَحَيْثُ حَرُمَ وَجَبَ نَقْلُهُ، وَيَجُوزُ جَعْلُ الْمَقْبَرَةِ وَلَوْ لِلْكُفَّارِ بَعْدَ الِانْدِرَاسِ مَسْجِدًا كَمَا كَانَ مَسْجِدُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُكْرَهُ الدَّفْنُ فِي الْبَيْتِ إلَّا فِي نَبِيٍّ فَيَجِبُ لِأَنَّهُ مِنْ خَوَاصِّهِمْ، وَفِي مَحَلِّ مَوْتِهِ إلَّا الشَّهِيدَ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْوَحْشَةِ) فَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَحْشَةٌ كَأَنْ كَانُوا جَمَاعَةً أَوْ كَانَتْ مَسْكُونَةً فَلَا كَرَاهَةَ.

قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ مُنَبِّهٍ: إنَّهَا تَرْفَعُ الْعَذَابَ عَنْ صَاحِبِ الْقَبْرِ أَرْبَعِينَ سَنَةً. قَوْلُهُ: (رَوَى التِّرْمِذِيُّ إلَخْ) كَذَا اسْتَدَلَّ بِهِ وَتَبِعَهُ فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرُهُ، وَإِسْقَاطُ لَفْظَةِ وَبِاَللَّهِ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ الرِّوَايَةِ، فَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ: إذَا تَأَمَّلَتْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ لَمْ تَجِدْ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مُوَافِقًا لِوَاحِدَةٍ مِنْهَا مَرْدُودٌ، إلَّا إنْ أَرَادَ بِتَمَامِهَا. قَوْلُهُ: (مِخَدَّةٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ) أَيْ مَعَ فَتْحِ الْخَاءِ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِلْإِفْضَاءِ بِهَا إلَى الْخَدِّ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ) إلَّا لِغَرَضٍ كَتَسْكِينِ حُزْنٍ فَلَا تَحْرُمُ، وَمَا قِيلَ: إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وُضِعَ تَحْتَهُ قَطِيفَةٌ حَمْرَاءُ، فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا نُزِعَتْ قَبْلَ إهَالَةِ التُّرَابِ عَلَيْهِ، وَبِفَرْضِ بَقَائِهَا فَإِقْرَارُ الصَّحَابَةِ لَهَا لِبَيَانِ الْجَوَازِ. نَعَمْ تَحْرُمُ مِنْ مَالِ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَلَوْ مِنْ التَّرِكَةِ

. قَوْلُهُ: (إلَّا فِي أَرْضٍ نَدِيَةٍ إلَخْ) وَكَذَا لِنَحْوِ مَنْعِ سَبْعٍ أَوْ نَهْرٍ بِنَحْوِ حَرِيقٍ، وَغَيْرُ الْأَرْضِ النَّدِيَةِ أَوْلَى،

ــ

[حاشية عميرة]

إلَخْ) مِثْلُ هَذَا مَا لَوْ نَوَى حَاضِرًا وَالْمَأْمُومُ حَاضِرًا آخَرَ، وَحُكْمُهُمَا يُفْهَمُ بِالْأَوْلَى مِنْ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ.

[وَالدَّفْنُ بِالْمَقْبَرَةِ]

قَوْلُهُ: (لِيَنَالَ الْمَيِّتُ دُعَاءَ الْمَارِّينَ إلَخْ) قَالَ أَئِمَّتُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: وَدَفْنُ الْأَنْبِيَاءِ فِي مَوْضِعِ مَوْتِهِمْ مِنْ الْخَوَاصِّ. قَالَ الدَّمِيرِيِّ: وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا الشُّهَدَاءُ كَمَا فِي قَتْلَى أُحُدٍ، انْتَهَى. وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ: الدَّفْنُ بِالْبَيْتِ مَكْرُوهٌ، انْتَهَى. وَلَوْ تَنَازَعَ الْوَرَثَةُ فِي مَقْبَرَتَيْنِ، وَلَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ أَوْصَى بِشَيْءٍ فَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: إنْ كَانَ الْمَيِّتُ رَجُلًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُجَابَ الْمُقَدَّمُ فِي الصَّلَاةِ وَالْغُسْلِ، فَإِنْ اسْتَوَوْا أَقْرَعَ وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً أُجِيبَ الْقَرِيبُ دُونَ الزَّوْجِ، انْتَهَى. وَلَوْ حَفَرَ لِنَفْسِهِ قَبْرًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ مَا دَامَ حَيًّا ذَكَرَهُ الْعَبَّادِيُّ، وَوَافَقَهُ الْعِمَادُ بْنُ يُونُسَ، وَاسْتَثْنَى مَا إذَا مَاتَ عَقِبَهُ، انْتَهَى. وَقَضِيَّتُهُ جَوَازُ الْحَفْرِ فِي الْمُسَبَّلَةِ لِيَعُدَّهُ لِدَفْنِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ، مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَانِعٌ لِلْغَيْرِ لِتَوَهُّمِهِ شَغْلَهُ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ رَفْعَ التُّرَابِ عَلَى الْقَبْرِ بَعْدَ انْدِرَاسِ الْمَيِّتِ حَرَامٌ فِيهَا وَقَدْ يَلُوحُ فَارِقٌ.

(فَرْعٌ) لَا يَجُوزُ دَفْنُ مُسْلِمٍ فِي مَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ وَعَكْسُهُ.

[سَتْرُ الْقَبْرِ بِثَوْبٍ عِنْدَ الدَّفْنِ]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَلَّاجِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: إذَا أَدْخَلْتُمُونِي قَبْرِي فَقُولُوا: بِسْمِ اللَّهِ، وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسُنُّوا عَلَيَّ التُّرَابَ سَنًّا، وَاقْرَءُوا عِنْدَ رَأْسِي أَوَّلَ الْبَقَرَةِ وَخَاتِمَتَهَا. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَفَعَلَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (رَوَى التِّرْمِذِيُّ إلَخْ) إذَا تَأَمَّلْت هَذِهِ الرِّوَايَاتِ لَمْ تَجِدْ فِيهَا شَيْئًا مُوَافِقًا لِلَّفْظِ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِخَدَّةٌ) بَلْ الْمَطْلُوبُ كَشْفُ خَدِّهِ وَالْإِفْضَاءُ بِهِ إلَى التُّرَابِ اسْتِكَانَةً وَتَوَاضُعًا، وَرَجَاءً لِرَحْمَةِ اللَّهِ، وَعَطْفَةً مِنْ اللَّهِ عَلَيْنَا بِالرَّحْمَةِ وَالْعَفْوِ فِي هَذَا الْمَنْزِلِ وَقَبْلَهُ وَبَعْدَهُ آمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. سُمِّيَتْ الْمِخَدَّةُ مِخَدَّةً لِأَنَّهَا آلَةٌ لِوَضْعِ الْخَدِّ.

[الدّفن فِي تَابُوت]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي تَابُوتٍ) هُوَ لُغَةُ قُرَيْشٍ، وَلُغَةُ الْأَنْصَارِ: تَابُوهُ وَلَعَلَّ وَجْهَ

<<  <  ج: ص:  >  >>