للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الزَّكَاةِ هِيَ أَنْوَاعٌ تَأْتِي فِي أَبْوَابٍ (بَابُ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ) بَدَءُوا بِهِ وَبِالْإِبِلِ مِنْهُ لِلْبُدَاءَةِ بِالْإِبِلِ فِي الْحَدِيثِ الْآتِي لِأَنَّهُ أَكْثَرُ أَمْوَالِ الْعَرَبِ (إنَّمَا تَجِبُ مِنْهُ فِي النَّعَمِ: وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ) فَتَجِبُ فِي الثَّلَاثِ إجْمَاعًا (لَا الْخَيْلُ وَالرَّقِيقُ

ــ

[حاشية قليوبي]

كِتَابُ الزَّكَاةِ تَقَدَّمَ حِكْمَةُ ذِكْرِهَا عَقِبَ الصَّلَاةِ وَهِيَ شَامِلَةٌ لِإِخْرَاجِهَا وَمَا يُخْرِجُ وَمَا يُخْرَجُ عَنْهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ. وَهِيَ لُغَةً: النَّمَاءُ أَيْ التَّنْمِيَةُ وَالتَّطْهِيرُ وَالْإِصْلَاحُ. وَشَرْعًا مَالٌ مَخْصُوصٌ يُخْرَجُ مِنْ مَالٍ أَوْ بَدَنٍ مَخْصُوصٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ. وَفُرِضَتْ فِي شَعْبَانَ السَّنَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْهِجْرَةِ مَعَ زَكَاةِ الْفِطْرِ، أَوْ زَكَاةِ الْفِطْرِ بَعْدَهَا فِي رَمَضَانِهَا. قَوْلُهُ: (هِيَ أَنْوَاعٌ) أَيْ تَتَعَلَّقُ بِأَنْوَاعٍ، وَلَوْ قَالَ: بِأَجْنَاسٍ لَكَانَ أَوْلَى. وَهَذِهِ الْأَنْوَاعُ فِي الْحَقِيقَةِ ثَلَاثَةٌ: حَيَوَانٌ وَنَبَاتٌ وَجَوْهَرٌ وَعَدَّهَا بَعْضُهُمْ خَمْسَةً فَجَعَلَ الْحَيَوَانَ ثَلَاثَةً وَالنَّبَاتَ وَالنَّقْدَ، وَبَعْضُهُمْ سَبْعَةً بِجَعْلِ النَّبَاتِ ثَلَاثَةً حَبًّا وَعِنَبًا وَنَخْلًا وَالنَّقْدُ وَاحِدٌ، أَوْ بَعْضُهُمْ عَدَّهَا ثَمَانِيَةً بِجَعْلِ النَّقْدِ ذَهَبًا وَفِضَّةً، وَهَذَا أَنْسَبُ بِقَوْلِهِمْ: تُؤْخَذُ الزَّكَاةُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَتُدْفَعُ لِثَمَانِيَةٍ. وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا دَاخِلٌ فِي عُمُومِ جِنْسٍ وَهِيَ حَيَوَانٌ، وَاخْتَصَّتْ بِالنِّعَمِ مِنْهُ لِكَثْرَةِ نَفْعِهِ. وَنَبَاتٌ وَاخْتَصَّتْ بِالْمُقْتَاتِ مِنْهُ لِأَنَّ بِهِ قِوَامَ الْبَدَنِ، وَجَوْهَرٌ وَاخْتَصَّتْ بِالنَّقْدِ مِنْهُ لِكَثْرَةِ فَوَائِدِهِ. وَثَمَرٌ وَاخْتَصَّتْ بِالنَّخْلِ وَالْعِنَبِ مِنْهُ لِلِاغْتِنَاءِ بِهِمَا عَنْ الْقُوتِ. وَيَدْخُلُ فِي النَّقْدِ التِّجَارَةُ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ قِيمَتُهَا، وَإِنَّمَا وَجَبَ فِيهَا لِمَا فِيهَا مِنْ الْفَوَائِدِ وَالْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ لِمَا فِيهِمَا مِنْ النَّمَاءِ الْمَحْضِ. وَسَيَأْتِي فِي الصَّدَقَاتِ أَنَّهَا تُدْفَعُ لِثَمَانِيَةِ أَصْنَافٍ وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي آيَةِ {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: ٦٠] . قَوْلُهُ: (الْحَيَوَانِ) وَالنَّعَمِ أَخَصُّ مِنْهُ وَالْمَاشِيَةُ أَخَصُّ مِنْهُمَا لِأَنَّهَا كَمَا فِي الْقَامُوسِ اسْمٌ لِلْإِبِلِ وَالْغَنَمِ الْمَعْرُوفِ مُسَاوَاتُهَا لِلْحَيَوَانِ فَلَعَلَّ هَذَا الْمَعْنَى قَدْ هُجِرَ فِي الْعُرْفِ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِرَعْيِهَا وَهِيَ تَمْشِي. قَوْلُهُ: (لِلْبُدَاءَةِ بِالْإِبِلِ إلَخْ) هُوَ تَعْلِيلٌ لِلدَّعْوَتَيْنِ قَبْلَهُ، وَالْإِبِلُ اسْمُ جَمْعٍ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، وَمَدْلُولُهُ جَمْعٌ. وَكَذَا الْغَنَمُ وَالْخَيْلُ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاخْتِيَالِهَا فِي مَشْيِهَا. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَاسْمُ الْجَمْعِ إذَا اُسْتُعْمِلَ فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ لَزِمَهُ التَّأْنِيثُ نَحْوُ رَتَعَتْ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالرَّقِيقُ اسْمُ

ــ

[حاشية عميرة]

[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

ِ الزَّكَاةُ فِي اللُّغَةِ النُّمُوُّ وَالتَّطْهِيرُ وَالْمَدْحُ، وَفِي الشَّرْعِ اسْمٌ لِقَدْرٍ مِنْ مَالٍ مَخْصُوصٍ، يُصْرَفُ لِطَائِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ بِشَرَائِطَ سُمِّيَ بِذَلِكَ، لِأَنَّ الْمَالَ يَنْمُو بِبَرَكَةِ إخْرَاجِهِ وَدُعَاءِ الْآخِذِ. قَالَ تَعَالَى: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ} [الروم: ٣٩] الْآيَةَ ثُمَّ هِيَ نَوْعَانِ زَكَاةُ بَدَنٍ وَزَكَاةُ مَالٍ، وَالثَّانِي ضَرْبَانِ مُتَعَلِّقٌ بِالْقِيمَةِ، وَهُوَ زَكَاةُ التِّجَارَةِ وَمُتَعَلِّقٌ بِالْعَيْنِ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ: حَيَوَانٍ وَجَوْهَرٍ وَنَبَاتٍ، وَاخْتَصَّتْ مِنْ الْحَيَوَانِ بِالنَّعَمِ لِكَثْرَةِ النَّفْعِ بِهِ فِي الْمَأْكَلِ وَغَيْرِهِ، مَعَ كَثْرَتِهَا فِي نَفْسِهَا وَمِنْ الْجَوَاهِرِ بِالنَّقْدَيْنِ، لِكَوْنِهِمَا قِيَمَ الْأَشْيَاءِ، وَتَنْشَأُ عَنْهُمَا الْفَوَائِدُ كَالْحَيَوَانِ وَمِنْ النَّبَاتِ بِالْقُوتِ، لِأَنَّ بِهِ قِوَامَ الْبَدَنِ وَسَدَّ الضَّرُورَاتِ، فَتَعَلَّقَتْ بِهِ لِسَدِّ ضَرُورَةِ الْفُقَرَاءِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ) مَرْجِعُ الضَّمِيرِ فِيهِ، وَفِي بَدَءُوا بِهِ لِلْحَيَوَانِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي النَّعَمِ) يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَهُوَ وَاحِدُ الْأَنْعَامِ، وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ عَنْ الْوَاحِدِيِّ اتِّفَاقَ أَهْلِ اللُّغَةِ عَلَى إطْلَاقِهِ عَلَى الثَّلَاثِ اهـ.

وَكَذَلِكَ الْأَنْعَامُ تُطْلَقُ عَلَى الثَّلَاثِ، قَالَ تَعَالَى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ} [النحل: ٦٦] الْآيَةَ إلَى أَنْ قَالَ {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ} [النحل: ٨] إلَخْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا الْخَيْلَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>