للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُوسِرَ نِصْفُ صَاعٍ) وَلَا يَجِبُ غَيْرُهُ ذَكَرَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي الرَّوْضَةِ (وَلَوْ أَيْسَرَا) أَيْ الْمُشْتَرِكَانِ فِي عَبْدٍ (وَاخْتَلَفَ وَاجِبُهُمَا) بِاخْتِلَافِ قُوتِ بَلَدَيْهِمَا أَوْ قُوتِهِمَا (أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ وَاجِبِهِ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ ذَلِكَ أَخْرَجَ جَمِيعَ مَا لَزِمَهُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ. وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُخْرَجَ عَنْهُ وَاحِدٌ. فَلَا يَتَبَعَّضُ وَاجِبُهُ فَيُخْرَجَانِ مِنْ أَعْلَى الْقُوتَيْنِ فِي وَجْهٍ رِعَايَةً لِلْفُقَرَاءِ وَمِنْ أَدْنَاهُمَا فِي آخَرَ دَفْعًا لِضَرَرِ أَحَدِ الْمَالِكَيْنِ.

وَقَوْلُهُ: مِنْ وَاجِبِهِ أَيْ قُوتِ بَلَدِهِ أَوْ قُوتِهِ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ بِبَلَدٍ آخَرَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ ابْتِدَاءً. فَإِنْ قُلْنَا: تَجِبُ بِالتَّحَمُّلِ فَالْمُخْرَجُ مِنْ قُوتِ بَلَدِ الْعَبْدِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ بَعْدَ تَصْحِيحِهِ السَّابِقِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الرَّوْضَةِ.

بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ وَمَا تَجِبُ فِيهِ مِمَّا يَأْتِي بَيَانُهُ كَالْمَغْصُوبِ وَالضَّالِّ وَغَيْرِهِمَا وَتَرْجَمَ بَعْدَهُ بِفَصْلَيْنِ (شَرْطُ وُجُوبِ زَكَاةِ الْمَالِ) بِأَنْوَاعِهِ السَّابِقَةِ مِنْ حَيَوَانٍ وَنَبَاتٍ وَنَقْدٍ وَتِجَارَةٍ عَلَى مَالِكِهِ (الْإِسْلَامُ) لِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ الصَّدَقَةِ السَّابِقِ أَوَّلُ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ فَرَضَهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَلَا تَجِبُ عَلَى الْكَافِرِ وُجُوبَ مُطَالَبَةٍ بِهَا فِي الدُّنْيَا لَكِنْ تَجِبُ عَلَيْهِ وُجُوبَ عِقَابٍ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ. كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ.

وَيَسْقُطُ عَنْهُ بِالْإِسْلَامِ مَا مَضَى تَرْغِيبًا فِيهِ. (وَالْحُرِّيَّةُ) فَلَا تَجِبُ عَلَى الْقِنِّ إذَا مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ مَالًا زَكَوِيًّا. وَقُلْنَا يَمْلِكُهُ عَلَى قَوْلٍ مَرْجُوحٍ يَأْتِي فِي بَابِهِ لِضَعْفِ مِلْكِهِ إذْ لِلسَّيِّدِ انْتِزَاعُهُ مَتَى شَاءَ وَلَا زَكَاةَ فِيهِ عَلَى السَّيِّدِ لِأَنَّ مِلْكَهُ زَائِلٌ. وَقِيلَ: نَعَمْ لِأَنَّ ثَمَرَةَ الْمِلْكِ بَاقِيَةٌ إذْ يَتَصَرَّفُ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ. وَالْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ كَالْقِنِّ فِيمَا ذُكِرَ (وَتَلْزَمُ الْمُرْتَدَّ إنْ أَبْقَيْنَا مِلْكَهُ) مُؤَاخَذَتُهُ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَزَلْنَاهُ فَلَا أَوْ قُلْنَا مَوْقُوفٌ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ الْآتِي فِي بَابِهِ فَمَوْقُوفَةٌ إنْ عَادَ الْإِسْلَامُ لَزِمَتْهُ لِتَبَيُّنِ بَقَاءِ مِلْكِهِ، وَإِنْ هَلَكَ مُرْتَدًّا فَلَا. وَالْخِلَافُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِيمَا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فِي الرِّدَّةِ. أَمَّا الَّتِي لَزِمَتْهُ قَبْلَهَا، فَلَا تَسْقُطُ جَزْمًا

ــ

[حاشية قليوبي]

لَزِمَ الْمُوسِرَ نِصْفُ صَاعٍ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ مُهَايَأَةً فَإِنْ كَانَتْ وَوَقَعَ وَقْتُ الْوُجُوبِ فِي نَوْبَتِهِ لَزِمَهُ صَاعٌ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ ذَلِكَ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَحَمَلَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا لَوْ كَانَ بَلَدُ الْعَبْدِ لَا قُوتَ فِيهِ، أَوْ كَانَ بِبَرِيَّةٍ وَبَلَدُ السَّيِّدِ مِنْ أَقْرَبِ بَلَدٍ إلَيْهِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. فَرَاجِعْهُ. بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ وَمَا تَجِبُ فِيهِ

قَوْلُهُ: (بِفَصْلَيْنِ) أَيْ وَالْأَنْسَبُ التَّعْبِيرُ بِالْبَابِ فِيهِمَا لِعَدَمِ دُخُولِهِمَا فِي هَذَا وَأَجَابَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْأَدَاءُ وَالتَّعْجِيلُ مُنَاسِبَيْنِ لِلْوُجُوبِ لِتَرَتُّبِهِمَا عَلَيْهِ صَحَّ التَّعْبِيرُ عَنْهُمَا بِالْفَصْلِ وَمَا فِي الْبُرُلُّسِيِّ فِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (شَرْطُ وُجُوبِ زَكَاةِ الْمَالِ) أَيْ وُجُوبِ أَدَائِهَا وَقُيِّدَ بِالْمَالِ لِأَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ تَجِبُ عَلَى الْكَافِرِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (الْإِسْلَامُ) نَعَمْ الْأَنْبِيَاءُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِمْ وَوَصِيَّةُ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ} [مريم: ٣١] . إمَّا عَلَى فَرْضِ وُجُوبِهَا أَوْ عَلَى تَزْكِيَةِ النَّفْسِ وَبِهَذَا صَرَّحَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي فَتْحِ الرَّحْمَنِ. وَفِي هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ نَظَرٌ إنْ كَانَ عَدَمُ الزَّكَاةِ عَلَيْهِمْ لِعَدَمِ مِلْكِهِمْ نِصَابًا بِشَرْطِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (عَلَى

ــ

[حاشية عميرة]

الرَّائِحَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ أَخْرَجَ مِنْ مَالِهِ إلَخْ) بِخِلَافِ الْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ فَلَا يُخْرَجَانِ مِنْ مَالِهِمَا إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ وَاجِبِهِ) نَظِيرُ ذَلِكَ ثَلَاثَةُ مُحْرِمُونَ قَتَلُوا ظَبْيَةً، فَأَخْرَجَ أَحَدُهُمْ ثُلُثَ شَاةٍ وَالْآخَرُ طَعَامًا بِقِيمَةِ ذَلِكَ، وَالْآخَرُ صَامَ بِعَدْلِهِ. بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ إلَخْ

[بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ وَمَا تَجِبُ فِيهِ]

أَيْ بَابُ شُرُوطِ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ وَشُرُوطِ الْمَالِ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَأَمَّا بَيَانُ الْأَنْوَاعِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا فَقَدْ سَلَفَ ذَلِكَ فِيمَا سَلَفَ. قَوْلُهُ: (وَتَرْجَمَ بَعْدَهُ بِفَصْلَيْنِ) يُرِيدُ أَنَّ الْفَصْلَيْنِ لَيْسَا مِنْ الْبَابِ، فَلَا يُعْتَرَضُ بِأَنَّ الَّذِي فِيهِمَا لَيْسَ بَعْضًا مِنْ هَذَا الْبَابِ. قَوْلُهُ الْمَتْنِ: (شَرْطُ وُجُوبِ زَكَاةِ الْمَالِ الْإِسْلَامُ) قِيلَ: إنْ أَرَادَ التَّكْلِيفَ الْمُقْتَضِي لِلْعِقَابِ الْأُخْرَوِيِّ فَمَمْنُوعٌ، لِأَنَّ الْكَافِرَ عِنْدَنَا مُكَلَّفٌ بِالْفُرُوعِ، وَإِنْ أَرَادَ التَّكْلِيفَ بِالْإِخْرَاجِ أُشْكِلَ عَطْفُ الْحُرِّيَّةِ، لِأَنَّهَا شَرْطٌ فِي أَصْلِ تَعَلُّقِ الْخِطَابِ، وَقَوْلُهُ زَكَاةُ الْمَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>