للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ شَرْطُ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفِعْلُ وَسَيَأْتِي شَرْطُهُ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلُ (الْإِمْسَاكُ عَنْ الْجِمَاعِ) فَمَنْ جَامَعَ بَطَلَ صَوْمُهُ بِالْإِجْمَاعِ

(وَالِاسْتِقَاءَةِ) فَمَنْ تَقَيَّأَ عَامِدًا أَفْطَرَ، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ وَهُوَ صَائِمٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَمَنْ اسْتَقَاءَ فَلْيَقْضِ» رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرُهُمْ وَذَرَعَهُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ غَلَبَهُ. (وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَوْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ شَيْءٌ إلَى جَوْفِهِ) بِالِاسْتِقَاءَةِ (بَطَلَ) صَوْمُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُفْطِرَ عَيْنُهَا كَالْإِنْزَالِ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَالثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْفِطْرَ بِهَا لِتَضَمُّنِهَا رُجُوعَ شَيْءٍ إلَى الْجَوْفِ وَإِنْ قَلَّ. (وَلَوْ غَلَبَهُ الْقَيْءُ فَلَا بَأْسَ) لِلْحَدِيثِ

(وَكَذَا لَوْ اقْتَلَعَ نُخَامَةً) مِنْ الْبَاطِنِ. (وَلَفَظَهَا) أَيْ رَمَاهَا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهِ مِمَّا يَتَكَرَّرُ فَلْيُرَخَّصْ فِيهِ، وَالثَّانِي يُفْطِرُ بِهِ كَالِاسْتِقَاءَةِ، (فَلَوْ نَزَلَتْ مِنْ دِمَاغِهِ وَحَصَلَتْ فِي حَدِّ الظَّاهِرِ مِنْ الْفَمِ فَلْيَقْطَعْهَا مِنْ مَجْرَاهَا وَلْيَمُجَّهَا، فَإِنْ تَرَكَهَا مَعَ الْقُدْرَةِ) عَلَى ذَلِكَ

ــ

[حاشية قليوبي]

[فَصْلٌ شَرْطُ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفِعْلُ]

فَصْلٌ فِي الرُّكْنِ الثَّانِي مِنْ أَرْكَانِ الصَّوْمِ وَهُوَ الْإِمْسَاكُ عَمَّا يَأْتِي مِنْ مُبْطِلَاتِهِ وَالشَّرْطِيَّةُ مُنْصَرِفَةٌ لِوَضْعِهِ. قَوْلُهُ: (فَمَنْ جَامَعَ) أَيْ عَامِدًا عَالِمًا ذَاكِرًا لِلصَّوْمِ مُخْتَارًا أَوْ جَاهِلًا غَيْرَ مَعْذُورٍ بَطَلَ صَوْمُهُ، بِخِلَافِ الْمَعْذُورِ كَأَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ، وَإِنْ كَانَ مُخَالِطًا لَنَا. وَكَذَا بَقِيَّةُ الْمُفْطِرَاتِ نَعَمْ لَوْ عَلَتْ الْمَرْأَةُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ حَرَكَةٌ لَمْ يُفْطِرْ إلَّا بِالْإِنْزَالِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُبَاشِرٍ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ. كَذَا قَالُوهُ وَفِيهِ وَقْفَةٌ تُفْطِرُ هِيَ بِدُخُولِ الذَّكَرِ لِأَنَّهُ عَيْنٌ. قَوْلُهُ: (بِالْإِجْمَاعِ) أَيْ فِي الْمَجْمُوعِ لِأَنَّ بَعْضَ الْأَئِمَّةِ كَأَبِي حَنِيفَةَ لَا يَقُولُ بِالْفِطْرِ فِي اللِّوَاطِ وَإِتْيَانِ الْبَهِيمَةِ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ اسْتَقَاءَ إلَخْ) نَعَمْ يُحْتَمَلُ اغْتِفَارُ الِاسْتِقَاءَةِ لِمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ لَيْلًا لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ وَفِي كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ فَيُفْطِرُ بِهَا.

قَوْلُهُ: (نُخَامَةً) بِالْمِيمِ وَتُقَالُ بِالْعَيْنِ وَهِيَ الْفَضْلَةُ الْغَلِيظَةُ تَنْزِلُ مِنْ الدِّمَاغِ أَوْ تَصْعَدُ مِنْ الْبَاطِنِ فَلَا تَضُرُّ وَلَوْ نَجِسَةً وَخَرَجَ بِاقْتَطَعَ مَا لَوْ حَصَلَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ بِنَحْوِ سُعَالٍ فَلَفَظَهَا فَلَا يُفْطِرُ جَزْمًا وَبِلَفْظِهَا مَا لَوْ ابْتَلَعَهَا بَعْدَ وُصُولِهَا لِلظَّاهِرِ فَيُفْطِرُ جَزْمًا، وَمِثْلُ لَفْظِهَا مَا لَوْ بَقِيَتْ فِي فَمِهِ.

قَوْلُهُ: (حَدِّ الظَّاهِرِ مِنْ الْفَمِ) وَهُوَ مَخْرَجُ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ عِنْدَ النَّوَوِيِّ وَاعْتَمَدُوهُ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهَا مِنْ وَسَطِ الْحَلْقِ أَوْ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَدَاخِلُ الْفَمِ وَالْأَنْفِ إلَى مُنْتَهَى الْخَيْشُومِ لَهُ حُكْمُ الظَّاهِرِ فِي الْإِفْطَارِ بِوُصُولِ الْقَيْءِ إلَيْهِ وَابْتِلَاعُ النُّخَامَةِ مِنْهُ وَعَدَمُ الْإِفْطَارِ بِوُصُولِ عَيْنٍ إلَيْهِ وَإِنْ أَمْسَكَهَا فِيهِ وَوُجُوبُ غَسْلِهِ مِنْ نَجَاسَةٍ وَلَهُ حُكْمُ الْبَاطِنِ فِي عَدَمِ الْإِفْطَارِ بِابْتِلَاعِ الرِّيقِ مِنْهُ، وَعَدَمُ وُجُوبِ غَسْلِهِ لِنَحْوِ جُنُبٍ. وَفَرَّقَ السَّنْبَاطِيُّ بِأَنَّ أَمْرَ النَّجَاسَةِ أَغْلَظُ فَضَيَّقَ فِيهِ بِخِلَافِ الْجَنَابَةِ انْتَهَى فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَلْيَمُجَّهَا) وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَلَوْ فَرْضًا بِالنُّطْقِ بِحُرُوفٍ تَوَقَّفَ إخْرَاجُهَا عَلَيْهَا وَإِنْ

ــ

[حاشية عميرة]

فَصْلٌ شَرْطُ الصَّوْمِ أَيْ شَرْطُ صِحَّتِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَإِلَّا فَحَيْثُ كَانَ الْإِمْسَاكُ شَرْطًا وَالنِّيَّةُ شَرْطًا فَأَيْنَ حَقِيقَةُ الصَّوْمِ ثُمَّ الدَّلِيلُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْجِمَاعِ. قَوْله تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ} [البقرة: ١٨٧] وَالْإِجْمَاعُ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (بِالْإِجْمَاعِ) فِي اللِّوَاطِ وَإِتْيَانِ الْبَهِيمَةِ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ بِالْمَنْعِ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ اسْتَقَاءَ إلَخْ) لَوْ شَرِبَ الْخَمْرَ لَيْلًا وَأَصْبَحَ صَائِمًا فَيُحْتَمَلُ عَدَمُ وُجُوبِ الِاسْتِقَاءَةِ نَظَرًا لِلصَّوْمِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَوْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ إلَخْ) خَرَجَ مَا لَوْ تَيَقَّنَ وُصُولَ شَيْءٍ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَأَمَّا إنْ قُلْنَا الِاسْتِقَاءَةُ مُفْطِرَةٌ بِنَفْسِهَا فَهُنَا أَوْلَى، وَإِلَّا فَكَسَبْقِ الْمَاءِ مِنْ الْمُبَالَغَةِ فِي الْمَضْمَضَةِ، قَالَ وَخَرَجَ إذَا لَمْ يَتَيَقَّنْ شَيْئًا، فَإِنَّهُ لَا يَبْعُدُ إلْحَاقُهُ بِالْأَوَّلِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ غَلَبَهُ) هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ مُحْتَرَزُ الِاسْتِقَاءَةِ

قَوْلُ الْمَتْنِ: (اقْتَلَعَ) خَرَجَ مَا لَوْ نَزَلَتْ بِنَفْسِهَا ثُمَّ لَفَظَهَا فَلَا يَضُرُّ قَطْعًا، وَالْبَاطِنُ مَخْرَجُ الْهَاءِ وَالْهَمْزَةِ وَالظَّاهِرُ مَخْرَجُ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَكَذَا الْمُهْمَلَةُ عِنْدَ النَّوَوِيِّ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّ الْحَاءَ مِنْ وَسَطِ الْحَلْقِ، وَهُوَ جَوْفٌ ثُمَّ اُنْظُرْ هَلْ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ النُّخَامَةُ الْخَارِجَةُ مِنْ الصَّدْرِ نَجِسَةً كَالْقَيْءِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَوْ نَزَلَتْ مِنْ دِمَاغِهِ) أَيْ بِأَنْ انْصَبَّتْ فِي الثُّقْبَةِ النَّافِذَةِ مِنْ الدِّمَاغِ إلَى أَقْصَى الْفَمِ فَوْقَ الْحُلْقُومِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>