للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعُدُولَ عَنْ الصَّوْمِ إلَى الْإِطْعَامِ لِشِدَّةِ الْغُلْمَةِ) بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ أَيْ الْحَاجَةِ إلَى النِّكَاحِ، لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ وُقُوعَهُ فِي الصَّوْمِ فَيَبْطُلُ تَتَابُعُهُ، وَيُؤَدِّي إلَى حَرَجٍ شَدِيدٍ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى قُدْرَتِهِ عَلَى الصَّوْمِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْفَقِيرِ صَرْفُ كَفَّارَتِهِ إلَى عِيَالِهِ) كَغَيْرِهَا مِنْ الْكَفَّارَاتِ وَالثَّانِي يَجُوزُ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَك. وَجَوَابُهُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ إطْعَامَهُمْ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَإِنْ تَقَدَّمَهُ الْإِذْنُ بِالصَّرْفِ فِيهَا لِمَا تَوَسَّطَ بَيْنَهُمَا مِنْ ذِكْرِ احْتِيَاجِهِ، وَأَهْلِهِ إلَيْهِ وَالْكَفَّارَةُ إنَّمَا يَجِبُ إخْرَاجُهَا بَعْدَ الْكِفَايَةِ

بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ (يُسَنُّ صَوْمُ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَتَحَرَّى صَوْمَهُمَا. وَقَالَ: «تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ

ــ

[حاشية قليوبي]

حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى الْمَالِيَّةَ إذَا وَجَبَتْ بِشَيْءٍ كَإِزَالَةِ شَعْرٍ وَقَتْلٍ بِغَيْرِ سَبَبِ الشَّخْصِ سَقَطَتْ عِنْدَ الْعَجْزِ قَطْعًا كَزَكَاةِ الْفِطْرِ وَبِسَبَبِهِ كَإِتْلَافِ صَيْدٍ فِي مَحْرَمٍ اسْتَقَرَّتْ قَطْعًا أَوْ بِغَيْرِ إتْلَافٍ كَكَفَّارَةِ الْجِمَاعِ اسْتَقَرَّتْ عَلَى الْأَظْهَرِ وَإِذَا اسْتَقَرَّتْ فِي ذِمَّتِهِ دَامَتْ مُرَتَّبَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (فَعَلَهَا) أَيْ الْخَصْلَةَ الْمَقْدُورَ عَلَيْهَا فَإِنْ قَدَرَ عَلَى خَصْلَةٍ أَعْلَى مِنْهَا وَجَبَتْ إنْ كَانَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا وَإِلَّا نُدِبَتْ. وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الْكُلِّ رَتَّبَ كَمَا عُلِمَ وَفِيهِ نَظَرٌ بِالْقُدْرَةِ عَلَى الْمَاءِ فِي أَثْنَاءِ التَّيَمُّمِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ كُلَّ خَصْلَةٍ هُنَا أَصْلٌ.

قَوْلُهُ: (كَفَّارَتِهِ) أَيْ الَّتِي مِنْ مَالِهِ أَمَّا لَوْ كَفَّرَ غَيْرُهُ عَنْهُ فَلَهُ وَلِعِيَالِهِ الْأَخْذُ مِنْهَا سَوَاءٌ فَرَّقَهَا غَيْرُهُ أَوْ هُوَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ فَلَوْ كَفَّرَ أَبٌ مِنْ مَالِهِ عَنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ فَلَهُ دَفْعُهَا لِلْوَلَدِ إنْ كَانَ مُحْتَاجًا فَيَأْكُلُ مِنْ كَفَّارَةِ نَفْسِهِ. وَلَوْ حُمِلَ حَدِيثُ الْأَعْرَابِيِّ الْمَذْكُورِ الْمُسَمَّى مَسْلَمَةُ بْنُ صَخْرٍ الْبَيَاضِيُّ عَلَى مَا ذُكِرَ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَجْوِبَةِ وَلَعَلَّهُ وَأَهْلَهُ كَانُوا سِتِّينَ آدَمِيًّا وَعَلِمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ.

بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ قَوْلُهُ: (تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ) أَيْ أَعْمَالُ الْأُسْبُوعِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَأَمَّا الْعَرْضُ عَلَى الْمَلَائِكَةِ بِمَعْنَى كِتَابَتِهِمْ لَهُ فَإِنَّهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. وَأَمَّا الْعَرْضُ عَلَى اللَّهِ فِي نِصْفِ شَعْبَانَ كُلَّ سَنَةٍ فَلِجُمْلَةِ أَعْمَالِ السَّنَةِ وَكُلُّ ذَلِكَ لِإِظْهَارِ الْعَدْلِ وَإِقَامَةِ الْحُجَّةِ إذْ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ. قَوْلُهُ: (الِاثْنَيْنِ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ ثَانِي أَيَّامِ إيجَادِ الْمَخْلُوقَاتِ غَيْرِ الْأَرْضِ،

ــ

[حاشية عميرة]

فَائِدَةٌ: حُقُوقُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْمَالِيَّةُ إذَا وَجَبَتْ مِنْ غَيْرِ سَبَبِ الْعَبْدِ سَقَطَتْ بِالْعَجْزِ كَزَكَاةِ الْفِطْرِ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَتْ بِسَبَبِ الْإِتْلَافِ كَفِدْيَةِ الْمُحْرِمِ اسْتَقَرَّتْ قَطْعًا وَإِلَّا كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْيَمِينِ وَدَمِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ اسْتَقَرَّتْ عَلَى الْأَظْهَرِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ وُقُوعَهُ فِي الصَّوْمِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَرَارَةِ مَعَ حَرَارَةِ الشَّهْوَةِ، فَفِي الْحَدِيثِ لَمَّا أَمَرَ بِالصَّوْمِ قَالَ: وَهَلْ أُتِيتُ إلَّا مِنْ الصَّوْمِ كَذَا فِي الْوَافِي وَغَيْرِهِ، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّ قَائِلَ هَذَا كَانَ فِي حَادِثَةِ ظِهَارٍ اهـ.

وَهُوَ تَابِعٌ فِي ذَلِكَ لِلْأَذْرَعِيِّ قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِلْفَقِيرِ) أَيْ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَيَجُوزُ أَنْ يُكَفِّرَ عَلَى عِيَالِ الْفَقِيرِ عَنْهُ بَعْدَ إذْنِهِ لَهُ فِي التَّكْفِيرِ عَنْهُ.

قَوْلُهُ: (لِمَا تَوَسَّطَ بَيْنَهُمَا إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ يَقْدَحُ فِي هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ حَاجَتَهُ قَدْ عُلِمَتْ مِنْ قَوْلِهِ إنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ إطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا، وَقِيلَ: بَلْ تَصَدَّقَ عَنْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَرَهُ بِإِطْعَامِ أَهْلِهِ، وَاسْتَشْكَلَ بِأَمْرَيْنِ كَوْنِ الْأَهْلِ لَمْ يَكُونُوا سِتِّينَ، وَمَا رَوَى أَبُو دَاوُد كُلْهُ أَنْتَ وَأَهْلَك. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالسُّبْكِيُّ: وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِجَوَازِ أَكْلِهِ هُوَ اهـ.

[بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ]

ِ إلَخْ هُوَ يَتَكَرَّرُ فِي الْأَسَابِيعِ وَالشُّهُورِ وَالسِّنِينَ قَوْلُ الْمَتْنِ: (الِاثْنَيْنِ) قِيلَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ ثَانِي الْأُسْبُوعِ وَالْخَمِيسُ خَامِسُهُ كَذَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي التَّحْرِيرِ عَلَى التَّنْبِيهِ، وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ عَطِيَّةَ أَنَّ الْأَكْثَرِينَ عَلَى أَنَّ أَوَّلَ الْأُسْبُوعِ الْأَحَدُ، وَسَيَأْتِي فِي بَابِ النَّذْرِ أَنَّ أَوَّلَهُ السَّبْتُ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: أَيْ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَأَمَّا رَفْعُ الْمَلَائِكَةِ فَإِنَّهُ بِاللَّيْلِ مَرَّةً وَبِالنَّهَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>