للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقْطَعُ التَّتَابُعَ كَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَجَبَ اسْتِئْنَافُ النِّيَّةِ عِنْدَ الْعَوْدِ.

(وَشَرْطُ الْمُعْتَكِفِ الْإِسْلَامُ وَالْعَقْلُ وَالنَّقَاءُ مِنْ الْحَيْضِ) وَالنِّفَاسِ (وَالْجَنَابَةِ) فَلَا يَصِحُّ اعْتِكَافُ الْكَافِرِ وَالْمَجْنُونِ وَكَذَا الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالسَّكْرَانُ إذْ لَا نِيَّةَ لَهُمْ وَلَا اعْتِكَافُ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ، وَالْجُنُبِ لِحُرْمَةِ الْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ عَلَيْهِمْ، (وَلَوْ ارْتَدَّ الْمُعْتَكِفُ أَوْ سَكِرَ بَطَلَ) اعْتِكَافُهُ زَمَنَ الرِّدَّةِ وَالسُّكْرِ.

(وَالْمَذْهَبُ بُطْلَانُ مَا مَضَى مِنْ اعْتِكَافِهِمَا الْمُتَتَابِعِ) مِنْ حَيْثُ التَّتَابُعُ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَشَدُّ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ بِلَا عُذْرٍ وَهُوَ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ كَمَا سَيَأْتِي، وَقِيلَ: لَا يَبْطُلُ فِيهِمَا فَيُبْنَيَانِ بَعْدَ الْعَوْدِ وَالصَّحْوِ إمَّا فِي الرِّدَّةِ فَتَرْغِيبًا فِي الْإِسْلَامِ وَإِمَّا فِي السُّكْرِ فَإِلْحَاقًا لَهُ بِالنَّوْمِ وَقِيلَ: يَبْطُلُ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي لِمَا تَقَدَّمَ فِيهِ. وَهَذَا بِمَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فِيهِمَا مِنْ الْبِنَاءِ فِي الْأَوَّلِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَالِاسْتِئْنَافِ فِي الثَّانِي بَعْدَ الصَّحْوِ. وَقِيلَ فِيهِمَا قَوْلَانِ هَذِهِ خَمْسَةُ طُرُقٍ، وَأَصْحَابُ الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ حَمَلُوا نَصَّ الْمُرْتَدِّ عَلَى اعْتِكَافٍ غَيْرِ مُتَتَابِعٍ، وَأَصْحَابُ الطَّرِيقِ الثَّانِي حَمَلُوا نَصَّ السَّكْرَانِ عَلَى مَا إذَا خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ.

(وَلَوْ طَرَأَ جُنُونٌ أَوْ إغْمَاءٌ) عَلَى الْمُعْتَكِفِ (لَمْ يَبْطُلْ مَا مَضَى) مِنْ اعْتِكَافِهِ الْمُتَتَابِعِ. (إنْ لَمْ يُخْرَجْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ مِنْ الْمَسْجِدِ، لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ بِمَا عَرَضَ لَهُ فَإِنْ أُخْرِجَ مِنْهُ وَكَانَ يُمْكِنُ حِفْظُهُ فِيهِ بِمَشَقَّةٍ بَطَلَ تَتَابُعُ اعْتِكَافِهِ فِي قَوْلٍ، وَالْأَظْهَرُ لَا

ــ

[حاشية قليوبي]

وَتَشْدِيدِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ غِنًى.

قَوْلُهُ: (وَشَرْطُ الْمُعْتَكِفِ) أَيْ وَصْفُهُ شَرْطٌ. وَأَمَّا هُوَ فَرُكْنٌ وَبِهِ تَتِمُّ أَرْكَانُ الِاعْتِكَافِ الْأَرْبَعَةُ وَهِيَ النِّيَّةُ وَالْمَسْجِدُ وَاللُّبْثُ فِيهِ وَالْمُعْتَكِفُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْمُغْمَى عَلَيْهِ) أَلْحَقَهُ وَمَا بَعْدَهُ بِالْمَجْنُونِ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِالْعَقْلِ التَّمْيِيزَ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ إسْقَاطُ لَفْظِ كَذَا عَلَى إرَادَةِ ذَاكَ، وَهِيَ أَوْلَى لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الِابْتِدَاءِ وَسَيَأْتِي الْأَثْنَاءُ. قَوْلُهُ: (وَالْجُنُبِ وَلَوْ صَبِيًّا) وَالْعِلَّةُ لِلْأَصْلِ وَالْأَغْلَبِ. قَوْلُهُ: (لِحُرْمَةِ الْمُكْثِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ فَيَصِحُّ اعْتِكَافُ مَنْ بِهِ جِرَاحَةٌ نَضَّاحَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مَا يُخَالِفُهُ وَلَمْ يَرْتَضِهِ، وَاعْتِكَافُ زَوْجَةٍ وَأَمَةٍ وَعَبْدٍ وَوَلَدٍ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِ أَمْرِهِمْ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ فِي ذَلِكَ الْأَمْرِ خَارِجٌ، وَبِإِذْنِهِ لَا حُرْمَةَ وَلَهُ تَحْلِيلُهُمْ مِنْ نَفْلٍ أُذِنَ فِيهِ لَا مِنْ فَرْضٍ أُذِنَ فِيهِ وَلَوْ غَيْرَ مُتَتَابِعٍ وَنَذْرُ الْعَبْدِ صَحِيحٌ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِيهِ ثُمَّ بَاعَهُ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي تَحْلِيلُهُ وَلَهُ الْخِيَارُ إنْ جَهِلَ وَالْمُكَاتَبُ فِي الْحُرْمَةِ كَالْقِنِّ إنْ فَاتَ عَلَيْهِ كَسْبٌ وَإِلَّا فَلَا وَالْمُبَعَّضُ فِي نَوْبَتِهِ كَالْحُرِّ. قَوْلُهُ: (أَوْ سَكِرَ) أَيْ مُتَعَدِّيًا وَإِلَّا فَكَالْإِغْمَاءِ إذَا لَمْ يَتَعَدَّ بِهِ أَيْضًا كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (مِنْ اعْتِكَافِهِمَا) اعْتَرَضَ عَلَى التَّثْنِيَةِ لِأَنَّ الْعَطْفَ قَبْلَهُ بِأَوْ.

وَأَجَابَ الْعِرَاقِيُّ بِأَنَّ الْعَطْفَ لِلْفِعْلِ وَمَرْجِعُ الضَّمِيرِ لِلْمُرْتَدِّ وَالسَّكْرَانِ انْتَهَى. وَفِيهِ نَظَرٌ وَلِذَلِكَ لَمْ يَرْتَضِهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ قَبْلَهُ: بَطَلَ اعْتِكَافُهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ حَيْثُ التَّتَابُعُ) وَكَذَا يَبْطُلُ الثَّوَابُ فِي الْمُرْتَدِّ مُطْلَقًا. وَكَذَا الْعَمَلُ إنْ مَاتَ مُرْتَدًّا. قَوْلُهُ: (حَمَلُوا نَصَّ الْمُرْتَدِّ إلَخْ) فِي هَذَا الْحَمْلِ نَظَرٌ مَعَ فَرْضِ أَنَّ النَّصَّيْنِ فِي الْمُتَتَابِعِ كَمَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ طَرَأَ) أَيْ بِلَا تَعَدٍّ. قَوْلُهُ: (بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ) لَعَلَّ ضَبْطَهُ لِذَلِكَ إمَّا لِكَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ خُرُوجٌ أَوْ لِبُعْدِ خُرُوجِهِ بِنَفْسِهِ، أَوْ لِإِدْخَالِ إخْرَاجِ غَيْرِهِ لَا لِإِخْرَاجِ خُرُوجِهِ بِنَفْسِهِ وَلِذَلِكَ اعْتَمَدَ شَيْخُنَا كَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ تَتَابُعُ اعْتِكَافِهِمَا سَوَاءٌ أُخْرِجَا أَوْ خَرَجَا أَمْكَنَ حِفْظُهُمَا فِي الْمَسْجِدِ بِلَا مَشَقَّةٍ أَوْ لَا حَرُمَ إبْقَاؤُهُمَا فِي الْمَسْجِدِ لِنَحْوِ تَنَجُّسِ أَوَّلِهَا فَقَوْلُهُ: لِمَشَقَّةٍ إلَخْ قِيلَ لِلْخِلَافِ لَا لِلْحُكْمِ. وَفِي ابْنِ حَجَرٍ بُطْلَانُ التَّتَابُعِ فِيمَا إذَا وَجَبَ إخْرَاجُهُمَا كَالْمُكْرَهِ بِحَقٍّ وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ بِسُكُوتِهِ عَلَيْهِ.

ــ

[حاشية عميرة]

نَبَّهَ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ لِغَرَضٍ أَنْشَأَهُ ثُمَّ عَادَ فَفِي التَّجْدِيدِ الْخِلَافُ، فِيمَا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ

[وَشَرْطُ الْمُعْتَكِفِ]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَشَرْطُ الْمُعْتَكِفِ إلَخْ) دَخَلَ فِي ضَابِطِهِ الصَّبِيُّ وَالْمَرْأَةُ وَالْعَبْدُ، وَإِنْ تَوَقَّفَ عَلَى إذْنِ السَّيِّدِ وَالزَّوْجِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْمُغْمَى عَلَيْهِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّ زَمَنَهُ يُحْسَبُ إذَا طَرَأَ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يُمْكِنُ حَمْلُ هَذِهِ الشُّرُوطِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَلَا عَلَى الِابْتِدَاءِ فَقَطْ فَتَأَمَّلْهُ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ الِابْتِدَاءَ، وَأَمَّا الدَّوَامُ فَذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ ارْتَدَّ إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَمِنْ الرِّدَّةِ إلَخْ) أَيْ دُونَ الْمَاضِي مِنْ غَيْرِ الْمُتَتَابِعِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ اعْتِكَافِهِمَا) اعْتَرَضَ التَّثْنِيَةَ بِأَنَّ الْعَطْفَ السَّابِقَ بِأَوْ، وَأَجَابَ الْعِرَاقِيُّ بِأَنَّ الْعَطْفَ لِلْفِعْلِ، وَمَرْجِعُ الضَّمِيرِ لِلْمُرْتَدِّ وَالسَّكْرَانِ فَلَا إيرَادَ. قَوْلُهُ: (مِنْ حَيْثُ التَّتَابُعُ) وَإِلَّا فَهُوَ مَحْسُوبٌ لَهُ، وَلَا نُحْبِطُهُ عَلَيْهِ وَلَكِنْ فِي الرِّدَّةِ يُشْتَرَطُ الْعَوْدُ.

قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَبْطُلُ فِي الْأَوَّلِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الرِّدَّةَ تُنَافِي الْعِبَادَةَ وَالسُّكْرُ كَالنَّوْمِ. قَوْلُهُ: (لِمَا تَقَدَّمَ فِيهِ) عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يُمْنَعُ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَلِذَا تَجُوزُ اسْتِتَابَتُهُ فِيهِ، وَتَمَكُّنُهُ مِنْ الدُّخُولِ لِاسْتِمَاعِ الْقُرْآنِ وَنَحْوِهِ، وَالسَّكْرَانُ مَمْنُوعٌ مِنْ الْمَسْجِدِ لِلْآيَةِ فَإِذَا شَرِبَ وَسَكِرَ فَقَدْ أَخْرَجَ نَفْسَهُ عَنْ أَهْلِيَّةِ اللُّبَابِ. قَوْلُهُ: (وَأَصْحَابُ الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ) كَذَا أَصْحَابُ الطَّرِيقِ الثَّانِي حَمَلُوا النَّصَّيْنِ جَمِيعًا عَلَى مَا ذُكِرَ، وَكَانَ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَرَكَ ذَلِكَ، لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا قَالَهُ فِي الْأَوِّلَتَيْنِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ وَرُبَّمَا عَرَضَ لَهُ) هُوَ يُفِيدُك أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>