للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلُ الْمُحْرِمِ أَيْ مُرِيدُ الْإِحْرَامِ (يَنْوِي) أَيْ الدُّخُولَ فِي الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ أَوْ فِيهِمَا وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِمَا نَوَاهُ، (وَيُلَبِّي) فَيَقُولُ بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ نَوَيْت الْحَجَّ وَأَحْرَمْت بِهِ لِلَّهِ تَعَالَى لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ إلَخْ (فَإِنْ لَبَّى بِلَا نِيَّةٍ لَمْ يَنْعَقِدْ إحْرَامُهُ وَإِنْ نَوَى وَلَمْ يُلَبِّ انْعَقَدَ) إحْرَامُهُ (عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي لَا يَنْعَقِدُ لِإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَى الِاعْتِنَاءِ بِالتَّلْبِيَةِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ، وَلَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِلْفَرْضِيَّةِ جَزْمًا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ (وَيُسَنُّ الْغُسْلُ لِلْإِحْرَامِ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اغْتَسَلَ لِإِحْرَامِهِ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْإِحْرَامِ بِحَجٍّ أَمْ بِعُمْرَةٍ أَمْ بِهِمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (فَإِنْ) (عَجَزَ) عَنْ الْغُسْلِ لِعَدَمِ الْمَاءِ أَوْ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ (تَيَمَّمَ) لِأَنَّ الْمُتَيَمِّمَ يَنُوبُ عَنْ الْغُسْلِ الْوَاجِبِ فَعَنْ الْمَنْدُوبِ أَوْلَى (وَ) الْغُسْلُ (لِدُخُولِ مَكَّةَ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَهُ بِذِي طِوًى» . رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَسَيَأْتِي بِطُولِهِ أَوَّلَ الْبَابِ الْآتِي قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَهَذَا الْغُسْلُ مُسْتَحَبٌّ لِكُلِّ دَاخِلٍ مُحْرِمٍ سَوَاءٌ كَانَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ أَمْ عُمْرَةٍ أَمْ قِرَانٍ (وَلِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ) عَشِيَّةً (وَبِمُزْدَلِفَةَ غَدَاةَ

ــ

[حاشية قليوبي]

فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ أَوْ بِهِمَا

قَوْلُهُ: (الْمُحْرِمُ) أَيْ مَنْ يُرِيدُ الْإِحْرَامَ. قَوْلُهُ: (فَيَقُولُ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ نَدْبًا بِقَلْبِهِ وُجُوبًا وَلِسَانِهِ نَدْبًا نَوَيْت الْحَجَّ مَثَلًا وَأَحْرَمْت بِهِ تَفْسِيرٌ لِنَوَيْتُ أَوْ تَأْكِيدٌ لَهُ. لَبَّيْكَ إلَخْ أَيْ عَقِبَ النِّيَّةِ نَدْبًا كَمَا يُنْدَبُ التَّلَفُّظُ بِمَا نَوَاهُ فِي التَّلْبِيَةِ الْأُولَى فَقَطْ بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ بِحَيْثُ يَسْمَعُ نَفْسَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَيُنْدَبُ أَنْ يَقُولَ أَيْضًا: اللَّهُمَّ أُحْرِمُ لَك شَعْرِي وَبَشَرِي وَلَحْمِي وَدَمِي. قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ الْغُسْلُ) وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ أَخْذًا بِقَاعِدَةِ كُلِّ مَنْدُوبٍ صَحَّ الْأَمْرُ بِهِ قَصْدًا كُرِهَ تَرْكُهُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ عَجَزَ) أَيْ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فِي جَمِيعِ بَدَنِهِ أَوْ بَعْضِهِ، وَيُقَدِّمُ الْمَاءَ، وَيُقَدِّمُ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ وَلَا يَكْفِيهِ نِيَّةُ الْغُسْلِ عَنْ التَّيَمُّمِ. قَوْلُهُ: (دَاخِلٍ مُحْرِمٍ) وَيُنْدَبُ لِلْحَلَالِ أَيْضًا فَهُوَ لَيْسَ مِنْ الْأَغْسَالِ الْخَاصَّةِ بِالْحَجِّ. وَلَوْ فَاتَ لَمْ يُنْدَبُ قَضَاؤُهُ كَبَقِيَّةِ الْأَغْسَالِ. قَوْلُهُ: (عَشِيَّةً) ظَرْفٌ لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ إذْ الْغُسْلُ لَهَا يَدْخُلُ وَقْتُهُ بِالْفَجْرِ كَالْجُمُعَةِ وَتَأْخِيرُهُ لِمَا بَعْدَ الزَّوَالِ أَفْضَلُ، وَيَخْرُجُ بِخُرُوجِ وَقْتِ

ــ

[حاشية عميرة]

مُحْرِمًا بِالْحَجِّ لَمْ يَضُرَّ تَجْدِيدُ النِّيَّةِ، وَإِدْخَالُ الْعُمْرَةِ عَلَيْهِ لَا يَقْدَحُ، وَإِنْ كَانَ مُحْرِمًا بِالْعُمْرَةِ فَإِدْخَالُ الْحَجِّ عَلَيْهَا جَائِزٌ بِخِلَافِ الْعُمْرَةِ لَا يَخْرُجُ عَنْهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ، وَإِنْ كَانَ قَدْ وَقَفَ وَلَمْ يَطُفْ، فَإِذَا نَوَى الْقِرَانَ ثُمَّ عَادَ وَوَقَفَ ثَانِيًا أَجْزَأَهُ الْحَجُّ دُونَ الْعُمْرَةِ، وَإِنْ طَافَ ثُمَّ شَكَّ فَأَتَمَّ عُمْرَةً ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ بَرِيءَ مِنْهُ فَقَطْ أَيْضًا، وَلَمْ يُتِمَّ أَعْمَالَ الْعُمْرَةِ، وَلَكِنْ نَوَى الْقِرَانَ أَوْ الْحَجَّ وَأَتَى بِالْأَعْمَالِ فَلَا يَبْرَأُ عَنْ شَيْءٍ، لِأَنَّ الْحَجَّ لَا يَدْخُلُ عَلَى الْعُمْرَةِ بَعْدَ الطَّوَافِ وَمِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ مُعْتَمِرًا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الطَّوَافِ وَالْوُقُوفِ وَأَحْرَمَ بِحَجٍّ أَوْ قِرَانٍ إنْ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ شَيْءٍ، فَإِنْ لَمْ يَحْرُمْ وَأَتَمَّ أَعْمَالَ الْعُمْرَةِ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ بَرِيءَ مِنْهُ، وَعَلَيْهِ دَمٌ وَإِنْ أَتَمَّ أَعْمَالَ الْحَجِّ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ بَرِيءَ مِنْهُ وَلَا دَمَ.

[فَصْلُ الْمُحْرِمِ يَنْوِي الدُّخُولَ فِي الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ أَوْ فِيهِمَا]

فَصْلُ الْمُحْرِمِ يَنْوِي إلَخْ

قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ لَبَّى بِلَا نِيَّةٍ لَمْ يَنْعَقِدْ إحْرَامُهُ) وَقِيلَ فِي قَوْلٍ: يَنْعَقِدُ وَعَلَيْهِ إذَا أَطْلَقَ التَّلْبِيَةَ انْعَقَدَ مُطْلَقًا وَخَصَّ الْإِمَامُ الْخِلَافَ بِمَا لَوْ أَطْلَقَ التَّلْبِيَةَ، وَلَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ قَصْدُ الْإِحْرَامِ أَمَّا مَنْ ذَكَرَهَا حَاكِيًا أَوْ مُعَلِّمًا أَوْ قَصَدَ مَا سِوَى الْإِحْرَامِ لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ يُشْتَرَطُ عَلَيْهِ اقْتِرَانُ النِّيَّةِ بِلَفْظِ التَّلْبِيَةِ؟ الظَّاهِرُ الِاشْتِرَاطُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَفْظَ التَّلْبِيَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَلَفْظِ التَّكْبِيرِ فِي الصَّلَاةِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُسَنُّ الْغُسْلُ إلَخْ) وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ، وَهُوَ يُعَكِّرُ عَلَى قَوْلِ الْأُصُولِيِّينَ الْكَرَاهَةُ مَا فِيهِ نَهْيٌ مَقْصُودٌ، فَإِنْ لَمْ يُرَدْ نَهْيٌ هُنَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ: قَالَ الْإِمَامُ كُلُّ مَنْدُوبٍ صَحَّ الْأَمْرُ بِهِ قَصْدًا كُرِهَ تَرْكُهُ اهـ.

وَاغْتَسَلَ الشَّافِعِيُّ لِلْإِحْرَامِ وَهُوَ مَرِيضٌ يَخَافُ الْمَاءَ.

وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتْرُكَ الْغُسْلَ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ نُدِبَ فِيهِ، فَإِنَّ لَهُ تَأْثِيرًا فِي جَلَاءِ الْقُلُوبِ وَإِذْهَابِ دَرَنِ الْغَفْلَةِ يُدْرِكُ ذَلِكَ أَرْبَابُ الْقُلُوبِ الصَّافِيَةِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ عَجَزَ إلَخْ) لَوْ أَخَّرَهُ إلَى بَعْدُ كَانَ أَوْلَى لِيَعُمَّ هَذَا سَائِرَ الْأَغْسَالِ. قَوْلُهُ: (مُسْتَحَبٌّ لِكُلِّ دَاخِلٍ مُحْرِمٍ) وَكَذَا حَلَالٌ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (غَدَاةَ النَّحْرِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ وَقْتَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>