للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْوَادِي سَعَى حَتَّى إذَا صَعِدَتَا مَشَى إلَى الْمَرْوَةِ (وَمَوْضِعُ النَّوْعَيْنِ) أَيْ الْمَشْيِ وَالْعَدْوِ (مَعْرُوفٌ) هُنَاكَ فَيَمْشِي حَتَّى يَبْقَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمِيلِ الْأَخْضَرِ الْمُعَلَّقِ بِرُكْنِ الْمَسْجِدِ عَلَى يَسَارِهِ قَدْرُ سِتَّةِ أَذْرُعٍ فَيَعْدُو حَتَّى يَتَوَسَّطَ بَيْنَ الْمِيلَيْنِ الْأَخْضَرَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي رُكْنِ الْمَسْجِدِ وَالْآخَرُ مُتَّصِلٌ بِدَارِ الْعَبَّاسِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَيَمْشِي حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى الْمَرْوَةِ وَإِذَا عَادَ مِنْهَا إلَى الصَّفَا مَشَى فِي مَوْضِعِ مَشْيِهِ وَسَعَى فِي مَوْضِعِ سَعْيِهِ أَوَّلًا.

وَالْمَرْأَةُ لَا تَسْعَى وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ فِي سَعْيِهِ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمُ إنَّك أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ وَأَنْ يُوَالِيَ بَيْنَ مَرَّاتِ السَّعْيِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّوَافِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الطَّهَارَةُ وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ، وَيَجُوزُ فِعْلُهُ رَاكِبًا وَلَوْ شَكَّ فِي عَدَدِ مَا أَتَى بِهِ مِنْ مَرَّاتِ السَّعْيِ أَوْ الطَّوَافِ أَخَذَ بِالْأَقَلِّ. وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ أَنَّهُ أَتَمَّهَا فَأَخْبَرَهُ ثِقَةٌ بِبَقَاءِ شَيْءٍ مِنْهَا لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِتْيَانُ بِهِ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ.

فَصْلٌ: يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إذَا خَرَجَ مَعَ الْحَجِيجِ (أَوْ مَنْصُوبِهِ) الْمُؤَمَّرِ عَلَيْهِمْ «وَقَدْ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَمِيرًا عَلَى الْحَجِيجِ فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (أَنْ يَخْطُبَ بِمَكَّةَ فِي سَابِعِ ذِي الْحِجَّةِ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ خُطْبَةً فَرْدَةً يَأْمُرُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ إلَى مِنًى وَيُعَلِّمُهُمْ مَا أَمَامَهُمْ مِنْ الْمَنَاسِكِ) إلَى الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ الْآتِيَةِ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: «كَانَ رَسُولُ

ــ

[حاشية قليوبي]

فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (انْصَبَّتْ) أَيْ نَزَلَتْ. قَوْلُهُ: (حَتَّى يَبْقَى بَيْنَهُ إلَخْ) لِأَنَّ هَذَا الْمَوْضِعَ كَانَ مَحَلَّ ذَلِكَ الْمَيْلِ فَلَمَّا رَمَاهُ السَّيْلُ لَصِقُوهُ بِجِدَارِ الْمَسْجِدِ فَقُدِّمَ عَنْ مُحَاذَاةِ مَحَلِّهِ بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ. قَوْلُهُ: (وَالْمَرْأَةُ لَا تَسْعَى) أَيْ لَا تَعْدُو وَلَوْ لَيْلًا فِي خَلْوَةٍ، وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى. قَوْلُهُ: (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ) أَيْ السَّاعِي وَلَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى فِي الْمَشْيِ وَالْعَدْوِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ) أَيْ بَلْ يُنْدَبُ فِيهِ كُلُّ مَا طُلِبَ فِي الطَّوَافِ مِنْ شَرْطِهِ أَوْ مَنْدُوبِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ فِعْلُهُ رَاكِبًا) وَتَقَدَّمَ فِي الطَّوَافِ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (أَخَذَ بِالْأَقَلِّ) أَيْ إنْ كَانَ قَبْلَ التَّحَلُّلِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ وَفِيهِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَبْلُغُوا عَدَدَ التَّوَاتُرِ وَإِلَّا لَزِمَهُ سَوَاءٌ الْقَوْلُ وَالْفِعْلُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَمَا يَطْلُبُ قَبْلَهُ وَفِيهِ وَمَا يَذْكُرُهُ مَعَهُ.

قَوْلُهُ: (أَوْ مَنْصُوبِهِ) قَالُوا وَنَصْبُهُ وَاجِبٌ عَلَى الْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَخْطُبَ) أَيْ بَعْدَ إحْرَامِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِمَكَّةَ) وَكَوْنُهُ عِنْدَ الْكَعْبَةِ أَوْ عِنْدَ بَابِهَا أَفْضَلَ، وَإِذَا لَمْ يَدْخُلْ الْحُجَّاجُ مَكَّةَ بَلْ تَوَجَّهُوا إلَى عَرَفَةَ مِنْ الْمِيقَاتِ مَثَلًا سُنَّ لِإِمَامِهِمْ الْخُطْبَةُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (سَابِعِ ذِي الْحِجَّةِ) وَيُسَمَّى يَوْمَ الزِّينَةِ لِأَنَّهُمْ يُزَيِّنُونَ هَوَادِجَهُمْ لِأَجْلِ الْمَسِيرِ فِي غَدِهِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ) أَيْ أَدَاءً فَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ فَأَتَتْ الْخُطْبَةُ. قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَابْنِ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (خُطْبَةً) فَرْدَةً وَبِفَتْحِهَا الْمُحْرِمُ بِالتَّلْبِيَةِ وَالْحَلَالُ بِالتَّكْبِيرِ، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ إنْ كَانَ فَقِيهًا أَنْ يَقُولَ: هَلْ مِنْ سَائِلٍ؟ وَيَجِبُ أَنْ يَأْتِيَ فِيهَا بِالْأَرْكَانِ الْخَمْسَةِ كَمَا مَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا. وَهَذِهِ أَوَّلُ

ــ

[حاشية عميرة]

فَقَدْ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ يَمْشِي، وَإِنْ سَعَيْت فَقَدْ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ يَسْعَى وَأَنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الطَّهَارَةُ إلَخْ) اسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ» حَيْثُ خَصَّ الطَّوَافَ بِالنَّهْيِ، فَعُلِمَ أَنَّ السَّعْيَ غَيْرُ دَاخِلٍ فِيهِ، وَلِأَنَّهُ نُسُكٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَيْتِ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ شَرْطِهِ ذَلِكَ كَالْوُقُوفِ. قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ. قَوْلُهُ: (أَخَذَ بِالْأَقَلِّ) أَيْ وَلَوْ كَانَ بَعْدَ فَرَاغِهِمَا لِأَنَّهُ فِي النُّسُكِ.

[فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إذَا خَرَجَ مَعَ الْحَجِيجِ أَنْ يَخْطُبَ بِمَكَّةَ]

فَصْلٌ: يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِالْغَدِ وَإِلَى مِنًى) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الذَّهَابَ قَبْلَ الزَّوَالِ، لِأَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ غَدَا فُلَانٌ لِمَنْ ذَهَبَ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَرَاحَ لِمَنْ ذَهَبَ بَعْدَهُ، وَهَذَا الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْهُ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَفِيهِ قَوْلٌ بِأَنَّهُ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ بِمَكَّةَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُعَلِّمُهُمْ مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>