للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَقْدِيمِهَا عَلَيْهِ. وَبِأَنَّ الْغَلَطَ بِالتَّقْدِيمِ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَقَعُ لِغَلَطٍ فِي الْحِسَابِ أَوْ لِخَلَلٍ فِي الشُّهُودِ الَّذِينَ شَهِدُوا بِتَقْدِيمِ الْهِلَالِ. وَالْغَلَطُ بِالتَّأْخِيرِ قَدْ يَكُونُ بِالْغَيْمِ الْمَانِعِ مِنْ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَلَوْ غَلِطُوا فِي الْمَكَانِ فَوَقَفُوا بِغَيْرِ عَرَفَةَ لَمْ يَصِحَّ حَجُّهُمْ.

فَصْلٌ: وَيَبِيتُونَ بِمُزْدَلِفَةَ لِلِاتِّبَاعِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ (وَمَنْ دَفَعَ مِنْهَا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ أَوْ قَبْلَهُ وَعَادَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا فِي النِّصْفِ الثَّانِي) بِأَنْ كَانَ بِهَا فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ فَقَطْ أَوْ تَرَكَ الْمَبِيتَ بِهَا أَصْلًا (أَرَاقَ دَمًا وَفِي وُجُوبِهِ الْقَوْلَانِ) السَّابِقَانِ فِيمَنْ لَمْ يَكُنْ بِعَرَفَةَ عِنْدَ الْغُرُوبِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ الدَّمِ بِتَرْكِ الْمَبِيتِ. وَقَالَ: لَوْ لَمْ يَحْضُرْ مُزْدَلِفَةَ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ وَحَضَرَهَا سَاعَةً فِي النِّصْفِ الثَّانِي حَصَلَ الْمَبِيتُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَفِي قَوْلٍ يُشْتَرَطُ مُعْظَمُ اللَّيْلِ. (وَيُسَنُّ تَقْدِيمُ النِّسَاءِ وَالضَّعَفَةِ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ إلَى مِنًى) لِيَرْمُوا جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ الزَّحْمَةِ. رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ سَوْدَةَ أَفَاضَتْ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ بِإِذْنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَأْمُرْهَا بِالدَّمِ وَلَا النَّفْرِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهَا» . وَرَوَيَا عَنْ «ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَنَا مِمَّنْ قَدِمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ فِي ضِيَافَةِ أَهْلِهِ» : وَلَوْ انْتَهَى إلَى عَرَفَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ وَاشْتَغَلَ

ــ

[حاشية قليوبي]

الْغَدِ) لَعَلَّهُ بَعْدَ الزَّوَالِ أَخْذًا مِمَّا قَبْلَهُ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا يَجِبُ) وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -. قَوْلُهُ: (لِغَلَطٍ فِي الْحِسَابِ) وَهُوَ لَا عِبْرَةَ بِالْغَلَطِ بِسَبَبِهِ وَهَذَا خَارِجٌ بِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ بِإِنْ غُمَّ إلَخْ. قَوْلُهُ: (لَوْ غَلِطُوا فِي الْمَكَانِ إلَخْ) هَذَا خَرَجَ بِقَوْلِهِ الْعَاشِرَ إلَخْ لِأَنَّهُ زَمَانٌ.

فَصْلٌ فِي الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ وَمَا مَعَهُ وَلَا يُتَصَوَّرُ صَرْفُهُ وَلَوْ عَنْ حَاصِلٍ لِغَيْرِهِ.

قَوْلُهُ: (وَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ الدَّمِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّ الْمَبِيتَ بِهَا وَاجِبٌ. قَوْلُهُ: (سَاعَةً) أَيْ لَحْظَةً وَلَوْ بِالْمُرُورِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا أَوْ كَانَ طَالِبًا لِآبِقٍ مَثَلًا كَعَرَفَةَ قَالَهُ شَيْخُنَا، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْمُرُورُ لَهَا فِي هَوَائِهَا فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ يُشْتَرَطُ مُعْظَمُ اللَّيْلِ) أَيْ نَظَرًا إلَى كَوْنِهِ يُسَمَّى مَبِيتًا، وَالْأَوَّلُ لَمْ يُوجِبْهُ لِكَوْنِهِ مَبِيتًا إذْ لَمْ يَرِدْ الْأَمْرُ بِالْمَبِيتِ هُنَا، وَإِنَّمَا هُوَ لِكَوْنِهِمْ لَا يُصَلُّونَهَا لِنَحْوِ رُبْعِ اللَّيْلِ فَخُفِّفَ عَلَيْهِمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مِنْ الْأَعْمَالِ الْكَثِيرَةِ. كَذَا اسْتَدَلُّوا بِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ اعْتِبَارُ الْوُجُوبِ وَلَا النِّصْفُ الثَّانِي مِنْ اللَّيْلِ فَتَأَمَّلْهُ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ جُنَّ جَمِيعُ النِّصْفِ الثَّانِي لَمْ يَضُرَّ فِي حَجِّهِ وَلَيْسَ هُوَ كَعَرَفَةَ لِمَا لَا يَخْفَى. قَوْلُهُ: (فَلَا شَيْءَ

ــ

[حاشية عميرة]

[فَصْلٌ وَيَبِيتُونَ بِمُزْدَلِفَةَ]

َ هِيَ مَا بَيْنَ مَأْزِمَيْ عَرَفَةَ وَوَادِي مُحَسِّرٍ، وَكُلُّهَا مِنْ الْحَرَمِ وَتُسَمَّى جَمْعًا وَالسُّنَّةُ الِاغْتِسَالُ مِنْهَا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ لِلْوُقُوفِ بِهَا، وَلِلْعِيدِ كَمَا سَلَفَ وَذَهَبَ ابْنُ بِنْتِ الشَّافِعِيِّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ إلَى أَنَّ الْمَبِيتَ بِهَا رُكْنٌ وَالصَّحِيحُ وُجُوبُهُ فِي جُزْءٍ مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي، وَكِفَايَةُ الْمُرُورِ فِيهِ لِعَرَفَاتٍ، وَيَدُلُّ لِعَدَمِ الرُّكْنِيَّةِ سُقُوطُهُ عَنْ الْمَعْذُورِينَ. قِيلَ: وَعِبَارَةُ الْكِتَابِ تَقْتَضِي اشْتِرَاطَ أَنْ يَكُونَ فِيهَا قَبْلَ النِّصْفِ وَبَعْدَهُ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي وُجُوبِهِ إلَخْ) نُظِرَ فِيهِ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ عَدَمُ ذِكْرِ الْقَوْلَيْنِ فِي هَذَا الْفَصْلِ، فَلَا يَهْتَدِي النَّاظِرُ إلَيْهِمَا. الثَّانِي: أَنَّ قَضِيَّتَهُ اسْتِحْبَابُ الدَّمِ وَهُوَ خِلَافُ الْمُرَجَّحِ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا، كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَاعْلَمْ أَنَّ الَّذِي سَاقَهُ الشَّارِحُ عَنْ الرَّوْضَةِ لَا يُفْهَمُ شَيْءٌ مِنْ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ. قَوْلُهُ: (حَصَلَ الْمَبِيتُ) أَيْ حَصَلَ مَا يَمْنَعُ مِنْ وُجُوبِ الدَّمِ وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ مَبِيتًا. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ يُشْتَرَطُ مُعْظَمُ اللَّيْلِ) هَذَا قَالَ الرَّافِعِيُّ: إنَّهُ الْأَظْهَرُ ثُمَّ اسْتَشْكَلَهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُمْ لَا يَصِلُونَ الْمُزْدَلِفَةَ إلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>