للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلُ إذَا عَادَ بَعْدَ الطَّوَافِ يَوْمَ النَّحْرِ (إلَى مِنًى بَاتَ لَيْلَتَيْ التَّشْرِيقِ) الْأَوَّلِيَّيْنِ وَالثَّالِثَةَ أَيْضًا. (وَرَمَى كُلَّ يَوْمٍ) مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ الْحَادِيَ عَشَرَ وَتَالِيَاهُ (إلَى الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ كُلُّ جَمْرَةٍ سَبْعُ حَصَيَاتٍ) فَمَجْمُوعُ الْمَرْمِيِّ ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ حَصَاةً، وَدَلِيلُ ذَلِكَ كُلِّهِ الِاتِّبَاعُ الْمَعْلُومُ مِنْ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ (فَإِذَا رَمَى الْيَوْمَ الثَّانِي فَأَرَادَ النَّفْرَ) بِسُكُونِ الْفَاءِ (قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ جَازَ وَسَقَطَ مَبِيتُ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ وَرَمَى يَوْمَهَا) قَالَ تَعَالَى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: ٢٠٣] (فَإِنْ لَمْ يَنْفِرْ) بِكَسْرِ الْفَاءِ (حَتَّى غَرَبَتْ) الشَّمْسُ (وَجَبَ مَبِيتُهَا وَرَمَى الْغَدَ) كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ وُجُوبُ الْمَبِيتِ وَالرَّمْيِ إلَى الْجَمَرَاتِ، وَفِي قَوْلٍ: يُسْتَحَبّ الْمَبِيتُ وَيَحْصُلُ بِمُعْظَمِ اللَّيْلِ، وَفِي قَوْلٍ الْمُعْتَبَرُ كَوْنُهُ حَاضِرًا طُلُوعُ الْفَجْرِ. (وَيَدْخُلُ رَمْيُ التَّشْرِيقِ بِزَوَالِ الشَّمْسِ) أَيْ رَمْيُ كُلِّ يَوْمٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ بِزَوَالِ شَمْسِهِ لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ. (وَيَخْرُجُ بِغُرُوبِهَا) لِعَدَمِ وُرُودِهِ بِاللَّيْلِ (وَقِيلَ يَبْقَى) فِي الْيَوْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ (إلَى الْفَجْرِ) كَمَا يَبْقَى الْوُقُوفُ إلَى الْفَجْرِ بِخِلَافِ الثَّالِثِ لِخُرُوجِ وَقْتِ الْمَنَاسِكِ بِغُرُوبِ شَمْسِهِ، وَيَخْطُبُ الْإِمَامُ بِمِنًى بَعْدَ الزَّوَالِ يَوْمَ النَّحْرِ خُطْبَةً يُعَلِّمُهُمْ فِيهَا رَمْيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَحُكْمَ الْمَبِيتِ وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَثَانِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ خُطْبَةً يُعَلِّمُهُمْ فِيهَا جَوَازَ النَّفْرِ فِيهِ وَغَيْرَ ذَلِكَ وَيُوَدِّعُهُمْ.

(وَيُشْتَرَطُ رَمْيُ السَّبْعِ وَاحِدَةً وَاحِدَةً) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، (وَتَرْتِيبُ الْجَمَرَاتِ)

ــ

[حاشية قليوبي]

فَصْلٌ: فِي الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ وَلَا يَنْصَرِفُ إلَى غَيْرِهِ وَلَوْ مِنْ الْحَامِلِ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (إذَا عَادَ) وَكَذَا لَوْ اسْتَمَرَّ فِي مِنًى وَأَخَّرَ الطَّوَافَ. قَوْلُهُ: (بَاتَ) أَيْ وُجُوبًا كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَالثَّالِثَةَ أَيْضًا) أَيْ يَجِبُ مَبِيتُهَا كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (التَّشْرِيقِ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِإِشْرَاقِ أَيَّامِهَا بِالشَّمْسِ وَلَيَالِيهَا بِالْقَمَرِ أَوْ لِإِشْرَاقِ اللَّحْمِ فِيهَا أَيْ جَعْلِهِ فِي الشَّمْسِ.

قَوْلُهُ: (فَإِذَا رَمَى الْيَوْمَ الثَّانِيَ) أَيْ بَعْدَ مَبِيتِهِ وَمَبِيتِ مَا قَبْلَهُ وَرَمْيِهِ أَيْضًا وَإِلَّا بِأَنْ فَاتَهُ الْمَبِيتُ أَوْ الرَّمْيُ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا فَإِنْ كَانَ بِلَا عُذْرٍ لَمْ يَسْقُطْ مَبِيتُ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ وَلَا رَمْيُ يَوْمِهَا أَوْ بِعُذْرٍ سَقَطَا وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ: إنَّ الرَّمْيَ تَابِعٌ لِلْمَبِيتِ أَنَّهُ لَا يُتَدَارَكُ رَمْيُ يَوْمٍ فَاتَ مَبِيتُهُ وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ مَعَ أَنَّ الرَّمْيَ يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي نَحْوِ الرُّعَاةِ، فَرَاجِعْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (فَأَرَادَ النَّفْرَ) بِأَنْ نَوَاهُ وَتَمَّتْ أَشْغَالُهُ وَسَارَ بِالْفِعْلِ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَإِنْ لَمْ يُفَارِقْ مَحَلَّهُ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِعَوْدِهِ بَعْدَ النَّفْرِ وَلَوْ بِقَصْدِ الْمَبِيتِ.

قَوْلُهُ: (وَرَمْيُ يَوْمِهَا) أَيْ فَسُقُوطُ الرَّمْيِ تَابِعٌ لِسُقُوطِ الْمَبِيتِ أَيْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَقَطْ، كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي نَحْوِ الرُّعَاةِ. وَقَدْ مَرَّ وَيُكْرَهُ النَّفْرُ بِحَصَى الرَّمْيِ بَلْ يَطْرَحُهُ أَوْ يَدْفَعُهُ لِمَنْ يَرْمِي بِهِ، وَدَفْنُهُ لَا أَصْلَ لَهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَنْفِرْ) أَيْ لَمْ يَنْوِ النَّفْرَ أَوْ لَمْ تَتِمَّ أَشْغَالُهُ، وَإِنْ شَرَعَ فِيهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ أَوْ لَمْ يَسِرْ بِالْفِعْلِ. قَوْلُهُ: (وَيَحْصُلُ بِمُعْظَمِ اللَّيْلِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفَارَقَ مُزْدَلِفَةَ بِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ فِيهَا الْمَبِيتَ. قَوْلُهُ: (وَيَدْخُلُ رَمْيُ التَّشْرِيقِ إلَخْ) وَيُنْدَبُ فِعْلُهُ فِي وَقْتِ فَضِيلَةٍ وَهُوَ تَقْدِيمُهُ عَلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ إنْ اتَّسَعَ

ــ

[حاشية عميرة]

[فَصْلُ إذَا عَادَ بَعْدَ الطَّوَافِ يَوْمَ النَّحْرِ إلَى مِنًى]

فَصْلُ إذَا عَادَ إلَخْ قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ يُسْتَحَبُّ) هُوَ الَّذِي مَالَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَأَمَّا الرَّمْيُ فَهُوَ وَاجِبٌ اتِّفَاقًا، وَقَوْلُ الْمَتْنِ وَجَبَ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هُوَ مِنْ تَصَرُّفِهِ وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ فَعَلَيْهِ قَالَ وَهِيَ صَادِقَةٌ بِالِاسْتِحْبَابِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِزَوَالِ الشَّمْسِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَيُسْتَحَبُّ فِعْلُهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَقَوْلُهُ أَيْ رَمْيُ كُلِّ يَوْمٍ يَعْنِي لَيْسَ الْمُرَادُ جَمِيعَ رَمْيِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، ثُمَّ الْمُرَادُ هُنَا بِالْوَقْتِ الَّذِي يَخْرُجُ هُوَ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ، وَأَمَّا وَقْتُ الْجَوَازِ فَهُوَ بَاقٍ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ كَمَا سَيَأْتِي إيضَاحُهُ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُشْتَرَطُ رَمْيُ

<<  <  ج: ص:  >  >>