للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ وَمِنْ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ مَا لَا يُبْطِلُ بِضَمِّ الْيَاءِ بِضَبْطِ الْمُصَنِّفِ أَيْ النَّهْيُ فِيهِ الْبَيْعَ بِخِلَافِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَبِفَتْحِهَا أَيْضًا (لِرُجُوعِهِ) أَيْ النَّهْيِ فِي ذَلِكَ (إلَى مَعْنًى يَقْتَرِنُ بِهِ) لَا إلَى ذَاتِهِ. (كَبَيْعِ حَاضِرٍ لِبَادٍ بِأَنْ يَقْدَمَ غَرِيبٌ بِمَتَاعٍ تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ لِيَبِيعَهُ بِسِعْرِ يَوْمِهِ فَيَقُولُ) لَهُ (بَلَدِيٌّ اُتْرُكْهُ عِنْدِي لِأَبِيعَهُ) لَك (عَلَى التَّدْرِيجِ) أَيْ شَيْئًا فَشَيْئًا (بِأَغْلَى) فَيُوَافِقُهُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ، زَادَ مُسْلِمٌ «دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ» وَالْمَعْنَى فِي النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ مَا يُؤَدِّي إلَيْهِ مِنْ التَّضْيِيقِ عَلَى

ــ

[حاشية قليوبي]

يُفْسِدُهُ لِأَنَّ الْوَاقِعَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ كَالْوَاقِعِ فِي الْعَقْدِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَسْقَطَ هُنَا فَصْلًا فِي حُكْمِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَحَاصِلُهُ أَنْ يَجِبَ رَدُّهُ وَلَا يَجُوزُ حَبْسُهُ لِرَدِّ الثَّمَنِ، وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِالنَّفَقَةِ وَإِنْ جَهِلَ الْفَسَادَ وَلَا يُحَدُّ بِوَطْئِهَا إنْ جَهِلَ، وَعَلَيْهِ حِينَئِذٍ مَهْرُ بِكْرٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ. وَالْوَلَدُ حُرٌّ نَسِيبٌ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْوِلَادَةِ إنْ انْفَصَلَ حَيًّا لِلْبَائِعِ الْجَاهِلِ بِخِلَافِ الْعَالِمِ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ غَرَّهُ وَلَوْ خَرَجَتْ مُسْتَحِقَّةً غَرِمَ قِيمَةَ الْوَلَدِ لِمَالِكِهَا وَرَجَعَ بِهَا عَلَى الْبَائِعِ، وَإِذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ ضَمِنَهُ ضَمَانَ الْمَغْصُوبِ بَدَلًا وَزِيَادَةً وَمَنْفَعَةً.

فَصْلٌ: فِي الْمَنْهِيَّاتِ الَّتِي لَا تَفْسُدُ الْعُقُودُ مَعَهَا. سَوَاءٌ سَبَقَتْهَا أَوْ قَارَنَتْهَا أَوْ فِي الْعُقُودِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَلَا تَفْسُدُ بِمَا ذُكِرَ قَوْلُهُ: (بِضَمِّ الْيَاءِ) أَيْ مَعَ كَسْرِ الطَّاءِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَضَمِيرُهُ عَائِدٌ لِمَا بِمَعْنَى شَيْءٍ، وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ الْعَقْدَ وَهُوَ يَشْمَلُ مَا يَقَعُ مُقَارَنًا لِلْبَيْعِ وَمَا يَقَعُ الْبَيْعُ بَعْدَهُ كَالسَّوْمِ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ فَتْحِ الْيَاءِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ لِقَصْرِهِ عَلَى الْأَوَّلِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ وَاقِعٌ عَلَى نَفْسِ الْعَقْدِ أَيْ مِنْ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ عَقْدٌ لَا يَبْطُلُ بِمَا يُقَارِنُهُ أَوْ يَسْبِقُهُ فَسَاوَى الضَّبْطَ الْأَوَّلَ، وَهَذَا صَرِيحُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَوَّلًا. وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُهُ آخِرًا إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ أَحَدُهُمَا بِمَا يَرْجِعُ إلَى الْآخَرِ، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ رَاعَى الْأَحْكَامَ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ مَوَاقِفِ الْمَعْطُوفَاتِ أَوْ عَدَمِهِ. وَأَمَّا فَتْحُ الطَّاءِ مَعَ ضَمِّ الْيَاءِ فَلَا قَائِلَ بِهِ وَإِنْ ذَكَرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ فَرَاجِعْهُ، وَقَوْلُ الدَّمِيرِيِّ لَا يَصِحُّ كَسْرُ الطَّاءِ إلَّا لَوْ قَالَ مِنْ الْمَنَاهِي مَرْدُودٌ بِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ، وَيَقُولُ ابْنُ حَجَرٍ: إنَّهُ بَعِيدٌ وَهَذِهِ الْمَنْهِيَّاتُ صَغَائِرُ.

وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: إنَّ التَّفْرِيقَ مِنْ الْكَبَائِرِ.

قَوْلُهُ: (وَبِفَتْحِهَا) أَيْ الْيَاءِ مَعَ ضَمِّ الطَّاءِ بِضَبْطِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا وَقُدِّمَ الْأَوَّلُ لِمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَا إلَى ذَاتِهِ) بِأَنَّهُ لَمْ يَفْقِدْ رُكْنًا وَلَا إلَى لَازِمَهُ بِأَنْ لَمْ يَفْقِدْ شَرْطًا بَلْ لِأَمْرٍ خَارِجٍ غَيْرِ لَازِمٍ كَالتَّضْيِيقِ وَالْإِيذَاءِ. قَوْلُهُ: (نَعَمْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ بِهِ سِعَةٌ لِنَحْوِ كِبَرِ الْبَلَدِ. قَوْلُهُ: (لِيَبِيعَهُ) وَمِثْلُهُ لِيَشْتَرِيَ بِهِ. قَوْلُهُ: (لِأَبِيعَهُ لَك) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَلَا يَحْرُمُ الْبَيْعُ الصَّادِرُ مِنْ الصَّادِ بَعْدَ ذَلِكَ، قَالَ بَعْضُهُمْ: لِأَنَّهُ تَنْتَهِي بِهِ الْحُرْمَةُ، وَهُوَ يُفِيدُ دَوَامَ الْحُرْمَةِ عَلَى الصَّادِ إلَى الْبَيْعِ، وَفِيهِ بُعْدٌ كَبِيرٌ فَرَاجِعْهُ وَعَلَى هَذَا فَفِي التَّمْثِيلِ بِالْبَيْعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ تَجُوزُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الضَّبْطَيْنِ السَّابِقَيْنِ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (فَيُوَافِقُهُ) لَيْسَ قَيْدًا فِي الْحُرْمَةِ فَالْقَوْلُ حَرَامٌ وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْهُ عَلَيْهِ بَلْ وَإِنْ خَالِفْهُ بِعَدَمِ امْتِثَالِهِ بِالْبَيْعِ حَالًّا. قَوْلُهُ: (دَعَوَا النَّاسَ) زَادَ ابْنُ شُهْبَةَ فِي

ــ

[حاشية عميرة]

[الْمَنْهِيَّاتِ الَّتِي لَا تَفْسُدُ الْعُقُودُ مَعَهَا]

فَصْلٌ وَمِنْ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي إسْنَادِ الْغَرَضِ مِنْهُ بَيَانُ الْعُقُودُ الَّتِي نَهَى عَنْهَا وَيَحْرُمُ تَعَاطِيهَا وَمَعَ ذَلِكَ تَصِحُّ. قَوْلُهُ: (بِضَمِّ الْيَاءِ) أَيْ وَسَوَّغَ عَوْدَ الضَّمِيرِ إلَى النَّهْيِ بِتَقَدُّمِ ذِكْرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْوَجْهَ الْأَوَّلَ الَّذِي سَلَكَهُ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَحْسَنُ مِنْ الثَّانِي، وَمِنْ ضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الطَّاءِ مِنْ حَيْثُ شُمُولُ الْعِبَارَةِ عَلَيْهِ مَا لَا يَتَّصِفُ بِالْبُطْلَانِ وَلَا بِعَدَمِهِ وَإِنَّمَا يَتَّصِفُ بِعَدَمِ الْإِبْطَالِ كَالتَّلَقِّي الرَّكْبَانِ وَغَيْرِهِ، مِمَّا يَأْتِي فِي الْفَصْلِ. قَوْلُهُ: (أَيْ النَّهْيُ فِيهِ) لَمْ يَقُلْ أَيْ النَّهْيُ إيَّاهُ لِأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُدْخِلَ فِي الْعِبَارَةِ مَا لَا يَتَّصِفُ بِالْبُطْلَانِ وَلَا بِعَدَمِهِ كَتَلَقِّي الرَّكْبَانِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِأَنْ يُقَدَّمَ غَرِيبٌ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْبَادِي وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْبَادِي أَوَّلًا مُوَافَقَةً لِلْحَدِيثِ ثُمَّ التَّعْبِيرُ بِالْغَرِيبِ وَبِالتَّرْكِ عِنْدَهُ لَا مَفْهُومَ لَهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ نَظَرًا لِلْمَعْنَى، ثُمَّ هَلْ يَحْرُمُ الْإِرْشَادُ وَالْبَيْعُ أَوْ الْإِرْشَادُ فَقَطْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الْمُتَّجَهُ الثَّانِي لِأَنَّهُ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ التَّضْيِيقُ وَأَمَّا الْبَيْعُ فَفِي الْحَقِيقَةِ تَوْسِيعٌ عَلَى النَّاسِ. قَوْلُهُ: (أَيْ شَيْئًا فَشَيْئًا) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>