للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ اشْتَرَى دُونَ إذْنٍ صَحَّ

(وَالنَّجْشُ بِأَنْ يَزِيدَ فِي الثَّمَنِ) لِلسِّلْعَةِ الْمَعْرُوضَةِ لِلْبَيْعِ (لَا لِرَغْبَةٍ) فِي شِرَائِهَا (بَلْ لِيَخْدَعَ غَيْرَهُ) فَيَشْتَرِيَهَا، رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ النَّجْشِ» ، وَالْمَعْنَى فِي تَحْرِيمِهِ الْإِيذَاءُ وَهُوَ لِلْعَالِمِ بِالنَّهْيِ عَنْهُ كَمَا نَقَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَإِنْ سَكَتَ عَنْهُ فِي الْمُخْتَصَرِ. (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا خِيَارَ) لِلْمُشْتَرِي لِتَفْرِيطِهِ. وَالثَّانِي لَهُ الْخِيَارُ إنْ كَانَ النَّجْشُ بِمُوَاطَأَةٍ مِنْ الْبَائِعِ لِتَدْلِيسِهِ أَيْ لَا خِيَارَ لَهُ فِي غَيْرِ الْوَطْأَةِ جَزْمًا، وَلَا فِيهَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ لِيَخْدَعَ غَيْرَهُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْكِفَايَةِ أَنْ يَزِيدَ عَمَّا تُسَاوِيهِ الْعَيْنُ. (وَبَيْعُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ لِعَاصِرِ الْخَمْرِ) وَالنَّبِيذِ أَيْ مَا يُؤَوِّلُهُ إلَيْهِمَا، فَإِنْ تَوَهَّمَ اتِّخَاذَهُ إيَّاهُمَا مِنْ الْمَبِيعِ فَالْبَيْعُ لَهُ مَكْرُوهٌ أَوْ تَحَقَّقَ فَحَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ وَجْهَانِ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ الْأَصَحُّ التَّحْرِيمُ وَالْمُرَادُ بِالتَّحَقُّقِ الظَّنُّ الْقَوِيُّ، وَبِالتَّوَهُّمِ الْحُصُولُ فِي الْوَهْمِ أَيْ الذِّهْنِ، وَيَصِحُّ الْبَيْعُ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ وَحُرْمَتُهُ أَوْ كَرَاهَتُهُ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِمَعْصِيَةٍ مُتَحَقِّقَةٍ أَوْ مُتَوَهَّمَةٍ.

(وَيَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْأُمِّ) الرَّقِيقَةِ (وَالْوَلَدِ) الرَّقِيقِ الصَّغِيرِ (حَتَّى يُمَيِّزَ) لِسَبْعِ

ــ

[حاشية قليوبي]

وَفِي ذِكْرِ الْمُؤْمِنِ وَالْأَخِ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَذِنَ) أَيْ عَنْ رِضًا لَا لِنَحْوِ ضَجَرٍ، وَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُ وَكِيلٍ أَوْ وَلِيٍّ. قَوْلُهُ: (صَحَّ) أَيْ وَلَا حُرْمَةَ إنْ كَانَ بَعْدَ وُقُوعِ فَسْخٍ وَإِلَّا فَحَرَامٌ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ التَّنَاقُضُ.

قَوْلُهُ: (وَالنَّجْشُ) هُوَ لُغَةً الْإِثَارَةُ بِالْمُثَلَّثَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ إثَارَةِ الرَّغْبَةِ، يُقَالُ: نَجَشَ الطَّائِرَ أَثَارَهُ مِنْ مَكَانِهِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَزِيدَ) أَيْ يَمْدَحَ السِّلْعَةَ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (بَلْ لِيَخْدَعَ غَيْرَهُ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ هُوَ مُضِرٌّ وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الْكِفَايَةِ الْمَبْنِيِّ عَلَى ذَلِكَ ضَعِيفٌ، وَإِنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ لِنَحْوِ يَتِيمٍ، وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي لَوْ وَقَعَ الْبَيْعُ، وَكَذَا لَا خِيَارَ لِمَنْ اشْتَرَى اعْتِمَادًا عَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ أَعْطَيْت فِيهِ كَذَا كَاذِبًا أَوْ أَنَّهُ جَوْهَرٌ فَبَانَ زُجَاجًا لِتَفْرِيطِهِ. قَوْلُهُ: (الْأَصَحُّ التَّحْرِيمُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ الْبَيْعُ إلَخْ) وَإِنَّمَا لَمْ يَقُولُوا هُنَا بِالْبُطْلَانِ وَيُعَلِّلُوا بِالْعَجْزِ عَنْ التَّسْلِيمِ شَرْعًا كَبَيْعِ الْمُسْلِمَ لِلْكَافِرِ وَالسِّلَاحَ لِلْحَرْبِيِّ لِأَنَّ الْمَنْعَ هُنَا لَيْسَ نَاشِئًا عَنْ الْوَصْفِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْبَيْعِ كَالْقِتَالِ فِي الْحَرْبِيِّ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ مِنْ السِّلَاحِ إلَّا الْقِتَالُ، وَلَا مِنْ بَيْعِ الْمُسْلِمِ إلَّا تَسْلِيطَ الْكَافِرِ عَلَيْهِ. كَذَا أُجَاب بِهِ بَعْضُهُمْ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ سَبَبُ الْمَعْصِيَةِ إلَخْ) وَمِنْهُ بَيْعُ سِلَاحٍ لِنَحْوِ قَاطِعِ طَرِيقٍ وَدِيكٍ لِمَنْ يُهَارِشُ بِهِ، وَكَبْشٍ لِمَنْ يُنَاطِحُ بِهِ، وَمَمْلُوكٍ لِمَنْ عُرِفَ بِالْفُجُورِ، وَجَارِيَةٍ لِمَنْ يُكْرِهُهَا عَلَى الزِّنَا وَدَابَّةٍ لِمَنْ يُحَمِّلُهَا فَوْقَ طَاقَتِهَا، وَلِلْحَاكِمِ بَيْعُ هَذَيْنِ عَلَى مَالِكِهِمَا قَهْرًا عَلَيْهِ وَخَشَبٍ لِمُتَّخِذِهِ آلَةَ لَهْوٍ، وَمِنْهُ النُّزُولُ عَنْ وَظِيفَةٍ لِغَيْرِ أَهْلٍ إنْ عُلِمَ أَنَّ الْحَاكِمَ يُقَرِّرُهُ فِيهَا. قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا يَصِحُّ تَقْرِيرُهُ لَوْ وُجِدَ وَمِنْهُ النُّزُولُ عَنْ نَظَرٍ لِمَنْ يَسْتَبْدِلُ الْوَقْفَ أَوْ يَأْكُلَهُ بِغَيْرِ وَجْهٍ جَائِزٍ عِنْدَ مَنْ يَرَاهُ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَمِنْهُ بَيْعُ الْمَطْعُومِ لِلْكَافِرِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَحَرِّرْهُ.

قَوْلُهُ: (مُتَحَقِّقَةٌ) وَلَوْ بِالظَّنِّ أَوْ مُتَوَهَّمَةٌ وَلَوْ بِالشَّكِّ كَمَا ذَكَرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (الْأُمِّ الرَّقِيقَةِ) وَإِنْ رَضِيَتْ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِالرِّقِّ فِي الْأُمِّ وَالْوَلَدِ لَيُنَاسِبَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ الْبَهِيمَةِ وَوَلَدِهَا حَرَامٌ إلَّا إنْ اسْتَغْنَى عَنْهَا أَوْ بِذَبْحِهِ هُوَ لَا بِذَبْحِهَا وَلَا بِبَيْعِهِ لِلذَّبْحِ، وَخَرَجَ بِالرَّقِيقِ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الرَّقِيقِ وَالْحُرِّ كَمَا يَأْتِي. وَكَذَا بَيْنَ الْحُرَّيْنِ فَلَا يَحْرُمُ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ. قَوْلُهُ: (الصَّغِيرِ) وَمِثْلُهُ

ــ

[حاشية عميرة]

السِّلْعَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي مَثَلًا بِزِيَادَةِ رِبْحٍ، وَالْبَائِعُ حَاضِرٌ وَفِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً وَلَمْ يَتَفَرَّقَا يُنْهَى أَنْ يَبْتَاعَ الْمُشْتَرِي سِلْعَةً تُشْبِهُ السِّلْعَةَ الَّتِي اشْتَرَاهَا لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَحْمِلُهُ عَلَى رَدِّ الْأُولَى.

[بَيْع النَّجْش]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِأَنْ يَزِيدَ) قَدْ يَكُونُ الْفَاعِلُ لِذَلِكَ الْبَائِعُ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْرِفُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ بِمُوَاطَأَةٍ أَوْ غَيْرِهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَلْ لِيَخْدَعَ غَيْرَهُ) يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا لَوْ قَصَدَ بِذَلِكَ ضَرَرَ الْمُشْتَرِي. قَوْلُهُ: (وَهُوَ لِلْعَالِمِ بِالنَّهْيِ) إشَارَةٌ إلَى رَدِّ قَوْلِ بَعْضِهِمْ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ هُنَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ عَلَى الْبَيْعِ لِأَنَّهُ خَدِيعَةٌ وَتَحْرِيمُ الْخَدِيعَةِ مَعْلُومٌ مِنْ الْعُمُومَاتِ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ النِّزَاعُ، إنَّمَا هُوَ فِي نَهْيِ خَاصٍّ أَمَّا الْعِلْمُ بِالتَّحْرِيمِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ فِي التَّأْثِيمِ قَطْعًا أَيْ عِنْدَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَأَمَّا فِي الْحُكْمِ الظَّاهِرِ لِلْقُضَاةِ فَمَا اُشْتُهِرَ تَحْرِيمُهُ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الِاعْتِرَافِ بِالْعِلْمِ بِخِلَافِ الْخَفِيِّ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَهُ الْخِيَارُ) أَيْ كَمَا فِي التَّصْرِيَةِ وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ التَّدْلِيسَ فِيهَا فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ، وَبِأَنَّ الْمُشْتَرِي فِيهَا لَا تَفْرِيطَ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَوَهَّمَ إلَخْ) هَذَا التَّفْصِيلُ يُتَّجَهُ طَرْدُهُ فِي بَيْعِ السِّلَاحِ لِقَاطِعِ الطَّرِيقِ. قَوْلُهُ: (وَحُرْمَتُهُ) اسْتَدَلَّ الْبَيْهَقِيُّ بِحَدِيثِ «لَعَنْ اللَّهُ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إلَيْهِ وَآكِلَ ثَمَنِهَا» وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ التَّسَبُّبِ إلَى الْحَرَامِ أَقُولُ: وَبِالْجُمْلَةِ فَلَيْسَ مُضَافًا خَاصًّا بِبَيْعِ الْعِنَبِ وَنَحْوِهِ الْمَذْكُورِ وَالْفَصْلُ مَعْقُودٌ لِمَا فِيهِ نَهْيٌ خَاصٌّ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَحْرُمُ التَّفْرِيقُ) وَلَوْ رَضِيَتْ الْأُمُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>