للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ رَدَّهَا بِالْعَيْبِ فَلِلْبَائِعِ مِنْ ذَلِكَ قَدْرُ أَرْشِ الْبَكَارَةِ، وَإِنْ تَلِفَتْ بَعْدَ اقْتِضَاضِ الْمُشْتَرِي فَعَلَيْهِ لِلْبَائِعِ مِنْ الثَّمَنِ مَا اسْتَقَرَّ بِاقْتِضَاضِهِ وَهُوَ قَدْرُ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا.

فَصْلٌ التَّصْرِيَةُ حَرَامٌ وَهِيَ أَنْ تُرْبَطَ أَخْلَافُ النَّاقَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَلَا تُحْلَبَ يَوْمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَيَجْتَمِعَ اللَّبَنُ فِي ضَرْعِهَا وَيَظُنَّ الْجَاهِلُ بِحَالِهَا كَثْرَةَ مَا تَحْلِبُهُ كُلَّ يَوْمٍ فَيَرْغَبَ فِي شِرَائِهَا بِزِيَادَةٍ. وَالْأَخْلَافُ جَمْعُ خِلْفَةٍ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَبِالْفَاءِ حَلَمَةُ الضَّرْعِ وَالْأَصْلُ فِي التَّحْرِيمِ وَالْمَعْنَى فِيهِ التَّلْبِيسُ حَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ: «لَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ فَمَنْ ابْتَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِبَهَا إنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ» . وَقَوْلُهُ: تُصَرُّوا بِوَزْنِ تُزَكُّوا مِنْ صَرِيَ الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ جَمَعَهُ وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ بَعْدَ النَّهْيِ (تُثْبِتُ الْخِيَارَ عَلَى الْفَوْرِ) مِنْ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهَا كَخِيَارِ الْعَيْبِ (وَقِيلَ: يَمْتَدُّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «مَنْ اشْتَرَى شَاةً مُصَرَّاةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ رَدَّهَا رَدَّ مَعَهَا صَاعَ تَمْرٍ لَا سَمْرَاءَ» أَيْ حِنْطَةً وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ وَهُوَ أَنَّ التَّصْرِيَةَ لَا تَظْهَرُ إلَّا بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَا حَالَةَ نَقْصِ اللَّبَنِ قَبْلَ تَمَامِهَا، عَلَى اخْتِلَافِ الْعَطْفِ أَوْ الْمَأْوَى أَوْ تُبَدَّلُ الْأَيْدِي أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَابْتِدَاءُ الثَّلَاثَةِ مِنْ الْعَقْدِ. وَقِيلَ: مِنْ التَّفَرُّقِ وَلَوْ عُرِفَتْ التَّصْرِيَةُ قَبْلَ تَمَامِ الثَّلَاثَةِ بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ أَوْ بَيِّنَةٍ امْتَدَّ الْخِيَارُ إلَى تَمَامِهَا أَوْ بَعْدَ التَّمَامِ فَلَا خِيَارَ لِامْتِنَاعِ مُجَاوَزَةِ الثَّلَاثَةِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَهُ الْخِيَارُ. وَلَوْ اشْتَرَى وَهُوَ عَالِمٌ بِالتَّصْرِيَةِ فَلَهُ الْخِيَارُ الثَّلَاثَةَ لِلْحَدِيثِ. وَلَا خِيَارَ لَهُ عَلَى الْأَوَّلِ كَسَائِرِ الْعُيُوبِ

(فَإِنْ رَدَّ) الْمُصَرَّاةَ (بَعْدَ

ــ

[حاشية قليوبي]

إلَى الثَّمَنِ. قَوْلُهُ: (فَلِلْبَائِعِ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ الَّذِي أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْأَجْنَبِيِّ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَوْ مَا نَقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ. قَوْلُهُ: (قَدْرُ أَرْشِ الْبَكَارَةِ) أَيْ قَدْرُ نِسْبَتِهِ إلَى الْقِيمَةِ مِنْ الثَّمَنِ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: وَهُوَ قَدْرُ مَا نَقَصَ أَيْ بِنِسْبَةِ مَا نَقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ مِنْ الثَّمَنِ، وَاعْلَمْ أَنَّ قَدْرَ أَرْشِ الْبَكَارَةِ تَابِعٌ لِلْمَبِيعِ، فَهُوَ لِلْبَائِعِ إنْ فُسِخَ الْعَقْدُ وَالْمُشْتَرِي إنْ لَمْ يُفْسَخْ وَمَا عَدَاهُ لِلْمُشْتَرِي مُطْلَقًا.

فَصْلٌ فِي التَّغْرِيرِ الْفِعْلِيِّ قَوْلُهُ: (التَّصْرِيَةُ) وَيُقَالُ لِلْمُصَرَّاةِ مُحَفَّلَةٌ بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ مِنْ الْحُفَّلِ وَهُوَ الْجَمْعُ. قَوْلُهُ: (حَرَامٌ) أَيْ عَلَى الْعَالِمِ بِهَا وَإِلَّا فَلَا حُرْمَةَ وَإِنْ ثَبَتَ الْخِيَارُ بِهَا. قَوْلُهُ: (وَهِيَ) أَيْ لُغَةً وَأَمَّا شَرْعًا فَهِيَ أَعَمُّ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (التَّلْبِيسُ) أَيْ عِنْدَ إرَادَةِ الْبَيْعِ وَالضَّرَرِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (بِوَزْنِ تُزَكُّوا) فَهُوَ بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الصَّادِ وَقِيلَ بِالْعَكْسِ. قَوْلُهُ: (تُثْبِتُ الْخِيَارَ) أَيْ إنْ لَمْ تَدْرِ عَلَى مَا أَشْعَرَتْ بِهِ التَّصْرِيَةُ عَلَى الْأَوْجَهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ بَعْضَهَا أَوْ كُلَّهَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ التَّصْرِيَةُ بِقَصْدٍ كَمَا مَرَّ أَوْ لِنَحْوِ نِسْيَانٍ أَوْ شُغْلٍ أَوْ تَحَفَّلَتْ بِنَفْسِهَا. قَوْلُهُ: (وَابْتِدَاءُ الثَّلَاثَةِ إلَخْ) اعْتَبَرَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ الثَّلَاثَةَ مِنْ ظُهُورِ التَّصْرِيَةِ وَهُوَ مَرْجُوحٌ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ. قَوْله: (وَلَوْ اشْتَرَى) هُوَ مَفْهُومُ قَيْدِ الِاطِّلَاعِ الْمُتَقَدِّمِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ رَدَّ الْمُصَرَّاةَ) أَيْ وَلَوْ بِعَيْبٍ غَيْرٍ التَّصْرِيَةِ، وَغَيْرُ الْمُصَرَّاةِ مِثْلُهَا فِي رَدِّ الصَّاعِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ

ــ

[حاشية عميرة]

وَاقْتِضَاضُ الْبِكْرِ) هُوَ إزَالَةُ الْقِضَّةِ بِكَسْرِ الْقَافِ وَهِيَ الْبَكَارَةُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ قَدْرُ مَا نَقَصَ) أَيْ فَتُنْظَرُ نِسْبَتُهُ لِلْقِيمَةِ، ثُمَّ تُوجَبُ مِثْلُ تِلْكَ النِّسْبَةِ مِنْ الثَّمَنِ هَذَا مُرَادُهُ بِلَا رَيْبٍ.

[فَصْلٌ التَّصْرِيَةُ حَرَامٌ]

ٌ هِيَ مِنْ صَرَّى الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ إذَا جَمَعَهُ، وَيُقَالُ لَهَا: مُحَفَّلَةٌ مِنْ الْحَفْلِ، وَهُوَ الْجَمْعُ وَمِنْهُ الْمُحَفَّلُ بِفَتْحِ الْفَاءِ لِلْجَمَاعَةِ الْمُجْتَمِعِينَ، ثُمَّ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّهَا حَرَامٌ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْبَيْعَ، وَلَهُ وَجْهٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تَضُرُّ بِالدَّابَّةِ. قَوْلُهُ: (بِوَزْنِ تُزَكُّوا) أَيْ فَنَصْبُ الْإِبِلِ كَنَصْبِ أَنْفُسِكُمْ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: ٣٢] .

قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثَبَتَ الْخِيَارُ إلَخْ) أَمَّا الْخِيَارُ فَلِلْحَدِيثِ وَأَمَّا الْفَوْرُ فَكَالْعَيْبِ، وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّبَنَ، يُقَابِلُهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنُ وَإِنْ تَلِفَ بَعْضُ الْعُقُودُ عَلَيْهِ يَمْنَعُ رَدَّ الْبَاقِي وَقِيَاسُ ذَلِكَ امْتِنَاعُ رَدِّ الْمُصَرَّاةِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: لَكِنْ جَوَّزْنَاهُ اتِّبَاعًا لِلْإِخْبَارِ وَلَوْ رَضِيَ بِالتَّصْرِيَةِ، وَلَكِنْ رَدَّهَا بِعَيْبِ آخَرَ، بَعْدَ الْحَلْبِ رَدَّ الصَّاعَ أَيْضًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَوْ حَلَبَ غَيْرَ الْمُصَرَّاةِ ثُمَّ رَدَّهَا بِعَيْبٍ فَالْمَنْصُوصُ، جَوَازًا الرَّدُّ مَجَّانًا وَقِيلَ مَعَ الصَّاعِ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>