للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ السَّلَمِ

وَيُقَالُ فِيهِ السَّلَفُ (هُوَ بَيْعُ مَوْصُوفٍ) بِالْجَرِّ (فِي الذِّمَّةِ) هَذِهِ خَاصَّتُهُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا وَيَخْتَصُّ أَيْضًا بِلَفْظِ السَّلَمِ فِي الْأَصَحِّ كَمَا سَيَأْتِي (وَيُشْتَرَطُ لَهُ مَعَ شُرُوطِ الْبَيْعِ) الْمُتَوَقِّفِ صِحَّتُهُ عَلَيْهَا لِيَصِحَّ هُوَ أَيْضًا (أُمُورٌ أَحَدُهَا تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَالِ) وَهُوَ الثَّمَنُ (فِي الْمَجْلِسِ فَلَوْ أَطْلَقَ) فِي الْعَقْدِ كَأَنْ قَالَ: أَسْلَمْت إلَيْك دِينَارًا فِي ذِمَّتِي فِي كَذَا (ثُمَّ عَيَّنَ وَسَلَّمَ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ) ذَلِكَ وَصَحَّ الْعَقْدُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ، وَلَوْ تَفَرَّقَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ بَطَلَ الْعَقْدُ (وَلَوْ أَحَالَ) الْمُسْلِمُ (بِهِ

ــ

[حاشية قليوبي]

كِتَابُ السَّلَمِ

وَيُقَالُ فِيهِ السَّلَفُ وَسُمِّيَ سَلَمًا لِتَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَالِ فِيهِ، وَسَلَفًا لِتَقَدُّمِهِ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ فَهُوَ لُغَةً التَّعْجِيلُ أَوْ التَّأْخِيرُ، وَشَرْعًا مَا سَيَأْتِي وَاخْتَارَ لَفْظَ السَّلَمِ وَإِنْ كَرِهَهُ ابْنُ عُمَرَ كَمَا نُقِلَ عَنْهُ لِإِطْلَاقِ السَّلَفِ عَلَى الْقَرْضِ، وَذَكَرَ الشَّارِحُ السَّلَفَ لِأَنَّهُ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ. قَوْلُهُ: (هُوَ بَيْعٌ) فَلَا يَصِحُّ لِكَافِرٍ وَلَا مِنْ كَافِرٍ فِي مُسْلِمٍ وَلَا مُصْحَفٍ وَلَا مِنْ حَرْبِيٍّ فِي آلَةِ حَرْبٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِالْجَرِّ) لِلْإِضَافَةِ لَا بِالرَّفْعِ نَعْتًا لِأَنَّ الَّذِي يُوصَفُ الْمَبِيعُ لَا الْبَيْعُ. قَوْلُهُ: (هَذِهِ خَاصَّتُهُ) أَيْ حَقِيقَتُهُ فَلَفْظُ السَّلَمِ مِنْ حَقِيقَتِهِ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الصِّيغَةِ فَذَكَرَ كَوْنَهُ دَيْنًا فِيمَا يَأْتِي تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (مَعَ شُرُوطِ الْبَيْعِ) أَيْ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ بِغَيْرِ لَفْظِ السَّلَمِ فَلَا حَاجَةَ لِاسْتِثْنَاءِ الرُّؤْيَةِ كَمَا فَعَلَهُ الْمَنْهَجُ إلَّا إنْ أَرَادَ بِالْبَيْعِ الْمُعَيَّنَ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ. قَوْلُهُ: (الْمُتَوَقِّفِ صِحَّتُهُ عَلَيْهَا) فَالْمُرَادُ بِالشُّرُوطِ مَا يَعُمُّ الْأَرْكَانَ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (أُمُورٌ) أَيْ سَبْعَةٌ لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ أَوَّلَهَا وَهِيَ حُلُولُ رَأْسِ الْمَالِ وَتَسْلِيمُهُ فِي الْمَجْلِسِ وَبَيَانُ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ وَالْقُدْرَةُ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَالْعِلْمُ بِقَدْرِهِ وَالْعِلْمُ بِأَوْصَافِهِ وَذَكَرَهَا فِي الْعَقْدِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ الْعِلْمَ بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ وَكَوْنُهُ دَيْنًا وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا مِنْ شُرُوطِ الْبَيْعِ فِي الذِّمَّةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (تَسْلِيمُ) الْمُرَادُ بِهِ مَا يَعُمُّ التَّسَلُّمَ كَمَا فِي الرِّبَا فَلَا يَصِحُّ مَعَ النَّهْيِ عَنْهُ كَمَا لَا يَكْفِي الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَالَ شَيْخُنَا م ر: لَا بُدَّ هُنَا مِنْ التَّسْلِيمِ بِالْفِعْلِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَكْفِي الْقَبْضُ هُنَا وَلَوْ مَعَ النَّهْيِ عَنْهُ حَذَرًا مِنْ بُطْلَانِ الْعَقْدِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَخَرَجَ بِهَذَا مَا لَوْ قَالَ لِمَدِينِهِ اجْعَلْ

ــ

[حاشية عميرة]

[كِتَابُ السَّلَمِ]

قَوْلُهُ: (هَذِهِ خَاصَّتُهُ إلَخْ) اعْتِذَارٌ عَنْ إسْقَاط قَوْلِ غَيْرِهِ بِلَفْظِ السَّلَمِ الْمَانِعِ مِنْ إيرَادِ بَيْعِ الْمَوْصُوفِ فِي الذِّمَّةِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَعَ شُرُوطِ الْبَيْعِ إلَخْ) لِمَا سَلَفَ قَرِيبًا فِي التَّعْرِيفِ مِنْ أَنَّ السَّلَمَ بَيْعٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أُمُورٌ) قَالَ السُّبْكِيُّ: سَبْعَةٌ تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَالِ وَكَوْنُ الْمُسْلَمِ فِيهِ دَيْنًا مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ مَعْلُومُ الْمِقْدَارِ مَعْرُوفُ الْأَوْصَافِ وَالْعِلْمُ بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ، وَبَيَانُ مَوْضِعِ التَّسْلِيمِ، قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْذَفَ كَوْنُ الْمُسْلَمِ فِيهِ دَيْنًا لِأَنَّهُ رُكْنٌ مَذْكُورٌ فِي الْحَدِّ وَكَوْنُهُ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ مَعْرُوفُ الْأَوْصَافِ وَمَعْلُومُ الْمِقْدَارِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَرْجِعُ إلَى الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ وَالْعِلْمِ الْمُشْتَرَطَيْنِ فِي أَصْلِ الْمَبِيعِ. نَعَمْ فِيهَا تَفَاصِيلُ هُنَا فَيَحْسُنُ ذِكْرُهَا أَمَّا الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ فَتَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَالِ وَمَعْرِفَةُ الْمِقْدَارِ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا عَلَى قَوْلٍ وَبَيَانُ مَوْضِعِ التَّسْلِيمِ انْتَهَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (رَأْسِ الْمَالِ) فَلَوْ تَخَايَرَا أَوْ تَفَرَّقَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ، أَوْ بَعْدَ قَبْضِ الْبَعْضِ صَحَّ بِقِسْطِهِ وَلَوْ قَبَضَ الْمُسْلَمَ فِيهِ الْحَالَ فِي الْمَجْلِسِ لَمْ يُغْنِ عَنْ تَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَالِ، بَلْ لَوْ كَانَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ دَرَاهِمُ فَجَعَلَهَا رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ وَقَبَضَ الْمُسْلَمَ فِيهِ الْحَالَ فِي الْمَجْلِسِ، لَمْ يُفِدْ ذَلِكَ الصِّحَّةَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (جَازَ) أَيْ كَنَظِيرِهِ مِنْ الصَّرْفِ وَبَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ ثُمَّ إذَا كَانَ الثَّمَنُ فِي الذِّمَّةِ فَحُكْمُهُ فِي اشْتِرَاطِ

<<  <  ج: ص:  >  >>