للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَأَصْلِهَا وَكَانَ إسْقَاطُهُ هُنَا لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْ: " وَاصْرِفْهُ فِي حَوَائِجِك "، وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ أَنَّ أَخْذَهُ بِكَذَا كِنَايَةٌ فِيهِ فَيَتَأَتَّى مِثْلُهُ هُنَا فَيَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ (وَيُشْتَرَطُ قَبُولُهُ) أَيْ الْإِقْرَاضِ (فِي الْأَصَحِّ) كَالْبَيْعِ. وَالثَّانِي قَالَ: هُوَ إبَاحَةُ إتْلَافٍ عَلَى شَرْطِ الضَّمَانِ فَلَا يَسْتَدْعِي الْقَبُولَ

(وَ) يُشْتَرَطُ (فِي الْمُقْرِضِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ زِيَادَةٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ أَنَّ شَرْطَ الْعَاقِدِ الرُّشْدُ الشَّامِلُ لِلْمُقْرِضِ وَالْمُقْتَرِضِ (أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ) لِأَنَّ فِي الْإِقْرَاضِ تَبَرُّعًا فَلَا يَصِحُّ إقْرَاضُ الْوَلِيِّ مَالَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ

(وَيَجُوزُ إقْرَاضُ مَا يُسْلَمُ فِيهِ) مِنْ حَيَوَانٍ وَغَيْرِهِ (إلَّا الْجَارِيَةَ الَّتِي تَحِلُّ لِلْمُقْتَرِضِ) فَلَا يَجُوزُ إقْرَاضُهَا لَهُ (فِي الْأَظْهَرِ)

ــ

[حاشية قليوبي]

يَشْمَلُ الْبَيْعَ وَالْقَرْضَ، فَإِنْ نَوَى بِهِ الْبَيْعَ فَبَيْعٌ، وَإِلَّا فَقَرْضٌ، وَأَمَّا خُذْهُ فَقَطْ فَكِنَايَةٌ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ الْقَرْضَ وَالصَّدَقَةَ، وَشِبْهُ الْبَدَلِ أَوْ الْمِثْلُ كَذِكْرِهِ وَيَصْدُقُ فِي إرَادَتِهِمَا وَكَذَا مَلَّكْتُكَهُ وَلَوْ فِي مُضْطَرٍّ دَفْعًا لِلْمَنْعِ مِنْ هَذِهِ الْمَكْرُمَةِ وَفِي ابْنِ حُجْرٌ أَنَّ لَفْظَ الْعَارِيَّةِ كِنَايَةٌ فِي قَرْضِ الْمَنْفَعَةِ الْمُعَيَّنَةِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مَلَّكْتُكَهُ إلَخْ) هُوَ صَرِيحٌ أَيْضًا حَيْثُ ذَكَرَ الْبَدَلَ وَإِلَّا فَلَا.

قَوْلُهُ: (وَكَانَ إسْقَاطُهُ) أَيْ خُذْهُ وَاصْرِفْهُ إلَخْ. قَوْلُهُ: (لِلِاسْتِغْنَاءِ إلَخْ) فَاسْتَغْنَى الْمُصَنِّفُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ خُذْهُ بِمِثْلِهِ الْمُسَاوِي لِبَدَلِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِكَذَا) الْمُرَادُ مِنْ كَذَا مَاصَدَقُهُ كَعَشَرَةٍ أَوْ خَمْسَةٍ لَا لَفْظُهُ، فَلَا حَاجَةَ لِمَا طَوَّلَ بِهِ بَعْضُهُمْ هُنَا مِنْ الْإِشْكَالِ وَالِاعْتِرَاضِ، وَغَرَضُ الشَّارِحِ إفَادَةُ أَنَّ لِلْقَرْضِ كِنَايَاتٌ كَالْبَيْعِ وَضَعَهَا هُنَا بِأَنْ يَقُولَ لَهُ خُذْ هَذِهِ الْعَشَرَةَ بِعَشَرَةٍ كَمَا مَرَّ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ قَبُولُهُ) أَيْ الْإِقْرَاضِ غَيْرِ الْحُكْمِيِّ، أَمَّا الْحُكْمِيُّ فَلَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ وَلَا إلَى إيجَابٍ فِيهِ كَإِطْعَامِ جَائِعٍ وَكِسْوَةِ عَارٍ وَإِنْفَاقٍ عَلَى لَقِيطٍ، مَعَ إذْنِ حَاكِمٍ أَوْ إشْهَادٍ وَلَا تَكْفِي نِيَّةُ رُجُوعٍ وَمِنْهُ نُقُوطُ الْأَفْرَاحِ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ صَاحِبُ الْفَرَحِ، وَمِنْهُ كِسْوَةُ نَحْوِ حَاجٍّ مِمَّنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّهُ يُرَدُّ وَمِنْهُ أَمْرُ غَيْرِهِ بِصَرْفِ مَالِهِ غَرَضٌ فِيهِ، كَظَالِمٍ أَوْ شَاعِرٍ أَوْ بِنَاءِ دَارٍ أَوْ شِرَاءِ مَتَاعٍ، وَمِنْهُ اقْبِضْ وَدِيعَتِي قَرْضًا عَلَيْك بِخِلَافِ اقْبِضْ دَيْنِي قَرْضًا عَلَيْك وَإِنْ بَرِّئْ بِهِ الدَّافِعُ، لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَكُونُ وَكِيلًا فِي إزَالَةِ مِلْكِ نَفْسِهِ، وَلَوْ قَالَ اقْتَرِضْ لِي مِائَةً وَلَك عَشَرَةٌ لَزِمَتْهُ الْعَشَرَةُ لِأَنَّهَا جِعَالَةٌ كَذَا قَالُوهُ. وَلَعَلَّهُ إنْ كَانَ فِي الِاقْتِرَاضِ كُلْفَةٌ تُقَابَلُ بِمَالٍ فَرَاجِعْهُ فَإِنْ كَانَ الْمِائَةُ مِنْ مَالِ الْمَأْمُورِ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا وَصَوَّرَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا إطْعَامَ الْمُضْطَرِّ وَنَحْوِهِ مِمَّا ذُكِرَ بِمَا إذَا كَانَ الْمَطْعَمُ مِمَّنْ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ كَالْفَقِيرِ وَعَجْزُ الْمُضْطَرِّ عَنْ الْمُعَاقَدَةِ مَعَهُ حَتَّى لَا يُنَافِيَ مَا ذَكَرُوهُ فِي السِّيَرِ مِنْ وُجُوبِ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ.

فَرْعٌ: الْجُمُعَةُ الْمَشْهُورَةُ بَيْنَ النِّسَاءِ بِأَنْ تَأْخُذَ امْرَأَةٌ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنْهُنَّ قَدْرًا مُعَيَّنًا فِي كُلِّ جُمُعَةٍ أَوْ شَهْرٍ وَتَدْفَعُهُ لِوَاحِدَةٍ بَعْدَ وَاحِدَةٍ، إلَى آخِرِهِنَّ جَائِزَةٌ كَمَا قَالَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ. قَوْلُهُ: (كَالْبَيْعِ) وَمِنْهُ تَوَافُقُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، فَلَوْ أَقْرَضَهُ أَلْفًا فَقِيلَ خَمْسُمِائَةٍ لَمْ يَصِحَّ وَمِنْهُ صِحَّةُ تَقْدِيمِ الِاسْتِيجَابِ وَتَقْدِيمُ قَبِلْت.

قَوْلُهُ: (الرُّشْدُ) أَيْ وَالِاخْتِيَارُ أَيْضًا فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ هُنَا فَشَرْطُ الْمُقْتَرَضِ أَهْلِيَّةُ الْمُعَامَلَةِ. قَوْلُهُ: (أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ) أَيْ بِمَا يُقْرِضُهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِيهِ بِسَائِرِ وُجُوهِ التَّصَرُّفَاتِ، فَلَا يَرِدُ صِحَّةُ تَدْبِيرِ السَّفِيهِ وَوَصِيَّتِهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ فِي الْإِقْرَاضِ تَبَرُّعًا) وَلِذَلِكَ امْتَنَعَ تَأْجِيلُهُ وَلَمْ يَجِبْ فِيهِ التَّقَابُضُ فِي الرِّبَوِيِّ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ إقْرَاضُ الْوَلِيِّ مَالَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ) نَعَمْ لِلْحَاكِمِ إقْرَاضُ مَالِ الصَّبِيِّ كَالْمُفْلِسِ بِرِضَا الْغُرَمَاءِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فِيهِمَا، وَلَا يُقْرِضُ الْوَلِيُّ مَالَ مَحْجُورِهِ حَيْثُ جَازَ إلَّا مِنْ أَمِينٍ ثِقَةٍ مَعَ أَخْذِ وَثِيقَةٍ، وَإِشْهَادٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَالَ شَيْخُنَا وَمِنْ الضَّرُورَةِ الِاضْطِرَارُ فَيَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ أَنْ يُطْعِمَ الْمُضْطَرَّ وَيَكْسُوَهُ مِنْ مَالِ مَحْجُورِهِ قَرْضًا فِي غَيْرِ الْمُوسِرِ وَبِلَا بَدَلٍ مِنْ مَالِ مَحْجُورِهِ الْمُوسِرِ لِأَنَّهُ مِنْ أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ.

[إقْرَاضُ مَا يُسْلَمُ فِيهِ مِنْ حَيَوَانٍ]

قَوْلُهُ: (مَا يُسْلَمُ فِيهِ) أَيْ لِصِحَّةِ ثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَرْضُ الْفِضَّةِ كَالْمَقَاصِيصِ لِلْجَهْلِ بِمِقْدَارِ مَا نَقَصَ مِنْهَا خِلَافًا لِمَا عَلَيْهِ الْمُفْتِيُونَ فِي هَذَا الزَّمَنِ الَّذِينَ هُمْ كَقَرِيبِي الْعَهْدِ لِلْإِسْلَامِ. قَوْلُهُ: (مِنْ حَيَوَانٍ وَغَيْرِهِ) مُعَيَّنًا أَوْ مَوْصُوفًا فِي الذِّمَّةِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُعَيَّنِ كَهَذَا قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ وَلَا بَعْدَهُ، وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ وَيُشْتَرَطُ فِيمَا فِي الذِّمَّةِ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَهُ عَلَى الْفَوْرِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. وَشَمَلَ مَا ذَكَرَ الْمَغْشُوشَ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ جَهِلَ قَدْرَ غِشِّهِ حَيْثُ اُعْتِيدَ وَصُبْرَةُ الدَّرَاهِمِ إنْ أَمْكَنَ عِلْمُهَا بَعْدَ ذَلِكَ. وَشَمَلَ الْمَنْفَعَةَ لِعَيْنٍ أَوْ لِمَا فِي الذِّمَّةِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ: (الْجَارِيَةَ) وَلَوْ رَتْقَاءَ أَوْ قَرْنَاءَ أَوْ غَيْرَ مُشْتَهَاةٍ

ــ

[حاشية عميرة]

اخْتَلَفَا فِي ذِكْرِ الْبَدَلِ فِي هَذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُخَاطَبِ وَهُوَ الْآخِذُ. قَوْلُهُ: (وَكَانَ إسْقَاطُهُ هُنَا إلَخْ) لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ خُذْهُ وَاصْرِفْهُ فِي حَوَائِجِك فَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي، وَحُكِيَ فِي ذَلِكَ وَجْهَيْنِ فِي الْمَطْلَبِ. قَوْلُهُ: (فَيَأْتِي مِثْلُهُ هُنَا) أَيْ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ السَّابِقِ خُذْهُ بِمِثْلِهِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي قَالَ إلَخْ) أَيْ لَيْسَ سَبِيلُهُ سَبِيلَ الْمُعَاوَضَاتِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ الرُّجُوعِ فِيهِ عِنْدَ بَقَائِهِ وَعَدَمِ اشْتِرَاطِ قَبْضِ الرِّبَوِيِّ فِي الْمَجْلِسِ وَعَدَمِ قَبُولِهِ التَّأْجِيلَ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا الْجَارِيَةَ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: يُؤْخَذُ مِنْهُ حِلُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>