للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الشِّرْكَةِ بِكَسْرِ الشِّينِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، وَحُكِيَ فَتْحُ الشِّينِ وَكَسْرُ الرَّاءِ (هِيَ أَنْوَاعٌ شِرْكَةُ الْأَبْدَانِ كَشِرْكَةِ الْحَمَّالِينَ وَسَائِرِ الْمُحْتَرِفَةِ) كَالدَّلَّالِينَ وَالنَّجَّارِينَ وَالْخَيَّاطِينَ (لِيَكُونَ بَيْنَهُمَا كَسْبُهُمَا) بِحِرْفَتِهِمَا (مُتَسَاوِيًا أَوْ مُتَفَاوِتًا مَعَ اتِّفَاقِ الصَّنْعَةِ) كَمَا ذُكِرَ، (أَوْ اخْتِلَافُهَا) كَالْخَيَّاطِ وَالرَّفَّاءِ وَالنَّجَّارِ وَالْخَرَّاطِ (وَشِرْكَةُ الْمُفَاوَضَةِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ: بِأَنْ يَشْتَرِكَا (لِيَكُونَ بَيْنَهُمَا كَسْبُهُمَا) قَالَ الشَّيْخُ فِي التَّنْبِيهِ: بِأَمْوَالِهِمَا وَأَبْدَانِهِمَا، (وَعَلَيْهِمَا مَا يَعْرِضُ) بِكَسْرِ الرَّاءِ (مِنْ غُرْمٍ) وَسُمِّيَتْ مُفَاوَضَةً مِنْ تَفَاوَضَا فِي الْحَدِيثِ شَرَعَا فِيهِ جَمِيعًا (وَشِرْكَةُ الْوُجُوهِ بِأَنْ يَشْتَرِكَ الْوَجِيهَانِ لِيَبْتَاعَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمُؤَجَّلٍ) ، وَيَكُونُ

ــ

[حاشية قليوبي]

كِتَابُ الشِّرْكَةِ هِيَ اسْمُ مَصْدَرٍ لِأَشْرَكَ وَمَصْدَرُهُ الْإِشْرَاكُ، وَيُقَالُ لِمَنْ أَثْبَتَهَا مُشْرِكٌ وَشَرِيكٌ، لَكِنَّ الْعُرْفَ خَصَّصَ الْإِشْرَاكَ وَالْمُشْرِكَ بِمِنْ جَعَلَ لِلَّهِ شَرِيكًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَكَسْرِ الرَّاءِ) أَيْ وَسُكُونِهَا. قَوْلُهُ: (هِيَ الشِّرْكَةُ الشَّرْعِيَّةُ) ؛ لِأَنَّ اللُّغَوِيَّةَ أَعَمُّ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ، إذْ مَعْنَاهَا الْخُلْطَةُ مُطْلَقًا، كَذَا قَالُوا وَالْوَجْهُ أَنَّ الشَّرْعِيَّةَ أَعَمُّ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ، أَوْ أَنَّ بَيْنَهُمَا عُمُومًا مِنْ وَجْهٍ فَتَأَمَّلْ. وَمَعْنَاهَا شَرْعًا ثُبُوتُ الْحَقِّ فِي شَيْءٍ لِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ، فَدَخَلَ نَحْوُ الْقِصَاصِ وَحَدُّ الْقَذْفِ وَالشُّفْعَةُ، فَقَوْلُهُمْ: عَقْدٌ يَقْتَضِي ثُبُوتَ ذَلِكَ قَاصِرٌ أَوْ الْمُرَادُ بِهِ خُصُوصُ الْأَمْوَالِ غَالِبًا، وَقَوْلُهُمْ: ثُبُوتُ الْحَقِّ إلَخْ مُرَادُهُمْ حَالًا أَوْ مَآلًا بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقَوْلِ بِدَلِيلِ الْأَنْوَاعِ الْمَذْكُورَةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (شِرْكَةُ الْأَبْدَانِ) جَوَّزَهَا أَبُو حَنِيفَةَ مُطْلَقًا وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ مَعَ اتِّحَادِ الْحِرْفَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الشِّرْكَةِ وَإِنَّمَا لَهُ حُكْمُهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ انْفَرَدَ كُلٌّ لِوَاحِدٍ، وَكَذَا يُقَالُ: فِيمَا بَعْدَهَا ثُمَّ عَلَى الْبُطْلَانِ، فَمَا انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِكَسْبِهِ، فَهُوَ لَهُ وَمَا اشْتَرَكَا فِيهِ يُوَزَّعُ عَلَيْهِمَا بِنِسْبَةِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (الْمُفَاوَضَةِ) جَوَّزَهَا أَبُو حَنِيفَةَ. قَوْلُهُ: (بِأَمْوَالِهِمَا) أَيْ مِنْ غَيْرِ خَلْطِهِمَا، كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الشَّارِحِ الْآتِي، وَصَرَّحَ بِهِ السُّبْكِيُّ فَتَخْرُجُ بِالْخَلْطِ عَنْ الْمُفَاوَضَةِ فَاسْتِدْرَاكُ بَعْضِهِمْ بِقَوْلِهِ. نَعَمْ إنْ نَوَيَا بِتَفَاوَضْنَا شَرِكَةَ الْعِنَانِ صَحَّتْ فِيهِ نَظَرٌ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ لِبَيَانِ حُكْمٍ مُسْتَقِلٍّ، وَهُوَ مَا لَوْ خَلَطَا مَالَيْنِ وَقَالَا تَفَاوَضْنَا وَنَوَيَا بِهِ شِرْكَةَ الْعِنَانِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ أَيْضًا، فَإِنْ فُقِدَ ذَلِكَ فَهِيَ مِنْ أَفْرَادِ شِرْكَةِ الْعِنَانِ الْفَاسِدَةِ بِفَقْدِ شَرْطٍ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَأَبْدَانُهُمَا) عِبَارَةُ غَيْرِهِ أَوْ أَبْدَانُهُمَا وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّهَا تَكُونُ بِالْأَبْدَانِ فَقَطْ، أَوْ الْأَمْوَالِ فَقَطْ أَوْ بِهِمَا مَعًا يَجْعَلُهَا مَانِعَةَ خُلُوٍّ. قَوْلُهُ: (مِنْ غُرْمٍ) أَيْ وَلَوْ بِغَيْرِ الشِّرْكَةِ كَغَصْبٍ وَنَحْوِهِ، وَسَيَأْتِي أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا يَضُرُّ فِي شِرْكَةِ الْعِنَانِ. إلَّا إنْ صَرَّحَ بِغَرَامَةِ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالشِّرْكَةِ. قَوْلُهُ: (وَشِرْكَةُ الْوُجُوهِ) مِنْ الْوَجَاهَةِ أَيْ الْعَظَمَةِ وَالصَّدَاقَةِ لَا مِنْ الْوَجْهِ. قَوْلُهُ: (الْوَجِيهَانِ إلَخْ) هَذَا أَشْهَرُ مَا فُسِّرَتْ بِهِ وَفُسِّرَتْ بِأَنْ يَشْتَرِكَ وَجِيهٌ، وَخَامِلٌ إمَّا بِأَنَّ الْوَجِيهَ يَشْتَرِي، وَالْخَامِلَ يَبِيعُ، أَوْ بِأَنْ يَعْمَلَ الْوَجِيهُ وَالْمَالُ لِلْخَامِلِ فِي يَدِهِ، أَوْ يَدْفَعَهُ إلَى الْوَجِيهِ لِيَبِيعَهُ بِزِيَادَةٍ، وَعَلَى كُلٍّ يَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا. قَوْلُهُ: (وَيَكُونَ) مَنْصُوبٌ عَطْفًا

ــ

[حاشية عميرة]

[كِتَابُ الشِّرْكَةِ]

هِيَ لُغَةً الِاخْتِلَاطُ عَلَى الشُّيُوعِ أَوْ الْمُجَاوَرَةِ، وَشَرْعًا ثُبُوتُ الْحَقِّ فِي الشَّيْءِ الْوَاحِدِ لِشَخْصَيْنِ فَأَكْثَرَ عَلَى وَجْهِ الشُّيُوعِ، وَهَذَا شَامِلٌ لِلثُّبُوتِ الْقَهْرِيِّ وَغَيْرِهِ لَكِنَّ غَرَضَ الْبَابِ، هُوَ الشِّرْكَةُ الَّتِي تَحْدُثُ بِالِاخْتِيَارِ لِقَصْدِ التَّصَرُّفِ وَالرِّبْحِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (هِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>