للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الْإِقْرَارِ أَيْ الِاعْتِرَافِ (يَصِحُّ مِنْ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ) أَيْ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ غَيْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُ مُكْرَهٍ. (وَإِقْرَارُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لَاغٍ) ذَكَرًا كَانَ كُلُّ مِنْهُمَا أَوْ أُنْثَى (فَإِنْ ادَّعَى) الصَّبِيُّ (الْبُلُوغَ بِالِاحْتِلَامِ مَعَ الْإِمْكَانِ) لَهُ بِأَنْ اسْتَكْمَلَ تِسْعَ سِنِينَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْحَجْرِ صُدِّقَ فِي ذَلِكَ. (وَلَا يَحْلِفُ) عَلَيْهِ إذَا فُرِضَ ذَلِكَ فِي خُصُومَةٍ بِبُطْلَانِ تَصَرُّفِهِ مَثَلًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ، وَدَعْوَى الصَّبِيَّةِ الْبُلُوغَ بِالْحَيْضِ فِي وَقْتِ إمْكَانِهِ وَهُوَ تِسْعُ سِنِينَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْحَيْضِ

ــ

[حاشية قليوبي]

كِتَابُ الْإِقْرَارِ كِتَابُ الْإِقْرَارِ

هُوَ يُشْبِهُ الْوَكَالَةَ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُقِرَّ قَبْلَ إقْرَارِهِ مُتَصَرِّفٌ فِيمَا بِيَدِهِ، وَلَيْسَ لَهُ وَقَدْ عُزِلَ عَنْهُ بِإِقْرَارِهِ وَمَعْنَاهُ لُغَةً: الثُّبُوتُ مِنْ قَرَّ الشَّيْءُ ثَبَتَ. وَشَرْعًا: إخْبَارٌ بِحَقٍّ لِغَيْرِهِ عَلَيْهِ وَعَكْسُهُ الدَّعْوَى، وَلِغَيْرِهِ عَلَى غَيْرِهِ الشَّهَادَةُ.

وَقَيَّدَ ذَلِكَ ابْنُ حَجَرٍ بِالْأَمْرِ الْخَاصِّ، وَإِلَّا فَعَنْ مَحْسُوسٍ رِوَايَةً وَمَعَ إلْزَامِ حُكْمٍ، وَإِلَّا فَفَتْوَى. وَنُظِرَ فِيهِ بِأَنَّ فِي الرِّوَايَةِ إقْرَارًا بِمَشْيَخَةِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ وَدَعْوَى السَّمَاعِ عَلَى غَيْرِهِ، وَفِي الْإِفْتَاءِ وَالْحُكْمُ إخْبَارٌ بِحَقٍّ لِغَيْرِهِ وَهُوَ الْمُقَلَّدُ بِفَتْحِ اللَّامِ عَلَى غَيْرِهِ، وَهُوَ الْمُسْتَفْتَى أَوْ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: هُوَ اصْطِلَاحٌ.

قَوْلُهُ: (الِاعْتِرَافُ) تَفْسِيرٌ بِالْمُرَادِفِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ إرَادَةِ التَّقْرِيرِ، أَوْ عَدَمِ الِاعْتِرَاضِ، أَوْ لِمُوَافَقَةِ حَدِيثِ: «فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» . قَوْلُهُ: (مِنْ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ) هُوَ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ، هُوَ أَحَدُ أَرْكَانِهِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي هِيَ الْمُقِرُّ وَالْمُقَرُّ لَهُ، وَالْمُقَرُّ بِهِ وَالصِّيغَةُ. قَوْلُهُ: (وَسَيَأْتِي إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ سُكُوتِ الْمُصَنِّفِ عَنْهُ هُنَا. قَوْلُهُ: (وَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ) وَلَوْ بِدَعْوَاهُمَا وَلَوْ بَعْدَ إقْرَارٍ أَوْ تَصَرُّفٍ حَيْثُ أَمْكَنَ ذَلِكَ، وَلَا يَحْلِفُ حَالَ صِبَاهُ. قَوْلُهُ: (بِالِاحْتِلَامِ) وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ وَلَا يَجِبُ اسْتِفْصَالُهُ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَوْ يُنْدَبُ وَالْبَيِّنَةُ بِذَلِكَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (تِسْعَ سِنِينَ) تَحْدِيدِيَّةٍ فِي الْإِمْنَاءِ، وَتَقْرِيبِيَّةٍ فِي الْحَيْضِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَجْرِ. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ) وَإِنْ كَذَّبَهُ أَبُوهُ وَسَيِّدُهُ وَلَوْ ادَّعَى الصِّبَا ثُمَّ ادَّعَى الْبُلُوغَ قُبِلَ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ: كُنْت كَاذِبًا. قَوْلُهُ: (وَلَا يَحْلِفُ) أَيْ مَا لَمْ تَكُنْ مُزَاحَمَةً لِغَيْرِهِ وَإِلَّا كَطَلَبِ سَهْمِ الْغَنِيمَةِ وَإِثْبَاتِ اسْمِهِ فِي الْمُرْتَزِقَةِ فَيَحْلِفُ وُجُوبًا إنْ اُتُّهِمَ وَإِلَّا فَنَدْبًا. قَالَ شَيْخُنَا: وَمِثْلُ ذَلِكَ طَلَبُهُ ضَرْبَ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ.

ــ

[حاشية عميرة]

[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]

ِ قَوْلُهُ: (يَصِحُّ مِنْ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ) يُسْتَثْنَى النَّائِمُ عِنْدَ مَنْ يَجْعَلُهُ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ كُلَّ مَنْ مَلَكَ الْإِنْشَاءَ مَلَكَ الْإِقْرَارَ، وَمَنْ لَا فَلَا. وَقَدْ اُسْتُثْنِيَ مِنْ الطَّرْدِ الْوَكِيلُ بِالتَّصَرُّفِ، وَوَلِيُّ الثَّيِّبِ، وَمِنْ الْعَكْسِ الْمَرْأَةُ بِالنِّكَاحِ وَإِقْرَارُ الْمَجْهُولِ بِالرِّقِّ أَوْ الْحُرِّيَّةِ، وَالْإِقْرَارُ بِالنَّسَبِ وَالْمُفْلِسُ بِبَيْعِ الْأَعْيَانِ، وَالْأَعْمَى بِالْبَيْعِ وَالْوَارِثُ بِدَيْنٍ عَلَى مُورِثِهِ، وَالْمَرِيضُ فِي إرْثِهِ بِأَنَّهُ قَدْ وَهَبَهُ. وَقَوْلُهُ: مَنْ مَلَكَ الْإِنْشَاءَ إلَخْ قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ: هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الظَّاهِرِ، وَفِي الْبَاطِنِ بِالْعَكْسِ.

تَنْبِيهٌ: قَالَ الرَّافِعِيُّ: لَوْ زِيدَ فِي الضَّابِطِ مَنْ قَدَرَ عَلَى إنْشَاءٍ يَسْتَقِلُّ بِهِ إلَخْ لَخَرَجَ مَا وَرَدَ عَلَى الطَّرْدِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (صُدِّقَ وَلَا يَحْلِفُ) مِثْلُهُ لَوْ أَقَرَّ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ صَغِيرٌ، وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ حِينَ الْإِقْرَارِ صَغِيرًا، وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ حِينَ الْإِقْرَارِ صَغِيرًا وَاحْتُمِلَ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ) وَلَوْ كَانَ غَرِيبًا خَامِلَ الذِّكْرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>