للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يَنْقُصْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَلَا شَيْءَ غَيْرُ الرَّدِّ. (وَالْأَصَحُّ أَنَّ السَّمْنَ لَا يَجْبُرُ نَقْصَ هُزَالٍ قَبْلَهُ) فِيمَا إذَا غَصَبَ بَقَرَةً، مَثَلًا سَمِينَةً فَهَزَلَتْ، ثُمَّ سَمِنَتْ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ السِّمَنَ الثَّانِيَ غَيْرُ الْأَوَّلِ، وَقَائِلُ الثَّانِي يُقِيمُهُ مَقَامَهُ. (وَ) الْأَصَحُّ. (أَنَّ تَذَكُّرَ صَنْعَةٍ نَسِيَهَا يَجْبُرُ النِّسْيَانَ) لَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ مُتَجَدِّدًا عُرْفًا وَالثَّانِي يَقُولُ هُوَ مُتَجَدِّدٌ كَالسِّمَنِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ النِّسْيَانَ وَالتَّذَكُّرَ عِنْدَ الْغَاصِبِ، (وَتَعَلُّمُ صَنْعَةٍ) عِنْدَهُ (لَا يَجْبُرُ نِسْيَانَ أُخْرَى) عِنْدَهُ (قَطْعًا) وَإِنْ كَانَتْ أَرْفَعَ مِنْ الْأُولَى.

(وَلَوْ غَصَبَ عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ) عِنْدَهُ. (فَالْأَصَحُّ أَنَّ الْخَلَّ لِلْمَالِكِ) ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ (وَعَلَى الْغَاصِبِ الْأَرْشُ إنْ كَانَ الْخَلُّ أَنْقَصَ قِيمَةً) مِنْ الْعَصِيرِ لِحُصُولِهِ فِي يَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ عَنْ قِيمَتِهِ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُ الرَّدِّ، وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ مِثْلُ الْعَصِيرِ؛ لِأَنَّهُ بِالتَّخَمُّرِ كَالتَّالِفِ، وَالْخَلُّ قِيلَ لِلْغَاصِبِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لِلْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ فَرْعُ مِلْكِهِ.

(وَلَوْ غَصَبَ خَمْرًا فَتَخَلَّلَتْ) عِنْدَهُ. (أَوْ جِلْدَ مَيْتَةٍ فَدَبَغَهُ، فَالْأَصَحُّ أَنَّ الْخَلَّ وَالْجِلْدَ مَغْصُوبٌ مِنْهُ) ؛ لِأَنَّهُمَا فَرْعُ مَا اُخْتُصَّ بِهِ، فَيَضْمَنُهُمَا الْغَاصِبُ إنْ تَلِفَا فِي يَدِهِ وَالثَّانِي هُمَا لِلْغَاصِبِ لِحُصُولِ الْمَالِيَّةِ عِنْدَهُ، وَالثَّالِثُ الْخَلُّ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ، وَالْجِلْدُ لِلْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَالًا يَفْعَلُهُ، وَالرَّابِعُ عَكْسُهُ؛ لِأَنَّ الْجِلْدَ يَجُوزُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ إمْسَاكُهُ، بِخِلَافِ الْخَمْرِ.

فَصْلٌ: زِيَادَةُ الْمَغْصُوبِ إنْ كَانَتْ أَثَرًا مَحْضًا كَقِصَارَةٍ لِلثَّوْبِ، وَطَحْنٍ لِلْحِنْطَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. (فَلَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ بِسَبَبِهَا) لِتَعَدِّيهِ بِهَا. (وَلِلْمَالِكِ تَكْلِيفُهُ رَدَّهُ كَمَا كَانَ إنْ أَمْكَنَ) كَأَنْ صَاغَ النُّقْرَةَ حُلِيًّا، أَوْ ضَرَبَ النُّحَاسَ إنَاءً

ــ

[حاشية قليوبي]

الدُّهْنِ كَمَا مَرَّ، هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِ شَيْخِنَا وَغَيْرِهِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ صُورَةٌ خَاصَّةٌ وَهِيَ مَا لَوْ تَنْقُصُ قِيمَتُهُ بَعْدَ الْإِغْلَاءِ عَنْ قِيمَتِهِ قَبْلَهُ، كَأَنْ غَصَبَ رَطْلَ، عَصِيرٍ قِيمَتُهُ دِرْهَمٌ فَأَغْلَاهُ فَنَقَصَ مِنْ الرَّطْلِ مَعَ بَقَاءِ قِيمَتِهِ عَلَى كَوْنِهَا دِرْهَمًا فَلَا يَلْزَمُهُ مِثْلُ الذَّاهِبِ فَرَاجِعْهُ قَالَ شَيْخُنَا: وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلذَّاهِبِ قِيمَتُهُ لَزِمَهُ مِثْلُهُ وَفَارَقَ عَدَمُ ضَمَانِ الذَّاهِبِ هُنَا ضَمَانَهُ لِلْبَائِعِ فِي الْفَلَسِ، بِأَنَّ الْمُفْلِسَ شَرِيكٌ بِالزِّيَادَةِ فَلَوْ لَمْ نَضْمَنْهُ لَأَجْحَفْنَا بِالْبَائِعِ، وَالزِّيَادَةُ هُنَا كُلُّهَا لِلْمَالِكِ كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَنَّ السِّمَنَ) بِكَسْرِ السِّينِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَإِنْ أَفْرَطَ وَمِثْلُهُ الْحَسَنُ. قَوْلُهُ: (سَمِينَةً فَهَزَلَتْ) وَعَكْسُهُ كَذَلِكَ كَمَا لَوْ غَصَبَهَا هَزِيلَةً فَسَمِنَتْ سِمَنًا نَقَصَتْ بِهِ الْقِيمَةُ فَيَلْزَمُهُ أَرْشُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ سَمِنَتْ) وَلَوْ تَعَدَّدَ الْهُزَالُ وَالسِّمَنُ ضَمِنَ نَقْصَ الْكُلِّ، قَالَهُ شَيْخُنَا: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَضَاعُفَ الْغُرْمِ بِوَصْفٍ وَاحِدٍ. قَوْلُهُ: (عِنْدَهُ) لَيْسَ قَيْدًا وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ تَوَهُّمِ الْجَبْرِ. قَوْلُهُ: (أَنَّ تَذَكُّرَ صَنْعَةٍ نَسِيَهَا يُجْبِرُ النِّسْيَانَ) وَخَرَجَ بِتَذَكُّرِهَا تَعَلُّمُهَا بِمُعَلِّمٍ فَإِنْ كَانَ عِنْد الْغَاصِبَ جُبِرَ وَإِلَّا فَلَا، وَالْكَلَامُ فِي صَنْعَةٍ جَائِزَةٍ وَإِلَّا كَغِنَاهُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى جَابِرٍ وَمِثْلُ تَذَكُّرِ الصَّنْعَةِ فِيمَا ذُكِرَ عَوْدُ نَحْوِ الشَّعْرِ وَالْوَبَرِ وَالصُّوفِ وَالسِّنِّ وَزَوَالُ الْمَرَضِ نَعَمْ إنْ كَانَ نَحْوُ الشَّعْرِ الْأَوَّلِ لَهُ قِيمَةٌ ضَمِنَهُ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ الْغَاصِبِ) لَيْسَ قَيْدًا بَلْ تَذَكُّرُهَا عِنْدَ الْمَالِكِ جَابِرٌ أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَحَيْثُ قِيلَ بِالْجَبْرِ فَيَرْجِعُ بِمَا كَانَ دَفَعَهُ لِلْمَالِكِ فِي مُقَابَلَتِهَا. قَوْلُهُ: (وَتَعَلُّمَ صَنْعَةٍ) وَلَوْ بِمُعَلِّمٍ لَا يُجْبِرُ نِسْيَانَ صَنْعَةٍ أُخْرَى.

تَنْبِيهٌ: كِبَرُ الْعَبْدِ نَقْصٌ يُضْمَنُ أَرْشُهُ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ تَخَلَّلَ) ، فَقَبْلَ التَّخَلُّلِ يَجِبُ رَدُّهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَوْ إرَاقَتُهُ وَعَلَى كُلٍّ يَغْرَمُ مِثْلَ الْعَصِيرِ لِمَ غَصَبَهُ مِنْهُ، فَإِنْ تَخَلَّلَتْ رَجَعَ فِيهِ وَلَزِمَهُ رَدُّ الْخَلِّ مَعَ نَقْصِ أَرْشِهِ عَنْ الْعَصِيرِ إنْ كَانَ. قَوْلُهُ: (أَنَّ الْخَلَّ لِلْمَالِكِ) وَمِثْلُهُ فَرْخُ بِيضِ غَصْبِهِ وَنَبَاتٌ بِذَكَرٍ كَذَلِكَ، وَقَزُّ نَسْجِهِ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْخَلِّ أَنَّهُ لَوْ نَقَصَتْ قِيمَةُ النَّبَاتِ مَثَلًا عَنْ قِيمَةِ الْبَذْرِ لَزِمَهُ أَرْشُ نَقْصِهِ، وَلَوْ وَجَبَ لِمَحَلِّ الْبَذْرِ أُجْرَةٌ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي فَرْعِ غَلَطِ الْوَكِيلِ لُزُومُهَا لِلْغَاصِبِ.

قَوْلُهُ: (خَمْرًا) وَلَوْ غَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ وَإِنْ لَزِمَهُ إرَاقَتُهَا وَلَمْ يَفْعَلْ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا فَرْعُ مَا اُخْتُصَّ بِهِ) أَيْ أَصَالَةً أَوْ غَالِبًا فَلَا يَرُدُّ غَيْرَ الْمُحْتَرَمَةِ، كَمَا تَقَدَّمَ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا، وَهُوَ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فَتَأَمَّلْ.

فَصْلٌ فِيمَا يَطْرَأُ عَلَى الْمَغْصُوبِ

قَوْلُهُ: (وَغَيْرِ ذَلِكَ) كَتَزْوِيقِ دَارٍ وَكَشَيِّ لَحْمٍ وَنَسْجِ غَزْلٍ. قَوْلُهُ: (لِتَعَدِّيهِ) أَيْ بِالْفِعْلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا وَبِذَلِكَ فَارَقَ جَعْلَ الْمُفْلِسِ شَرِيكًا لِلْبَائِعِ كَمْ مَرَّ. قَوْلُهُ: (تَكْلِيفُهُ) . وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ غَرَضٌ وَلِلْغَاصِبِ الرَّدُّ بِلَا طَلَبٍ إنْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ نَعَمْ إنْ كَانَ غَرَضُهُ الْبَرَاءَةَ وَأَبْرَأَهُ الْمَالِكُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الرَّدُّ، وَلَا حَاجَةَ لِمَنْعِ الْمَالِكِ مَعَ الْإِبْرَاءِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمَنْهَجِ وَلَا يَكْفِي الْمَنْعُ هُنَا مِنْ غَيْرِ إبْرَاءٍ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الْحَفْرِ؛ لِأَنَّ الْمُبْرَأَ مِنْهُ مُحَقَّقٌ. قَوْلُهُ: (النُّقْرَةَ) هِيَ اسْمٌ لِلْفِضَّةِ مُطْلَقًا أَوْ لِلْمَضْرُوبِ مِنْهَا، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى قَدْرٍ مُعَيَّنٍ كَقَوْلِهِمْ فِي

ــ

[حاشية عميرة]

نَقْصَ هُزَالٍ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ السَّمْنَ الْمُفْرَطَ الَّذِي لَا يَحْصُلُ بِزَوَالِهِ نَقْصٌ غَيْرُ مَضْمُونٍ، نَعَمْ لَوْ سَمِنَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ بِهَذَا السَّمْنِ رَدَّهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ نَقْصًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ تَذَكَّرَ إلَخْ) أَيْ وَكَذَا تَعَلُّمُهَا.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ غَصَبَ إلَخْ) مِثْلُهُ فِي الْحُكْمِ وَجَرَيَانِ الْخِلَافِ مَا لَوْ فَرَّخَ الْبِيضُ وَنَبَتَ الْبَذْرُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ يَقُولُونَ: إذَا تَصَرَّفَ الْغَاصِبُ بِمَا يُبْطِلُ اسْمَ الْأَوَّلِ مَلَكَهُ، نَحْوَ طَحْنِ الْحِنْطَةِ، وَخَبْزِ الدَّقِيقِ، وَأَصْحَابُنَا يُنْكِرُونَ ذَلِكَ أَشَدَّ إنْكَارٍ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لِلْمَالِكِ) هَذَا يُشْكِلُ عَلَى تَرْجِيحِ السُّبْكِيّ أَنَّ الْهَرِيسَةَ لِلْغَاصِبِ فِيمَا سَلَفَ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُمَا فَرْعُ إلَخْ) إنَّمَا يَصِحُّ فِي الْخَمْرَةِ الْمُحْتَرَمَةِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْخَمْرِ) إنَّمَا يَصِحُّ فِي غَيْرِ الْمُحْتَرَمَةِ.

[فَصْل زِيَادَةُ الْمَغْصُوبِ إنْ كَانَتْ أَثَرًا مَحْضًا]

فَصْلُ: زِيَادَةِ الْمَغْصُوبِ إلَخْ

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلِلْمَالِكِ تَكْلِيفُهُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>