للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ رِضًا بِأَثْقَلِ الْأَجْنَاسِ كَمَا جُعِلَ فِي الْوَزْنِ رِضًا بِأَضَرِّ الْأَجْنَاسِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ الصَّوَابُ قَوْلُ السَّرَخْسِيِّ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ فَإِنَّ اخْتِلَافَ التَّأْثِيرِ بَعْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْوَزْنِ يَسِيرٌ بِخِلَافِ الْكَيْلِ، وَأَيْنَ ثِقَلُ الْمِلْحِ مِنْ ثِقَلِ الذُّرَةِ. اهـ.

(لَا جِنْسِ الدَّابَّةِ وَصِفَتِهَا) أَيْ لَا يَجِبُ أَنْ يَعْرِفَهَا. (إنْ كَانَتْ إجَارَةَ ذِمَّةٍ) بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِيهَا فِي الرُّكُوبِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا.

تَحْصِيلُ الْمَتَاعِ فِي الْمَوْضِعِ الْمَشْرُوطِ، فَلَا يَخْتَلِفُ الْغَرَضُ بِحَالِ حَامِلِهِ. (إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَحْمُولُ زُجَاجًا وَنَحْوَهُ) كَالْخَزَفِ فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ حَالِ الدَّابَّةِ فِي ذَلِكَ. صِيَانَةً لَهُ أَمَّا إجَارَةُ الْعَيْنِ لِلْحَمْلِ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا تَعْيِينُ الدَّابَّةِ. وَرُؤْيَتُهَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ لِلرُّكُوبِ.

فَصْلٌ: لَا تَصِحُّ إجَارَةُ مُسْلِمٍ لِجِهَادٍ

لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ عِنْدَ حُضُورِ الصَّفِّ بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ، فَتَصِحُّ إجَارَتُهُ لِلْإِمَامِ، وَسَيَأْتِيَانِ فِي كِتَابِ السِّيَرِ.

(وَلَا عِبَادَةٍ) أَيْ لَا يَصِحُّ إجَارَةُ لِعِبَادَةٍ (تَجِبُ لَهَا نِيَّةٌ) كَالصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا امْتِحَانُ الْمُكَلَّفِ، بِكَسْرِ نَفْسِهِ، بِالْفِعْلِ وَلَا يَقُومُ الْأَجِيرُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ. (إلَّا الْحَجَّ) فَإِنَّهُ يَجُوزُ عَنْ الْمَيِّتِ، وَالْعَاجِزِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ. (وَتَفْرِقَةَ زَكَاةٍ) فَإِنَّهَا تَجُوزُ فِيهَا الِاسْتِنَابَةُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهَا وَمِثْلُهَا تَفْرِقَةُ الْكَفَّارَةِ.

(وَتَصِحُّ) الْإِجَارَةُ (لِتَجْهِيزِ مَيِّتٍ وَدَفْنِهِ وَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ) وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَى الْأَجِيرِ

ــ

[حاشية قليوبي]

وَالْقَفِيزُ مِكْيَالٌ يَسَعُ اثْنَيْ عَشَرَ صَاعًا، وَالْعَرَقُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ مِكْيَالٌ يَسَعُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا، وَيُحْسَبُ مِنْ الْمِائَةِ الظَّرْفُ وَالْحَبْلُ وَنَحْوُهُمَا وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ مَعْرِفَةَ الْجِنْسِ إنَّمَا هِيَ فِي الْمَكِيلِ. قَوْلُهُ: (الصَّوَابُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَصِفَتَهَا) وَمِنْهُ مَا مَرَّ مِنْ كَوْنِهَا بَحْرًا أَوْ قَطُوفًا. قَوْلُهُ: (زُجَاجًا) بِتَثْلِيثِ أَوَّلِهِ. قَوْلُهُ: (كَالْخَزَفِ وَالْبَيْضِ) . قَالَ الْقَاضِي وَفِي مَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ فِي الطَّرِيقِ نَحْوُ وَحْلٍ أَوْ طِينٍ. قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ) أَيْ الْجِنْسِ أَوْ الصِّفَةِ وَمِنْهَا الذُّكُورَةُ وَالْأُنُوثَةُ وَصِفَةُ السَّيْرِ كَمَا مَرَّ وَيَدُلُّ لَهُ كَلَامُ ابْنِ حَجَرٍ وَغَيْرِهِ، فَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ لَمْ يَنْظُرُوا لِصِفَةِ الدَّابَّةِ فِي سَائِرِ الْمَحْمُولَاتِ يُحْمَلُ عَلَى غَيْرِ مَا ذُكِرَ. كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ ثَقُلَ الْمَحْمُولُ بِنَحْوِ نَدَاوَةٍ أَوْ الرَّاكِبُ بِنَحْوِ سِمَنٍ، أَوْ مَوْتٍ خُيِّرَ الْمُؤَجِّرُ إنْ لَمْ يُبْدِ لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ بِمِثْلِهِ بَيْنَ أَنْ يَتَبَرَّعَ بِحَمْلِهِ أَوْ يَفْسَخَ الْعَقْدَ، أَوْ يُبْقِيه بِأُجْرَةٍ مِثْلِ الزَّائِدِ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَلَوْ خَفَّ الْمَحْمُولُ بِنَحْوِ جَفَافٍ أَوْ هُزَالٍ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْتَأْجِرِ إبْدَالٌ وَلَا زِيَادَةٌ وَلَا فَسْخٌ.

فَصْلٌ فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ الْإِجَارَةِ وَمَا يَتْبَعُهَا

قَوْلُهُ: (لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ) لَوْ قَالَ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ كَانَ أَوْلَى لِيَدْخُلَ عَدَمُ صِحَّتِهِ لِلرَّقِيقِ وَالصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ، وَيَخْرُجُ بَقِيَّةُ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ الْمُنْضَبِطَةِ كَمَا يَأْتِي وَفِيهِ نَظَرٌ لِوُرُودِ صِحَّةِ إجَارَةِ الْكَافِرِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْعُقُودَ مَعَ الْكُفَّارِ يُغْتَفَرُ فِيهَا الْجَهَالَةُ وَالْمُرَابَطَةُ كَالْجِهَادِ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَخَرَجَ بِالْمُسْلِمِ الْكَافِرُ فَتَصِحُّ إجَارَتُهُ لِلْجِهَادِ مِنْ الْإِمَامِ وَلَوْ بِنَائِبِهِ فَقَطْ، وَإِذَا أَسْلَمَ فِي أَثْنَائِهِ انْفَسَخَتْ.

فَرْعٌ: أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِصِحَّةِ اسْتِئْجَارِ مَنْ يُحْبَسُ مَكَانَهُ فِي الْحَبْسِ قَالَهُ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ وَلِي بِهِ أُسْوَةٌ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ الضَّبْطُ.

قَوْلُهُ: (تَجِبُ لَهَا نِيَّةٌ) أَيْ تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهَا عَلَيْهَا فَيَشْمَلُ صَلَاةَ النَّافِلَةِ، وَمُتَعَلِّقُ مَا لَهُ نِيَّةٌ مِثْلُهُ كَإِمَامَةِ الصَّلَوَاتِ وَالْخُطْبَةِ وَلَا تَصِحُّ لِتَدْرِيسٍ وَلَا قَضَاءٍ وَلَا إعَادَةٍ وَلَوْ لِقُرْآنٍ أَوْ حَدِيثٍ، وَلَا لِتَمَلُّكٍ مُبَاحٍ نَعَمْ لَوْ قُدِّرَ بِالْعَمَلِ كَأَنْ تَخَيَّطْ لِي شَهْرًا أَوْ عُيِّنَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ صَحَّتْ لَهُ، كَتَدْرِيسِ مَسَائِلَ مَخْصُوصَةٍ أَوْ إعَادَتِهَا أَوْ الْقَضَاءِ فِيهَا أَوْ اصْطِيَادِ مُعَيَّنٍ أَوْ نَحْوِهِ وَلَا تَصِحُّ لِزِيَارَةِ الْقُبُورِ وَلَوْ قَبْرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلدُّعَاءِ عِنْدَهُ وَعِنْدَ غَيْرِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَتَصِحُّ الْجَعَالَةُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ.

تَنْبِيهٌ: قَالَ شَيْخُنَا وَتَصِحُّ إنَابَةُ الطَّلَبَةِ إنْ لَمْ يُعَيِّنْهُمْ الْوَاقِفُ بِأَعْيَانِهِمْ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ إحْيَاءُ الْمَكَانِ بِحُضُورِ الْمُدَرِّسِ مَعَهُمْ، وَتَصِحُّ الِاسْتِنَابَةُ فِي الْوَظَائِفِ وَالْإِمَامَةِ وَالْخُطْبَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَالْمَنْعُ السَّابِقُ إنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ سَلْبُ ثَوَابِ الْأَجِيرِ عَنْهُ، وَحُصُولُهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ كَأَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يُصَلِّي إمَامًا وَيُصَلِّي هُوَ مُنْفَرِدًا وَيَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ إمَامَةِ الْأَجِيرِ، وَهَكَذَا الْبَقِيَّةُ وَأَمَّا إقَامَةُ شَعَائِرِ الْوَقْفِ فَلَا رَيْبَ فِي صِحَّةِ الْإِنَابَةِ فِيهَا لَكِنْ شَرَطَ شَيْخُنَا م ر فِي اسْتِنَابَةِ الْوَظَائِفِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَنَابُ مِثْلَ الْمُسْتَنِيبِ أَوْ أَعْلَى فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَتَفْرِقَةَ زَكَاةٍ) وَمِثْلُهَا الْهَدْيُ وَالذَّبْحُ وَنَحْوُهُمَا وَمِثْلُ الْحَجِّ الْعُمْرَةُ وَيَدْخُلُ فِيهِمَا رَكْعَتَا الطَّوَافِ تَبَعًا كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (لِتَجْهِيزِ مَيِّتٍ) وَإِنْ تَعَيَّنَ نَعَمْ لَا تَجُوزُ فِي الصَّلَاةِ

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا جِنْسِ الدَّابَّةِ إلَخْ) قَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَمْ يَنْظُرُوا هُنَا إلَى سُرْعَةِ سَيْرِهَا وَبُطْئِهِ، وَتَخَلُّفِهَا عَنْ الْقَافِلَةِ، وَضَعْفِهَا وَلَوْ نَظَرُوا إلَيْهِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا.

[فَصْلٌ إجَارَةُ مُسْلِمٍ لِجِهَادٍ]

فَصْلٌ: لَا تَصِحُّ إجَارَةُ مُسْلِمٍ لِجِهَادٍ

وَلَوْ رَقِيقًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَإِنْ كَانَ قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْجَوَازَ فِيهِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ لِلْغَازِي أَجْرُهُ، وَلِلْجَاعِلِ أَجْرُهُ، وَأَجْرُ الْغَازِي وَحُمِلَ عَلَى الْإِعَانَةِ.

قَوْلُهُ: (كَالصَّلَاةِ) قَالَ الْغَزَالِيُّ: يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْإِمَامَةِ، وَلَهُ الْأَجْرُ فِي مُقَابِلَةِ إتْعَابِ نَفْسِهِ بِالْحُضُورِ إلَى مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ، وَالْقِيَامُ بِهَا فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ. قَوْلُهُ: (إلَّا الْحَجَّ) يُرِيدُ بِهَذَا اسْتِثْنَاءَ مَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ، وَمِنْهُ ذَبْحُ الضَّحَايَا وَالْهَدْي، وَرَكْعَتَا الطَّوَافِ، وَتَفْرِقَةُ النُّذُورِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَصِحُّ لِتَجْهِيزِ مَيِّتٍ إلَخْ) وَإِنْ تَعَيَّنَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِفِعْلِهِ، وَأَصْلُهُ مُرْتَبِطٌ بِمَحَلٍّ مُعَيَّنٍ، وَهُوَ التَّرِكَةُ. وَكَذَا التَّعْلِيمُ أَصْلُهُ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ وُجُوبَ عَيْنٍ، وَإِنْ كَانَ نَشْرُ الْقُرْآنِ فَرْضَ كِفَايَةٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَعْلِيمُ الْقُرْآنِ) وَإِنْ تَعَيَّنَ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ خَرَجَ

<<  <  ج: ص:  >  >>