للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْإِرْضَاعِ وَدُفِعَ بِأَنَّ دُخُولَ اللَّبَنِ لِلضَّرُورَةِ، وَالثَّالِثُ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (قُلْت صَحَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الرُّجُوعَ فِيهِ إلَى الْعَادَةِ) قَالَ (فَإِنْ اضْطَرَبَتْ وَجَبَ الْبَيَانُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُبَيَّنْ (فَتَبْطُلُ الْإِجَارَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَم) وَعَبَّرَ فِي هَذَا بِالْأَشْبَهِ وَفِي الْأَوَّلِ فِي الْمُحَرَّرِ، بِالْمَشْهُورِ وَحَكَى فِي الشَّرْحِ الْخِلَافَ طُرُقًا.

فَصْلٌ: يَجِبُ عَلَى الْمُكْرِي (تَسْلِيمُ مِفْتَاحِ) الدَّارِ إلَى الْمُكْتَرِي. (لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا) (وَعِمَارَتُهَا عَلَى الْمُؤَجِّرِ) كَبِنَاءٍ وَتَطْيِينِ سَطْحٍ وَوَضْعِ بَابٍ، وَمِيزَابٍ وَإِصْلَاحِ مُنْكَسِرٍ، وَغَلْقٍ يَعْسُرُ فَتْحُهُ: (فَإِنْ بَادَرَ وَأَصْلَحَهَا) فَلَا خِيَارَ (وَإِلَّا فَلِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ) لِتَضَرُّرِهِ بِنَقْصِ الْمَنْفَعَةِ.

(وَكَسْحُ الثَّلْجِ عَنْ السَّطْحِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ) ؛ لِأَنَّهُ كَعِمَارَةِ الدَّارِ (وَتَنْظِيفُ عَرْصَةِ الدَّارِ عَنْ ثَلْجٍ وَكُنَاسَةٍ عَلَى الْمُكْتَرِي) أَمَّا الْكُنَاسَةُ فَلِحُصُولِهَا بِفِعْلِهِ إذْ فَسَّرُوهَا بِمَا يَسْقُطُ مِنْ الْقُشُورِ وَالطَّعَامِ وَنَحْوِهِ، وَأَمَّا الثَّلْجُ فَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ لَيْسَ الْمُرَادُ، أَنَّهُ

ــ

[حاشية قليوبي]

وَمَاؤُهُ، وَحَطَبُ الْخَبَّازِ. قَوْلُهُ: (الرُّجُوعَ فِيهِ إلَى الْعَادَةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَتَى وَجَبَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَدَفَعَهُ لِلْأَجِيرِ فَإِنْ كَانَ نَحْوَ الصِّبْغِ وَالْخَيْطِ وَالْحِبْرِ مَلَكَهُ بِأَخْذِهِ، وَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ نَحْوَ اللَّبَنِ وَالْكُحْلِ وَمَاءِ الْأَرْضِ، فَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ. كَذَا فِي عِبَارَةِ بَعْضِهِمْ، وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ إنَّ مَا وَجَبَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لَا يَمْلِكُهُ الْأَجِيرُ بِأَخْذِهِ، فَيَرُدُّ مَا فَضَلَ مِنْهُ مَا لَمْ يُوجَدْ إعْرَاضٌ عَنْهُ، وَمَا وَجَبَ عَلَى الْأَجِيرِ يَمْلِكُهُ الْمُسْتَأْجِرُ بِوَضْعِهِ فِي مِلْكِهِ أَوْ اسْتِعْمَالِهِ فِيهِ فَلَوْ دَفَعَ لَهُ نَحْوَ كُحْلٍ لَمْ يَمْلِكْهُ إلَّا بِاسْتِعْمَالِهِ مَا لَمْ يَكُنْ إعْرَاضٌ كَمَا مَرَّ فَتَأَمَّلْ.

تَنْبِيهٌ: شَرْطُ الطَّبِيبِ أَنْ يَكُونَ مَاهِرًا، بِمَعْنَى أَنْ يَكُونَ خَطَؤُهُ نَادِرًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَاهِرًا فِي الْعِلْمِ فِيمَا يَظْهَرُ فَتَكْفِي التَّجْرِبَةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ وَيَضْمَنُ وَيُرْجَعُ عَلَيْهِ بِمَا أَخَذَهُ مِنْ أُجْرَةٍ وَغَيْرِهَا، وَيَسْتَحِقَّ الْأُجْرَةَ حَيْثُ صَحَّتْ إجَارَتُهُ وَيَمْلِكُ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ نَحْوِ ثَمَنِ الْأَدْوِيَةِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الشِّفَاءُ فَلَوْ شُرِطَ فِي الْعَقْدِ الشِّفَاءُ وَالْعَوْدُ عَلَيْهِ بِمَا أَخَذَهُ فَسَدَ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّ الشِّفَاءَ بِمَحْضِ صُنْعِ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ جَعَالَةً، وَيُعْتَبَرُ كُلُّ زَمَانٍ وَمَحَلٍّ بِعُرْفِهِ وَإِنْ خَالَفَ هُنَا بِمَا نَصُّوا عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَجَبَ الْبَيَانُ) أَيْ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ مُؤَجَّرًا أَوْ مُسْتَأْجَرًا وَلَا يَجِبُ تَقْدِيرُهُ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ كَاللَّبَنِ فَإِنْ اضْطَرَبَ الْعُرْفُ فِي قَدْرِهِ وَجَبَ ذِكْرُهُ وَإِلَّا فَسَدَ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (وَعَبَّرَ فِي هَذَا إلَخْ) هَذَا جَوَابٌ عَنْ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُصَنِّفِ حَيْثُ لَمْ يُوَافِقْ فِي تَعْبِيرِهِ مَا فِي الْمُحَرَّرِ وَلَا مَا فِي الشَّرْحِ وَنُقِلَ عَنْهُ التَّصْحِيحُ بِالْمَعْنَى فَتَأَمَّلْهُ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ كُلَّ مَا لَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لَهُ لَا يَسْتَحِقُّ فَاعِلُهُ أُجْرَةً، وَكُلُّ مَا يَصِحُّ لَهُ الِاسْتِئْجَارُ إذَا فَعَلَهُ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ لَا يَسْتَحِقُّ أَيْضًا غَالِبًا.

فَصْلٌ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْمُكْرِي وَغَيْرِهِ مِمَّا يَأْتِي قَوْلُهُ: (مِفْتَاحِ الدَّارِ) أَوْ مِفْتَاحِ الضَّبَّةِ لَا مِفْتَاحِ الْقُفْلِ، وَلَا الْقُفْلِ أَيْضًا، وَلَوْ تَلِفَ الْمِفْتَاحُ وَلَوْ بِتَقْصِيرٍ، فَهُوَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ وَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ تَسْلِيمِهِ أَوْ تَجْدِيدِهِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ مُدَّةَ الِامْتِنَاعِ، وَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْخِيَارُ نَعَمْ يَلْزَمُهُ قِيمَةُ الْمِفْتَاحِ إذَا تَلِفَ بِتَفْرِيطِهِ. قَوْلُهُ: (وَإِصْلَاحُ مُنْكَسِرٍ) وَكَذَا إعَادَةُ رُخَامٍ وَلَوْ بِقَلْعِ الْمُسْتَأْجَرِ، وَيَضْمَنُ بِنَقْصِهِ إنْ قَصَّرَ وَتَنْفَسِخُ فِي مُدَّةِ عَدَمِ الْإِعَادَةِ وَلَهُ الْخِيَارُ نَعَمْ يَسْقُطُ الْخِيَارُ بِإِعَادَةِ بَلَاطٍ بَدَلَهُ إنْ لَمْ يُشْرَطْ إعَادَتُهُ بِعَيْنِهِ أَوْ بِمِثْلِهِ، وَلَوْ وَكَفَ السَّطْحُ مِنْ نَحْوِ مَطَرٍ أَوْ تَوَلَّدَ مِنْ وَكْفِهِ نَقْصٌ فَلَهُ الْخِيَارُ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَلِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ) صَرِيحٌ فِي تَوَقُّفِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ عَلَى عَدَمِ الْإِصْلَاحِ لَا فِي الِابْتِدَاءِ. قَوْلُهُ: (عَنْ السَّطْحِ) أَيْ الَّذِي لَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ كَالْجَمَلُونِ، وَإِلَّا فَكَذَلِكَ ابْتِدَاءً وَكَالْعَرْصَةِ دَوَامًا. قَوْلُهُ: (كَعِمَارَةِ الدَّارِ) فَمَعْنَى لُزُومِهِ لَهُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ إنْ لَمْ يَنْقُلْهُ وَنَقَصَتْ الْمَنْفَعَةُ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْمُكْتَرِي) بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ بِهَا كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَلِحُصُولِهَا بِفِعْلِهِ) فَالْكَلَامُ فِي الدَّوَامِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ إزَالَةَ نَحْوِ الْكُنَاسَةِ كَالرَّمَادِ وَتَفْرِيغَ نَحْوِ الْحَشِّ كَالْبَالُوعَةِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ مُطْلَقًا، إلَّا مَا حَصَلَ مِنْهَا بِفِعْلِ الْمُسْتَأْجِرِ، فَعَلَيْهِ فِي الدَّوَامِ وَكَذَا بَعْدَ الْفَرَاغِ فِي نَحْوِ الْكُنَاسَةِ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِنَقْلِهَا شَيْئًا فَشَيْئًا لَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِمَعْنَى نَقْلِهِ إلَى نَحْوِ الْكِيمَانِ مَثَلًا بَلْ الْمُرَادُ جَمْعُهُ فِي مَحَلٍّ مِنْ الدَّارِ أَوْ مُعْتَادٍ لَهُ فِيهَا. قَالَ شَيْخُنَا: وَيُتَّبَعُ فِي رَبْطِ الدَّوَابِّ الْعَادَةُ،

ــ

[حاشية عميرة]

فَائِدَةٌ: الْحِبْرُ مِنْ الْحُبَارِ بِالضَّمِّ، وَهُوَ التَّأْثِيرُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي الْوَرَقِ. وَقِيلَ: مِنْ التَّحْبِيرِ وَهُوَ التَّحْسِينُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَجَبَ الْبَيَانُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ بُيِّنَ شَرْطُهُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ جَازَ، وَجَزَمَ فِي الشَّامِلِ وَالْبَحْرِ بِالْفَسَادِ. قَالَ فِي الْكَافِي: وَلَعَلَّهُ جَوَابٌ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ، وَاَلَّذِي فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ إنْ شُرِطَ عَلَى أَحَدِهِمَا جَازَ، وَإِنْ أُطْلِقَ بَطَلَ.

[فَصْل يَجِبُ عَلَى الْمُكْرِي تَسْلِيم مِفْتَاح الدَّار إلَى الْمُكْتَرِي]

فَصْلٌ: يَجِبُ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ بَادَرَ إلَخْ) اقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْعِبَارَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَقَوْلُهُ: وَعِمَارَتُهَا عَلَى الْمُؤَجِّرِ أَيْ إنْ أَرَادَ دَوَامَ الْإِجَارَةِ، أَوْ الْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ. نَعَمْ الْوَقْفُ وَمَالُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ عِمَارَتُهَا.

قَوْلُهُ: (أَمَّا الْكُنَاسَةُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُدَّةَ إذَا انْقَضَتْ وَجَبَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ تَنْظِيفُ الْمَكَانِ مِنْ الْكُنَاسَةِ، قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَا يَجِبُ تَفْرِيغُ الْبَالُوعَةِ وَالْحَشِّ أَيْ السُّنْدَاسِ. قَالَ السُّبْكِيُّ أَيْضًا: وَلَا يَجُوزُ رَبْطُ الدَّوَابِّ فِي الدُّورِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلسُّكْنَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>