للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالْأَظْهَرُ تَصْدِيقُ الْمَالِكِ بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُصَدَّقُ فِي أَصْلِ الْإِذْنِ فَكَذَا فِي صِفَتِهِ فَيَحْلِفُ أَنَّهُ مَا أَذِنَ لَهُ فِي قَطْعِهِ قَبَاءَ. (وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ) إذَا حَلَفَ (وَعَلَى الْخَيَّاطِ أَرْشُ النَّقْصِ) لِلثَّوْبِ وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَمَقْطُوعًا، أَوْ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مَقْطُوعًا قَمِيصًا وَمَقْطُوعًا قَبَاءَ، وَجْهَانِ وَعَلَيْهِ الثَّانِي إنْ لَمْ يَنْقُصْ الْقَبَاءُ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ الْأَوَّلَ وَالْقَوْلُ الثَّانِي تَصْدِيقُ الْخَيَّاطِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ يَدَّعِي عَلَيْهِ الْغُرْمَ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، فَيَحْلِفُ أَنَّهُ مَا أَذِنَ لَهُ فِي قَطْعِهِ قَمِيصًا وَأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي قَطْعِهِ قَبَاءَ قَالَهُ فِي الشَّامِلِ، وَفِي الرَّوْضَةِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ الِاقْتِصَارُ عَلَى الشِّقِّ الثَّانِي فَإِذَا حَلَفَ فَلَا أَرْشَ عَلَيْهِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ، بِيَمِينِهِ وَقِيلَ لَهُ الْمُسَمَّى وَقِيلَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ أَيْ انْتِفَاءِ الْأُجْرَةِ لَهُ، أَنْ يَدَّعِيَ بِهَا عَلَى الْمَالِكِ، وَيُحَلِّفَهُ فَإِنْ نَكَلَ فَفِي تَجْدِيدِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ، وَجْهَانِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: يَنْبَغِي، أَنْ يَكُونَ أَصَحُّهُمَا التَّجْدِيدَ، وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ، وَقَالَ فِيمَا قَدَّمَهُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ إنَّهُ أَصَحُّ إنْ لَمْ تَثْبُتْ الْأُجْرَةُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَدْرَ كَافٍ فِي نَفْيِ الْغُرْمِ، وَإِنْ أَثْبَتْنَاهَا فَقَوْلُ صَاحِبِ الشَّامِلِ هُوَ الصَّوَابُ.

فَصْلٌ: لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَلَا تُفْسَخُ (بِعُذْرٍ) فِي غَيْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْمُؤَجِّرِ الْأَوَّلِ (كَتَعَذُّرِ وَقُودِ حَمَّامٍ) عَلَى مُسْتَأْجِرِهِ (وَسَفَرٍ) عَرَضَ لِمُسْتَأْجِرِ دَارٍ مَثَلًا (وَمَرَضِ مُسْتَأْجِرِ دَابَّةٍ لِسَفَرٍ) عَلَيْهَا وَالثَّانِي كَمَرَضِ مُؤَجِّرِ دَابَّةٍ عَجَزَ بِهِ عَنْ الْخُرُوجِ مَعَهَا، وَتَأَهُّلِ مَنْ أَكْرَى دَارِهِ أَوْ حُضُورِ أَهْلِهِ الْمُسَافِرِينَ.

(وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِزِرَاعَةٍ فَزَرَعَ فَهَلَكَ الزَّرْعُ بِجَائِحَةٍ) مِنْ شِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ سَيْلٍ أَوْ كَثْرَةِ مَطَرٍ أَوْ جَرَادٍ أَوْ نَحْوِهَا. (فَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ، وَلَا حَطُّ شَيْءٍ مِنْ الْأُجْرَةِ) ؛ لِأَنَّ الْجَائِحَةَ لَمْ تُؤَثِّرْ فِي مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ.

ــ

[حاشية قليوبي]

ضَمَانَ لَوْ تَلِفَتْ وَبَعْدَهُ عَارِيَّةٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهَا مَعَهَا فَغَصْبٌ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الزِّيَادَةِ أَوْ قَدْرِهَا صُدِّقَ الْمُنْكِرُ وَلَوْ تَبَرَّأَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ الزِّيَادَةِ تُرِكَتْ فِي يَدِ مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ أَكْرَى مَوْضِعًا يَضَعُ فِيهِ شَيْئًا كَحَبٍّ مُعَيَّنٍ فَوَضَعَ أَكْثَرَ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ أَرْضًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ، وَإِلَّا كَغَرْفَةٍ فَطَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَضْمَنُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لِلْكُلِّ، وَالثَّانِي التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْمُسَمَّى وَأُجْرَةِ الْمِثْلِ لَهُ وَالْقِيَاسُ الْأَوَّلُ. قَوْلُهُ:

(بَعْدَ قَطْعِهِ) قَيْدٌ لَمَحَلِّ الْخِلَافِ، فَقَبْلَهُ يَتَحَالَفَانِ قَطْعًا وَيَبْدَأُ فِي الْكُلِّ بِالْمَالِكِ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْأُجْرَةِ أَوْ الْمَنْفَعَةِ أَوْ قَدْرِ الْمُسْتَأْجَرِ بِهِ أَوْ الْمُدَّةِ، وَبَعْدَ الْفَسْخِ تَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (مَا بَيْنَ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَا شَيْءَ لِلْخَيَّاطِ فِي مُقَابَلَةِ خُيُوطِهِ وَلَهُ نَزْعُهَا وَغُرْمُ أَرْشِ النَّقْصِ بِهَا، وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِتَضْرِيبِ ثَوْبٍ بِخُيُوطٍ مَعْدُودَةٍ، وَقِسْمَةٍ مَعْلُومَةٍ فَخَاطَهُ عَلَى خِلَافِ مَا شُرِطَ فَإِنْ أَمْكَنَ إتْمَامُهُ عَلَى مَا شُرِطَ أَتَمَّهُ وَاسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ كُلَّهَا أَوْ أَمْكَنَ الْبِنَاءُ عَلَى بَعْضِهِ اسْتَحَقَّ الْقِسْطَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ الْمَبْنِيِّ عَلَى الثَّانِي.

فَرْعٌ: لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَنَّ الْمُحْضَرَ هَلْ هُوَ ثَوْبُهُ أَوْ لَا صُدِّقَ الْخَيَّاطُ، وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مُقِرٌّ بِهِ لَهُ وَهُوَ يُنْكِرُهُ فَيَحْتَاجُ لِإِقْرَارٍ جَدِيدٍ، وَلَوْ جَحَدَ الْخَيَّاطُ مَثَلًا الثَّوْبَ وَأَقَرَّ بِهِ أَوْ ثَبَتَ بِحُجَّةٍ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ إنْ كَانَ خَاطَهُ قَبْلَ الْجَحْدِ، وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ أَحْضَرَ ثَوْبًا لِخَيَّاطٍ وَقَالَ لَهُ هَلْ يَكْفِينِي فَقَالَ نَعَمْ: فَفَصَّلَهُ فَلَمْ يَكْفِهِ لَمْ يَضْمَنْ نَقْصَهُ وَلَا أَرْشَهُ، وَإِنْ قَالَ لَهُ إنْ كَانَ يَكْفِينِي فَاقْطَعْهُ فَقَطَعَهُ، فَلَمْ يَكْفِهِ ضَمِنَ أَرْشَ نَقْصِهِ.

فَصْلٌ فِيمَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِهِ وَمَا يَتْبَعُهُ قَوْلُهُ: (لَا تُفْسَخُ إلَخْ) أَيْ وَلَا يَثْبُتُ بِهِ خِيَارٌ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. قَوْلُهُ: (وَقُودِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ مَا يُوقَدُ بِهِ، وَبِضَمِّهَا الْمَصْدَرُ أَيْ الْفِعْلُ وَكَذَا تَعَذُّرُ مَنْ يَدْخُلُهُ لِنَحْوِ خَرَابِ مَا حَوْلَهُ أَوْ مَنْعِ حَاكِمٍ مِنْهُ وَمِثْلُهُ إبْطَالُ حَاكِمٍ التَّفَرُّجَ لِمَنْ اكْتَرَى دَارًا أَوْ سَفِينَةً لَهُ وَقِيَاسُهُ، أَنَّهُ لَا فَسْخَ وَلَا خِيَارَ فِي دَارٍ وُجِدَ بِهَا عَمَارًا. وَعَنْ شَيْخِنَا ثُبُوتُ الْخِيَارِ. قَوْلُهُ: (وَسَفَرٍ عَرَضَ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ سَفَرَ عَطْفٌ عَلَى " تَعَذُّرِ " وَيَجُوزُ عَطْفُهُ عَلَى " وَقُودٍ " كَمَطَرٍ وَخَوْفٍ فِي طَرِيقِ مُسَافِرٍ، وَيَجُوزُ سُكُونُ الْفَاءِ جَمْعُ مُسَافِرٍ أَيْ تَعَذُّرِ رُفْقَةٍ يَخْرُجُ مَعَهُمْ.

قَوْلُهُ: (لَمْ تُؤَثِّرْ فِي مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ) مِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ غَرَقَ الْأَرْضِ يَفْسَخُ الْإِجَارَةَ لِفَوَاتِ عَيْنِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ جَعْلَهُ عَيْبًا فِي الْبَيْعِ لِبَقَاءِ عَيْنِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (وَالْقَوْلُ الثَّانِي) اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ طَرِيقَةٌ حَاكِيَةٌ لِلْقَوْلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا التَّحَالُفُ. وَالطَّرِيقُ الثَّالِثُ: الْقَطْعُ بِالتَّحَالُفِ، وَرَجَّحَهُ الْقَفَّالُ وَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَأَتْبَاعُهُ كَسُلَيْمٍ، وَالْبَنْدَنِيجِيّ، وَالْمَحَامِلِيِّ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَالطَّبَرِيِّ، وَالْمَاوَرْدِيّ، وَالْجُرْجَانِيِّ، وَالشَّاشِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ قَضِيَّةُ الْقَوَاعِدِ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا كَذَلِكَ وَالثَّوْبُ صَحِيحٌ تَحَالَفَا، فَكَذَا يَنْبَغِي وَالثَّوْبُ مَقْطُوعٌ. تَتِمَّةٌ: أَحْضَرَ الْخَيَّاطُ الثَّوْبَ فَقَالَ رَبُّهَا: لَيْسَتْ هَذِهِ ثَوْبِي، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْخَيَّاطِ

[فَصْلٌ لَا تَنْفَسِخ الْإِجَارَة بِعُذْرِ فِي غَيْر الْمَعْقُود عَلَيْهِ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْمُؤَجِّرِ الْأَوَّل]

فَصْلٌ: لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِعُذْرٍ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَا يَثْبُتُ بِهِ فَسْخٌ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِعُذْرٍ) أَيْ كَمَا لَا تُفْسَخُ بِغَيْرِ عُذْرٍ لَا تُفْسَخُ بِعُذْرٍ فِي غَيْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَالْبَيْعِ.

فَرْعٌ: أَجْرُ الشَّرِيكِ حِصَّتُهُ، وَقُلْنَا: لَا يُجْبَرُ الشَّرِيكُ عَلَى الْمُهَايَأَةِ. قَالَ الْقَفَّالُ: فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْفَسْخُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَتَعَذُّرِ وُقُودٍ إلَخْ) .

فَائِدَةٌ: أَطْلَقَ الرَّافِعِيُّ ثُبُوتَ الْفَسْخِ بِإِفْلَاسِ الْمُسْتَأْجِرِ بِالْأُجْرَةِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، وَسَلَّمَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ حَالَّةً قَالَ: فَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>