للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ (الْحَيَوَانُ الْمَمْلُوكُ الْمُمْتَنِعُ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ) كَالذِّئْبِ وَالنَّمِرِ وَالْفَهْدِ. (بِقُوَّةٍ كَبَعِيرٍ وَفَرَسٍ) وَحِمَارٍ وَبَغْلٍ. (أَوْ بِعَدْوٍ) أَيْ جَرْيٍ (كَأَرْنَبٍ وَظَبْيٍ أَوْ طَيَرَانٍ كَحَمَامٍ إنْ وُجِدَ بِمَفَازَةٍ) أَيْ مُهْلِكَةٍ (فَلِلْقَاضِي الْتِقَاطُهُ لِلْحِفْظِ وَكَذَا لِغَيْرِهِ) أَيْ لِغَيْرِ الْقَاضِي مِنْ الْآحَادِ الْتِقَاطُهُ لِلْحِفْظِ. (فِي الْأَصَحِّ) لِئَلَّا يَأْخُذَهُ خَائِنٌ فَيَضِيعُ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ إذْ لَا وِلَايَةَ لِلْآحَادِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ. (وَيَحْرُمُ الْتِقَاطُهُ لِلتَّمَلُّكِ) عَلَى كُلِّ أَحَدٍ لِأَنَّهُ مَصُونٌ بِالِامْتِنَاعِ عَنْ أَكْثَرِ السِّبَاعِ مُسْتَغْنٍ بِالرَّعْيِ إلَى أَنْ يَجِدَهُ صَاحِبُهُ، لِتَطَلُّبِهِ لَهُ، فَمَنْ أَخَذَهُ لِلتَّمَلُّكِ ضَمِنَهُ، وَلَا يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ بِرَدِّهِ إلَى مَوْضِعِهِ، فَإِنْ دَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي بَرِئَ فِي الْأَصَحِّ. (وَإِنْ وُجِدَ بِقَرْيَةٍ) أَوْ مَوْضِعٍ قَرِيبٍ مِنْهَا أَوْ بَلْدَةٍ (فَالْأَصَحُّ جَوَازُ الْتِقَاطِهِ لِتَمَلُّكٍ) وَالثَّانِي الْمَنْعُ كَالْمَفَازَةِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ فِي الْعُمْرَانِ يَضِيعُ بِامْتِدَادِ الْيَدِ الْخَائِنَةِ إلَيْهِ، بِخِلَافِ الْمَفَازَةِ، فَإِنَّ طُرُوقَ النَّاسِ بِهَا لَا يَعُمُّ وَلَوْ وُجِدَ فِي زَمَنِ نَهْبٍ، وَفَسَادٍ جَازَ الْتِقَاطُهُ لِلتَّمَلُّكِ قَطْعًا فِي الْمَفَازَةِ وَالْعُمْرَانِ. (وَمَا لَا يَمْتَنِعُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ. (كَشَاةٍ) وَعِجْلٍ وَفَصِيلٍ (يَجُوزُ الْتِقَاطُهُ لِلتَّمَلُّكِ فِي الْقَرْيَةِ) وَنَحْوِهَا (وَالْمَفَازَةِ) صِيَانَةً لَهُ عَنْ الْخَوَنَةِ وَالسِّبَاعِ. (وَيَتَخَيَّرُ آخِذُهُ مِنْ مَفَازَةٍ فَإِنْ شَاءَ عَرَّفَهُ وَتَمَلَّكَهُ) بَعْدَ التَّعْرِيفِ (أَوْ بَاعَهُ) أَيْ وَإِنْ شَاءَ بَاعَهُ اسْتِقْلَالًا إنْ لَمْ يَجِدْ حَاكِمًا وَبِإِذْنِهِ فِي الْأَصَحِّ إنْ وُجِدَ (وَحَفِظَ ثَمَنَهُ وَعَرَّفَهَا) أَيْ اللُّقَطَةَ الْمَبِيعَةَ. (ثُمَّ تَمَلَّكَهُ) أَيْ الثَّمَنَ (أَوْ أَكَلَهُ) أَيْ وَإِنْ شَاءَ أَكَلَهُ مُتَمَلِّكًا لَهُ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي.

(وَغَرِمَ قِيمَتَهُ إنْ ظَهَرَ مَالِكُهُ) وَلَا يَجِبُ بَعْدَ أَكْلِهِ تَعْرِيفُهُ فِي الظَّاهِرِ لِلْإِمَامِ مِنْ الْوَجْهَيْنِ لِمَا سَيَأْتِي عَنْهُ، وَالْخَصْلَةُ الْأُولَى أَوْلَى مِنْ الثَّانِيَةِ وَالثَّانِيَةُ أَوْلَى مِنْ الثَّالِثَةِ. (فَإِنْ أُخِذَ مِنْ الْعُمْرَانِ فَلَهُ الْخَصْلَتَانِ الْأُولَيَانِ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ، وَبِالتَّحْتَانِيَّةِ. (لَا الثَّالِثَةُ فِي الْأَصَحِّ) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الْأَظْهَرُ. وَالثَّانِي لَهُ الثَّالِثَةُ أَيْضًا كَالْمَفَازَةِ وَدُفِعَ بِأَنَّ الْأَكْلَ فِيهَا، لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَجِدُ فِيهَا مَنْ يَشْتَرِي بِخِلَافِ الْعُمْرَانِ، وَيَشُقُّ النَّقْلُ إلَيْهِ وَلَوْ كَانَ الْحَيَوَانُ غَيْرَ مَأْكُولٍ كَالْجَحْشِ فَفِيهِ الْخَصْلَتَانِ الْأُولَيَانِ، وَلَا يَجُوزُ تَمَلُّكُهُ فِي الْحَالِ فِي الْأَصَحِّ، وَإِذَا أَمْسَكَ الْمُلْتَقِطُ الْحَيَوَانَ وَتَبَرَّعَ بِالْإِنْفَاقِ فَذَاكَ وَإِنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ، فَلْيُنْفِقْ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ حَاكِمًا أَشْهَدَ

ــ

[حاشية قليوبي]

فَصْلٌ فِي حُكْمِ لَقْطِ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ قَوْلُهُ: (الْمَمْلُوكُ) خَرَجَ بِهِ نَحْوُ كَلْبٍ يُقْتَنَى فَيَحِلُّ لَقْطُهُ، وَبَعْدَ تَعْرِيفِهِ يَخْتَصُّ بِهِ وَيَنْتَفِعُ بِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ بِغَيْرِ فِيهِ قِلَادَةٌ مَثَلًا، مِمَّا هُوَ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ هَدْيٌ فَيُعَرِّفُهُ وَاجِدُهُ وَيَذْبَحُهُ وَقْتَ النَّحْرِ بِمِنًى وَيُفَرِّقُ لَحْمَهُ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ نَدْبًا، فَإِنْ ظَهَرَ صَاحِبُهُ وَأَنْكَرَ كَوْنَهُ هَدْيًا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَعَلَى الذَّابِحِ لَهُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ حَيًّا وَمَذْبُوحًا، وَعَلَى الْآكِلِ غُرْمُ اللَّحْمِ وَالذَّابِحُ طَرِيقٌ فِيهِ وَالْأَوْجَهُ جَوَازُ تَمَلُّكِ مَنْفَعَةِ مَوْقُوفٍ أَوْ مُوصًى بِهَا بَعْدَ تَعْرِيفِهَا. قَوْلُهُ: (الْمُمْتَنِعُ) أَيْ بِالْفِعْلِ وَلَوْ مَعَ حَمْلٍ عَلَى ظَهْرِهِ مَثَلًا فَإِنْ أَثْقَلَهُ الْحَمْلُ أَوْ كَانَ بِهِ نَحْوُ كَسْرِ رِجْلٍ فَكَغَيْرِ الْمُمْتَنِعِ وَإِذَا لَقَطَهُ، فَهُوَ لَاقِطٌ لِمَا عَلَيْهِ مِنْ الْحَمْلِ وَعَكْسِهِ وَتَقَدَّمَ حُكْمُهُ. قَوْلُهُ: (كَالذِّئْبِ إلَخْ) مِثَالٌ لِلصِّغَارِ بِالنِّسْبَةِ لِنَحْوِ الْأَسَدِ وَقِيلَ الْمُرَادُ صِغَارُ الْمَذْكُورَاتِ. قَوْلُهُ: (مُهْلِكَةٌ) وَسُمِّيَتْ مَفَازَةً تَفَاؤُلًا وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا مِنْ أَسْمَاءِ الْأَضْدَادِ، يُقَالُ فَازَ إذَا نَجَا أَوْ هَلَكَ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ) مَحِلُّ الْخِلَافِ فِي زَمَنِ الْأَمْنِ فَبِزَمَنِ الْخَوْفِ يَجُوزُ قَطْعًا وَلَوْ أَمِنَ عَلَيْهِ يَقِينًا، وَلَمْ يَعْرِفْ مَالِكُهُ امْتَنَعَ أَخْذُهُ وَإِنْ عَرَفَ مَالِكُهُ جَازَ أَخْذُهُ لِرَدِّهِ إلَيْهِ وَهُوَ أَمَانَةٌ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ) أَيْ زَمَنَ الْأَمْنِ فِي الْمَفَازَةِ لِلتَّمَلُّكِ. قَوْلُهُ: (لِلتَّمَلُّكِ قَطْعًا إلَخْ) فَعُلِمَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْحِفْظِ مُطْلَقًا وَكَذَا لِلتَّمَلُّكِ إلَّا مِنْ مَفَازَةٍ آمِنَةٍ. قَوْلُهُ: (يَجُوزُ الْتِقَاطُهُ) أَيْ غَيْرِ الْمُمْتَنِعِ لِلتَّمَلُّكِ وَكَذَا لِلْحِفْظِ سَوَاءٌ زَمَنَ الْأَمْنِ أَوْ غَيْرِهِ فِي الْمَفَازَةِ وَغَيْرِهَا، وَإِنَّمَا قُيِّدَ بِالتَّمَلُّكِ لِيَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (الْخَوَنَةُ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْوَاوِ جَمْعُ خَائِنٍ. قَوْلُهُ: (وَيَتَخَيَّرُ آخِذُهُ) أَيْ غَيْرُ الْمُمْتَنِعِ لِلتَّمَلُّكِ أَوْ مَا أَخَذَهُ لِلتَّمَلُّكِ وَلَوْ مِنْ الْمُمْتَنِعِ. قَوْلُهُ: (أَوْ بَاعَهُ) أَيْ حَالًا.

قَوْلُهُ: (وَعَرَّفَهَا) لَمْ يَذْكُرْ الضَّمِيرَ هُنَا دَفْعًا لِتَوَهُّمِ عَوْدِهِ إلَى الثَّمَنِ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَكْلُهُ) أَيْ حَالًا بَعْدَ تَمَلُّكِهِ إنْ وَجَدَهُ فِي مَفَازَةٍ فَإِنْ وَصَلَ بِهِ إلَى

ــ

[حاشية عميرة]

[فَصْل الْحَيَوَانُ الْمَمْلُوك الْمُمْتَنِع مِنْ صِغَار السِّبَاع كَالذِّئْبِ إنْ وُجِدَ بِمَفَازَةٍ]

فَصْلٌ الْحَيَوَانِ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْمَمْلُوكُ) كَذَلِكَ الْمُخْتَصُّ كَالْكَلْبِ وَالْبَعِيرِ الْمَنْذُورِ هَدِيَّةً يَلْتَقِطُهُ لِلنَّحْرِ، وَالْمَوْقُوفُ يَنْبَغِي أَنْ يُلْتَقَطَ لِتَمَلُّكِ مَنَافِعِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلِلْقَاضِي الْتِقَاطُهُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحِلُّهُ إذَا خَافَ الضَّيَاعَ، وَإِلَّا فَيُتْرَكُ وَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مَصُونٌ بِالِامْتِنَاعِ إلَخْ) فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ فِي الْإِبِلِ: «مَا لَك وَلَهَا» . قَوْلُهُ: (كَالْمَفَازَةِ) لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْمَفَازَةِ) أَيْ وَالْجَوَابُ عَنْ الْحَدِيثِ أَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الْمَفَازَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِيهِ: «تَرِدُ الْمَاءَ وَتَرْعَى الشَّجَرَ» . قَوْلُهُ: (بَعْدَ التَّعْرِيفِ) كَغَيْرِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ بَاعَهُ) لِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ الْأَكْلِ. قَوْلُهُ: (أَيْ اللُّقَطَةُ الْمَبِيعَةُ) يَعْنِي لَا الثَّمَنُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ أَكَلَهُ) الْأَحْسَنُ وَأَكَلَهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ. قَوْلُهُ: (أَيْضًا أَوْ أَكَلَهُ) بِالْإِجْمَاعِ عَلَى هَذِهِ الْخَصْلَةِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، فَلَوْ لَمْ يَأْكُلْ حَتَّى حَضَرَ بِهِ إلَى الْعُمْرَانِ امْتَنَعَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ. قَوْلُهُ: (أَخْذًا) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ مُتَمَلِّكًا لَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَغَرِمَ قِيمَتَهُ) قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: دَلِيلُهُ الْقِيَاسُ عَلَى إثْبَاتِ ذَلِكَ فِي لُقَطَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَجِبُ) هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ صَنِيعِ الْمِنْهَاجِ حَيْثُ ذَكَرَ التَّعْرِيفَ فِي الْخَصْلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، وَتَرَكَهُ مِنْ الْأَخِيرَةِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الثَّالِثَةِ) أَيْ لِمَا فِيهَا مِنْ تَعْجِيلِ الِاسْتِبَاحَةِ قَبْلَ التَّعْرِيفِ. فَرْعٌ لَمْ يُرَاعُوا هُنَا وُجُوبَ اتِّبَاعِ الْأَحَظِّ، وَرَاعُوهُ فِيمَا يُجَفَّفُ كَمَا سَيَأْتِي فَمَا الْفَرْقُ؟ ثُمَّ رَأَيْت الْإِسْنَوِيَّ اعْتَبَرَهُ هُنَا أَيْضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>