للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ اخْتِلَافُ الْمَالِ، قَالَ الرُّويَانِيُّ فَدَانَقُ الْفِضَّةِ، يُعَرَّفُ فِي الْحَالِ وَدَانَقُ الذَّهَبِ يُعَرَّفُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً وَالثَّانِي يُعَرَّفُ سَنَةً كَالْكَثِيرِ وَقِيلَ يُعَرَّفُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَمَّا الْقَلِيلُ غَيْرُ الْمُتَمَوَّلِ كَحَبَّةِ الْحِنْطَةِ، وَالزَّبِيبَةِ فَلَا يُعَرَّفُ وَلِوَاجِدِهِ الِاسْتِبْدَادُ بِهِ، وَقَدَّرَ بَعْضُهُمْ الْقَلِيلَ الْمُتَمَوَّلَ بِمَا دُونَ نِصَابِ السَّرِقَةِ، وَالْأَصَحُّ لَا يَتَقَدَّرُ بَلْ هُوَ مَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ فَاقِدَهُ لَا يَكْثُرُ أَسَفُهُ عَلَيْهِ، وَلَا يَطُولُ لَهُ غَالِبًا. فَصْلٌ

فَصْلٌ إذَا عَرَّفَ أَيْ الْمُلْتَقِطُ لِلتَّمَلُّكِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ اللُّقَطَةَ. (سَنَةً) عَلَى مَا تَقَدَّمَ (لَمْ يَمْلِكْهَا حَتَّى يَخْتَارَهُ) أَيْ الْمِلْكَ. (بِلَفْظٍ كَتَمَلَّكْتُ) وَنَحْوِهِ (وَقِيلَ تَكْفِي النِّيَّةُ) أَيْ نِيَّةُ التَّمَلُّكِ لِفَقْدِ الْإِيجَابِ (وَقِيلَ يَمْلِكُ بِمُضِيِّ السَّنَةِ) اكْتِفَاءً بِقَصْدِهِ عِنْدَ الْأَخْذِ لِلتَّمَلُّكِ بَعْدَ التَّعْرِيفُ، فَمَنْ الْتَقَطَ لِلْحِفْظِ دَائِمًا وَقُلْنَا بِوُجُوبِ التَّعْرِيفِ عَلَيْهِ، وَعَرَّفَ سَنَةً فَبَدَا لَهُ التَّمَلُّكُ لَا يَأْتِي فِيهِ هَذَا الْوَجْهُ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ وَإِنْ لَمْ نُوجِبْ التَّعْرِيفَ عَلَيْهِ، فَعَرَّفَ ثُمَّ بَدَا لَهُ قَصْدُ التَّمَلُّكِ لَا يُعْتَدُّ بِمَا عُرِفَ مِنْ قَبْلُ. (فَإِنْ تَمَلَّكَ) الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ (فَظَهَرَ الْمَالِكُ) وَهِيَ بَاقِيَةٌ بِحَالِهَا.

(وَاتَّفَقَا عَلَى رَدِّ عَيْنِهَا فَذَاكَ) ظَاهِرٌ وَيُقَاسُ بِهِ اتِّفَاقُهُمَا عَلَى الْعَدْلِ إلَى بَدَلِهَا. (وَإِنْ أَرَادَهَا الْمَالِكُ وَأَرَادَ الْمُلْتَقِطُ الْعُدُولَ إلَى بَدَلِهَا أُجِيبَ الْمَالِكُ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي الْمُلْتَقِطُ وَاسْتَدَلَّ الْأَوَّلُ بِمَا فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ فَإِنْ جَاءَ طَالِبُهَا فَأَدَّاهَا إلَيْهِ وَقَصَرَهُ الثَّانِي عَلَى مَا قَبْلَ التَّمَلُّكِ وَلَوْ رَدَّهَا الْمُلْتَقِطُ لَزِمَ الْمَالِكَ الْقَبُولُ. (وَإِنْ تَلِفَتْ غَرِمَ مِثْلَهَا) أَيْ إنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً. (أَوْ قِيمَتَهَا) أَيْ إنْ كَانَتْ مُتَقَوَّمَةً (يَوْمَ التَّمَلُّكِ) لِأَنَّهُ يَوْمَ دُخُولِهَا فِي ضَمَانِهِ. (وَإِنْ نَقَصَتْ بِعَيْبٍ) وَنَحْوِهِ (فَلَهُ أَخْذُهَا مَعَ الْأَرْشِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْكُلَّ مَضْمُونٌ فَكَذَا الْبَعْضُ وَالثَّانِي لَا أَرْشَ وَلَهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ الرُّجُوعُ إلَى بَدَلِهَا سَلِيمَةً بَدَلُهَا أَفْصَحَ بِهِ الْبَغَوِيّ عَلَى الثَّانِي لِاقْتِصَارِهِ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ الْأَوَّلُ وَعَلَيْهِ لَوْ أَرَادَهُ الْمُلْتَقِطُ وَأَرَادَ الْمَالِكُ الرُّجُوعَ إلَى الْبَدَلِ أُجِيبَ الْمُلْتَقِطُ فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ زَادَتْ أَخَذَهَا بِزِيَادَتِهَا الْمُتَّصِلَةِ دُونَ الْمُنْفَصِلَةِ وَلَوْ ظَهَرَ الْمَالِكُ قَبْلَ التَّمَلُّكِ أَخَذَهَا بِزَوَائِدِهَا الْمُتَّصِلَةِ وَالْمُنْفَصِلَةِ

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (وَلِوَاجِدِهِ الِاسْتِبْدَادُ) أَيْ الِاسْتِقْلَالُ قَالَ بَعْضُهُمْ بِصِيغَةِ تَمَلُّكٍ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ لَا يَتَقَدَّرُ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

قَوْلُهُ: (لَا يَكْثُرَ أَسَفُهُ عَلَيْهِ) سَوَاءٌ كَانَ مَالًا أَوْ اخْتِصَاصًا نَعَمْ إنْ ظَهَرَ مَالِكُهُ، وَادَّعَى عَدَمَ الْإِعْرَاضِ عَنْهُ وَجَبَ دَفْعُهُ لَهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا مُطْلَقًا، وَبَدَلُهُ إنْ كَانَ مُتَمَوَّلًا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ.

فَصْلٌ فِيمَا تُمَلَّكُ بِهِ اللُّقَطَةُ وَمَا تُضْمَنُ بِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (عَلَى مَا تَقَدَّمَ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ السَّنَةَ لَيْسَتْ قَيْدًا بَلْ الْمَدَارُ عَلَى وُجُودِ تَعْرِيفٍ مُعْتَدٍّ بِهِ وَلَوْ دُونَ سَنَةٍ فِيمَا يَكْفِي فِيهِ. قَوْلُهُ: (بِلَفْظِ) مِنْهُ أَوْ مِنْ وَلِيِّهِ، أَوْ وَارِثِهِ لَوْ مَاتَ فِيهِمَا، وَكَاللَّفْظِ مَا فِي مَعْنَاهُ كَمَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ نَعَمْ تَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا أَنَّ غَيْرَ الْمُتَمَوَّلِ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى تَمَلُّكٍ. قَوْلُهُ: (كَتَمَلَّكْتُ) أَيْ فِيمَا يُمَلَّكُ وَنَحْوِ نَقَلْت الِاخْتِصَاصَ إلَى نَفْسِي فِي غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ تَكْفِي نِيَّةُ التَّمَلُّكِ) أَيْ الْآنَ فَلَا يَكْفِي ذَلِكَ عِنْدَ الْأَخْذِ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (وَقُلْنَا بِوُجُوبِ إلَخْ) هُوَ مَحِلُّ تَوَهُّمِ مَجِيءِ الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي مَعَ الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (هَذَا الْوَجْهُ) وَهُوَ الْقَائِلُ بِالْمِلْكِ بِمُضِيِّ السَّنَةِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ نُوجِبْ إلَخْ) لَيْسَ قَيْدًا بَلْ مَعَ الْوُجُوبِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ أَيْضًا، فَلَا بُدَّ فِيهِمَا مِنْ اسْتِئْنَافِ سَنَةٍ أُخْرَى، فَعُلِمَ أَنَّ التَّعْرِيفَ قَدْ يَجِبُ سَنَتَيْنِ. وَانْظُرْ عَكْسَ هَذِهِ بِأَنْ قَصَدَ التَّمَلُّكَ أَوَّلًا وَعَرَّفَ سَنَةً ثُمَّ قَصَدَ الْحِفْظَ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ عَدَمُ وُجُوبِ سَنَةٍ أُخْرَى. بَلْ يَتَمَلَّكُ مَتَى أَرَادَهُ بَعْدُ. تَنْبِيهٌ قَدْ تَقَدَّمَ مَا يُفِيدُ أَنَّ التَّعْرِيفَ قَدْ يَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ أَيْضًا، كَمَا لَوْ لَمْ يَذْكُرْ مَكَانَهَا أَوْ زَمَانَهَا، أَوْ حَصَلَ نِسْيَانٌ فِي أَثْنَائِهِ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (فَظَهَرَ الْمَالِكُ) مَالِكُهَا وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فَلَا مُطَالَبَةَ عَلَى اللَّاقِطِ فِي الْآخِرَةِ، إنْ عَزَمَ عَلَى رَدِّهَا إذَا ظَهَرَ. قَوْلُهُ: (بِحَالِهَا) أَيْ بِلَا نَقْصٍ وَلَا زِيَادَةٍ وَلَا تَعَلُّقِ حَقٍّ كَرَهْنٍ، مِمَّا يَمْنَعُ بَيْعَهَا فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهَا ذَلِكَ تَعَيَّنَ الْبَدَلُ، نَعَمْ إنْ بَاعَهَا الْمُلْتَقِطُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ أَوَّلُهُمَا فَظَهَرَ الْمَالِكُ فِيهِ انْفَسَخَ وَإِنْ لَمْ يَفْسَخْهُ. قَوْلُهُ: (عَلَى رَدِّ عَيْنِهَا) وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ قَبْلَ التَّمَلُّكِ وَبَعْدَهُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ. قَوْلُهُ: (إنْ كَانَتْ مُتَقَوَّمَةً) وَلَا نَظَرَ لِلْمِثْلِ الصُّورِيِّ وَإِنْ وَجَبَ فِي الْقَرْضِ الْمَقِيسَةِ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى الْمِثْلِيَّةِ، وَلَا ضَمَانَ فِيمَا لَا قِيمَةَ لِعَيْنِهِ، وَلَا لِمَنَافِعِهِ كَالْكَلْبِ وَالسِّرْجِينِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِزِيَادَتِهَا الْمُتَّصِلَةِ) وَكَذَا الْمُنْفَصِلَةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا أَرْشَ لَوْ نَقَصَتْ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ. قَوْلُهُ: (دُونَ الْمُنْفَصِلَةِ) وَمِنْهَا الْحَمْلُ الْحَادِثُ بَعْدَ التَّمَلُّكِ، وَإِنْ لَمْ

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (الْمُتَمَوَّلُ) خَرَجَ الْقَلِيلُ الَّذِي لَا يُتَمَوَّلُ، فَإِنَّهُ يُتَمَلَّكُ فِي الْحَالِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (كَالْكَثِيرِ) لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ.

[فَصْلٌ إذَا عَرَّفَ أَيْ الْمُلْتَقِطُ لِلتَّمَلُّكِ سَنَةً]

فَصْلٌ إذَا عَرَّفَ إلَخْ قَوْلُهُ: (أَيْ نِيَّةُ التَّمَلُّكِ) أَيْ إحْدَاثُ هَذِهِ النِّيَّةِ فَلَا يُكْتَفَى بِنِيَّةِ ذَلِكَ عِنْدَ الْأَخْذِ. قَوْلُهُ: (اكْتِفَاءً بِقَصْدِهِ) وَفِي الْحَدِيثِ: «فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَهِيَ لَك» . وَلِذَا قَالَ فِي الْعُدَّةِ: إنَّهُ ظَاهِرُ النَّصِّ وَلَا يُخَالِفُهُ حَدِيثٌ «وَإِلَّا فَشَأْنُك بِهَا» . قَوْلُهُ: (فَمَنْ الْتَقَطَ إلَخْ) مِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرِهِ إنَّ مَنْ عَرَّفَ عَامًا وَقَدْ الْتَقَطَ بِقَصْدِ الْحِفْظِ ثُمَّ بَدَا لَهُ التَّمَلُّكُ، لَا بُدَّ مِنْ تَعْرِيفِ عَامٍ آخَرَ مَحِلُّهُ إذَا قُلْنَا إنَّ التَّعْرِيفَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ، وَالْأَصَحُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الْوُجُوبُ خِلَافًا لِمَا سَلَفَ عَنْ الْأَكْثَرِينَ. قَوْلُهُ: (وَاسْتَدَلَّ الْأَوَّلُ) مِنْ الْأَدِلَّةِ أَيْضًا الْقِيَاسُ عَلَى الْقَرْضِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ قِيمَتُهَا إلَخْ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ يُسْلَكُ بِهَا مَسْلَكُ الْقَرْضِ لَيْسَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. قَوْلُهُ: (لَا أَرْشَ لَهُ) لِحُصُولِ

<<  <  ج: ص:  >  >>