للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَإِذَا ادَّعَاهَا رَجُلٌ) مَثَلًا (وَلَمْ يَصِفْهَا وَلَا بَيِّنَةَ) لَهُ بِهَا (لَمْ تُدْفَعْ إلَيْهِ) إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمُلْتَقِطَ أَنَّهَا لَهُ فَيَلْزَمُهُ الدَّفْعُ إلَيْهِ.

(وَإِنْ وَصَفَهَا وَظَنَّ) الْمُلْتَقِطُ (صِدْقَهُ جَازَ الدَّفْعُ إلَيْهِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَفِي وَجْهٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي يَجِبُ (فَإِنْ دَفَعَ) إلَيْهِ (فَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً بِهَا حُوِّلَتْ إلَيْهِ) عَمَلًا بِالْبَيِّنَةِ (فَإِنْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ فَلِصَاحِبِ الْبَيِّنَةِ تَضْمِينُ الْمُلْتَقِطِ وَالْمَدْفُوعِ إلَيْهِ وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الثَّانِي فَيَرْجِعُ الْمُلْتَقِطُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَيْهِ، إنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ بِالْمِلْكِ فَإِنْ أَقَرَّ لَمْ يَرْجِعْ مُؤَاخَذَةً لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ صِدْقَهُ لَمْ يَجُزْ الدَّفْعُ إلَيْهِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَحَكَى الْإِمَامُ تَرَدُّدًا فِي جَوَازِهِ. (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ.

(لَا تَحِلُّ لُقَطَةُ الْحَرَمِ) أَيْ حَرَمِ مَكَّةَ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَحَرَمُهَا (لِلتَّمَلُّكِ عَلَى الصَّحِيحِ) أَيْ وَتَحِلُّ لِلْحِفْظِ أَبَدًا جَزْمًا (وَيَجِبُ تَعْرِيفُهَا) أَيْ الَّتِي لِلْحِفْظِ (قَطْعًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) اسْتَدَلَّ الْأَوَّلُ الْمُحَرِّمُ بِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ «إنَّ هَذَا الْبَلَدَ حُرْمَةُ اللَّهِ لَا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إلَّا مَنْ عَرَّفَهَا» ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «لَا تَحِلُّ لُقَطَتُهُ إلَّا لِمُنْشِدٍ» أَيْ لِمُعَرِّفٍ، وَالْمَعْنَى عَلَى الدَّوَامِ وَإِلَّا فَسَائِرُ الْبِلَادِ كَذَلِكَ، فَلَا تَظْهَرُ فَائِدَةُ التَّخْصِيصِ، وَالثَّانِي الْمُحَلِّلُ قَالَ الْمُرَادُ مِنْ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْرِيفِهَا سَنَةً، كَمَا فِي سَائِرِ الْبِلَادِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ تَعْرِيفَهَا فِي الْمَوْسِمِ كَافٍ لِكَثْرَةِ النَّاسِ وَحِكَايَةُ الْخِلَافِ وَجْهَيْنِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ مُخَالِفٌ لِحِكَايَتِهِ فِي كَثِيرٍ مِنْ نُسَخِ الشَّرْحِ قَوْلَيْنِ

وَقَوْلُهُ قَطْعًا زَادَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَقَالَ لِلْحَدِيثِ، وَقَالَ يَلْزَمُ الْمُلْتَقِطَ الْإِقَامَةُ، لِلتَّعْرِيفِ أَوْ دَفْعُهَا إلَى الْحَاكِمِ، وَسَكَتَ عَنْ لُقَطَةِ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ، فَلَا تُلْتَحَقُ بِمَكَّةَ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ، وَالرُّويَانِيُّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ صَاحِبِ الِانْتِصَارِ خِلَافُ ذَلِكَ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد فِي حَدِيثِ الْمَدِينَةِ «وَلَا نَلْتَقِطُ لُقَطَتَهَا إلَّا لِمَنْ أَشَارَ بِهَا» أَيْ رَفَعَ صَوْتَهُ وَهُوَ بِالْمُعْجَمَةِ ثُمَّ الْمُهْمَلَةِ.

كِتَابُ اللَّقِيطِ

بِمَعْنَى الْمَلْقُوطِ، وَهُوَ كُلُّ طِفْلٍ ضَائِعٍ لَا كَافِلَ لَهُ يُسَمَّى لَقِيطًا وَمَلْقُوطًا بِاعْتِبَارِ، أَنَّهُ يُلْقَطُ وَمَنْبُوذًا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ نُبِذَ أَيْ أُلْقِيَ فِي الطَّرِيقِ وَنَحْوِهِ (الْتِقَاطُ الْمَنْبُوذِ) بِالْمُعْجَمَةِ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) صِيَانَةً لِلنَّفْسِ الْمُحْتَرَمَةِ عَنْ الْهَلَاكِ. (وَيَجِبُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْتِقَاطِهِ (فِي الْأَصَحِّ)

ــ

[حاشية قليوبي]

يَنْفَصِلْ بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ.

قَوْلُهُ: (وَلَا بَيِّنَةَ) فَلَوْ أَقَامَهَا لَزِمَهُ الدَّفْعُ إنْ شَهِدَتْ عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَأَمَرَهُ بِالدَّفْعِ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ فُقِدَ الْحَاكِمُ أَوْ خِيفَ مِنْهُ فَمُحَكَّمٌ. قَوْلُهُ: (فَيَلْزَمُهُ إلَخْ) لِعِلْمِهِ أَنَّهَا لَهُ. قَوْلُهُ: (وَظَنَّ الْمُلْتَقِطُ صِدْقَهُ) أَوْ أَخْبَرَتْهُ بَيِّنَةٌ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (جَازَ) بَلْ نُدِبَ مَا لَمْ يَتَعَدَّدْ الْوَاصِفُ، وَإِلَّا امْتَنَعَ الدَّفْعُ إلَّا بِحُجَّةٍ. قَوْلُهُ: (حُوِّلَتْ إلَيْهِ) وَالزَّوَائِدُ قَبْلَ الْحُجَّةِ لِلْمُلْتَقِطِ لَا لِمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ، وَتُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ بِوَصْفِهَا بَعْدَ تَلَفِهَا وَلَوْ عِنْدَ الْأَخْذِ مِنْ الْمُلْتَقِطِ. قَوْلُهُ: (تَضْمِينُ الْمُلْتَقِطِ) إنْ لَمْ يَكُنْ دُفِعَ بِأَمْرِ حَاكِمٍ. قَوْلُهُ: (وَالْمَدْفُوعُ إلَيْهِ) أَيْ إنْ كَانَ الَّذِي أَخَذَهُ عَيْنَ اللُّقَطَةِ، فَإِنْ كَانَ بَدَلَهَا لِتَلَفِهَا مَثَلًا لَمْ يُطَالِبْهُ الْمَالِكُ، لِأَنَّ مَا أَخَذَهُ مَالُ الْمُلْتَقِطِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَقَرَّ) وَلَوْ بَعْدَ أَمْرِ الْحَاكِمِ لَهُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَجُزْ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ

قَوْلُهُ: (مَكَّةَ وَحَرَمِهَا) هُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ، لِأَنَّ مَكَّةَ مِنْهُ وَهُوَ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَخَرَجَ بِهِ الْحِلُّ كَعَرَفَةَ وَمُصَلَّى إبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

قَوْلُهُ: (لِلتَّمَلُّكِ) بِقَصْدِهِ أَوْ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (لِلْحِفْظِ) أَيْ بِقَصْدِهِ فَقَطْ وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ هَذَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ، أَيْ يَعُودُونَ إلَيْهِ لِلنُّسُكِ، فَرُبَّمَا يَعُودُ مَالِكُهَا أَوْ نَائِبُهُ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ. قَوْلُهُ: (لِعُرْفٍ) يُقَالُ أَنْشَدَ إذَا عَرَّفَ وَنَشَدَ إذَا طَلَبَ فَالْمُنْشِدُ الْمُعَرِّفُ وَالنَّاشِدُ الطَّالِبُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ. قَوْلُهُ: (زَادَهُ فِي الرَّوْضَةِ) وَلَوْ أَبْدَلَهُ بِقَوْلِهِ أَبَدًا لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (إلَى الْحَاكِمِ) أَيْ الْأَمِينِ. قَوْلُهُ: (عَنْ حَرَمِ الْمَدِينَةِ) وَمِثْلُهُ الْأَقْصَى. قَوْلُهُ: (فَلَا تُلْتَحَقُ بِمَكَّةَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَذَلِكَ مُصَلَّى إبْرَاهِيمَ لِأَنَّهُ مِنْ الْحِلِّ كَعَرَفَاتٍ كَمَا مَرَّ.

كِتَابُ اللَّقِيطِ

هُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ أَيْ الْمَلْقُوطُ أَيْ بَيَانُ حَقِيقَتِهِ، وَمَا يُفْعَلُ بِهِ وَبِمَا مَعَهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (طِفْلٌ) أَصَالَةً وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ وَخَرَجَ بِهِ الْبَالِغُ. قَوْلُهُ: (لَا كَافِلَ لَهُ) أَيْ مُعَيَّنًا. قَوْلُهُ: (يُسَمَّى) أَيْ لُغَةً وَمَعْنَاهُ الشَّرْعِيُّ مَا ذَكَرَهُ قَبْلُ وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ أَرْكَانَهُ ثَلَاثَةٌ لَقْطٌ، وَلَقِيطٌ وَلَاقِطٌ قَوْلُهُ: (وَمَنْبُوذًا) وَدِيعًا، لِأَنَّ غَيْرَهُ يَدَّعِيهِ وَذَكَرَ النَّبْذَ لِكَوْنِهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَتَسْمِيَتُهُ لَقِيطًا وَمَنْبُوذًا، بِاعْتِبَارِ طَرَفَيْ حَالِهِ وَمَنْشَأِ

ــ

[حاشية عميرة]

النَّقْصِ فِي مِلْكِهِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ لَوْ أَرَادَهُ) الضَّمِيرُ فِيهِمَا يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْأَوَّلِ.

قَوْلُهُ: (لَمْ تُدْفَعْ إلَيْهِ) لِحَدِيثِ: «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ» .

قَوْلُ الْمَتْنِ: (جَازَ الدَّفْعُ) شَبَّهَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ بِقَبُولِ الْهَدِيَّةِ مِنْ الرَّسُولِ وَشِرَاءِ مَا يَشْتَرِيهِ مِمَّنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ مِلْكُهُ. فَرْعٌ وَصَفَهَا جَمَاعَةٌ لَا تُدْفَعُ لِأَحَدِهِمْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَجِبُ) أَيْ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ فَيَحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ كَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (يَجِبُ) لِأَنَّ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ قَدْ تَعْسُرُ، وَبِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَضْمِينُ الْمُلْتَقِطِ وَالْمَدْفُوعِ إلَيْهِ إلَخْ) لَوْ أَتْلَفَ الْعَيْنَ الْمُلْتَقِطُ بَعْدَ مُضِيِّ الْحَوْلِ وَغَرِمَ قِيمَتَهَا لِلْوَاصِفِ. ثُمَّ أَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ، فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (أَيْ لِمُعَرِّفٍ) يُقَالُ: أَنْشَدَ إذَا عَرَّفَ، وَنَشَدَ إذَا طَلَبَ فَالْمُنْشِدُ الْمُعَرِّفُ، وَالنَّاشِدُ الطَّالِبُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي) بِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ

[كِتَابُ اللَّقِيطِ]

ِ إلَخْ قَوْلُهُ: (وَمَنْبُوذًا) هَذَا النَّبْذُ مُنْشَؤُهُ عَارٌ يَبْلُغُ الْأُمَّ أَوْ فَقْدُ أَبِيهِ أَوْ فَقْدُ أَبَوَيْهِ. قَالَ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ هَذَا الْوَلَدُ لَهُ اسْمَانِ مَأْخُوذَانِ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>