للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ إذَا وُجِدَ لَقِيطٌ بِدَارِ الْإِسْلَامِ وَفِيهَا أَهْلُ ذِمَّةٍ أَوْ بِدَارٍ فَتَحُوهَا أَيْ الْمُسْلِمُونَ (وَأَقَرُّوهَا بِيَدِ كُفَّارٍ صُلْحًا) أَيْ عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ (أَوْ) أَقَرُّوهَا بِيَدِهِمْ (بَعْدَ مِلْكِهَا بِجِزْيَةٍ وَفِيهَا مُسْلِمٌ) فِي الصُّورَتَيْنِ.

(حُكِمَ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ) فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا فَتَحُوهَا مُسْلِمٌ فَاللَّقِيطُ كَافِرٌ. (وَإِنْ وُجِدَ بِدَارِ كُفَّارٍ فَكَافِرٌ إنْ لَمْ يَسْكُنْهَا مُسْلِمٌ) وَإِنْ سَكَنَهَا مُسْلِمٌ (كَأَسِيرٍ وَتَاجِرٍ وَإِلَّا فَمُسْلِمٌ فِي الْأَصَحِّ) تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ، وَالثَّانِي هُوَ كَافِرٌ تَغْلِيبًا لِلدَّارِ. (وَمَنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ بِالدَّارِ فَأَقَامَ ذِمِّيٌّ بَيِّنَةً بِنَسَبِهِ لَحِقَهُ وَتَبِعَهُ فِي الْكُفْرِ) لِلْبَيِّنَةِ (وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى الدَّعْوَى فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَتْبَعُهُ فِي الْكُفْرِ) لِأَنَّهُ قَدْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ فَلَا يُغَيَّرُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِيهِ قَوْلَانِ ثَانِيهِمَا يَتْبَعُهُ فِي الْكُفْرِ كَالنَّسَبِ. (وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الصَّبِيِّ بِجِهَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ لَا تُفْرَضَانِ فِي لَقِيطٍ إحْدَاهُمَا الْوِلَادَةُ فَإِنْ كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُسْلِمًا وَقْتَ الْعُلُوقِ فَهُوَ مُسْلِمٌ)

ــ

[حاشية قليوبي]

وُجُوبِ إطْعَامِ الْمُحْتَاجِ، وَقَدْ يُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ ذَاكَ، فِيمَنْ تَحَقَّقَتْ حَاجَتُهُ وَكَوْنُهَا نَفَقَةً عَلَى الثَّانِي، إنَّمَا هُوَ فِي الظَّاهِرِ، وَأَمَّا فِي الْوَاقِعِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ ظَهَرَ أَنَّهُ رَقِيقٌ غَرِمَ سَيِّدُهُ، مَا أُنْفِقَ عَلَيْهِ أَوْ حُرٌّ وَلَهُ مَالٌ فَعَلَيْهِ، وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ، وَلَمْ تَسْقُطْ هُنَا بِمُضِيِّ الزَّمَنِ لِوُقُوعِهَا قَرْضًا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ مَعَ أَنَّ عَدَمَ مُطَالَبَةِ الْقَرِيبِ هُنَا لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَفِي سَهْمِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْغَارِمِينَ، أَيْ مِمَّا فَضَلَ عَنْ كِفَايَتِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَحَصَلَ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ قَبْلَ يَسَارِهِ قُضِيَ مِنْهُ، وَقَوْلُهُمْ إنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، وَلَا مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ تَبَيَّنَ أَنَّ النَّفَقَةَ لَيْسَتْ قَرْضًا، فَلَا رُجُوعَ بِهَا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ تَحَقَّقَتْ حَاجَتُهُ، وَالْمُنْفِقُ غَنِيٌّ كَمَا مَرَّ، كَمَا لَوْ افْتَقَرَ رَجُلٌ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِنَفَقَتِهِ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ لَا رُجُوعَ لَهُمْ عَلَيْهِ إذَا أَيْسَرَ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ قَامَ إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ هَذَا رَاجِعٌ إلَى الْقَوْلَيْنِ، وَيَلْزَمُهُ أَنَّ الْقَرْضَ وَاجِبٌ عَلَى الْكِفَايَةِ هُنَا فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَلِلْمُلْتَقِطِ) حَيْثُ يَجُوزُ إيدَاعُ مَالِ الْيَتِيمِ عِنْدَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِحِفْظِ مَالِهِ غَيْرِ الَّذِي لِلنَّفَقَةِ.

قَوْلُهُ: (كَحِفْظِهِ) وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ مَنْ نَازَعَهُ فِيهِ إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي. قَوْلُهُ: (إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي) وَيَكْفِي أَوَّلَ مَرَّةٍ فَإِنْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ أَشْهَدَ فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ صَارَ ضَامِنًا، وَلَوْ أَنْفَقَ الْمُلْتَقَطُ مِنْ مَالِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْحَاكِمِ، وَإِلَّا لَمْ يَرْجِعْ لِأَنَّهُ نَادِرٌ.

فَصْلٌ فِي الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ أَوْ عَدَمِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ

فَصْلٌ فِي الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ أَوْ عَدِمِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (إذَا وُجِدَ لَقِيطٌ بِدَارِ الْإِسْلَامِ) بِأَنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ ابْتِدَاءً وَإِنْ مَنَعَهُمْ الْكُفَّارُ مِنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَطَالَتْ مُدَّةُ مَنْعِهِمْ. قَوْلُهُ: (وَفِيهَا مُسْلِمٌ) أَيْ يُمْكِنُ كَوْنُ اللَّقِيطِ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ مُجْتَازًا بِهَا أَوْ تَاجِرًا أَوْ أَسِيرًا مُطْلَقًا وَسَوَاءٌ نَفَاهُ أَوْ لَا فَهُوَ مُسْلِمٌ. قَوْلُهُ: (فِي الصُّورَتَيْنِ) أَيْ الْأَخِيرَتَيْنِ بِخِلَافِ الْأُولَى نَظَرًا لِأَصْلِ الدَّارِ فِيهَا. قَوْلُهُ: (فِيمَا فَتَحُوهَا) الشَّامِلَةِ لِلصُّورَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ سَابِقًا وَلَوْ عَبَّرَ هُنَا كَمَا مَرَّ لَكَانَ أَقْرَبَ. قَوْلُهُ: (حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ) هُوَ جَوَابُ إذَا لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ بِدَارِ كُفَّارٍ) وَهِيَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ قَبْلَهَا فَكَافِرٌ إنْ لَمْ يَسْكُنْهَا مُسْلِمٌ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ سَكَنَهَا مُسْلِمٌ) أَيْ وُجِدَ فِيهَا مُدَّةً انْقَطَعَ السَّفَرُ وَأَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ، وَلَا يَكْفِي الِاجْتِيَازُ هُنَا وَلَا عِبْرَةَ بِأَسِيرٍ مَحْبُوسٍ فِي نَحْوِ مَطْمُورَةٍ وَالْبَادِيَةُ كَالْبَلَدِ. قَوْلُهُ: (فَمُسْلِمٌ) فَإِنْ نَفَاهُ انْتَفَى نَسَبُهُ لِإِسْلَامِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَأَقَامَ ذِمِّيٌّ) الْمُرَادُ كَافِرٌ. قَوْلُهُ: (بَيِّنَةً) وَمِثْلُهَا الْقَائِفُ وَكَذَا بِمَحِلٍّ مَنْسُوبٍ لِلْكُفَّارِ لَيْسَ بِهِ مُسْلِمٌ لَحِقَهُ فِي النَّسَبِ وَالدِّينِ فَهُوَ كَافِرٌ فِي كُلِّ ذَلِكَ، نَعَمْ لَوْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ ثَبَتَ النَّسَبُ دُونَ الْكُفْرِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يَتْبَعُهُ فِي الْكُفْرِ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مِنْ وَطْءِ مُسْلِمَةٍ بِشُبْهَةٍ وَقَيَّدَ الْمَاوَرْدِيُّ الْخِلَافَ بِمَا إذَا لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ صَلَاةٌ أَوْ صَوْمٌ وَإِلَّا فَمُسْلِمٌ قَطْعًا وَيُنْدَبُ أَنْ يُحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ ادَّعَاهُ وَلَحِقَهُ فِي النَّسَبِ فَإِنْ بَلَغَ وَوَصَفَ الْكُفْرَ قُرِّرَ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ يُهَدَّدُ فَلَعَلَّهُ يُسْلِمُ وَحَيْثُ حُكِمَ بِكُفْرِهِ فَنَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَمَا مَرَّ لِعَوْدِ مَنْفَعَتِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، مِنْ أَنَّهُ رُبَّمَا يُقِرُّ بِالْجِزْيَةِ. فَرْعٌ ذِمِّيَّةٌ أَتَتْ بِوَلَدٍ مِنْ زِنَا بِمُسْلِمٍ قَالَ الطَّبَلَاوِيُّ إنَّهُ مُسْلِمٌ تَبَعًا لِابْنِ حَزْمٍ نَظَرًا لِلدَّارِ وَخَالَفَ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ. وَشَيْخُنَا م ر. قَالَ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ وَاحِدٌ مِنْ أَسْبَابِ الْإِسْلَامِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي هِيَ تَبَعِيَّةُ الْأَصْلِ، أَوْ السَّابِي أَوْ الدَّارُ. قَوْلُهُ: (لَا تُفْرَضَانِ إلَخْ) فَذِكْرُهُمَا فِيهِ اسْتِطْرَادِيٌّ.

قَوْلُهُ: (أَحَدُ أَبَوَيْهِ) الْمُرَادُ أَحَدُ أُصُولِهِ بِحَيْثُ يُنْسَبُ إلَيْهِ، وَيَرِثُ مِنْهُ وَلَوْ بِالرَّحِمِ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ، وَلَوْ رَقِيقًا أَوْ مَيِّتًا أَوْ كَانَ الْأَقْرَبَ

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلِهِمْ: إنَّ وُجُوبَهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ نَفَقَةً لَا قَرْضًا، ثُمَّ وَجْهُ كَوْنِهَا قَرْضًا إلْحَاقُهُ بِإِطْعَامِ الْمُضْطَرِّ وَوَجْهُ النَّفَقَةِ إلْحَاقُهُ بِالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ الْعَاجِزَيْنِ. قَوْلُهُ: (يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ الْقَاضِي) لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ.

[فَصْل وُجِدَ لَقِيطٌ بِدَارِ الْإِسْلَامِ وَفِيهَا أَهْلُ ذِمَّةٍ]

فَصْلٌ إذَا وُجِدَ قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ بِدَارٍ فَتَحُوهَا إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: كِلَا الْقِسْمَيْنِ دَارُ إسْلَامٍ أَيْضًا، عَلَى نَظَرٍ فِي الْأَوَّلِ. قَالَ وَلَوْ مَنَعُونَا مِنْ الثَّانِي فَهُوَ دَارُ كُفْرٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُسْلِمٌ) أَيْ يُمْكِنُ أَنْ يُولَدَ لَهُ ذَلِكَ الْوَلَدُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ اشْتِرَاطُ وُجُودِ الْمُسْلِمِ رَاجِعًا لِلْقِسْمِ الْأَوَّلِ أَيْضًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ سَكَنَهَا مُسْلِمٌ إلَخْ) وَإِنْ نَفَاهُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُغَيَّرُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى) اُنْظُرْ لَوْ انْضَمَّ إلَى الدَّعْوَى إلْحَاقُ الْقَائِفِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا تُفْرَضَانِ فِي لَقِيطٍ) أَيْ وَإِنَّمَا يُذْكَرَانِ فِي بَابِ اللَّقِيطِ اسْتِطْرَادًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>