للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَا (قَبْلَ الْجَحْدِ) لِلتَّنَاقُضِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْوَجِيزِ وَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّهَا تُفِيدُهُ إذْ لَوْ صَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ سَقَطَ عَنْهُ الضَّمَانُ فَكَذَا إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ نَاسِيًا فَتَذَكَّرَ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ: لَا بَيِّنَةَ لِي، ثُمَّ جَاءَ بِهَا وَبِهَذَا جَزَمَ النَّاظِمُ كَأَصْلِهِ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ وَزَادَ فِيهَا أَنَّهُ الصَّحِيحُ لَا مَا ذَكَرَهُ هُنَا، هَذَا إذَا كَانَتْ صِيغَةُ الْجَحْدِ: مَا وَكَّلْتنِي أَوْ مَا دَفَعْتَ إلَيَّ شَيْئًا أَوْ مَا قَبَضْتُ فَإِنْ كَانَتْ مَا لَك عِنْدِي شَيْءٌ أَوْ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ شَيْءٍ إلَيْك قَبْلَ قَوْلِهِ: وَبَيِّنَتُهُ فِي الْهَلَاكِ وَالرَّدِّ إذْ لَا تَنَاقُضَ وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ هَنَّهْ تَكْمِلَةٌ (وَ) إنْ أَسْنَدَ مَعَ بَيِّنَتِهِ الرَّدَّ أَوْ الْهَلَاكَ إلَى مَا (بَعْدَهُ) أَيْ الْجَحْدِ (تُسْمَعُ) الْبَيِّنَةُ (ذَاتُ الرَّدِّ) وَالْهَلَاكِ أَيْ الشَّاهِدَةِ بِهِمَا؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ غَاصِبٌ وَسَكَتَ عَنْ ذِكْرِ ذَاتِ الْهَلَاكِ لِفَهْمِهَا بِالْأَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ الْيَمِينِ فِي تَلَفٍ) لِيَنْقَطِعَ عَنْهُ طَلَبُ الرَّدِّ (لَكِنْ مَعَ التَّضْمِينِ) لِلْبَدَلِ كَالْغَاصِبِ وَخَرَجَ بِالتَّلَفِ الرَّدُّ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ لِخِيَانَتِهِ.

(بَابُ الْإِقْرَارِ) هُوَ لُغَةً الْإِثْبَاتُ مِنْ قَرَّ الشَّيْءُ يَقِرُّ قَرَارًا إذَا ثَبَتَ وَشَرْعًا إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ وَيُسَمَّى اعْتِرَافًا أَيْضًا وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النساء: ١٣٥] وَفُسِّرَتْ شَهَادَةُ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْإِقْرَارِ وَقَوْلُهُ: {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ} [البقرة: ٢٨٢] إلَى قَوْلِهِ: {فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [البقرة: ٢٨٢] أَيْ فَلْيُقِرَّ بِالْحَقِّ دَلَّ أَوَّلُهُ عَلَى صِحَّةِ إقْرَارِ الرَّشِيدِ عَلَى نَفْسِهِ وَآخِرُهُ عَلَى صِحَّةِ إقْرَارِ الْوَلِيِّ عَلَى مُوَلِّيهِ وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ: «اُغْدُ يَا أَنِيسُ إلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» .

وَلَهُ أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ مُقِرٌّ وَمُقَرٌّ لَهُ وَمُقَرٌّ بِهِ وَصِيغَةٌ وَقَدْ بَدَا بِبَيَانِ الْمُقِرِّ فَقَالَ (وَأَخْذِ مُكَلَّفًا) مُخْتَارًا

ــ

[حاشية العبادي]

مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: لَا مَا ذَكَرَهُ هُنَا. . إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَإِنْ جَحَدَ وَكِيلٌ قَبْضَ ثَمَنٍ ثَبَتَ ضَمِنَ لَا إنْ ثَبَتَ بِتَلَفٍ قَبْلَ جَحْدٍ أَوْ بِرَدٍّ وَلَوْ بَعْدَ الْجَحْدِ وَصُدِّقَ فِي تَلَفٍ بَعْدَهُ لِيَضْمَنَ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ غَاصِبٌ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ مَعَ ذَاتِ التَّلَفِ (قَوْلُهُ: وَسَكَتَ إلَخْ) فِيهِ بَحْثٌ لِجَوَازِ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا سَكَتَ الْمُؤَلِّفُ كَغَيْرِهِ عَنْهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا بِتَصْدِيقِنَا لَهُ بِيَمِينِهِ كَمَا صَرَّحَ الْأَئِمَّةُ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي وَاضِعِ الْيَدِ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ خَارِجٌ فَإِنَّ بَيِّنَةَ ذِي الْيَدِ لَا تُسْمَعُ قَبْلَ إقَامَةِ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهَا بِقَبُولِ قَوْلِهِ: بِيَمِينِهِ وَحِينَئِذٍ فَاَلَّذِي قَالَهُ الشَّارِحُ غَيْرُ قَوِيمٍ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَمَدَ إلَّا إنْ سَاعَدَهُ نَقْلٌ وَلَا أَحْسَبُهُ يَجِدُ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَأَقُولُ لَك أَنْ تُجِيبَ عَنْ هَذَا الْبَحْثِ بِأَنَّ سَمَاعَ الْبَيِّنَةِ يُفِيدُ الْبَرَاءَةَ بِخِلَافِ يَمِينِهِ فَإِنَّهُ يُفِيدُهُ سُقُوطُ الرَّدِّ لَكِنْ يَضْمَنُ الْبَدَلَ فَلَمْ يَصِحَّ دَعْوَى الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا بِتَصْدِيقِنَا لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّ ذَلِكَ قَدْ يُشْكِلُ بِأَنَّ سَمَاعَ الْبَيِّنَةِ بِقَيْدِ إفَادَةِ الْبَرَاءَةِ لَا يُفْهَمُ مِمَّا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّ الْقَبُولَ فِيهِ مُقَيَّدٌ بِالضَّمَانِ.

(قَوْلُهُ: لِيَنْقَطِعَ عَنْهُ طَلَبُ الرَّدِّ) لِئَلَّا يَتَخَلَّدَ فِي الْحَبْسِ وَهَذَا مَوْجُودٌ فِيمَا قَبْلَ الْجَحْدِ فَأَيُّ فَرْقٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْحَالَانِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ عَدَمِ قَبُولِ قَوْلِهِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَرَاءَةِ

(بَابُ الْإِقْرَارِ) . (قَوْلُهُ: إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ) أَيْ لِغَيْرِهِ بِرّ

ــ

[حاشية الشربيني]

لِأَنَّهُ لَوْ صَدَّقَهُ الْمُدَّعِي لَسَقَطَ عَنْهُ الضَّمَانُ فَكَذَا إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ وَلَوْ ادَّعَى التَّلَفَ بَعْدَ الْجُحُودِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِئَلَّا يَتَخَلَّدَ فِي الْحَبْسِ وَتَنْقَطِعَ عَنْهُ الْمُطَالَبَةُ بِرَدِّ الْعَيْنِ لَكِنْ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ لِخِيَانَتِهِ كَمَا إذَا ادَّعَى الْغَاصِبُ التَّلَفَ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ. . إلَخْ) أَيْ مَعَ قُوَّةِ الْبَيِّنَةِ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ يَأْتِي فِي مُجَرَّدِ قَوْلِهِ تَأَمَّلْ

[بَابُ الْإِقْرَارِ]

(بَابُ الْإِقْرَارِ) . (قَوْلُهُ: مِنْ قَرَّ) أَيْ مِنْ مَزِيدِهِ وَهُوَ أَقَرَّ فَفِيهِ تَجَوُّزٌ كَذَا قِيلَ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ إنَّمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى أَكْثَرِ الْحُرُوفِ. (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا إخْبَارٌ. . إلَخْ) وَيَلْزَمُ هَذَا الْإِخْبَارَ إثْبَاتُ ذَلِكَ الْحَقِّ فَالْمَعْنَى الشَّرْعِيُّ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ الَّذِي هُوَ مُطْلَقُ الْإِثْبَاتِ بِحَسَبِ لَازِمِهِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ) أَيْ لِغَيْرِهِ عَلَيْهِ وَعَكْسُهُ الدَّعْوَى وَلِغَيْرِهِ عَلَى غَيْرِهِ الشَّهَادَةُ وَمَحَلُّ كَوْنِ الْإِخْبَارِ بِالْحَقِّ مُقَسَّمًا إلَى إقْرَارٍ تَارَةً وَإِلَى دَعْوَى تَارَةً وَإِلَى شَهَادَةٍ تَارَةً إذَا كَانَ عَنْ أَمْرٍ خَاصٍّ فَإِنْ كَانَ عَنْ أَمْرٍ عَامٍّ لَيْسَ خَاصًّا بِوَاحِدٍ فَإِنْ كَانَ بِوَاسِطَةِ حِسٍّ وَهُوَ السَّمْعُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الطَّبَقَةِ الْأُولَى أَوْ هُوَ وَالْبَصَرُ بِالنِّسْبَةِ لَهَا فَرِوَايَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِوَاسِطَةِ حِسٍّ فَمَعَ الْإِلْزَامِ حُكْمٌ وَإِلَّا فَفَتْوَى وَفِي جَعْلِ الْحُكْمِ مِنْ أَقْسَامِ الْخَبَرِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إنْشَاءٌ كَصِيَغِ الْعُقُودِ. اهـ. م ر وَع ش وَرَشِيدِيٌّ مَعْنًى وَمِمَّا لَا يَخْتَصُّ بِوَاحِدٍ نَحْوُ خَبَرِ: «يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنْ الْحَبَشَةِ» وَإِنْ كَانَ التَّخْرِيبُ مُسْنَدَ الْوَاحِدِ إذْ هَذَا مِنْ الْمَرْوِيِّ غَيْرِ الْمُخْتَصِّ بِوَاحِدٍ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى. . إلَخْ) أَيْ لُغَةً وَشَرْعًا بِخِلَافِ الْإِخْبَارِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ شَرْعِيٌّ فَقَطْ. اهـ. جَمَلٌ.

(قَوْلُهُ: وَقَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ) أَيْ مُوَاظِبِينَ عَلَى الْعَدْلِ مُجِدِّينَ فِي إقَامَتِهِ، شُهَدَاءَ لِلَّهِ بِالْحَقِّ أَيْ: تُقِيمُونَ شَهَادَتَكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ خَبَرٌ ثَانٍ أَوْ حَالٌ، وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ بِأَنْ تُقِرُّوا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بَيَانُ الْحَقِّ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ. اهـ. عَنَانِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: يَا أَنِيسُ) هُوَ ابْنُ الضَّحَّاكِ الْأَسْلَمِيُّ عَلَى الْأَصَحِّ. اهـ. جَمَلٌ. (قَوْلُهُ مُخْتَارًا) يُفْهِمُ أَنَّ الْمُكْرَهَ مُكَلَّفٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيَانًا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِخَفَائِهِ وَتَقْرِيرُهُ الْمَفْهُومَ يُخَالِفُهُ. (قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ الْمُكْرَهِ) أَيْ بِغَيْرِ حَقٍّ

<<  <  ج: ص:  >  >>