للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ رَدَّ الْأَوَّلُ فَنِصْفُهَا لِلثَّانِي أَوْ الثَّانِي فَكُلُّهَا لِلْأَوَّلِ ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ وَنَقَلَا عَنْ الْأُسْتَاذِ أَبِي مَنْصُورٍ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِدَارٍ لِوَاحِدٍ ثُمَّ بِسُكْنَاهَا لِآخَرَ كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ لِلثَّانِي قَالَا وَقِيَاسُ اشْتِرَاكِهِمَا فِي الْفَصِّ فِيمَا لَوْ أَوْصَى بِخَاتَمٍ لِوَاحِدٍ ثُمَّ بِفَصِّهِ لِآخَرَ اشْتِرَاكُهُمَا فِي الْمَنْفَعَةِ وَفَرَّقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مَعْدُومَةٌ، وَالْفَصَّ مَوْجُودٌ وَبِأَنَّ الْفَصَّ مُنْدَرِجٌ تَحْتَ اسْمِ الْخَاتَمِ فَهُوَ الْمُوصَى بِهِ، وَالْمَنْفَعَةُ لَيْسَتْ مُنْدَرِجَةً تَحْتَ اسْمِ الدَّارِ وَلَوْ أَوْصَى لِوَاحِدٍ بِأَلْفَيْنِ ثُمَّ بِأَلْفٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمُوصَى بِهِ فَلَهُ أَلْفٌ فَقَطْ لِأَنَّهُ رُبَّمَا قَصَدَ تَقْلِيلَ حَقِّهِ فَيُؤْخَذُ بِالْيَقِينِ

(فَصْلٌ فِي الْوِصَايَةِ) وَهِيَ إثْبَاتُ تَصَرُّفٍ مُضَافٍ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ يُقَالُ أَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِكَذَا وَأَوْصَيْت إلَيْهِ وَصَّيْتُهُ إذَا جَعَلْتُهُ وَصِيًّا، وَالْقِيَاسُ أَنْ يُقَالَ أَيْضًا أَوْصَيْته

وَقَدْ أَوْصَى ابْنُ مَسْعُودٍ فَكَتَبَ، وَصِيَّتِي إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَى الزُّبَيْرِ وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَأَرْكَانُهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَرْبَعَةٌ مُوصٍ وَوَصِيٌّ وَمُوصًى فِيهِ وَهُوَ التَّصَرُّفُ الْمَالِيُّ الْمُبَاحُ وَصِيغَةٌ كَأَوْصَيْتُ إلَيْك أَوْ فَوَّضْت إلَيْك أَوْ أَقَمْتُك مَقَامِي (صَحَّ) بَلْ سُنَّ (لِتَنْفِيذِ الْوَصَايَا وَوَفَا دُيُونِهِ) وَرَدِّ الْوَدَائِعِ، وَالْعَوَارِيِّ وَالْغُصُوبِ وَنَحْوِهَا (إيصَاءُ حُرٍّ) كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ (كُلِّفَا) فَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهَا نَصَبَ الْقَاضِي مَنْ يَقُومُ بِهَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ يَجِبُ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ أَوْ فِي ذِمَّتِهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِآدَمِيٍّ يُوصِي بِهِ حَمَلَهُ النَّوَوِيُّ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ مَنْ يَثْبُتُ بِقَوْلِهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ غَيْرُ كَافٍ فَإِنَّ قَوْلَ الْوَرَثَةِ كَافٍ فِي الثُّبُوتِ مَعَ أَنَّ الْمُتَّجَهَ أَنَّ عِلْمَهُمْ لَا يَكْفِي لِأَنَّهُمْ الْغُرَمَاءُ فَلَا بُدَّ مِنْ حُجَّةٍ تَقُومُ عَلَيْهِمْ عِنْدَ إنْكَارِهِمْ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الشَّاهِدَ الْوَاحِدَ لَا يَكْفِي فَإِنَّ الْحَقَّ لَا يَثْبُتُ بِهِ وَحْدَهُ لَكِنَّ الْقِيَاسَ تَخْرِيجُهُ عَلَى قَضَاءِ الْوَكِيلِ الدَّيْنَ بِحَضْرَةِ وَاحِدٍ، وَالصَّحِيحُ الِاكْتِفَاءُ بِهِ وَكَذَا الصَّحِيحُ الِاكْتِفَاءُ بِإِشْهَادٍ ظَاهِرِي الْعَدَالَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِهِمَا انْتَهَى وَقَدْ يُقَالُ قَوْلُهُ: الْمُتَّجَهُ أَنَّ عِلْمَ الْوَرَثَةِ لَا يَكْفِي مُخَالِفٌ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الْوَدِيعَةِ مِنْ أَنَّ الْإِيصَاءَ بِهَا إلَيْهِمْ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ كَافٍ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ وَيُجَابُ بِمَنْعِ الْمُخَالَفَةِ فَإِنَّ الرَّافِعِيَّ وَغَيْرَهُ صَرَّحُوا هُنَاكَ بِوُجُوبِ الْإِشْهَادِ عِنْدَ الْإِيصَاءِ بِهَا لَكِنَّهُ سَقَطَ مِنْ الرَّوْضَةِ وَخَرَجَ بِالْحُرِّ الرَّقِيقُ وَبِالْمُكَلَّفِ غَيْرُهُ فَلَا يَصِحُّ إيصَاؤُهُمَا وَلَمْ يَذْكُرْ الْحَاوِي التَّكْلِيفَ هُنَا اكْتِفَاءً بِمَا قَدَّمَهُ فِي الْحَجْرِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَنَّا إذَا صَحَّحْنَا وَصِيَّةَ الْمُبَذِّرِ فَلَهُ تَعْيِينُ شَخْصٍ لِتَنْفِيذِهَا وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَمَنْعُهُ أَيْضًا مُحْتَمَلٌ فَلْيَلِهِ الْقَاضِي انْتَهَى

(وَ) صَحَّ الْإِيصَاءُ أَيْضًا (مِنْ وَلِيٍّ) أَبٍ وَجَدِّ أَبِي أَبٍ وَإِنْ عَلَا (وَ) مِنْ (وَصِيٍّ أُذِنَا فِيهِ) بِأَنْ أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ فِي الْإِيصَاءِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَإِنْ رَدَّ الْأَوَّلَ فَنِصْفُهَا لِلثَّانِي) لِأَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِنِصْفِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ النِّصْفُ عِنْدَ عَدَمِ الرَّدِّ لِمُزَاحَمَةِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ فَكُلُّهَا لِلْأُولَى) وَلَا يُقَالُ يَنْبَغِي أَنَّ لَهُ النِّصْفَ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالنِّصْفِ لِلثَّانِي رُجُوعٌ عَنْ نِصْفِ وَصِيَّةِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ النِّصْفُ لِنَفْسِهِ أَوْ وَرَثَتِهِ حَتَّى يَكُونَ رُجُوعًا بَلْ زَاحَمَ الْأَوَّلَ فِيهِ بِوَصِيَّةٍ أُخْرَى فَإِذَا رُدَّتْ بَقِيَ الْأَوَّلُ كَمَا كَانَ.

(قَوْلُهُ: فَلَهُ أَلْفٌ فَقَطْ) أَوْ بِأَلْفٍ ثُمَّ بِأَلْفَيْنِ فَلَهُ أَلْفَانِ فَقَطْ فَلَوْ وَجَدْنَا الْوَصِيَّتَيْنِ وَلَمْ نَعْلَمْ الْمُتَأَخِّرَةَ مِنْهُمَا لَمْ يُدْفَعْ إلَّا الْمُتَيَقَّنُ وَهُوَ الْأَلْفُ لِاحْتِمَالِ تَأَخُّرِ الْوَصِيَّةِ بِهَا وَلَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِمِائَةٍ وَلِعَمْرٍو بِمِائَةٍ ثُمَّ قَالَ لِآخَرَ أَشْرَكْتُك مَعَهُمَا أُعْطِيَ نِصْفَ مَا بِيَدِهِمَا شَرْحُ رَوْضٍ

(فَصْلٌ فِي الْوِصَايَةِ)

(قَوْلُهُ: أَنْ يُوصِيَ بِهِ) أَيْ أَوْ يُؤَدِّيَهُمَا فِي الْحَالِ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: مَنْ يَثْبُتُ بِقَوْلِهِ) أَيْ عَلَى الْوَرَثَةِ لَوْ أَنْكَرُوا هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِلَا شَكٍّ حُرٍّ وَكَتَبَ أَيْضًا أَيْ أَوْ يَثْبُتُ بِهِ فِي نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَرَثَةٌ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْحَقَّ لَا يَثْبُتُ بِهِ) قَالَ الْجَوْجَرِيُّ هُوَ يَثْبُتُ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ وَأَيْضًا فَالشَّيْخُ لَمْ يَقُلْ مَنْ يَثْبُتُ بِقَوْلِهِ وَحْدَهُ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ بِرّ (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِهِمَا) بَحَثَ فِيهِ الْجَوْجَرِيُّ بِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِهِمَا إذَا عَدَلَا

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ اشْتِرَاكُهُمَا فِي الْفَضِّ كَاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْحَمْلِ) فِيمَا لَوْ أَوْصَى بِأَمَةٍ لِشَخْصٍ، وَبِحَمْلِهَا لِآخَرَ كَمَا فِي م ر، وَهَلْ يُقَالُ إنَّ الْحَمْلَ مُنْدَرِجٌ تَحْتَ اسْمِ الْأَمَةِ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمُوصَى بِهِ) بِخِلَافِ مَا إذَا عَيَّنَهُ بِأَنْ قَالَ أَوْصَيْت لَهُ بِهَذَيْنِ الْأَلْفَيْنِ، وَبِهَذَا الْأَلْفِ الْآخَرِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الثَّلَاثَةَ آلَافٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ بَعْضَ الْمُوصَى بِهِ أَعْنِي الْأَلْفَيْنِ، وَلَمْ يُعَيِّنْ الْأَلْفَ اسْتَحَقَّ أَلْفًا فَقَطْ لِعَدَمِ تَعْيِينِ جَمِيعِ الْمُوصَى بِهِ، وَاحْتِمَالِ قَصْدِ التَّقْلِيلِ، وَكَذَا لَوْ عَكَسَ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا فِي الرَّوْضِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لَهُ بِمِائَةٍ ثُمَّ مِائَةً، وَعَيَّنَ كُلًّا اسْتَحَقَّهُمَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَهُمَا أَوْ إحْدَاهُمَا فَمِائَةٌ لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنَةُ. اهـ.

[فَصْلٌ فِي الْوِصَايَةِ]

(قَوْلُهُ: يَجِبُ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْوُجُوبَ عِنْدَ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ فَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ ضَمِنَ لِأَنَّهُ عَرَّضَهَا لِلْفَوَاتِ، وَمَحَلُّ الضَّمَانِ إذَا تَلِفَتْ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا قَبْلَهُ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ: أَنْ يُوصَى بِهِ) لَعَلَّهُ عَلَى التَّرْتِيبِ الَّذِي فِي الرَّوْضِ، وَشَرْحِهِ فَعَلَيْهِ أَوَّلًا الرَّدُّ إلَى الْمَالِكِ أَوْ، وَكِيلِهِ ثُمَّ الْوَصِيَّةُ إلَى الْحَاكِمِ ثُمَّ إنْ عَجَزَ فَعَلَيْهِ الْوَصِيَّةُ إلَى أَمِينٍ، وَإِنْ كَانَ وَارِثًا

(قَوْلُهُ: إنَّ عِلْمَهُمْ لَا يَكْفِي إلَخْ) فِي شَرْحِ الرَّوْضِ إنَّهُ إنْ عَجَزَ عَنْ الْوَصِيَّةِ إلَى الْحَاكِمِ فَعَلَيْهِ الْوَصِيَّةُ إلَى أَمِينٍ، وَإِنْ كَانَ وَارِثًا. اهـ.، وَلَا يُخَالِفُ مَا هُنَا لَا مَا يَجِبُ الْإِشْهَادُ عِنْدَ الْإِيصَاءِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْقِيَاسَ) فَيَكْفِي عِلْمٌ وَاحِدٌ لِيَحْلِفَ مَعَهُ لَكِنْ يُشْتَرَطُ عِنْدَ م ر أَنْ لَا يَكُونَ وَارِثًا خِلَافًا لِحَجَرٍ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ

(قَوْلُهُ بِأَنْ أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ) ، وَصُورَةُ الْإِذْنِ أَنْ يُضِيفَ إلَى نَفْسِهِ الْمُوصَى بِهِ كَالتَّرِكَةِ بِأَنْ يَقُولَ: أَوْصِ بِتَرِكَتِي أَيْ: فُلَانًا أَوْ مَنْ شِئْتَ فَإِنْ لَمْ يُضِفْ ذَلِكَ إلَى نَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ الْإِيصَاءُ أَصْلًا

<<  <  ج: ص:  >  >>