للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَدْ ادَّعَتْ أَنَّهَا. (زُوِّجَتْ، وَلَمْ تَرْضَ) بِالزَّوَاجِ أَيْ: لَمْ تَأْذَنْ فِيهِ، وَهِيَ مُعْتَبَرَةُ الْإِذْنِ. (يَكُنْ مِثْلَ الرِّضَى التَّمْكِينُ) أَيْ: يَكُنْ تَمْكِينُهَا هُنَا كَرِضَاهَا. (ثُمَّ) أَيْ: فِيمَا مَرَّ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهَا ذَلِكَ تَنْزِيلًا لِتَمْكِينِهَا مَنْزِلَةَ رِضَاهَا، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ تَمْكِينَهَا كَافٍ فِي عَدَمِ سَمَاعِ دَعْوَاهَا، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَهُوَ الْوَجْهُ، وَإِنْ صَوَّرَهَا الْبَغَوِيّ بِمَا بَعْدَ الدُّخُولِ كَمَا نَقَلَهَا عَنْهُ الشَّيْخَانِ كَذَلِكَ وَعَلَّلَاهَا بِقَوْلِهِمَا كَأَنَّهُ جَعَلَ الدُّخُولَ بِمَنْزِلَةِ الرِّضَى أَمَّا دَعْوَاهَا ذَلِكَ قَبْلَ تَمْكِينِهَا فَتُسْمَعُ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهَا، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُهُمَا فِي آخِرِ الرَّجْعَةِ قَبُولَ قَوْلِهَا وَحَيْثُ قُبِلَ قَوْلُهَا قَالَا هُنَاكَ: لَوْ رَجَعَتْ فَقَالَتْ: كُنْتُ رَضِيتُ وَنَسِيتُ فَفِي قَبُولِ رُجُوعِهَا وَجْهَانِ: الْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ وَرَجَّحَ الْغَزَالِيُّ أَنَّهُ يُقْبَلُ انْتَهَى، وَلَوْ ادَّعَى الْوَلِيُّ مَحْرَمِيَّةً أَوْ عَدَمَ إذْنِ الْمَرْأَةِ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ حَقُّ الزَّوْجَيْنِ، وَلِهَذَا يَثْبُتُ بِتَفَارُقِهِمَا، وَإِنْ أَنْكَرَ الْوَلِيُّ (وَبَادِعَا الْجُنُونِ وَالْحَجْرِ) مِنْ الْوَلِيِّ. (لَدَى عَقْدٍ) أَيْ: عِنْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ

حَلَفَ الزَّوْجُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِهِ، سَوَاءٌ (عَهِدْنَا ذَاكَ) مِنْ الْوَلِيِّ. (أَوْ مَا عُهِدَا) ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ جَرَيَانُ الْعَقْدِ صَحِيحًا وَلِأَنَّهُ حُكِمَ بِصِحَّتِهِ ظَاهِرًا، وَالْأَصْلُ دَوَامُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ: لَدَى عَقْدٍ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (أَوْ الصِّبَا أَوْ عَقْدَةِ) أَيْ: النِّكَاحَ بِإِضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى الْمَفْعُولِ وَفَاعِلِهِ. (الْوَكِيلِ) أَيْ: وَبِادِّعَاءِ الْوَلِيِّ صِبَاهُ الْمُمَكِّنَ عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ أَنَّ النِّكَاحَ عَقَدَهُ الْوَكِيلُ (فِي إحْرَامِ مَنْ وَكَّلَ) أَيْ: الْمُوَكِّلُ (زَوْجًا حَلِّفْ) أَيْ: حَلِّفْ أَنْتَ الزَّوْجَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِهِ، سَوَاءٌ عُهِدَ لِلْوَلِيِّ إحْرَامٌ أَمْ لَا لِمَا مَرَّ، وَيُفَارِقُ ذَلِكَ تَصْدِيقُ الْجَانِي إذَا قَالَ: كُنْتُ يَوْمَ الْقَتْلِ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا وَأَمْكَنَ الصِّبَا وَعُهِدَ الْجُنُونُ بِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْأَنْكِحَةِ الِاحْتِيَاطُ وَعَقْدُهَا بِشُرُوطِهَا فَصُدِّقَ فِيهَا الزَّوْجُ، وَالْقَوَدُ مِمَّا يُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ فَصُدِّقَ فِيهَا الْجَانِي حَيْثُ ظَهَرَ احْتِمَالُ قَوْلِهِ، وَذِكْرُ الْحَجْرِ بَعْدَ الْجُنُونِ مِنْ ذِكْرِ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ عَكْسُ ذِكْرِ الصِّبَا بَعْدَ الْحَجْرِ، وَاقْتَصَرَ الْحَاوِي عَلَى الْجُنُونِ وَالصِّبَا وَالْإِحْرَامِ

(بَابُ الصَّدَاقِ)

هُوَ بِفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِهَا مَا وَجَبَ بِنِكَاحٍ أَوْ وَطْءٍ أَوْ تَفْوِيتِ بُضْعٍ قَهْرًا كَرَضَاعٍ وَرُجُوعِ شُهُودٍ وَيُقَالُ فِيهِ: صَدُقَةٌ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ ثَانِيهِ وَكَسْرِهِ وَبِضَمِّ أَوَّلِهِ أَوْ فَتْحِهِ مَعَ إسْكَانِ ثَانِيهِ فِيهِمَا وَبِفَتْحِهِمَا وَضَمِّهِمَا سُمِّيَ بِذَلِكَ لِإِشْعَارِهِ بِصِدْقِ رَغْبَةِ بَاذِلِهِ فِي النِّكَاحِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ فِي إيجَابِ الْمَهْرِ وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا: مَهْرٌ وَنِحْلَةٌ بِكَسْرِ النُّونِ وَضَمِّهَا وَفَرِيضَةٌ وَأَجْرٌ وَطَوْلٌ وَعُقْرٌ وَعَلِيقَةٌ وَحُبًّا وَنِكَاحٌ قَالَ تَعَالَى {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا} [النور: ٣٣] وَقِيلَ: الصَّدَاقُ مَا وَجَبَ بِتَسْمِيَةٍ فِي الْعَقْدِ، وَالْمَهْرُ مَا وَجَبَ بِغَيْرِ ذَلِكَ وَيُقَالُ مِنْ لَفْظِ الصَّدَاقِ وَالصَّدُقَةِ أَصَدَقْتُهَا وَمِنْ الْمَهْرِ، مَهَرْتُهَا وَلَا يُقَالُ: أَمْهَرْتُهَا وَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَهُ وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: ٤] وَقَوْلُهُ: {وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [النساء: ٢٥] «وَقَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمُرِيدِ التَّزْوِيجِ الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (كَالثَّمَنِ) فِي شَرْطِهِ وَحُكْمِهِ لَا فِي كَوْنِهِ رُكْنًا (الصَّدَاقُ) فَمَا صَحَّ ثَمَنًا صَحَّ صَدَاقًا وَمَالًا فَلَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ إنْ كَانَ دَيْنًا وَيَضْمَنُهُ الزَّوْجُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ ضَمَانَ عَقْدٍ حَتَّى يَمْتَنِعَ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَتَرْجِعُ الْمَرْأَةُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ لَا إلَى مِثْلِهِ أَوْ قِيمَتِهِ إذَا تَلِفَ قَبْلَ قَبْضِهِ إلَّا إذَا أَتْلَفَتْهُ فَتَكُونُ قَابِضَةً لَهُ أَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ فَتُخَيَّرُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالرُّجُوعِ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَبَيْنَ الْإِجَازَةِ وَطَلَبِ مِثْلِ الْمَهْرِ أَوْ قِيمَتِهِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ وَحَتَّى تَتَخَيَّرَ الْمَرْأَةُ عِنْدَ تَلَفِ الْبَعْضِ كَأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالرُّجُوعِ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَبَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالرُّجُوعِ إلَى حِصَّةِ قِيمَةِ التَّالِفِ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَحَتَّى تَتَخَيَّرَ عِنْدَ التَّعَبِ كَالْعَمَى بَيْنَ الْإِجَازَةِ بِلَا أَرْشٍ وَبَيْنَ الْفَسْخِ وَالرُّجُوعِ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ.

وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ رُكْنًا كَالثَّمَنِ؛ لِأَنَّ مُعْظَمَ الْغَرَضِ مِنْ النِّكَاحِ التَّمَتُّعُ وَلِهَذَا سَمَّاهُ اللَّهُ نِحْلَةً فَيَجُوزُ إخْلَاؤُهُ عَنْهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: ٢٣٦]

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: أَوْ وَكِيلِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: قَوْلُهُ: أَوْ تَوْكِيلِهِ مَحْمُولٌ عَلَى تَوْكِيلٍ بِبَيْعٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ يَدَّعِي الْمُوَكِّلُ بَعْدَ بَيْعِ الْوَكِيلِ وَلُزُومِهِ أَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهُ قَبْلَ التَّوْكِيلِ أَمَّا لَوْ كَانَتْ الْوِكَالَةُ مُطْلَقَةً أَوْ فِي مُعَيَّنٍ وَادَّعَى عِتْقًا بَعْدَ التَّوْكِيلِ وَلَمْ يُقَصِّرْ فِي تَرْكِ إعْلَامِ الْوَكِيلِ صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ بِيَمِينِهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: عَكْسُ ذِكْرِ الصِّبَا بَعْدَ الْحَجْرِ) عَبَّرَ بِذِكْرٍ دُونَ الْعَطْفِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ الْوَاوُ كَعَكْسِهِ

[بَابُ الصَّدَاقِ]

(بَابُ الصَّدَاقِ) (قَوْلُهُ: كَالثَّمَنِ الصَّدَاقُ) قَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ، كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ: عَدَمُ صِحَّةِ إصْدَاقِهَا ثَوْبًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُ حَقِّ اللَّهِ بِهِ لِأَجْلِ السَّتْرِ، وَالصَّلَاةِ فَكَانَ كَالْمَاءِ الْمُتَعَيَّنِ لِلطَّهَارَةِ فِي الْوَقْتِ قَالَ بَعْضُهُمْ: مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَى التَّعْيِينِ وَإِلَّا فَهُوَ مُغْنٍ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الثَّوْبِ فَلَا يَتَعَيَّنُ بِرّ (قَوْلُهُ: التَّمَتُّعُ) أَيْ: لَا الْمَالِيَّةُ

ــ

[حاشية الشربيني]

لَكِنْ قَيَّدَهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بِعَدَمِ رِضَاهَا بَعْدَ الْعَقْدِ بِنُطْقٍ وَلَا تَمْكِينٍ

(بَابُ الصَّدَاقِ)

(قَوْلُهُ: لَا إلَى مِثْلِهِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي ضَمَانِ الْيَدِ لَا الْعَقْدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>