للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٤١] وَقَالَ {فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ} [الأحزاب: ٢٨] ؛ وَلِأَنَّ الْمُفَوِّضَةَ لَمْ يَحْصُلْ لَهَا شَيْءٌ فَيَجِبُ لَهَا شَيْءٌ لِلْإِيحَاشِ.

وَالْمَوْطُوءَةُ اسْتَوْفَى الزَّوْجُ مَنْفَعَةَ بُضْعِهَا وَالْمَهْرُ فِي مُقَابَلَتِهَا فَيَجِبُ لِلْإِيحَاشِ شَيْءٌ آخَرُ وَنَصَّ عَلَى جَوَازِ زِيَادَةِ ذَلِكَ عَلَى نِصْفِ الْمَهْرِ لِمَا قِيلَ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ زِيَادَتُهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَلَا يَزِيدُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ لِوُضُوحِهِ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُ مَا قَالَاهُ وَكَلَامُهُمْ يَشْمَلُهُ، وَخَرَجَ بِالْحَيَاةِ الْمَزِيدَةِ عَلَى الْحَاوِي الْمُفَارَقَةُ بِالْمَوْتِ فَلَا مُتْعَةَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا مُتَفَجِّعَةٌ لَا مُسْتَوْحِشَةٌ وَبِقَوْلِهِ: بِلَا سَبَبِهَا مَا لَوْ كَانَتْ الْفُرْقَةُ بِسَبَبِهَا كَفَسْخِهَا بِعَيْبِهِ وَفَسْخِهِ بِعَيْبِهَا وَارْتِدَادِهَا، فَلَا مُتْعَةَ لَهَا لِانْتِفَاءِ الْإِيحَاشِ، وَكَذَا لَوْ ارْتَدَّا مَعًا وَمِثْلُهُ مَا لَوْ سُبِيَا مَعًا فَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ فِرَاقٌ مِنْ جِهَتِهَا؛ لِأَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْحِيَازَةِ بِخِلَافِ الزَّوْجِ، قَالَ: فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا فَيُحْتَمَلُ أَنَّ لَهَا الْمُتْعَةَ، وَأَوْرَدَ عَلَى الضَّابِطِ مَا لَوْ اشْتَرَاهَا فَلَا مُتْعَةَ مَعَ أَنَّهَا فُرْقَةٌ لَا بِسَبَبِهَا وَلِهَذَا يَتَشَطَّرُ الْمَهْرُ وَفَرَّقَ الرَّافِعِيُّ بَيْنَ الْحُكْمَيْنِ بِأَنَّ الْمُسَمَّى وَجَبَ بِالْعَقْدِ، وَهُوَ جَرْيٌ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ فَإِذَا مَلَكَهَا زَوْجُهَا كَانَ لَهُ الشَّطْرُ وَالْمُتْعَةُ تَجِبُ بِالْفِرَاقِ وَهُوَ قَدْ حَصَلَ فِي مِلْكِ الزَّوْجِ، فَكَيْفَ يَجِبُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ؟ وَلِهَذَا لَوْ بَاعَهَا مَالِكُهَا لِأَجْنَبِيٍّ، ثُمَّ فُورِقَتْ قَبْلَ الْوَطْءِ كَانَ لَهُ الشَّطْرُ وَلَوْ كَانَتْ مُفَوِّضَةً كَانَتْ الْمُتْعَةُ لِلْمُشْتَرِي وَبِقَوْلِهِ: وَلَا مَهْرَ، أَوْ الْكُلُّ وَجَبَ مَا إذَا وَجَبَ لَهَا الشَّطْرُ فَلَا مُتْعَةَ لَهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ مَنْفَعَةَ بُضْعِهَا، وَتَشْطُرُ الْمَهْرَ لِمَا لَحِقَهَا مِنْ الْإِيحَاشِ فَلَا حَاجَةَ إلَى شَيْءٍ آخَرَ وَلِإِخْفَاءِ أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ عَبْدَهُ، ثُمَّ فَارَقَهَا لَا مُتْعَةَ، كَمَا لَا مَهْرَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا تَنْقُصَ الْمُتْعَةُ عَنْ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا، أَوْ مَا قِيمَتُهُ ذَلِكَ وَأَنْ لَا تُزَادَ عَلَى خَادِمٍ.

ثُمَّ بَيَّنَ حُكْمَ تَنَازُعِ الزَّوْجَيْنِ فِي الْمَهْرِ بِقَوْلِهِ (لَوْ ادَّعَتْ تَسْمِيَةً) لِمَهْرٍ (وَيُنْكِرُ) هَا الزَّوْجُ (وَالْمُدَّعَى مِنْ مَهْرِ مِثْلٍ أَكْثَرُ) أَيْ: وَالْحَالَةُ أَنَّ مُدَّعَاهَا أَكْثَرُ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ تَحَالَفَا، كَمَا فِي الْبَيْعِ لِتَضَمُّنِهِ اخْتِلَافَهُمَا فِي الْقَدْرِ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ

ــ

[حاشية العبادي]

الْمُعْتَبَرُ حَالُهُمَا وَقْتَ الطَّلَاقِ وَإِنْ تَأَخَّرَ الْفَرْضُ، أَوْ وَقْتَ الْفَرْضِ إذَا تَأَخَّرَ عَنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ، فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَوَّلُ قَرِيبٌ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الطَّلَاقِ وَقْتُ الْوُجُوبِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بَدَلُهُ:) أَيْ: نِصْفِ الْمَهْرِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ خِلَافُ مَا قَالَاهُ) هَذَا وَاضِحٌ بِالنِّسْبَةِ لِلزَّوْجَيْنِ فَلَهُمَا الِاتِّفَاقُ عَلَى مَا شَاءَ إلَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ فِي فَرْضِ الْمَهْرِ لَا يَزِيدُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ فَفِي الْمُتْعَةِ أَوْلَى فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الزَّوْجِ) فِيهِ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِكَمَالِ الزَّوْجِ. (قَوْلُهُ: فَيُحْتَمَلُ أَنَّ لَهَا الْمُتْعَةَ) جَزَمَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِخِلَافِهِ فَقَالَ: وَكَذَا لَوْ سُبِيَا مَعًا وَالزَّوْجُ صَغِيرٌ، أَوْ مَجْنُونٌ. اهـ. أَيْ: لَا مُتْعَةَ أَقُولُ وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ ارْتَدَّا مَعًا. (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ: الْعَقْدُ جَرَى فِي مِلْكِ الْبَائِعِ وَقَوْلُهُ: كَانَ لَهُ أَيْ: الْبَائِعِ. (قَوْلُهُ: فَكَيْفَ يَجِبُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ) فَإِنَّهَا لَوْ وَجَبَتْ لَوَجَبَتْ عَلَيْهِ لِمَالِكِهَا، وَهُوَ مَالِكُهَا. (قَوْلُهُ: كَانَ لَهُ) أَيْ لِمَالِكِهَا الْبَائِعِ لَهَا، فَإِنْ قُلْتَ: لِمَ كَانَ الشَّطْرُ هُنَا أَيْ: إذَا بَاعَ الزَّوْجَةَ - قَبْلَ الْفِرَاقِ - مَالِكُهَا لِبَائِعِهَا، وَفِيمَا إذَا بَاعَ الزَّوْجَ قَبْلَ الْفِرَاقِ مَالِكُهُ لِلْمُشْتَرِي كَمَا تَقَدَّمَ قُلْتُ: لِأَنَّ الشَّطْرَ الَّذِي لِلزَّوْجَةِ كَانَ وَاجِبًا قَبْلَ الْبَيْعِ فَاسْتَحَقَّهُ بَائِعُهَا، وَاَلَّذِي لِلزَّوْجِ إنَّمَا وَجَبَ بَعْدَ الْبَيْعِ فَاسْتَحَقَّهُ الْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ: عَنْ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا) يَنْبَغِي مَا لَمْ تَبْلُغْ الثَّلَاثِينَ قَدْرَ نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ لِيُوَافِقَ قَوْلَهُمْ أَيْضًا يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا تَبْلُغَ الْمُتْعَةُ نِصْفَ مَهْرِ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يُزَادَ عَلَى خَادِمٍ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ تَنْقُصْ قِيمَةُ الْخَادِمِ عَنْ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا. (قَوْلُهُ: وَهِيَ دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ) قَدْ يُقَالُ: أَوْ قَدْرِهِ نَظَرًا لِقَوْلِهِ الْآتِي

ــ

[حاشية الشربيني]

اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَلَمْ يَسْتَدِلَّ عَلَيْهَا بِآيَةِ وَلِلْمُطَلَّقَاتِ؛ لِأَنَّ عُمُومَهَا مُعَارَضٌ بِذَلِكَ الْمَفْهُومِ، نَعَمْ بَعْضُهُمْ لَا يَجْعَلُ الضَّمِيرَ بِمَنْزِلَةِ الْوَصْفِ، وَإِنَّمَا الَّذِي يُجْعَلُ كَذَلِكَ عِنْدَهُ اسْمُ الْإِشَارَةِ أَوْ الْمَوْصُولُ فَلَعَلَّ الشَّارِحَ جَرَى عَلَى ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ {فَتَعَالَيْنَ} [الأحزاب: ٢٨] إلَخْ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ زَوْجَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُنَّ مَدْخُولًا بِهِنَّ. (قَوْلُهُ: مَا لَوْ سُبِيَا مَعًا) فِي كَوْنِ السَّبْيِ يَقْطَعُ النِّكَاحَ بَحْثٌ، وَالْحُكْمُ مُسَلَّمٌ، كَذَا وَجَدْتُهُ بِخَطِّ شَيْخِنَا الذَّهَبِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى الشَّطْرِ فِي مَقَامِ نَفْيِ الْجُنَاحِ حَيْثُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: ٢٣٧] . (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا تُزَادَ عَلَى خَادِمٍ) أَيْ عَلَى قِيمَتِهِ، لَكِنَّ هَذَا إنْ لَمْ يَفْرِضْ الْقَاضِي مَعَ عَدَمِ الرِّضَا بِغَيْرِ اللَّائِقِ وَإِلَّا وَجَبَ اللَّائِقُ وَلَوْ زَادَ عَلَى قِيمَةِ الْخَادِمِ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ مَعَ شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ.

[حُكْم تَنَازُع الزَّوْجَيْنِ فِي الْمَهْرِ]

(قَوْلُهُ: وَيُنْكِرُهَا) أَيْ: وَلَمْ يَدَّعِ تَفْوِيضًا. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ ادَّعَاهُ فَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّسْمِيَةِ مِنْ جَانِبٍ وَعَدَمُ التَّفْوِيضِ مِنْ جَانِبٍ فَيَحْلِفُ كُلٌّ عَلَى نَفْيِ مُدَّعَى الْآخَرِ تَمَسُّكًا بِالْأَصْلِ فَإِذَا حَلَفَتْ وَجَبَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ هِيَ الْمُدَّعِيَةَ لِلتَّفْوِيضِ وَكَانَتْ دَعْوَاهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَظَاهِرٌ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَدَّعِي عَلَى الزَّوْجِ شَيْئًا فِي الْحَالِ غَايَتُهُ أَنَّ لَهَا أَنْ تُطَالِبَ بِالْفَرْضِ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْحَلِفَ عَلَى نَفْيِ مُدَّعَى الْآخَرِ عَلَى التَّحَالُفِ وَنَقَلَ الْمُحَشِّي آخِرَ الْبَابِ عَنْ م ر فِيمَا إذَا كَانَتْ مُدَّعِيَةً لِلتَّفْوِيضِ قَبْلَ الدُّخُولِ أَنَّ الْوَاجِبَ التَّحَالُفُ وَيَثْبُتُ مَهْرُ الْمِثْلِ لِلتَّسَاقُطِ فَرَاجِعْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>