للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ لَا يُكْثِرَ الشُّرْبَ فِي أَثْنَاءِ الطَّعَامِ إلَّا إذَا غَصَّ بِلُقْمَةٍ، أَوْ صَدَقَ عَطَشُهُ، وَأَنْ يُصَغِّرَ اللُّقْمَةَ وَيُطِيلَ مَضْغَهَا وَلَا يَمُدَّ يَدَهُ إلَى أُخْرَى مَا لَمْ يَبْلَعْ الَّتِي قَبْلَهَا، وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ التَّمْرِ وَالنَّوَى فِي طَبَقٍ وَلَا يَتْرُكُ مَا اسْتَرْذَلَ مِنْ الطَّعَامِ فِي الْقَصْعَةِ بَلْ يَجْعَلُهُ مَعَ النَّفْلِ لِئَلَّا يَلْتَبِسَ عَلَى غَيْرِهِ فَيَأْكُلُهُ وَلَا يَقُومُ حَتَّى تُرْفَعَ الْمَائِدَةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَكْلُ بِالنَّوْبَةِ وَلَا يَبْتَدِئُ بِالطَّعَامِ وَمَعَهُ مَنْ يَسْتَحِقُّ التَّقْدِيمُ لِكِبَرِ سِنٍّ، أَوْ زِيَادَةِ فَضْلٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَتْبُوعَ وَالْمُقْتَدَى بِهِ، فَحِينَئِذٍ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُطِيلَ عَلَيْهِمْ الِانْتِظَارَ وَلَا يَشْرَبَ مِنْ ثُلْمَةِ الْقَدَحِ، وَيُنْدَبُ إدَارَةُ الْمَشْرُوبِ عَنْ يَمِينِ الْمُبْتَدِئِ بِالشُّرْبِ وَأَنْ يُرَحِّبَ بِالضَّيْفِ وَيَحْمَدَ اللَّهَ عَلَى حُصُولِهِ عِنْدَهُ وَيُظْهِرَ سُرُورَهُ بِهِ وَيُثْنِيَ عَلَيْهِ لِجَعْلِهِ أَهْلًا لِتَضْيِيفِهِ، وَأَنْ يَقِلَّ النَّظَرَ إلَى وَجْهِ صَاحِبِهِ، وَأَنْ يَقُولَ إذَا قَرَّبَ إلَيْهِ الطَّعَامَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيمَا رَزَقْتَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ بِسْمِ اللَّهِ، وَأَنْ يَقُولَ إذَا أَكَلَ مَعَ ذِي عَاهَةٍ: بِسْمِ اللَّهِ ثِقَةً بِاَللَّهِ وَتَوَكُّلًا عَلَيْهِ.

(وَنَثْرُ نَحْوِ سُكَّرٍ) كَلَوْزٍ وَتَمْرٍ وَجَوْزٍ وَزَبِيبٍ وَدَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ فِي الْوَلَائِمِ (وَلَقْطُ ذَا) أَيْ: النِّثَارِ (جَازَ) أَيْ: كُلٌّ مِنْهُمَا مَعَ الْكَرَاهَةِ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهَا الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ فِيهِمَا، كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَمِمَّنْ نَقَلَهَا فِي الثَّانِي عَنْ الشَّافِعِيِّ النَّوَوِيُّ فِي الشَّهَادَاتِ لَكِنَّهُ صَحَّحَ هُنَا كَالرَّافِعِيِّ نَفْيَ الْكَرَاهَةِ فِي النَّثْرِ، وَأَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ، ثُمَّ قَالَا: وَاللَّقْطُ جَائِزٌ لَكِنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ إلَّا إذَا عَرَفَ اللَّاقِطُ أَنَّ النَّاثِرَ لَا يُؤَثِّرُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَلَمْ يَقْدَحْ اللَّقْطُ فِي مُرُوءَتِهِ فَلَا يَكُونُ تَرْكُ اللَّقْطِ أَوْلَى، وَلَفْظَةُ " نَحْوُ وَجَازَ " مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ وَلَوْ تَرَكَ " جَازَ " أَغْنَى عَنْهُ قَوْلُهُ قَبْلُ: وَجَائِزٌ (وَلَا يُؤْخَذُ مِمَّنْ أَخَذَا) أَيْ: وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ النِّثَارُ مِمَّنْ أَخَذَهُ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْأَخْذِ كَالصَّيْدِ إذَا صِيدَ لَا يُؤْخَذُ مِمَّنْ صَادَهُ لِذَلِكَ (كَوَاقِعٍ) أَيْ:، كَمَا لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْوَاقِعِ (فِي ذَيْلِهِ، وَقَدْ بَسَطْ) وَلَوْ صَبِيًّا، أَوْ مَجْنُونًا ذَيْلَهُ (لَهُ) تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ الْأَخْذِ بِالْيَدِ (وَصَارَ) بِالْوُقُوعِ فِيهِ (مِلْكَهُ وَإِنْ سَقَطْ) مِنْهُ، كَمَا لَوْ أَفْلَتَ الصَّيْدُ عَقِبَ وُقُوعِهِ فِي الشَّبَكَةِ فَإِنْ لَمْ يَبْسُطْهُ لَهُ لَمْ يَمْلِكُهُ إذْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ قَصْدُ تَمَلُّكٍ وَلَا فِعْلَ فَإِنْ نَفَضَهُ فَكَمَا لَوْ وَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ أَوَّلًا، وَإِلَّا فَهُوَ أَوْلَى بِهِ فَلَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ مِنْهُ لَمْ يَمْلِكْهُ بِخِلَافِ إحْيَاءِ مَا تَحَجَّرَهُ غَيْرُهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: لِأَنَّ الْمُتَحَجِّرَ غَيْرُ مَالِكٍ فَلَيْسَ الْإِحْيَاءُ تَصَرُّفًا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ وَالْآخِذُ مُتَصَرِّفٌ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ وَلَوْ سَقَطَ مِنْ ذَيْلِهِ قَبْلَ أَنْ يَقْصِدَ أَخْذَهُ، أَوْ قَامَ فَسَقَطَ بَطَلَ اخْتِصَاصُهُ بِهِ، وَلَا أَوْلَوِيَّةَ لِمَنْ وَقَعَ فِي ذَيْلِهِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَرْغَبُ فِيهِ فَلِغَيْرِهِ أَخْذُهُ مِنْ ذَيْلِهِ، وَقَوْلُهُ: وَصَارَ " مِلْكَهُ " مِنْ زِيَادَتِهِ وَيُكْرَهُ أَخْذُ النِّثَارِ مِنْ الْهَوَاءِ بِإِزَارٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَإِنْ أَخَذَهُ مَلَكَهُ، وَلَوْ كَانَ اللَّاقِطُ عَبْدًا مَلَكَهُ سَيِّدُهُ نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمَرْوَزِيِّ وَأَقَرَّهُ.

(بَابُ الْقَسْمِ) .

وَالنُّشُوزُ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ حَقٌّ قَالَ الشَّيْخَانِ: فَحَقُّهُ عَلَيْهَا كَالطَّاعَةِ وَمُلَازَمَةِ الْمَسْكَنِ وَحَقُّهَا عَلَيْهِ كَالْمَهْرِ وَالنَّفَّةِ وَالْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ الَّتِي مِنْهَا الْقَسْمُ قَالَ تَعَالَى {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٢٨] (الْقَسْمُ حَتْمٌ) أَيْ: وَاجِبٌ عَلَى الزَّوْجِ إذَا أَرَادَ الْمَبِيتَ عِنْدَ وَاحِدَةٍ مِنْ زَوْجَاتِهِ (وَ) لَوْ (مَعَ امْتِنَاعِ جِمَاعِهَا فِي الشَّرْعِ) كَحَائِضٍ وَمُحْرِمَةٍ (وَ) فِي (الطِّبَاعِ) كَرَتْقَاءَ وَمَرِيضَةٍ (لِزَوْجَتَيْنِ وَلِزَوْجَاتٍ) صِلَةُ حَتْمٌ قَالَ تَعَالَى {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: ١٩] «وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا كَانَتْ عِنْدَ الرَّجُلِ امْرَأَتَانِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فِي الْوَلَائِمِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ فِي أَمْلَاكٍ، أَوْ خِتَانٍ زَادَ فِي شَرْحِهِ وَكَذَا سَائِرُ الْوَلَائِمِ فِيمَا يَظْهَرُ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ مِنْهُ لَمْ يَمْلِكْهُ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ فِي الْأَصْلِ: فَلَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ فَفِي مِلْكِهِ وَجْهَانِ جَارِيَانِ فِيمَا لَوْ عَشَّشَ طَائِرٌ فِي مِلْكِهِ فَأَخَذَ فَرْخَهُ غَيْرُهُ، وَفِيمَا إذَا دَخَلَ السَّمَكُ مَعَ الْمَاءِ حَوْضَهُ، وَفِيمَا إذَا وَقَعَ الْبَلَحُ فِي مِلْكِهِ فَأَخَذَهُ غَيْرُهُ، وَفِيمَا إذَا أَحْيَا مَا تَحَجَّرَهُ غَيْرُهُ لَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْمُحْيِيَ يَمْلِكُ، وَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ مَيْلُهُمْ إلَى الْمَنْعِ أَكْثَرُ؛ لِأَنَّ الْمُتَحَجِّرَ غَيْرُ مَالِكٍ، فَلَيْسَ الْإِحْيَاءُ تَصَرُّفًا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ هَذِهِ الصُّوَرِ. اهـ. وَصُورَةُ مَسْأَلَةِ نَحْوِ التَّعْشِيشِ أَنْ لَا يَكُونَ بِقَصْدِ التَّمَلُّكِ مَعَ اعْتِيَادِ ذَلِكَ. وَإِلَّا كَانَ مِلْكًا لِصَاحِبِ الْمِلْكِ فَلَا يَتَأَتَّى مِلْكُ غَيْرِهِ بِالْأَخْذِ، كَمَا سَيُعْلَمُ ذَلِكَ فِي بَابِ الصَّيْدِ. (قَوْلُهُ: وَالْآخِذُ مُتَصَرِّفٌ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ) يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنْ لَيْسَ الْمُرَادُ يَمْلِكُ الْمَأْخُوذَ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لِذَلِكَ الْغَيْرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: فَإِنْ لَمْ يَبْسُطْ لَهُ لَمْ يَمْلِكْهُ، بَلْ الْمُرَادُ بِهِ الْمَحَلُّ الَّذِي أُخِذَ مِنْهُ كَالْحَجْرِ هُنَا، وَكَذَا يُقَالُ فِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَاشِيَةِ فِي عِبَارَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ

(بَابُ الْقَسْمِ)

ــ

[حاشية الشربيني]

غَيْرُ اللَّبَنِ كَالْمَاءِ. اهـ. فَتَاوَى حَجَرٍ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ نَفَضَهُ) أَيْ مَنْ لَمْ يَبْسُطْ ثَوْبَهُ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ سَقَطَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَقْصِدَ تَمَلُّكَهُ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أَيْ: إنْ لَمْ يَنْفُضْهُ أَيْ وَلَمْ يَسْقُطْ، كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ: فَلَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَمْلِكْهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، كَمَا فِي الْمَحَلِّيِّ وَم ر خِلَافًا لِلْقَلْيُوبِيِّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ عَشَّشَ الطَّائِرُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَلَمْ يَقْصِدْ الْغَيْرُ التَّمَلُّكَ حَيْثُ يَمْلِكُهُ مَنْ أَخَذَهَ، قُوَّةُ الِاسْتِيلَاءِ هُنَا بِخِلَافِ ذَاكَ إذْ لَا اسْتِيلَاءَ فِيهِ كَهَذَا فَلَمْ يَقْوَ عَلَى الدَّفْعِ تَأَمَّلْ.

[بَابُ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزُ]

(بَابُ الْقَسْمِ) . (قَوْلُهُ: وَالْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ) قَالَ ق ل: هِيَ حَقٌّ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>