للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَبِقَبُولٍ) أَيْ: صَحَّ الْخُلْعُ إذَا جَرَى بِعِوَضٍ وَبِقَبُولٍ (وَبِنَحْوِهِ) مِنْ إعْطَاءٍ، أَوْ الْتِمَاسٍ (إذَا وَافَقَ) ذَلِكَ (إيجَابًا) فِي الْمَعْنَى فَلَوْ طَلَّقَا بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ بِنِصْفِهِ، أَوْ بِأَلْفَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ وَاحِدَةٌ بِثُلُثِهِ لَمْ يَصِحَّ، كَمَا فِي الْبَيْعِ.

وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ ثَلَاثَ صُوَرٍ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ (وَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَيْ: وَصَحَّ الْخُلْعُ بِأَنْ (قَالَتْ لِذَا) أَيْ: لِزَوْجِهَا (طَلِّقْ ثَلَاثًا بِكَذَا فَحَقَّقَا وَاحِدَةً) مِنْ الثَّلَاثِ أَيْ: أَوْقَعَهَا (بِثُلْثِهِ) ، أَوْ سَكَتَ عَنْ الْعِوَضِ، فَتَقَعُ طَلْقَةٌ بِثُلُثِهِ إذَا الْمُغَلَّبُ مِنْ جَانِبِهَا شَوْبُ الْجَعَالَةِ فَكَانَ، كَمَا لَوْ قَالَ فِيهَا: رُدَّ عَبِيدِي الثَّلَاثَةَ وَلَكَ أَلْفُ فَرْدٍ أَحَدُهُمْ اسْتَحَقَّ ثُلُثَ الْأَلْفِ فَلَوْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ لَمْ يَصِحَّ وَهَذِهِ الصُّورَةُ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِهِ أَوَاخِرَ الْبَابِ: وَإِلَّا الْقِسْطُ مِمَّا نَطَقَا (أَوْ) بِأَنْ (طَلَّقَا عِرْسًا) أَيْ: زَوْجَةً لَهُ (ثَلَاثًا بِكَذَا فَقَبِلَتْ وَاحِدَةً بِكُلِّهِ) فَيَقَعُ الثَّلَاثُ بِكُلِّهِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَسْتَقِلُّ بِالطَّلَاقِ وَالزَّوْجَةَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ قَبُولُهَا بِسَبَبِ الْمَالِ، وَقَدْ وَافَقَتْهُ فِي قَدْرِهِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ مَحْضُ مُعَاوَضَةٍ (أَوْ) بِأَنْ (سَأَلَتْ صَاحِبَتَانِ) أَيْ: زَوْجَتَانِ لَهُ الطَّلَاقَ بِأَلْفٍ مَثَلًا (فَأَجَابَ ضَرَّهْ) مِنْهُمَا فَتَطْلُقُ فَقَطْ تَغْلِيبًا لِشَوْبِ الْجَعَالَةِ مِنْ جَانِبِهَا فَهُوَ، كَمَا لَوْ قَالَ اثْنَانِ لِثَالِثٍ: رُدَّ عَبْدَيْنَا بِكَذَا فَرْدٍ أَحَدُهُمَا فَقَطْ وَعَلَيْهَا مَهْرُ الْمِثْلِ لَا قِسْطُهُ وَلَا نِصْفُ الْمُسَمَّى، كَمَا لَوْ جَمَعَ نِسْوَةً فِي نِكَاحٍ، أَوْ خُلْعٍ بِعِوَضٍ وَاحِدٍ وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا لَوْ سَأَلَتْهُ طَلْقَةً، أَوْ طَلْقَتَيْنِ بِكَذَا فَطَلَّقَهَا أَكْثَرَ فَيَقَعُ الْأَكْثَرُ بِهِ وَمَا لَوْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي بِكَذَا فَطَلَّقَهَا بِنِصْفِهِ مَثَلًا، فَتَبَيَّنَ بِالنِّصْفِ لِمَا مَرَّ فِي الْأُولَى (أَوْ حَفْصَةً خَالَعَهَا وَعَمْرَهْ) بِأَنْ قَالَ: خَالَعْتُكِ وَعُمْرَةَ بِأَلْفٍ مَثَلًا فَقَبِلَتْ الْمُخَاطَبَةُ فَتَطْلُقَانِ بِأَلْفٍ عَلَى الْمُخَاطَبَةِ لِجَرَيَانِ الْخِطَابِ مَعَهَا فَقَطْ، فَهِيَ مُخْتَلِعَةٌ لِنَفْسِهَا وَقَابِلَةٌ لِضَرَّتِهَا، كَمَا يَقْبَلُ الْأَجْنَبِيُّ، وَمِنْ التَّوْجِيهِ يُعْلَمُ أَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ مُسْتَثْنَاةً وَإِنْ اسْتَثْنَاهَا الشَّارِحُ كَبَعْضِ شُرَّاحِ الْحَاوِي أَخْذًا بِظَاهِرِ الْمَشْرُوحِ (خِلَافَ) قَوْلِهِ: (خَالَعْتُكُمَا) بِأَلْفٍ (فَتَقْبَلُ) وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا فَقَطْ لَا يَقَعُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ مَعَهُمَا وَالْقَبُولُ مِنْ إحْدَاهُمَا وَالْمُغَلَّبُ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ عِنْدَ إتْيَانِهِ بِصِيغَتِهَا كَمَا لَوْ بَاعَ لِاثْنَيْنِ فَقَبِلَ أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ، وَلَوْ قَالَ: طَلَّقْتُ إحْدَاكُمَا بِأَلْفٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ فَقَالَتَا: قَبِلْنَا لَمْ يَقَعْ، ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ.

(فَرْعٌ)

قَالَ فِي الْبَيَانِ لَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ: خَالَعْتُكِ بِكَذَا فَقَالَ: قَبِلْتُ لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّ الْإِيقَاعَ إلَيْهِ فَأَشْبَهَ قَوْلَهَا: طَلِّقْنِي بِكَذَا فَقَالَ: قَبِلْتُ (بِاللَّفْظِ) أَيْ: صَحَّ الْخُلْعُ بِقَبُولِ بِاللَّفْظِ كَالْبَيْعِ (حَيْثُ لَمْ يُعَلِّقْ رَجُلُ) أَيْ: الزَّوْجُ الطَّلَاقَ، فَإِنْ عَلَّقَهُ بِفِعْلٍ، أَوْ قَوْلٍ فَالْإِتْيَانُ بِهِ هُوَ الْقَبُولُ فَلَوْ قَالَ: إنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ كَفِي الْإِعْطَاءُ، كَمَا مَرَّ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ بِاللَّفْظِ؛ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ مِنْ جَانِبِهِ شَوْبُ التَّعْلِيقِ عِنْدَ إتْيَانِهِ بِصِيغَةٍ بِخِلَافِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فَتَبِينُ بِالنِّصْفِ لِمَا مَرَّ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ: رُدَّ عَبْدِي بِكَذَا، فَقَالَ: أَرُدُّهُ بِنِصْفِهِ اسْتَحَقَّ نِصْفَهُ فَقَطْ، وَأَظُنُّ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْجَعَالَةِ اسْتِحْقَاقُ الْجَمِيعِ فَرَاجِعْهُ. .

(قَوْلُهُ: لَمْ يَقَعْ) ذَكَرَ فِيهِ نِزَاعًا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا جَزَمَ الرَّوْضُ كَأَصْلِهِ فِي الْعِتْقِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِأَمَتَيْهِ: إحْدَاكُمَا حُرَّةٌ بِأَلْفٍ فَقَبِلَتَا عَتَقَتْ وَاحِدَةٌ بِقِيمَتِهَا، وَأُمِرَ بِالتَّعْيِينِ بِأَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ لِلْعِتْقِ وَمُنَفِّرٌ عَنْ الطَّلَاقِ

(قَوْلُهُ: فَقَالَ: قَبِلْتُ لَمْ تَطْلُقْ) فَلَوْ قَالَ: خَالَعْتكِ بِكَذَا فَيَنْبَغِي

ــ

[حاشية الشربيني]

بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ اهـ بِتَصَرُّفٍ.

[فَرْعٌ خَالَعَهَا بِمَا فِي كَفِّهَا وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ]

(قَوْلُهُ: فَحَقَّقَ وَاحِدَةً) أَيْ: جَوَابًا لَهَا. اهـ. حَجَرٌ شَرْحُ الْإِرْشَادِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا أَطْلَقَ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا وَهُوَ خِلَافُ مَا مَرَّ لِلْمُحَشِّي، لَكِنَّهُ مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ حَجَرٌ هُنَاكَ. (قَوْلُهُ: فَيَقَعُ طَلْقَةٌ بِثُلُثِهِ) أَيْ إذَا كَانَ يَمْلِكُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ وَهُوَ يَمْلِكُ الثَّلَاثَ اسْتَحَقَّ ثُلُثَيْ الْأَلْفِ، أَوْ وَاحِدَةً وَنِصْفَهَا اسْتَحَقَّ نِصْفَهُ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ الْمُكَمِّلَ لَمْ يُوقِعْهُ وَإِنَّمَا وَقَعَ بِحُكْمِ الشَّرْعِ وَلَوْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ لَمْ يَصِحَّ لِعَدَمِ الْمُوَافَقَةِ أَمَّا إذَا كَانَ لَا يَمْلِكُ إلَّا طَلْقَةً فَطَلَّقَهَا فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْأَلْفَ وَإِنْ ظَنَّتْ مِلْكَهُ الثَّلَاثَ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ مَقْصُودُهَا مِنْ الثَّلَاثِ وَهُوَ الْبَيْنُونَةُ الْكُبْرَى. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَمْلِكُ ثِنْتَيْنِ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ النِّصْفَ، لَكِنْ صَرِيحُ شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا الثُّلُثَ ثُمَّ رَأَيْت سم نَقَلَ عَنْ الْعُبَابِ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَمْلِكُ ثِنْتَيْنِ وَأَوْقَعَ وَاحِدَةً اسْتَحَقَّ ثُلُثَ الْأَلْفِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ مَحْضُ مُعَاوَضَةٍ) فَالْبَائِعُ لَا يَسْتَقِلُّ بِتَمْلِيكِ الزَّائِدِ بِخِلَافِ الزَّوْجِ هُنَا. (قَوْلُهُ: الطَّلَاقَ بِأَلْفٍ) وَلَمْ يَقُولَا مُنَاصَفَةً وَإِلَّا لَزِمَ الْمُجَابَةَ النِّصْفُ شَرْحُ الْإِرْشَادِ. (قَوْلُهُ: فَأَجَابَ ضَرَّهُ) أَمَّا لَوْ أَجَابَهُمَا بَانَتَا، وَلَزِمَ كُلًّا مَهْرُ الْمِثْلِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَسْأَلَاهُ الطَّلَاقَ بِهِ مُنَاصَفَةً وَإِلَّا فَيَلْزَمُ كُلًّا نِصْفُهُ. (قَوْلُهُ: لَا قِسْطُهُ) أَيْ: مِنْ الْأَلْفِ. (قَوْلُهُ: أَوْ حَفْصَةً خَالَعَهَا إلَخْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: خَالَعْتُكُمَا، فَقَبِلَتْ إحْدَاهُمَا فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ لِعَدَمِ مُوَافَقَةِ الْقَبُولِ لِلْإِيجَابِ شَرْحُ الْإِرْشَادِ وَعَلَّلَ م ر بِأَنَّ الْخِطَابَ مَعَهُمَا يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ قَبُولِهِمَا. (قَوْلُهُ: فَتَطْلُقَانِ بِأَلْفٍ عَلَى الْمُخَاطَبَةِ) لِاتِّحَادِ دَافِعِ الْمَالِ هُنَا بِخِلَافِ مَا لَوْ سَأَلَتَاهُ الطَّلَاقَ بِأَلْفٍ فَأَجَابَهُمَا حَيْثُ لَزِمَ كُلًّا مَهْرُ الْمِثْلِ، كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا لِلْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: فَتُقْبَلُ) لَوْ قَبِلَا مَعًا بَانَتَا وَلَزِمَ كُلًّا مَهْرُ الْمِثْلِ، إنْ لَمْ يَقُولَا مُنَاصَفَةً وَإِلَّا لَزِمَ كُلًّا نِصْفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>