للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ إذْ فِي هَذِهِ يُجْنِبُ الْوَاضِحُ أَيْضًا.

(وَنُدِبَا لِلشَّخْصِ غَسْلُ فَرْجِهِ إنْ أَجْنَبَا وَيُنْدَبُ) لَهُ أَيْضًا (الْوُضُوءُ لِلطَّعَامِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ وَالْمَنَامِ) «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا كَانَ جُنُبًا فَأَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَنَامَ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» وَقِيسَ بِالْأَكْلِ الشُّرْبُ وَقَالَ: «إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا وُضُوءًا» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ وَزَادَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الثَّانِي «فَإِنَّهُ أَنْشَطُ لِلْعَوْدِ» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ غَسَلَ فَرْجَهُ وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ تَخْفِيفُ الْحَدَثِ غَالِبًا وَالتَّنَظُّفُ وَدَفْعُ الْأَذَى؛ وَقِيلَ: لَعَلَّهُ يَنْشَطُ لِلْغُسْلِ وَيَزِيدُ الْجِمَاعَ؛ بِأَنَّ ذَلِكَ أَنْشَطُ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْخَبَرِ فَلَوْ فَعَلَ الْأُمُورَ الْمَذْكُورَةَ بِلَا وُضُوءٍ كُرِهَ لَهُ نَقَلَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ الْأَصْحَابِ قَالَ: وَأَمَّا طَوَافُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ بَيْنَهُمَا أَوْ تَرَكَهُ بَيَانًا لِلْجَوَازِ وَكَالْجُنُبِ فِيمَا ذُكِرَ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ إذَا انْقَطَعَ دَمُهُمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ.

(بَابُ التَّيَمُّمِ) وَفِي نُسْخَةٍ فَصْلٌ فِي التَّيَمُّمِ وَهُوَ لُغَةً: الْقَصْدُ يُقَالُ تَيَمَّمْت فُلَانًا وَيَمَّمْتُهُ وَيَامَمْتُهُ وَأَمَمْتُهُ أَيْ: قَصَدْتُهُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: ٢٦٧] وَشَرْعًا: إيصَالُ التُّرَابِ إلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بِشَرَائِطَ مَخْصُوصَةٍ وَخُصَّتْ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّةُ وَهُوَ رُخْصَةٌ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ الْوُضُوءُ إلَخْ) أَيْ: بِنِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ بِأَنْ يَنْوِيَ الْوُضُوءَ أَوْ رَفْعَ الْحَدَثِ إنْ كَانَ مُحْدِثًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَلَا يَكْفِي نِيَّةُ السَّبَبِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ نَوَى مَا يُنْدَبُ لَهُ الْوُضُوءُ كَقِرَاءَةٍ لَمْ يَكْفِ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَيْسَ هَذَا كَالْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ حَيْثُ يَنْوِي بِهَا أَسْبَابَهَا؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا مُجَرَّدُ التَّنْظِيفِ وَلَا رَفْعَ فِيهَا وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ مُحْدِثًا؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْوُضُوءِ وَشَأْنَهُ أَنْ يَرْفَعَ الْحَدَثَ فَاسْتَدْعَى نِيَّةً مُعْتَبَرَةً

(فَرْعٌ) لَوْ تَوَضَّأَ لِلْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ مَثَلًا ثُمَّ أَرَادَ الْغُسْلَ فِي الْحَالِ فَهَلْ يُسَنُّ الْوُضُوءُ لِلْغُسْلِ أَوْ لَا اكْتِفَاءً بِوُضُوءِ نَحْوِ الْأَكْلِ كَمَا لَوْ اغْتَسَلَ لِلْإِحْرَامِ فِي مَكَانِ قَرِيبٍ مِنْ مَكَّةَ فَإِنَّهُ يَكْتَفِي بِهِ عَنْ غُسْلِ دُخُولِهَا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الثَّانِي أَعْنِي الِاكْتِفَاءَ

(فَرْعٌ) هَلْ يُسَنُّ الْوُضُوءُ لِكُلِّ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ مَثَلًا أَوْ لِلْمَرَّةِ الْأُولَى فَقَطْ؟ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: غَالِبًا) كَأَنَّهُ احْتَرَزَ عَمَّا إذَا تَجَرَّدَتْ جَنَابَتُهُ عَنْ الْأَصْغَرِ (قَوْلُهُ: إذَا انْقَطَعَ دَمُهَا) وَمَعْلُومٌ أَنَّ مُجَرَّدَ غَسْلِ الْفَرْجِ وَالْوُضُوءِ لَا يُبَاحُ بِهِ وَطْؤُهُمَا بِدُونِ اغْتِسَالٍ

(بَابُ التَّيَمُّمِ) (قَوْلُهُ: وَهُوَ رُخْصَةٌ) حَدُّ الرُّخْصَةِ مُنْطَبِقٌ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَمْنَعَ الْقَائِلُ بِأَنَّهُ عَزِيمَةٌ أَنَّ الْغُسْلَ هُوَ الْأَصْلُ فِي حَالِ الْعُذْرِ وَيَدَّعِيَ أَنَّ التَّيَمُّمَ وَاجِبٌ ابْتِدَاءً فِي هَذَا الْحَالِ حَتَّى لَا يَتَحَقَّقَ تَغْيِيرُ الْحُكْمِ فَلْيُتَأَمَّلْ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَنْ يُصَلِّيَ مَعَهَا فَتَدَبَّرْ لِيَنْدَفِعَ مَا فِي الْحَاشِيَةِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: الْوُضُوءُ لِلطَّعَامِ إلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي حَدَثِ الْجُنُبِ بِخِلَافِ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ؛ لِأَنَّ حَدَثَهُمَا مُسْتَمِرٌّ وَلَا تَصِحُّ الطَّهَارَةُ مَعَ اسْتِمْرَارِهِ وَهَذَا مَا دَامَتْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ فَإِذَا انْقَطَعَ الدَّمُ صَارَا كَالْجُنُبِ يُسْتَحَبُّ لَهُمَا الْوُضُوءُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ وَهَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ وَقَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ إنَّ الْوُضُوءَ يُؤَثِّرُ فِي حَدَثِ الْجُنُبِ وَيُزِيلُهُ عَنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ، وَخَالَفَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فَقَالَ: لَا يَرْتَفِعُ شَيْءٌ مِنْ الْحَدَثِ حَتَّى تَكْمُلَ الطَّهَارَةُ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. اهـ. فَيُفِيدُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ وُضُوءٌ يُزِيلُ الْحَدَثَ الْأَكْبَرَ كَمَا هُوَ صَرِيحُ قَوْلِ الْمُهَذَّبِ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ يُؤَثِّرُ فِي حَدَثِ الْجَنَابَةِ؛ لِأَنَّهُ يُخَفِّفُهُ وَيُزِيلُهُ عَنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَقَوْلُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَابْنِ الصَّبَّاغِ؛ لِأَنَّهُ يُخَفِّفُ الْجَنَابَةَ وَيُزِيلُهَا عَنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَعَلَى هَذَا يَنْوِي رَفْعَ الْحَدَثِ وَنَحْوَهُ مِمَّا يَصْلُحُ لِرَفْعِ الْجَنَابَةِ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ فِيمَا يَأْتِي وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ تَخْفِيفُ الْحَدَثِ غَالِبًا احْتَرَزَ بِغَالِبًا عَمَّا عَدَا الْمَرَّةَ الْأُولَى فَإِنَّ الْحَدَثَ قَدْ ارْتَفَعَ بِهَا وَمِمَّا يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَا تَأْيِيدًا وَاضِحًا خِلَافُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ هُنَا فَإِنَّهُ كَخِلَافِهِ فِي الْوُضُوءِ إذَا شَرَعَ الْمُتَوَضِّئُ فِي غَسْلِ الْأَعْضَاءِ فَإِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ يَرْتَفِعُ الْحَدَثُ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ بِمُجَرَّدِ غَسْلِهِ وَخَالَفَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فَقَالَ: يَتَوَقَّفُ عَلَى التَّمَامِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي بَابِ صِفَةِ الْوُضُوءِ مِنْ الْمَجْمُوعِ وَقَالَ فِيهِ فِي هَذَا الْبَابِ: إنَّ خِلَافَهُ هُنَا كَخِلَافِهِ هُنَاكَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ خِلَافَهُ هُنَاكَ فِيمَا إذَا نَوَى نِيَّةً صَالِحَةً لِرَفْعِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَيَزِيدُ الْجِمَاعُ) أَيْ عَلَى غَيْرِهِ فِي التَّعْلِيلِ بِأَنَّ الْوُضُوءَ أَنْشَطُ لَهُ. اهـ.

[بَابُ التَّيَمُّمِ]

(بَابُ التَّيَمُّمِ) (قَوْلُهُ: وَهُوَ رُخْصَةٌ) أَيْ مُطْلَقًا حَتَّى فِي حَقِّ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ الْفَاقِدِ لِلْمَاءِ حِسًّا وَسَبَبُ الرُّخْصَةِ عِنْدَ هَذَا الْقَائِلِ هُوَ الْفَقْدُ لَا السَّفَرُ وَفِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ هَذَا الْعَاصِيَ قِيلَ فِيهِ إنَّهُ يُصَلِّي وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ فَلَعَلَّ صَاحِبَ هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>